" الإجراءات التي أتخذها ليست إلا تدبيرا جذريا للإسراع في تفجير الحقيقة والوصول للعدالة".ولكن لدي شغف واحد: تنوير الذين تم حجبهم في الظلام، وباسم الإنسانية معاونة هؤلاء الذي عانوا الكثير ولهم حق التمتع بالسعادة.رسالتي رسالة احتجاج نارية وما هي الا مجرد صرخة روحي.دعوهم يتجرؤن ويجلبونني أمام محكمة قانونية، وليتم التحقيق معي في وضح النهار! " إميل زولا ،"إنى أتهم! "(1898)

الاثنين، يوليو 27، 2009

يا فتاتـــــــــي
الطيب محمد سعيد العباسي

في ليلة من ليالي الشتاء .. في ميدان الجيزة بمصر .. رأيتها تتهادى كغصن بان تأود، وعلى كتفيها الفراء الأبيض الجميل، وعلى صدرها الصليب – أرسلت لها قبلة مع الهواء؛ فثارت وقالت لي «اخرس .. يا أسود .. يا بربري ... مد رجلك على قدر لحافك» فأنشدت أقول:

يا فتاتي ... ما للهَوى بَلَدُكُلُّ قّلبٍ في الحُب يَبْتَـردُ
وأنَا مَا خُلِقتَ فـي وَطَـنٍ الهَوى في حِمَاهُ مُضطهَـدُ
فلـمَـاذا أرَاكِ ثَـائِــرةًوَعَلاَمَ السِّبَـابُ يضطـرِدُ
والفراءُ الثميـن منتفـضٌ كفؤادٍ يشقى بـه الجَسَـدُ
ألأنَّ السَّـوَاد يغْمُـرنـي ليس لي فيه يا فتـاةُ يـدُ
أغريبٌ؟ .. أن تعْلَمي فأنالي دِيَارٌ فيحا ولـي بلـدُ
كَمْ تَغنيـتُ بَيـنَ أرْبُعِـه لِحبيبٍ فـي ثغـرِه رَغَـدُ
وَلكـمْ زَارنـي وطَوَّقنـي بذراعيـهِ فَاتـنٌ غَــرِدُ
أيَّ ذَنبِ جَنيـتُ فانْدَلَعـت ثورة مِنك خَانهـا الجَلَـدُ
أو ذنبي في قبلةٍ خطَـرت مع نَسيـمٍ إليـك يَتئـدُ؟
ألِهذا فالنهْـدُ مُضَّطـربٌ؟ولهـذا العيـون تَتـقِـدُ؟
ولماذا هذا الصليبُ تُـرَىبينَ نهْدَيـك راح يرْتَعِـدُ؟
خبريني ذات الفراء فقـدجَفَّ جناني وأحْدَبَ الرَّشَدُ
أيَمُّـر النُميـر بـي ألِقـاًوأنـا ظـامـئٌ ولا أرِدُ؟
أو غيري هـواكِ ينهبُـه وفؤادي لدَيْـكِ مُضطهـد؟
أليَّ الهَجْر والقِلـى أبـداًولغيري الشفاهُ والجسَـدُ؟
لي كغيري يا زهرتي أمَـلٌ وفؤاد يهوى ولـي كَبِـدُ
لي بدنيايَ مثلمـا لهمـ ولِي مَاضٍ وَحَاضِـرٌ وغَـدُ
فالوداعَ الـوداعَ قاتلتـي هَا أنا عن حِمـاكِ أبتعـدُ
سَوفَ تنأى خُطايَ عن بَلَدٍحَجَرُ قلبُ حوائـه صَلِـدُ
وسَأطوي الجراحَ فِي كبدي غَائراتٍ مَـا لهـا عَـدَدُ

الأحد، يوليو 26، 2009

مذكرة قانونية حول شرعية السلطة بعد 9/7/2009 ... وحول حق مفوضية الانتخابات فى تحديد ميعاد للانتخابات ... إعداد على محمود حسنين
الأربعاء, 01 يوليو 2009 22:04

بسم الله الرحمن الرحيم



إن شرعية السلطة القائمة فى السودان تعتمد كلية على اتفاقية السلام الشامل الموقعة فى 9/1/2005 وقد تحولت تلك الاتفاقية إلى نصوص فى دستور السودان الانتقالى لسنة 2005 ومن ثم انتقل مصدر الشرعية من الاتفاقية والتى هى بين طرفين إلى الدستور الانتقالى والذى ينطبق على ويلزم الأمة كلها . ويمكن لطرفى الاتفاقية أن يعدلا فيها بإرادتهما ولكن لا يحق لهما تعديل الدستور إلا وفق أحكام المادة 224 منه والتى تنص على أنه لا يجوز تعديل الدستور إلا بموافقة ثلاثة أرباع جميع الأعضاء لكل من مجلس من مجلسى الهيئة التشريعية فى اجتماع منفصل لكل منهما ويشترط أن يقدم مشروع التعديل فى فترة شهرين على الأقل من المداولات ولا تطرح التعديلات التى تؤثر على نصوص اتفاقية السلام الشامل إلا بعد موافقة طرفيها .



وهذا يعنى أن التعديلات التى تؤثر على اتفاقية السلام الشامل ينبغى بالإضافة إلى ذلك أن تحصل على موافقة طرفى الاتفاقية .



الدستور مصدر الشرعية



نصت المادة 3 من الدستور الانتقالى على أنه هو القانون الأعلى للبلاد ويتوافق معه الدستور الانتقالى لجنوب السودان ودساتير الولايات وجميع القوانين .



وقد نصت المادة 65 من الدستور على أنه وقبل الانتخابات التى تجرى أثناء الفترة الانتقالية يكون رئيس الجمهورية الجالس عند إصدار الدستور أو من يخلفه هو رئيس الجمهورية والقائد الأعلى للقوات المسلحة وكذلك الرئيس الحالى للحركة الشعبية لتحرير السودان أو من يخلفه هو النائب الأول لرئيس الجمهورية ورئيس حكومة الجنوب . ومعنى ذلك أن رئاسة الجمهورية الحالية تستمد شرعيتها من أحكام المادة 65 من الدستور وأن تلك الشرعية تستمر حتى قيام الانتخابات أثناء الفترة الانتقالية .



وكذلك الحال بالنسبة للحكومة حيث نصت المادة 79 من الدستور الانتقالى على أن الحكومة التى يشكلها رئيس لجمهورية نكون للفترة قبل الانتخابات كما نصت المادة 117 من الدستور الانتقالى على أن المجلس الوطنى يبقى لحين إجراء الانتخابات وينطبق الحال على الولاة وكل شاغلى الوظائف الدستورية والتى تتغير بالانتخابات .



وتخلص من هذا إلى إلى أن رئاسة الدولة والسلطة التنفيذية والتشريعية تفقد مشروعيتها عند إجراء الانتخابات .



متى تجرى الانتخابات ؟



أن الانتخابات التى تحدد مصير هذه الكيانات الدستورية قد نص عليها صراحة فى اتفاقية السلام الشامل وفى أحكام الدستور الانتقالى ولم يترك أمرها لمشيئة السلطة الانتقالية . فقد حدد الدستور بداية الفترة الانتقالية وشكل السلطة خلالها ومكونات السلطة فيها وميعاد انتهاء تلك السلطة . فقد حددت المادة 1-8-3 من بروتوكول اقتسام السلطة إجراء الانتخابات على كل مستويات الحكم خلال مدة لا تتجاوز ثلاث سنوات من بداية الفترة الانتقالية فى 9/7/2005 أى خلال مدة لا تتجاوز 9/7/2008 . ولكن آليات تنفيذ اتفاقية السلام الشامل نصت على إجراء الانتخابات العامة على كل مستويات الحكم خلال فترة لا تتجاوز أربع سنوات أى حتى 9/7/2009 وقد حسمت المادة 216 من الدستور الانتقالى هذا الخلاف فى اتفاقية السلام الشامل فنصت على إجراء الانتخابات على كل مستويات الحكم فى موعد لا يتجاوز نهائية العام الرابع من الفترة الانتقالية أى فى ميعاد لا يتجاوز 9/7/2009 كل هذا معلوم للسلطة ومكوناتها منذ توقيع اتفاقية السلام الشامل فى 9/1/2005 ومنذ أجازة الدستور الانتقالى ونفاذه فى 9/7/2005 . وقد جعل الدستور هذا الميعاد باتا وحاسما ولم يسمح بتعديله إلا فى حالة واحدة نصت عليها المادة 55 من الدستور الانتقالى حيث جاء فيها أنه عند تعذر انتخاب رئيس الجمهورية لأى سبب حسب ما تقرره المفوضية القومية للانتخاب وفقا لقانون الانتخابات يتعين على المفوضية تحديد موعد جديد لإجراء الانتخابات بأعجل ما تيسر شريطة ألا يتجاوز ستين يوما من اليوم الذى كان مقررا فيه إجراء الانتخابات . وبما أن اليوم المحدد فيه إجراء الانتخابات على الأكثر هو يوم 9/7/2009 فإن التأجيل الذى تقرره مفوضية الانتخابات ينبغى ألا يتجاوز 9/9/2009 وينبغى أن يكون لأسباب .



وقد جاء قانون الانتخابات الصادر فى 15/7/2008 متمشيا فى هذا الشأن مع أحكام الدستور حيث حددت المادة 10 منه مهام المفوضية وسلطاتها وليس من بينها تحديد ميعاد للانتخابات بل ورد بها سلطة المفوضية فى تأجيل أى إجراء للانتخابات وقد فصلت المادة 27 من قانون الانتخابات سلطة التأجيل وحصرتها فى سلطة تأجيل انتخاب رئيس الجمهورية أو رئيس حكومة الجنوب أو الوالى عند تعذر إجراء الانتخابات وذلك فى أى من حالتين دون غيرهما هما :



وقوع طارئ يهدد كل البلاد أو الجنوب أو أى ولاية .



إعلان حالة الطوارئ وفقا لاحكام المادة 221 من الدستور .



وقد حددت المادة 27 المذكورة التأجيل بمدة لا يتجاوز ستين يوما من التاريخ الذى كان مقررا لإجراء الانتخابات .



من كل هذا يتضح :



أنه لا يجوز لمفوضية الانتخابات أن تحدد ميعادا لإجراء الانتخابات فذلك محدد فى الدستور ولا يجوز إصدار قرار يخالف ما ورد فى الدستور .



أن حق المفوضية هو التأجيل فقط .



أن التأجيل ينبغى ألا يتجاوز ستين يوما من التاريخ المحدد لإجراء الانتخابات أى ينبغى ألا يتجاوز 9/9/2009 .



أن التأجيل ينبغى أن يكون لأحد سببين هما وقوع طارئ يهدد البلاد أو جزءا منها أو إعلان حالة الطوارئ ولم تقل مفوضية الانتخابات بأى من السببين .



وعليه فإن تحديد مفوضية الانتخابات لشهر فبراير 2010 ميعادا للانتخابات ينطوى على مخالفة للدستور ولقانون الانتخابات نفسه إذ أنها لا تملك حق تحديد ميعاد للانتخابات . وإذا حسبنا أن ما قامت به ليس تحديدا لميعاد انتخاب بل هو تأجيل لها فكان عليها أن تبين أسباب التأجيل الواردة فى المادة 27 من قانون الانتخابات وليس من بينها تعطيل تقديم نتيجة الإحصاء السكانى . كما كان عليها أن تقوم بالتأجيل لمدة ستين يوما من 9/7/2009 أى أن يكون التأجيل حتى 9/9/2009 ولعل مما زاد الأمر وضوحا أن المفوضية حسبت أنها تملك حق تحديد ميعاد الانتخابات بالمخالفة للدستور فقامت بالتأجيل لمدة شهرين من فبراير 2010 وحتى إبريل 2010 وهذا يجعل المخالفة مركبة حيث أن التأجيل لا يكون إلا عند حلول الأجل الأول ثم يتم التأجيل بعدها .



تأجيل انتخابات المجالس التشريعية :



أن المادة 55 من الدستور الانتقالى قد أجازت التأجيل لمدة ستين يوما فى انتخاب رئيس الجمهورية وليس فى الدستور أى نص يسمح بالتأجيل فى الحالات الأخرى .



والمادة 27 من قانون الانتخابات قد سمحت بالتأجيل لمدة ستين يوما وللأسباب المحددة فى انتخاب رئيس الجمهورية أو رئيس حكومة الجنوب أو الوالى دون غيرهم . ولم تجعل لمفوضية الانتخابات حق تأجيل انتخابات المجالس التشريعية القومية أو الولائية وبالتالى لا يجوز تأجيل انتخابات المجلس الوطنى ومجالس الولايات التشريعية من يوم 9/7/2009 وقد تجاوزت مفوضية الانتخابات كل صلاحياتها عندما عمدت إلى إقرار مبدأ التأجيل فى المجالس التشريعية ( وهذا غير مكفول أصلا ) وعندما أجلت انتخابات رئيس الجمهورية من يوم 9/7/2009 وحتى فبراير 2010 ثم مرة أخرى حتى إبريل 2010 .




الخلاصة :



أن الانتخابات ليست عملية تجرى دون أطر قانونية أو دستورية . فسلامة الانتخابات وديمقراطيتها تكمن فى اتباع النصوص التى وردت فى الدستور الانتقالى وفى قانون الانتخابات نفسه . وإذا كان القائمون بأمر الانتخابات لا يتقيدون بتلك الأحكام الوجوبية فلا يمكن أن تجرى انتخابات وفقا لأحكام القانون .



أن السلطة القائمة تستند كلية على أحكام الدستور الانتقالى وقد حدد الدستور نهايتها بإجراء الانتخابات فى المواعيد التى حددها الدستور . وبما أن تلك المواعيد ستنقضى فى يوم 9/7/2009 ولا مجال للتأجيل كما سبق أن أسلفنا فإنه فى يوم 9/7/2009 سينشأ فراغ دستورى كامل فى السودان حيث لا رئيس ولا حكومة ولا مجلس وطنى ولا ولاة . ومن ثم لابد من الاتفاق على حكومة تكنوقراط يراعى فيها نسبة الجنوب وتقوم تلك السلطة من رئيس وولاة وغيرهم بشرعية التراضى وتتولى كل إجراءات الانتخابات .



فإن لم يتم ذلك فإن السلطة القائمة تكون حكما قد قادت انقلابا آخر فى 9/7/2009 وينبغى أن يعاملها الجميع باعتبارها سلطة انقلاب .



على محمود حسنين


1/7/2009

هل القانون حمار؟؟؟؟؟؟؟

كانوا يقولون لنا دائما ((ان القانون حمار))!!

انه حمار بلا عقل ولا منطق….انه يمشى مغمض العينين ،ويدوس كل من يقف فى طريقه…حتى لوكان كهلا او طفلا او امراة ضعيفة!!

وكان الكثير من الناس يعتبرون كل من خرج على هذا الحمار ثائرا على النظام ،وكل من انتقد تصرفات هذا الحمار كأنه ارتكب عيبا فى ذات مصونة لا تمس!!

ولكن الانسان بدأ يضيق بالحمير التى ركبته كل هذه السنين !راح يعيد النظر فى القوانين ويهذبها ويجعلها مطاطة حتى تساير العقل والانسانية والذوق السليم!!وتخلصت لوائح هذا الزمان من جمودها .ولم يعد البشر يغمضون عيونهم وعقولهم ويصدرون أحكامهم!!

وقد حدث أخيرا أن مرضت طفلة بواب احدى المدارس الانجليزية بمدينة (ليفربول)وأشرفت على الموت .وكتب ناظر المدرسة الى وزارة التربية يقول ان البواب استنفذ كل اجازاته حتى يكون قريبا من طفلته .والقانون نص على فصل الموظف اذا غاب عن عمله أكثر من اجازاته المقررة.وهو لا يستطيع أن يطلب من البواب أن يعود الى عمله الذى يبعد عشرة كيلو مترات عن بيته .وهوكأب يحس أن من حق البواب أن يكون قريبا من ابنته وهى تموت!

ولكن كموظف مطلوب منه أن ينفذ القانون …وهو شخصيا لا يستطيع أن يوقع قرار الفصل الظالم .وبعد ساعات كانت رسالة ناظر المدرسة على مكتب وزيرة التربية ،فأصدرت أمرها على الفور بنقل البواب من مدرسته الى مدرسة تبعد عشرة أمتار من بيته!!

وهكذا تحايلت وزيرة معارف انجلترا على الحمار!!

لقد دارت حوله ،وتصرفت تصرفا انسانيا ،يريح قلب أب حزين ويقربه من فراش ابنته التى تموت .

السبت، يوليو 25، 2009

هل الثوب السوداني وافد على السودان ام هو سوداني الهويةوالميلاد ؟؟؟ وهل هو في طريقه للازدهار ام الانحسار؟؟؟؟
أعتقد ان بداية إرتداء الثوب السوداني الذي يعتبر الزي القومي والملمح السوداني التقليدي والمميز للمرأة السودانية، بدأ منذالحضارة البجراوية أي قبل أكثر من عشرة الف سنه تقريباً وبالتالي هو قديم قدم حضارة السودان فقد كان زياً قومياًخاصاً بالملكات وكانت له تصاميم ورسومات خاصة وخامات مميزة وزخارف ونقوش وكنارات متعددة وهو مايعرف بالمورد أو المطرز الآن ويقال بأن الملكة (الكنداكة)تعتبر أول من لبست الثوب السوداني، وكما للثوب اشكال وألوان مختلفة ايضا ًله أسماء مختلفة فمن مسمياته الزراق ربما للونه الازرق والبنغالي نسبة الى بنغلاديش والطرقة والجاكار ،وأبو قجيجة،وضلع الدكاترة،ورسالة لندن ، وكبري شمبات والامير ومعبود الجماهيروغيرها من الاسماء وكلا له ثمنه وقيمته وبالقطع فثوب الشباب ليس كثوب النساء كبار السن وهو مع ذلك يختلف باختلاف الاذواق والأمزجة والسن والبيئة والمقدرة المادية، تقول الاستاذة سعدية الصلحي باحثة ومصممة أزياء(ان الثوب السوداني قديم وهو بمثابة تبيان للحضارة وعنوان للثقافة وهو ساتر للجسدوحافظ للرطوبة وقالت ان الثوب كان في السابق عبارة عن قطعتين من قماش واحد هما الطرحة والقرباب ثم اختصر الى قطعة واحدة هي الثوب الحالي) وقد عرفت (الِطرقة)( بكسر الطا)عند الفراعنة وهي شبيهة (باللاور) عند الشلك و(الساري) عند الهنودوهو عباة عن قطعة واحدة تغطي سائر الجسد يلبس فوق الملابس الداخليةوأحياناًبمفردة،والثوب يلبسه احياناً بعض الرجال فوق العراقي والصديري كما يلبسه أيضا رجال الصوفبة مجدولاً على الكتفين وبغيرلبسه اليومي او مايسمى بثوب الجارات فهنالك ثياب المناسبات كثوب السهرة وثياب الاعراس وثياب العمل وايضاً ثوب الحداد الذي غالبا مايكون من اللون الابيض الخشن (دمورية) وتفردت النساء العاملات بالثوب الابيض الكرب الساده الذي تقول فيه الاغنية(لابس الكرب السادة خلت قليبي وسادة) ومن خلال الزي عموماُ تستطيع أن تقراء ثقافة وتقاليد وامكانات الانسان وحتى نوع الطقس الذي يعيش فيه وهوايضاً عنوان للشخص الذي يرتديه فالمرأة السودانية مثلاً تتمسك به بقناعة راسخة باعتباره قيمة حضارية وتقليد تراثي وزي محتشم مميزذي الجلابية والعمامة عند الرجل،و حتى بعد ان جاءت البدائل أومايسمى بموضة العصر بارتداء الاسكيرت والبلوزة والعباءة والبالطو والبنطال فإن قطاعات واسعة ومقدرة ومعتبرة من النساء ماذلن يحبزن ويعتززن بلبس التوب باعتباره هويه للمرأة السودانية يبرز جمالها وأناقتها مع تجدده شكلاً ونوعاً فقد تميزت به المرأة السودانية في جميع المحافل الدولية وان شاركتنا في لبسه بعض البلدان المجاورة كموريتانيا وتتشاد وإريتريا وغيرها من البلدان الى انه يظل سمة مميزة للمرأة السودانية، اماعن االرؤيا المستقبلية مابين الازدهار والانحسارللثوب أقول انه باقي بقاء حواء السودان رغم منافسة البدائل الدخيلة على المجتمع السوداني.وهنالك العديد من بيوتات الخبرة السودانية التي تعمل على ترسيخ بقاء وتطوير الثوب السوداني....
وقد دخل الثوب السوداني في ادبيات الشعروالاغاني السودانيه فنستمع الى ابو عركي البخيت وهويردد:
شفت الثوب وما لاقاني أجمل منو أهو دا الثوب وسيد الثوب يكون كيفنو؟؟
اكيد سيد الثوب يكون أجمل ياأبوعركي!!
ولأن الثوب هو الحشمة وهو الستر فهاهو ودالفراش شاعربربريتباهى حين يقول:
انا التوب العشاري الباهي زيقو
وانا فرج الرجال وكتين يضيقو
أنا الدابي إن رصد للزول يعيقو
وأنا المأمون علي بنوت فريقو
ودعنا ندلف لاغاني وردي ومشواره مع الثوب حين يقول: في أغنية القمربوبا الزراق فوقا تقول حرير والزراق هو ثوب الزراق الذي ذكزناه ثم ندلف للراحل المقيم أحمد المصطفى لنسمع ماردده عن الثوب ليقول:
الوسيم القلبي رادو شفتو كان في ثوب حدادو
مالو لو مره أفتكرني ومالو لو أنجز ميعادو
وأيضاً علي إبراهيم اللحو حين يردد"
شوف عيني الحبيب بي حشمة لابس الثوب الثوب ذاد جمالك زينه ياالمحبوب..وهنالك بيت شعر عربي يقول:
بثوبها الخمري قد أقبلت وحنة حمراء كالجمرٍٍٍٍٍٍٍٍ
فملت سُكراً حين أبصرتها فلاتنكروا ُسكري من الخمر
فما أجمال حواء السودان حتى وهي في ثوب الحداد!!!!!
من هنا لااعتقد ان الثوب السودان سينحسر رغم محاولة العباءة أو البالطو والبنطال أو الاسكيرت والبلوزة وغيرها من الملبوسات الاخرى ان تستلب مكانتة من المرأة السودانية.....
السياط المتعامية (نزعته الرقابة الامنية)

هادية حسب الله
tamono_(at)_hotmail.com
التصقت بالعامود الحديدي البارد اصطكت أسنانها من البرد والخوف.. رأته قادماً تجاهها حاملاً سوطه .. ارتجفت قدماها.. ناداه أحدهم فوقف بهدوء يبادله الحديث.. ظل نظرها معلقاً بالسوط الذي يتأرجح بيده أثناء حديثه، تأرجحت معه عيناها وذاكرتها.. انطلقت طفله بخمسة أعوام ترتدي بنطلون زهري اللون بخطوط عريضة، بخطوات ثقيلة تقدم نحوها .. ضحكت وهى تمسك بيد صديقها ابن الجيران.. وقف قبالتها وهوى بسوطه على جسدها الغض.. تقرقرت بضحكتها والمرجيحة ترفعهما عالياً.. اندفعت الخطوط المرسومة بالبنطلون خارجة، انتصبت الخطوط أمامها واقفة.. ارتفع السوط بيده..هبط بألمه ورعبه على جسدها الرقيق..نظرتها خطوط بنطلون الطفولة بتشفى.. أكمل السوط تجواله بجسدها .. ابتعدت عن العامود الحديدي ودموعها "تشرق" روحها قبل إن تسيل بخديها..شعرت ببللل تحت قدميها نظرته ..فوجدت إنها تبولت على نفسها من الخوف....

شعرت بشيء صلب يلامس جانب صدرها.. لملمت جسدها وانزوت أكثر لتلتصق بالنافذة ، واصل الشيء الصلب التصاقه بها، لم تجرؤ على النظر لجارها لتتبين إن كان هو من يعاكسها، خافت إن نظرته يتمادى أكثر، أو أن لا يكون الفاعل فتحرج نفسها ، شغلت نفسها بقراءة اللافتات التي تمر الحافلة بها، لتشعر بالجسم الصلب وقد نمت له أصابع ،ومن ثم قبضت الأصابع على صدرها بقوة، ألجمتها دهشتها وشعرت بخوف يطوقها يلف عنقها ، حاولت أن تتحرك فوجدت إن عضلات عنقها قد تيبست، واصلت الأصابع الزحف إلى صدرها، بايدى راجفة التقطت حقيبتها لتقي بها صدرها، سكنت الأصابع الشرهة ، فكادت أن تتنفس الصعداء لولا إن الأصابع عاودت عبثها بقوة أكثر وكأنها شعرت بأن الحقيبة وضعت لحماية توغلها.. شعرت بالهواء ثقيلاً وبعيداً جاهدت لأن تتنفس.. "قرصتها" الأصابع ، فقفزت مرتعبة.. أرهفت الأصابع لشهقتها للحظة، ومن ثم انطلقت لعملها من جديد .. تخشب جسدها فلم تعد تشعر بشيء، غاصت في وحل خوفها.. وسط ضباب دموعها رأت محطتها تلوح من بعيد أشارت للكمساري ونزلت وهى تدارى دموعها وطعم مالح ملأ حلقها .. لم تنظر تجاه الأصابع ولكنها فوجئت بقدمين تسدان طريقها لتقتنصان من ما لم تطاله الأصابع.. شعرت بخوفها وعجزها يقبضان على حلقها ، ملأ القرف جسدها.. تلوت امعائها ودون ان تشعر وقفت بوسط الطريق تتقيأ .. تبلل صدرها بالقىء.. " روى جابر رضى الله عنه: أن النبى (ص) رأى امرأة فدخل على زينب فقضى حاجته وخرج. وقال رسول الله:" إن المرأة إذا أقبلت أقبلت بصورة شيطان. فإذا رأى أحدكم إمرأة فأعجبته فليأت أهله معها مثل الذى معها" سنن الترمذى، الجزء الثانى، الباب 9 ص313 . " حدثنا آدم: حدثنا شعبة.... عن أسامة بن زيد رضى الله عنهما عن النبى "ص" قال ماتركت بعدى فتنة أضر على الرجال من النساء" البخارى الجامع الصحيح المجلد السابع، كتاب النكاح،ص22. الفتنة.. الشيطان.. مترادفات للمرأة وجسدها، لقرون طوال ظل جسد المرأة تجسيداً للدمار ورمزاً للفوضى والتعذر عن الضبط ، ظل هذا الجسد المغلوب على أمره ممثلاً لقوة النشاط الجنسي المرعبة والغامضة، لذا ظل هذا الجسد يتحمل ويلات دوره البيولوجي السامي وبذات الوقت لعنة هذا الدور، ورغم إن الإسلام قد جاء بنمط تعامل مع الجنس أرقى اخلاقياً إذ ان يقول الأمام الغزالى فى كتابه إحياء علوم الدين:" إن النفس ملول وهى عن الحق نفور لأنه على خلاف طبعها، فلو كلفت المقاومة بالإكراه على ما يخالفها جمحت وثابت، وإذا روحت باللذات فى بعض الأوقات قويت ونشطت، وفى الاستئناس بالنساء من الاستراحة مايزيل الكرب ويروح القلب، وينبغى أن يكون لنفوس المتقين استراحات بالمباحات" إلا ان السلفيين والمتزمتين أفلتوا هذا الترقى الروحى الفريد ليرموا بنا فى لجة التفاسير الاسرائيلية حيث المرأة هى الخطيئة والشيطان نفسه.. لذلك ظلت الثقافة العربية تكرس لدونية المرأة عبر بوابة الدين ، لتحط بكرامة نفس كرمها الله، ولتضع أجساد النساء خارج المجال الحيوى للحياة ليكن مملوكات لإمتاع الرجل والحفاظ على نسله فقط، إذ إن وجود هذه الأجساد خارج البيت يرمى بالذكور فى شرك الشهوات "الشيطانية" التى تشغلهم عن بناء "حضارة" ظلت "مونتها معجونة" ولم ترتفع بها طوبة قط.. لقد ناقش المفكر قاسم أمين هذا الخوف الغريب من جسد المرأة بسؤاله الشهير "من يخاف من!؟" اذ يصل الى ان الرجال يخافون فتنة النساء فيقول عن ذلك:" إذا كان مايخافه الرجال هو استسلام النساء لجاذبيتهم الذكورية فلماذا لايرتدون الحجاب؟ هل فكر الرجال ان قدرتهم على محاربة الأغواء أدنى من النساء؟ ... ليصل فى الختام الى " إذا كان الرجال يشكلون الجنس الأضعف فهم الذين يحتاجون الى الحماية وبالتالى هم الذين يجب أن يتحجبوا". إن القوانين القمعية تجاه المرأة وعلى رأسها قانون "النظام العام" ، هى تجسيد واقعى للمشاريع "الحضارية" التى تعميها ظلامية موقفها من تبين انه ما من مشروع حضارى يقوم على إذلال النساء وهدر كرامتهن. ولقد أتى المشروع الحضاري الذي تحميه سياط النظام العام بعكس ما تمناه، إذ شهدت بلادنا انحطاطا وتفسخاً أخلاقياً هو الأعلى، فحسب ورقة" الجريمة عند المرأة من واقع إحصائيات الشرطة" والتى اعدها مركز الدراسات والبحوث الجنائية الاجتماعية بجامعة الرباط الوطنى فى سمنار حول اتجاهات الجريمة لدى المرأة، نوفمبر 2002 والتى اوضحت زيادة عدد بلاغات العثور على أطفال حديثى الولادة بالشوارع من 16 حالة فى يونيو 2001 الى 43 حالة فى مايو 2002م لتصل جملتها الى 405 حالة بلاغ منها253 طفل حى و152 ميت!! وهى إحصائيات قديمة نسبياً ولكنها تعكس حجم التفسخ الاخلاقى والقيمى الذى قادتنا له ثقافة السياط. لأن ما لا يفهمه المتزمتين إن الكرامة الإنسانية تنتهك بالسياط وتصان بالحرية. لقد ظل سوط النظام العام مشهراً على النساء طوال سنوات الإنقاذ وآن الأوان لرافعيه أن يوجهوا نظرهم لما هو أجدر بالنظر فالأجساد المكشوفة قد لا تلفت انتباههم، إذا نظروا للنساء اللاتي يحملن أطفالهن ويتأبطن فاتورة دواء لم يستطعن سداد كلفته ويقفن متسولات وسط العربات، وإذا نظروا للأطفال الجوعى الذين يصل بهم الجوع حد إختطاف الطعام يغلى بالزيت الحار ليغامروا بالحروق على الجسد عن الموت جوعاً. ولو إستمعوا لنساء دارفور وهن يروين بدمع مالح كيف تم إغتصاب جداتهن أمام أعينهن بالأغصان الجافة حتى تهتكت أرحامهن، و.... إن الحديث عن الزى الفاضح فى هذا القانون هو تحايل بين لمنح سلطات عالية للمهووسين اذ لاتوجد معايير واضحة" لما يخدش الحياء العام".. والسؤال هل تجد النساء الحق المماثل فى عدم خدش حيائهن وشعورهن فالرجال فى هذه المدينة لا يكلفون أنفسهم بالضغط على مثانتهم أو أمعائهم إذ يقضون حاجتهم قاطعين الطريق بعريهم الكامل أمام النسوة المارين ولم نسمع بمن جلدهم وهم يخدشون حياءنا لان المشرع يستبطن إن الشوارع ملك للرجال والنساء غريبات عنها لا يملكن حق صون الشعور.. كما انه من الطبيعى ان ينتهك حياء وأجساد النساء بالنظرات والملامسات والعبارات القبيحة دون ان يكون السوط واقفاص بالمرصاد مثلما يحدث مع النساء. إن إنتهاك حق النساء فى أبسط حقوقهن وهى ارتداء ما يجدنه مناسب لطبيعة يومهن ومزاجهن إنتهاك مجحف وظالم ويتناقض ودستور البلاد والمواثيق الدولية. وأتعجب -وأنا مجرد مواطنة- أن يثقلنى ضميرى إن ابتعت خبز ووجدت عجوز تجلس بجواره جائعة تتسول "عيشة بس". كيف لا يستشعر هؤلاء المسئولية تجاه هؤلاء النسوة، وكيف يمكنهم الاهتمام بجسد مكشوف وأجساد الأطفال تذوى لنقص الدواء وعدم وجود الرعاية الصحية.. لقد أصابنا المللل من استخدام أجسادنا فى الحملات السياسية. وطمأنة القلقين على تحقق مشروعاتهم ، وتصفية الحسابات، والثأرات النتنة، فأجسادنا كرامتنا. وجسد بلا كرامة جسد ميت فلتعلقوا سياطكم بعد اليوم فى حوائطكم داخل غرف نومكم، ولتمتعوا نظركم القصير بتأملها لأنكم لن تجدوا جسد ينصاع اليها بعد الآن.. والتحية لكل اللآتى أصابهن سوط الذل بيد هذا القانون الظالم وعلى رأسهن لبنى الشجاعة.
المستقبحون يجلدون (لبني) ويحي فضل الله
يقهقه محتشما وانا اتكلم(ساي)/ مصعب الجزولي-
******************************************
melgzoli@yahoo.com
جاءت محتشمة بثوبها السوداني المورد ، جاءت إلي تلك المؤسسة ، جاءت محتشمة مضطرة لتقابل ابن خالتها كي تأخذ منه نقود لتشتري دواء لابنتها التي تتخابث عليها الملاريا .
جاءت محتشمة جدا ، لا غبار عليها و لاما يوحي بتلك الانوثة التي كانت تظن و بوسواس قهري أنها توارت خلف ذلك الثوب ، كان الثوب موردا ومتفائلا ، ذلك الثوب الذي غطي جسدها و غطي تلك البلوزة ذات الأكمام الطويلة والتي بالكاد تسمح لأصابع يديها أن تظهر و بذلك الاسكيرت الطويل الذي كاد أن يغطي أصابع قدميها لولا أن تولت الجزمة تلك المهمة ، الجزمة التي تعاني من خلل في توازن كعب الفردة اليسري .
محتشمة وصلت الي مكتب استقبال تلك المؤسسة ، تحدثت مع موظف الاستقبال الذي ضجت منه الدواخل حين دلفت الي الداخل .
ـ لو سمحت عايزة عبد الرحمن الفاتح
ـ عبد الرحمن الفاتح مالو ؟ أقول ليه شنو
ـ موضوع خاص
انتقل موظف الاستقبال و انحني أمام مكتب زميله ، تهامسا ، كانت محتشمة قد لاحظت ذلك بطرف خفي ، انضم إليهما ثالث وتهامسوا ، محتشمة و هي تلاحظ وهي تخفض نظرها أحست بعرق دافئ يسيل علي عنقها ، رجع اليها ذلك الاول ، اقترب منها بينماكان الثلاثة يحدقون فيها بطريقة غريبة ، غريبة جدا و فجأة قال لها الاول
ـ آسفين ماممكن تدخلي
ـ ليه ؟ ، طيب ممكن تنادي لي
ـ ما ممكن
ـ ليه؟
محتشمة تكاد تسمع ضربات قلبها
ـ ليه؟
ـ لانك مثيرة للفتنة؟؟
(من تداعيات يحي فضل الله)
ما أروعك أستاذ يحي وأنت تحكي عن المستقبحون ،الذين كانوا يتهامزون ويتغامزون حول أغنيتك الطفولية بالامس وماشبه الليله بالبارحه ،أما هم الان فقد غيرو أسلوبهم وزيهم الثعلبي الي أسلوب وزى أخر فأصبحوا يمارسون الأسلوب والسلوك الأمني و الشرطي لازلال وتركيع النساء المحتشمات والمحتشمه هذه المرة كانت قدر التحدي فلم تخضع فقلبت الطاولة عليهم وبينما هم يحدقون فيها بصورة غريبة وشهوانية جدا جدا.......وهي في كامل ثباتها المستفز ولما لا وهي التي ظلت تمارس قول الحق بقلمها دونما يأس حتي ظهرت سوءة القوم ،فطفق القوم يبحثون عن مايغطون به سوءاتهما فلم يجدوا غير تلفق التهم واغتيال الشخصية وهو أسلوب درج المستقبحون علي استخدامه دائما لتخويف أصحاب الأقلام الجريئة ، أرادوا أن يلوكوا سيرتها واغتيالها اجتماعيا،وقد تم اقتيادها بوحشية من مكان عام ولكن رغم ذلك مشت في ثبات وتحدثت بكلام رجال ولم تختل فردة جزمتها ولم تسقط علي الارض بل عملت علي إثبات برئاتها وقامت بدعوة خمسمائة شخصية لحضور محاكمتها بتهمة ارتداء ملابس غير محتشمة وفاضحه أو جلدها في حاله ثبوت التهمة وذلك بموجب المادة 152من القانون الجنائي ،باتري كم من نساء السودان جلدن بهذه التهمة ؟؟؟؟حقيقة ان المشرع في هذه المادة خاطب الجنسين لكن في الواقع اثبت ان المرأة صارت هي المعنية بهذه المادة والعقوبة وان فلتت من معيار الدين لن تفلت من معيار عرف البلد. وهي مادة فضفاضة وذات عبارة فالته لم تتضمن شرح لماهو الزي الفاضح او السلوك الفاضح بل ولم توضح لنا ماهو معيار المضايقة للشعور العام . فقانون النظام العام الذي يفتقر لأبسط أسس العدالة الجنائية مازال والقانون الجنائي( رتقا) لاتريد حكومة المشروع الحضاري فتقهما لشئ في نفسها.ويجب ان لا نترك مثل هذه المواد الفضفاضة لتقدير القضاة الذين تتفاوت مستوياتهم وانتماءاتهم التي تكون عوامل تودي لعدم فهم هذه المواد.لذا لابد من نظرية عامة متطورة تودي الي ضبط العمل التشريعي والقضائي وسد الثغرات وتجاوز هفوات الصياغة.
اما آن لهولاء الغاء قانون النظام العام المندس بين مواد القانون الجنائي حتي لايكون مزبحة لحقوق الانسان والمرأة بصورة خاصة...والي ان يتم ذلك يظل (سوط العنج) يهوي علي أجساد فتيات السودان ..الغضة.....
واخيراالتحية للصحفية الشجاعة (لبني) وهي تقف هذا الموقف البطولي من هذه التشريعات المهينة لكرامة المراة السودانية ...وهي تقدم درسا بليغا لنواب الشعب ربما فاقوا من غفوتهم ........ربما....ولسان حالها يردد قول( الطرماح):

وقد زادني حبا لنفسي أني بغيض الي كل امرئ غير طائل
وإنني شقيا باللئام ولاتري شقيا بهم آلا كريم الشمائل
انا الشمس لما ان تغيب ليلها وغارت فما تبدو العين نجومها
تراها عيون الناظرين اذا بدت قريبا ولا يستطيعها من يرومها

الثلاثاء، يوليو 21، 2009

المسكوت عنه -1 - بقلم شوقي بدري -نقلا عن سودانيزون لاين

+الزعيم السياسى بيكو فى جنوب افريقيا والذى قتلته السلطه البيضاء فى السجن تحت التعذيب. قُدم للمحاكمه فى احدى المرات وإتهمه القاضى بأنه يدعو الى العنف. فأنكر الزعيم الافريقى التهمه وقال بأنه يدعو الى المواجهه فرد القاضى (هذا هو نفس الشئ) فقال الزعيم الافريقى ( إن ما يدور بيننا الآن هو نوع من المواجهه ولكنى لا أرى اى نوع من العنف ) .

فى السودان انتقاض بعض الشخصيات او حتى مجرد الكلام عنها يعتبر جريمه حتى اذا أخطأوا . عند موت العميد يوسف بدرى كتب الدكتور عمر نور الدائم رحمه الله عليه مقالاً ينعى فيه العميد يوسف بدرى وقال ان العميد هو الانسان الوحيد فى الشرق الاوسط الذى عرف باسم العميد وان يوسف بدرى هو إبن بابكر بدرى قد انشاء مدرسه الاحفاد تحت رعايه السيد عبد الرحمن المهدى الماديه والمعنويه وإن يوسف بدرى انصارى صميم ..... الخ .

فكتبت موضوعاً نشر فى جريده الخرطوم بعنوان عفواً الدكتور عمر نور الدائم وقلت انه قبل يوسف بدرى عُرف عمنا محمد مرغنى شكاك بلقب العميد لانه كان عميداً لمدرسه التجاره وكان قبلها مدرساً فى نايجيريا وإن السيد عبد الرحمن ليس له اى صله بتأسيس مدارس الاحفاد. لانها أسست بعيداً عن الخرطوم فى رفاعه والسيد عبد الرحمن وقتها كان محدود الحركه يتقاضى خمسه جنيهات كمرتب من الحكومه البريطانيه لاعاله والدته واسرته ويرتدى ثياب رثه ويركب حماراً ويسكن فى العباسيه . ولم يكن فى امكانيته ان يقدم اى دعم مادى او ادبى .

والسيد يوسف بدرى لم يكن انصارياً بل كان متأثراً بافكار غاندى وكذلك كان صديقه وزميله فى الدراسه سيد احمد غاندى من سكان توتى. وكان أول دفعتهم طيله الدراسه فى امدرمان الأميريه وكان مدرساً للفنون فى مدارس الاحفاد وكذلك كان الامير نقد الله متأثراً بافكار غاندى ولذا لم يكن يشرب السكر طيله حياته لان ضرائبه تزهب للحكومه الانجليزيه وكان يقاطع البضائع البريطانيه ويلبس الدمور والمركوب.

وكما ذكرت ان الساره بابكر بدرى وُلدت فى يوم 20 رمضان 1312 هجريه الموافق 17 مارس 1895 , وولدت امنه فى يوم 25 ديسمبر 1896 , والسهوه ولدت فى ابريل 1898 . اذا الفرق بين كبرى بنات بابكر بدرى والسيد عبد الرحمن الذى ولد بعد موت ابيه اقل من عشر سنوات اى ان عمره كان 16 سنه عندما بداء تعليم البنات .

بالرغم من هذه المعلومات البسيطه فتح الجحيم ابوابه وكانت الردود والشتائم والتحرشات. وسمعت ( انت قايل شنو ما عكاز واحد برموك ناشف ) واذكر اننى نشرت مجموعه من المقالات كرد وقصيده اقول فيها
يا بشر مافى حجر قوملو شدر
وعكولا متين لحقها دشر
سيف العُشر ما بكتل بكتل قدر
والسنيف فى اللغُد شيتاً بحير
انا ابو فقوق ما ببدا الشر
اكان حصل بنشف محل ما مطر
لما الرجال تشيل المُر برجا الامر
وما بحمل الذل حتى اللكان عسلاً مقطر
الى آخر القصيده .

عكولا ام تشر .... الارنب البرى .
الدشر .... الكلب الغير أصيل .
السنيف .... غرز اغصان فى الرمال لوقف تحرك الرمال لا لزوم لها فى حاله اللغُد وهو اجود الطين الصلصالى . بمعنى ان التهديد لا يؤثر على الجميع .

ما سمعته من الاعمام وما قرأته فى ديوان خليل فرح الذى حققه دكتور على المك فأنه بالرغم من أن خليل فرح قد شتم الانجليز فى اغانيه وابدى امتعاضاً للتعامل معهم كفنى تلفونات وتغيبه الكثير من العمل بسبب المرض او بلا سبب فانهم لم يستطيعوا طرده من الخدمه لان القوانين واللوائح لا تسمح وكل هذه المده لم يزد العقاب عن ثلاثه ايام قطع ماهيه.
عندما عُقد مؤتمر جوبا رفض السكرتير الادارى السير جيمس روبرتسون تمثيل الصحافه السودانيه ولكن وعد بعقد مؤتمر صحفى بعد المؤتمر .
ولما عاد عقد مؤتمراً صحفياً لرؤساء تحرير الصحف وعندما واجه اسئله استفزازيه رمى بقلمه غاضباً فخرج الصحفيون غاضبين وكتبت ثلاثه صحف مقالات ناريه هى السودان الجديد والرأى العام وصوت السودان بينما تريثت النيل والامه لاسباب حزبيه
وفى نفس اليوم اصدر السكرتير الادارى حسب قانون الصحافه 1931 بتعطيل الجرائد الثلاث .
واجتمع الصحفيون فى اطار ( اتحاد الصحافه ) بدار جريده النيل وقرروا ان تكتب كل صحيفه مقالاً تهاجم فيه تصرف السكرتير الادارى ثم تتوقف عن الصدور وقد حدث . وضطر السكرتير الادارى ان يعتزر للصحافه السودانيه فعادت للصدور . هذا فى زمن الاستعمار والبطش ( آل استعمار آل ) .
هذا الكلام استقيته من كتاب عبد الله رجب مزكرات اغبش. وعبد الله رجب اكثر صحافى تضرر فى ايام الحكم الوطنى فلقد تعرض للسجن مرتين والتعطيل لمده سته شهور والتعزير بواسطه السيد بابكر عوض الله رئيس مجلس النواب امام البرلمان وهو واقف تحت الحراسه وكان معه محمود مصطفى الطاهر فى قضيه مشابهه . وتعرض للوم بطريقه رسميه من جانب السيد اسماعيل الازهرى .
ثم تعرض عبد الله رجب للضرب لانه كتب الصديق افندى المهدى . وهذا هو اللقب الرسمى لكل خريجى او الذين درسوا بكليه غردون . حتى والدى كان يُعرف بابراهيم افندى بدرى . وعندما لم يرعوى عبد الله رجب قُرر قتله وهاجمه مجموعه من اولاد الانصار من امدرمان بقياده صديقى الدين وفى المره الثانيه كان المفروض ان يُقتل عبد الله رجب وكما عرفت من الدين فانهم قد حسبوه ميتاً وذهب الدين الى السجن وخرج من السجن وفى بدايه الستينات كانت بيننا صداقه وكنت اجالسه بانتظام فى قهوه مهدى حامد فى سوق المويه . اسم الدين هو ياء الدين اي نهايه الدين ولكن صارت الياء حرف منادى والدين هو اسمه وكان بناءاً ويسكن ود نوباوى ولم يكن متديناً وكان يمارس كل النشاطات البعيده عن الاسلام من خمر وميسر وبنقو ولكن كان له ولاء اعمى للانصار وفى آخر ايامه صار له دكان فى ود نوباوى لبيع اللبن وكان ينادى على لبنه ( علينا جاى علينا جاى سكر النبى سكر النبى ) ثم افلس الدكان لانه كان يرفض ان يأخذ من نساء الحى نقوداً وقضى آخر ايامه فى فقر ومسغبه ولم يهتم به اى من اغنياء الانصار .

وبسبب هذا الاعتداء الاخير كان استاذنا عبد الله رجب يحمل عصا فى يده بقيه حياته متخوفاً من هجوم جديد . قال عبد الرحيم كدوده فى رثائه ..
رغم طول النضال عشت فقيراً
دون بيت سياره كالرجال
تجرى للبص والعصا فى يمين
تحمل الزاد ممسكاً بالشمال

وقال التجانى عامر ...
صراع مع الدنيا مرير وعارم
وعين كخرط الشوك صعب وصارم
وكانت شواظاً للطوائف كلها
تهاب عواديها اللحى والعمائم

فى سنه 1977 كنت وزيراً لامين مبارك مرغنى فى زواجه من نسيبه حفيده شيخ السراج . وكان عجاج فنان الحفل . ولان الجو كان بارداً فقد كان كمال سينا رحمه الله عليه يجلس مع الخال عبد الرحيم عثمان صالح خال امين فى الجزء المسقوف بدون حائط فى حوش المنزل كقراش. وكان سينا يستفزنى كلما ظهرت قائلاً يا ولد دى طربيظه خال العريس انت خدمتك بطاله ثم يضيف لو شيخ السراج كان لسه فى ما كان بتحوم فى البيت ده بشنباتك دى . فلقد كان وقتها لى شنب طويل يشابه شنب المكسيكيين يتدلى تحت حنكى .

شيخ السراج كان فارساً مشهور له بالقوه والصرامه وكان يركب حصاناً فى امدرمان . وعندما شاهد احد بناته تطل من على الحائط لمشاهده الزفه قام بحلق رأسها . ولقد جلد انجليزياً بالسوط لاساءته لسودانى حتى بكى الانجليزى . كما تعرض الى العم منور الذى كان يسوق الطرام لان الطرام يصدر صريراً عندما يمر امام دار السراج . وهو شاعر وخير من تكلم العربيه وعضواً فى المجمع اللغوى كما درس كثير من ابناء وبنات الاسر الكبيره فى امدرمان خاصه اسره المهدى .

وكما ذكر الصادق المهدى بانه رجع من كليه فكتوريا لانه كره اسلوب المدرسه وإرغامهم بالتحدث باللغه الانجليزيه داخل المدرسه .... الخ . ولذا ترك المدرسه لكى يدرس على يد الشيخ السراج . والذى عرفناه قديماً ان الصادق المهدى هرب من منزل اللواء البنا فى مصر الذى كان صارماً ولم يعجبه وقوف الصادق المهدى امام المرآه والخطبه امام جماهير وهميه . فحزره وعندما تكرر الامر وجد الصادق المهدى نفسه تحت رحمه خيزرانه اللواء البنا .

عندما ظهر الصادق فى امدرمان كان اغلبيه اهل امدرمان ولا يزالوا يعارضون الانصار وحزب الامه . وانا قد خضت معارك مع زملائى فى مدرسه بيت الامانه الاوليه خاصه ابناء اشلاق البوليس مثل الفاتح لانه بعد حوادث اول مارس كانوا يقفون امام القبه ويقولون ( شن القبه والراس فى اوربا ) . والحقيقه ان كتشنر قد نبش قبر المهدى وبعثر عظامه وارسل راسه الى المكه فكتوريا التى استاءت للامر. ووبخ كتشنر لان انجلترا قبل كل شئ تحكمها القوانين .

وبعد انتصارات عثمان دقنه فى معركه التيب التى حدثت فى نفس اليوم والسنه 5 نوفمبر كمعركه شيكان. فأن الضابط هيوت البريطانى أعلن عن جائزه خمسه الف ريال لمن يأتيه برأس عثمان دقنه الا انه عاد بعد ثلاثه ايام وسحب الجائزه لان حكومه الاحرار فى لندن لم تقبل بهذه السياسه البربريه . وبعد 130 عاماً يمارس الامريكان نفس الغلطه .

فى الستينات ظهرت اشاعه او نوع من حب الانتقام او التشهير بالانصار وتردد فى كل المجالس بأن الصادق المهدى هو ابن الشيخ السراج وفى بدايه سنه 1963 وفى منتدى ابروف وسط بعض رجال ابروف تطرق البعض لهذا الموضوع كنوع من الدعابه فرد شيخ السراج قائلاً الانف انفى واللسان لسانى . ومن الممكن ان شيخ السراج كان يقصد انه قد علم الصادق المهدى وهو بمثابه ابنه . وشيخ السراج فى آخر ايامه كانت تصدر منه بعض التصرفات الغريبه والنتيجه ان شيخ السراج قُطع قطعاً صغيره ويقال انه قُطع وانه لا يزال على قيد الحياه وهذه المره اراد منفذى العمليه من التأكد انه مات وليس كما حدث مع عبد الله رجب . صديقى الدين كان يبدو سعيداً ومنتشياً ويقول ان ما حدث لشيخ السراج هو اقل مما يستحق . ولكن لم يعترف ابداً بانه احد المنفذين ولكنه كان يلمح بان اللذين قاموا بهذه العمليه رجال .

وعندما طلب مرغنى حمزه من ازهرى ان يقدم السيد الصديق للمحاكمه بسبب حوادث اول مارس رفض الازهرى حتى الكلام عن ذلك الاحتمال . مرغنى حمزه كان يكن كراهيه للانصار لان والدته بعد كتله الجعليين ولدته تحت ظل شجره فى العراء.

وفى سنه 1963 لم يجرؤ احد ان يوجه اى تهمه للانصار بل قُبض بعض الجزارين احدهم مصطفي عثمان الجاك صهر حديد ابن شيخ السراج ووضع فى الحراسه كتحصيل حاصل او لتحويل نظره الناس من الواقع . وكعاده الجزارين عندما يكون لهم احد فى السجن فلقد كانت كراتين الشرى والسجائر والشواء تتدافع فى المساء فى مركز البوليس وعندما طال مكوث محمد فى الحبس والقانون وقتها لا يسمح باعتقال اى انسان اكثر من اسبوعين بدونه تقديمه للمحاكمه سأل الامباشا سيد احمد الرجل الطيب والذى كان يحفظ النظام امام سنما الوطنيه وبعض كبار رجال البوليس الذين لا يهتمون بالشرى والشواء سألوا محمد اذا كان يريد ان يخرج من الحبس وعندما اجاب بنعم قالوا له وقف الشرى والشيه دى .

الشئ الغريب ان السيد الصادق وآل المهدى والانصار لم يبدوا فى اى يوم من الايام تأسفاً على مقتل الشيخ السراج رحمه الله عليه . السؤال عندما نرجع للسودان ويكون هنالك ما لا نحب وننتقده هل سنواجه مصير السراج او عبد الله رجب.
محن سودانيه (1) .. الطائفية . بقلم شوقى بدرى ..

قبل ايام ارسل لى اخى القانونى اسماعيل محمد سيد العباسى . نكته تقول ان بوش وبلير خرجوا للصحفيين واعلن بوش قائلاً لقد قررنا قتل عشرين مليون مسلم وطبيب اسنان واحد . وانهالت عليه الاسئله من هو طبيب الاسنان وما هى جنسيته وماذا عمل ولماذا وما هى جريمته و و وو الخ . فقال بوش لبلير ما قلته ليك العشرين مليون مسلم مش مهمين خلو كل حاجه ومسكوا فى طبيب الاسنان .
المعلومات التى اوردتها فى محن سودانيه الاخيره والتى تطرقت فيها للطائفيه والترابى معلومات يعرفها كل الشعب السودانى ويرددها الشارع والذين عاشوها لا يزالوا عائشين . ولم يتكرم ابن مقنعه واحداً بأن يقول بان هذه المعلومات غير صحيحه . وانصب الهجوم على شخصى واهلى . ووصفت بالجنون والشذوذ الجنسى والتفاهه . وركز الناس على طبيب الاسنان . فى التسعينات فى هجوم على الطائفيه واجهت نفس الشتائم . وقلت قديماً انا على استعداد ان اعطى الناس شهاده بأننى كنت بقطع مفاحض فى الترماج وان امى كانت بتصفى وابوى بقرطص . ولكن لم يجد اى انسان مقدره على دحض الحقائق .
هل هنالك من يستطيع ان ينكر ما موجود فى كتب الختميه وفى منشورات المهدى وما اوردت انا واورد الآن ايضا …
ويقول محمد عثمان الميرغنى فى كتابه ( مناقب صاحب الراتب- صفحة 102 قال : ( من صحبك ثلاثة أيام لا يمت الا وليّا . وان من قبل جبهتك كأنما قبّل جبهتى . ومن قبّل جبهتى دخل الجنة . ومن رآنى أو من رأى من رآنى الى خمس ، لم تمسه النار ) .
في منشورات المهدي و ما ادعاه المهدي بالمهديه ان من لم يؤمن به فقد كفر وان يحل ماله وعرضه ودمه . هذا موجود في الاثار الكامله للامام المهدي و هو خمس مجلدات جمع وتحقيق الدكتور محمد ابراهيم ابو سليم دار جامعة الخرطوم للنشر. وهذه الوثائق موجوده في دار الوثائق السودانيه التي كان الدكتور محمد براهيم ابو سليم مديرها وراعيها. وهنالك وثائق محفوظه في مكتبة جامعة درام تحت رقم 100-1-2 ووثائق محفوظه في جامعة درام تحت رقم 100-1-4 و مصنف رسائل محفوظه بمكتبة كامبريدج بانجلترا ومصنف رسائل بمكتبة ييل بالولايات المتحده و الجزء الاول من مصنف رسائل محفوظه في الخزائن الوطنيه الفرنسيه مصنفة بواسطة محمد المجذوب بن الطاهر المجذوب ومصنف رسائل صنفها حسين الجبري و محفوظه في جامعة الخرطوم. مصنف رسائل بالمكتبه الاصفيه بحيدر اباد. خطب مصنف خطب مطبوعه بالحجر و مصنف رسائل عند العمده ادم حامد في الجزيره ابا. مصنف يتضمن خطب المهدي يملكها العاقب با درمان ووثائق حامد سليمان والي بيت المال في المهديه قديما. وثائق مختلفه باسم المهدي مجموعة المهديه بدار الوثائق السودانيه. اماكن اخرى كثيره من دور الوثائق لا يتسع المجال لذكرها .. في رسائل المهدي الاولى قبل ادعائه المهديه كان يختم رسائله قائلا الفقير الحقير محمد احمد عبد الله ، كرسالته شعبان 1298 هجريه وهي رسالته الى احمد بن محمد الحاج شريف . كما اورد ابو سليم في الجزء الاول صفحة 41 رساله بخط المهدي جامعة درام انجلترا. و بعد ادعائه المهديه كان يبدأ رسائله : من عبد ربه محمد المهدي ابن السيد عبدالله الى الفقيه احمد الحاج البدري و الى الفقيه احمد زروق كما في صفحة 111. كما اورد ابو سليم في صفحة 119 الى اهالي خور الطير وغيرهم فمن عبد ربه محمد المهدي ابن السيد عبد الله اعلموا ان رسول الله صلى عليه وسلم امرني بالهجره الى ماسه بجبل قدير و امرني ان اكاتب بها جميع المكلفين فمن اجاب داعي الله ورسوله كان من الفائزين ومن اعرض يخذل في الدارين . ويقول المهدي في صفحة 135 في نفس المجلد في خطابه الى احبابه في الله المؤمنين بالله و بكتابه. و اخبرني سيد الوجود صلى الله عليه وسلم انني المهدي المنتظر و خلفني صلى الله عليه وسلم بالجلوس على كرسيه مرارا بحضرة الخلفاء الاربعه و الاقطاب و الخضر عليه والسلام وايدني الله بالملائكه المقربين و بالاولياء الاحياء و الميتين من لدن ادم الى زمننا هذا, وكذلك المؤمنين من الجن . و في ساحة الحرب يحضر معى امام جيشي سيد الوجود صلى الله عليه و سلم بذاته الكريمه و كذلك الخلفاء الاربعه و الاقطاب و الخضر عليه السلام و اعطاني سيف النصر من حضرته صلى الله عليه وسلم و اعلمت انه لا ينصر علي احد ولو كان الثقلين الانس و الجن.
هؤلاء الناس افتروا على الله كذباَ ولم يهتم ولا يهتم ولن يهتم اهل السودان بل كان الهجوم على شوقى بدرى واهله ونسيوا حق الله ورسوله . صباحى كان جزاراً فى امدرمان جنوب قبه الشيخ دفع الله الغرقان يفصله عن منزلنا ومنزل البشير الريح زقاق ضيق تذهب له اختى نظيفه يومياً لاخذ اللحم . وبعد ان دفعت نظيفه سعر الاثنين كيلو اظهر احد الوقوف هويته واراد اعتقال صباحى لانه باع باكثر من التسعيره . فاحتجت اختى نظيفه وقالت انه لم يبع باكثر من التعريفه وشخطت فى الرجل . الذى سألها التسعيره كم ؟. فقالت انت دخلك شنو انا اديتوا قروش طالبنا ليها قديمه واللحمه دى انا حأدفع قروشها بكره او آخر الشهر . انت دخلك شنو ؟. فقال الرجل والله انحنا عايزين نساعدكم ونحفظ ليكم حقكم ديل ناس حراميه وبسرقوا حقكم وانتوا رضيانين وكمان تدافعى عليهو وتكوركى فينى , انتو والله تستاهلوا يسرقوكم ويشيلوا حقكم .
النميرى ليه حق قال عدة مرات وعلى رؤوس الاشهاد ( انا لو كنت عارف الشعب السودانى تافه كده كنت حكمتوا وانا فى الثانوى . الرجال ديل كلما اهينهم يجروا وراى اكثر ويتكبكبوا واى حاجه اقولها ينفذوها ). انا شوقى بدرى بفتكر ان جعفر غلطان الشعب السودانى شعب عظيم قد يكون متسامح اكثر من اللزوم وقد يكون غفله الا انه شعب لا مثيل له فى العالم وانا شاهدت اغلب شعوب العالم ولهذا لا ارضى للشعب السودانى بالاهانه والذل والطائفيه هى اعلى درجات الذل والاستكانه .
لقد كان النميرى يضرب الوزراء والجنرالات بيده . ولقد ضرب المربى الكبير محمد التوم التجانى الى ان لازم سرير المستشفى . واستدعى البروفسور عبد الله الطيب وكان على وشك ان يعتدى عليه لولا ادب وعلم عبد الله الطيب . فلقد قال عبد الله الطيب مداعباً البغل نميرى عندما اشاد بشعر عبد الله الطيب ( انت يا سيدى الرئيس ان قلت شعرا فستقول اعذب الشعر ) فظهر من اراد ان يتملق نميرى وقال له ان البروفسور عبد الله الطيب يقول انك كذاب . لانهم يقولون اعذب الشعر اكذبه .وقال النميرى لعبد الله الطيب ( انت عاوز تسيئنى بالبارد ) . فتخارج عبد الله الطيب بالتفسير والبلاغه والشرح مما اسقط فى يد نميرى . فقال له امشى وكان درته حأناديك تانى . لقد كان النميرى يستدعى الوزراء لطعام الغداء ويحسب الوزير او المسئول ان نميرى سيكافئه وفى نشره الاخبار يسمع المسئول او الوزير نباء اقالته ويتلذذ النميرى بمشاهده وجه الوزير يتغير .
لقد شنق الاستاذ محمود محمد طه وهذه جريمه يسأل عنها الترابى وجعفر . ليس لها سند قانونى او شرعى . بل لقد القيت جثته فى البريه لتنهشها الوحوش والجوارح . هذه الجريمه البشعه التى يجب ان نخجل عنها نحن السودانيون نفذها جعفر وحسن . ولا يزال حسن يلمع فى نفسه لكى يعود ويحكم السودان وجعفر يتمخطر فى السودان .
عندما حكم النميرى والترابى السودان صرح الدكتور خليل عثمان والذى اتى بثروه طائله من خارج الوطن لاستثمارها فى السودان واعطى فرصه لعشرات الآلاف من الاسر السودانيه لان يجدوا عيشه كريمه , ان الجيش السودانى مش فاضى من بيع الصلصه . هذا فى بيت بكاء بعد ان ضربت الطائرات امدرمان ورجعت فجرده جعفر من وسام ابن السودان البار وشتمه باسوأ الشتائم وضربه بيده . ووضعه فى استراحه الزائرين الاداريين بالقرب من القوات المسلحه . وكان يتسلى بضربه وهو فى طريقه فى الليل الى مسكنه . لقد فشلنا فى ان نحمى رجل قدم الكثير لبلده . ربما كان للنميرى بعض الحق فى وصفنا بالتفاهه وكلنا مقصرون . بل لقد اضاف النميرى الشاب مصباح الى الدكتور خليل عثمان لانه تعرض له فى جامع القوات المسلحه وانتقد سياسته . مصباح كان رجلاً . نحن جميعاً قد قصرنا . جرائم نميرى التى مارسها فى حق الشعب السودانى وساعده الترابى فى تنفذها يصعب حصرها يكفى الشريعه التى طبقوها واباحت القتل والسحل وقطع اليد فى المال العام ولا يزال البعض يدافع عن النميرى والترابى .
انا ترعرعت فى حى الملازمين فى المنطقه جنوب شرق السوق وفى هذه المنطقه سكن العم المربى محمد احمد عبد القادر , الياس دفع الله , التاجر الطيب الفكى , الدكتور محمود حمد نصر . الياس دفع الله , آل المغربى والادارى محجوب خليفه وعبر الشارع الكبير الذى يأتى من الاشلاك سكن الصادق المهدى والوزير بدوى مصطفى والادارى ورجل الاعمال صالح العبيد وآخرين . وهذه المنطقه كانت تضم اكابر امدرمان . وفجأه صار منزل ك ع يستقبل النائب الاول للنميرى الذى كان يعشق لعب الورق وبدأ ظهور الفتيات فى هذا المنزل والقصف والحفلات والغناء . فتقدم سكان الحى بشكوى الا انها رفضت لانها يجب ان تقدم بواسطه الجار المباشر وكان هنالك جار مباشر واحد وهو تاجر ورجل لا يحب المشاكل . وبعد تعب اقنعه سكان الحى بالتقدم بشكوى وعندما قدم شكوى ترقبه بعض رجال الامن وقبضوا عليه وهو خارج من منزله وطوحوا به من فوق الحائط داخل منزل ك ع . وكان بانتظاره بعض رجال الامن فى الداخل وانهالوا عليه ضرباً امام الشهود اللذين امتلأت بهم الدار من بنات ولاعبى ورق وجروه على مركز الشرطه بتهمه التهجم والقفز من فوق السور . الى ان تنازل عن الدعوه .
فى بدايه الثمانينات كنت ازور الاخ عبد الحليم. بسبب اعمال تجاريه . وكان مظهره بسيطاً مما اكد لى انه انسان شريف . وهو مدير شركه كردفان . وبعد تأمينات نميرى لشركه سودان ماركنتايل ومتشل كوتس صارت شركه كردفان تدير الاستيراد . وقامت شركه كردفان باستلام عربون مائه شاحنه بتفورد ( سفنجه ) من افراد وانتظروا لفترة سنتين . وعندما اتت العربات كانت سبعين عربه . وثار الناس وضجوا واشتكوا واخيرا قرروا نظام القرعه وان ينتظر البقيه المجموعه الثانيه . ثم اتصل بهم شخص من جمعيه ود نميرى طالباً خمسه سفنجات فاعتزر الرجل الفاضل عبد الحليم بأدب . وبعد نصف ساعه اتصل جعفر قائلاً ( انتو ليه ما عاوزين تتعاملوا مع ود نميرى) . ولم يعطيهم فرصه لشرح الامر . وفى نفس اليوم حضر مندوب ود نميرى قائلاً ( جيت استلم الخمسه سفنجات بتاعتنا ) . جمعيه ود نميرى التى كان يديرها شقيق جعفر كانت عباره عن امبراطوريه ضخمه فى غرب امدرمان . هل كان النميرى على حق عندما وصف ان الشعب السودانى تافه ؟؟؟ .
تألمت جداً وكتبت وانتقدت ذهاب فاروق كدوده رحمه الله عليه وكمال الجزولى لزياره الترابى بعد اطلاق سراحه . ليس هنالك من اساء واضر بالشعب السودان فى دنياه وآخرته مثل الترابى . وقف فى سنه 1965 ضد محاكمه المشتركين فى انقلاب عبود ووصف من طالبوا بالمحاكمه بانهم غير شرفاء .
الى اللذين يهاجموننى الآن اين انتم من دموع والده مجدى واهله . لقد مات اعظم رجال السودان الاستاذ محمد توفيق خارج الوطن مقهوراً لان ابنه مجدى شنق بدون حق . ماذا تقولون لاسره الطيار جرجس . وماذا تقولون لوالده الطالب اركان آنجلو . لقد قرأت لمولانا القانونى الاستاذ صالح فرح انه حسب الشريعه لا يقتل المسلم الا لرده بعد اسلام وزنا بعد احصان ومن قتل النفس التى حرم الله قتلها الا بالحق . ماذا تقولون للجنوبيين اللذين دمرت منازلهم وشردوا وماتوا جوعاً .؟ ماذا تقولون للاطفال اللذين كانت تنهشهم الجوارح فى الجنوب .؟ اين انتم عندما جاء القرضاوى وقبض الثمن وقال ان عرس الشهيد ممكن فى الاسلام ولم يقم صلى الله عليه وسلم عرس شهيد لعمه سيد الشهداء حمزه رضى الله عنه . اين كنتم عندما كانوا يصطادون الشباب من الاسواق ويرسلونهم الى الجنوب بدون الرجوع الى اهلهم وبعضهم كان لا يزال يحمل كيس الخضار ؟ اين كنتم عندما ارتكبت مجزره العيلفون ؟ اين قبور شهداء رمضان الضباط ؟ هل يدفن المؤمن المسلم كالكلاب الضاله ؟. وبعد كل هذا يأتى شيخكم ويقول ان كل هذا كان هراء وان من ماتوا فى الجنوب ما هم الا فطائس … اخجلوا اخجلوا يا رجال ونساء السودان .
والترابى لا يزال يلمع نفسه ويريد ان يعود ليحكم السودان من جديد . لقد آن الاوان ان لا ندفن رأسنا فى الرمال وان نقول كل ما يقال فى السر وان نكشف المستور .. اهم مظاهر الديمقراطيه هى الشفافيه والواضح ما فاضح . والنميرى قد اخطاء ونحن لسنا بشعب تافه نحن شعب عظيم واصيل الا اننا متسامحون اكثر من اللازم .
ولهذا كان النميرى يقول ما دام ناس سيدى المرغنى وسيدى المهدى راكبين فى ظهر الشعب السودانى نحنا برضو ممكن نركبهم . كيف تقبلوا ان يقول المرغنى الكبير انه السبيل الى الله وكيف تقبلوا ان يقول المهدى اخبرنى سيد الوجود . اذا كنتم تقبلون بهذا فسيحكمكم الترابى والاسواء من الترابى مره اخرى .
شوقى بدرى ..
شلبية
من مجموعة (القمر جالس في فناء داره)
علي المك
صباح الجمعة سمعت صوت نسوة يبكين ويولولن كمن فقدن عزيزاً بلا أمل عودة، أدركت أن صاحبك في البيت كان مخموراً ليلة الخميس، و أنه ربما عاشر امرأة أو امرأتين .. لأنه تململ في سريره، و كشف عن وجهه الغطاء ثم همهم بكلمات لا تبين، ولكنها تنم عن عدم الرضا. ثم نهض وجلس على السرير، اعتمد رأسه بين يديه، وزفر في حرقة، ثم رقد ثانية وسمعت شخيره بعد ثوان قليلة.وتعالى الصياح و النحيب، ويبدو أن عدد النادبات يزيد مع كل دقيقة تمر، ثم عرفت أن عبد الرحمن الحنفي قد مات. كان عبد الرحمن الحنفي في رؤوس أبناء جيلك يمثل نوعاً فريداً من الناس، كان رجلاً واسع الثراء، قليلاً حظه من العلم، يعامل أبناءه في قسوة، ويأخذ أزواجه بالشدة، ويمنعكم لعب الكرة أمام بيته بلا سبب، وكرهتموه بلا حدود.وها أنت تسمع الناعيات يندبنه في غير حماسة، كما يؤدين و اجباً .. مرت على رأسك صور من الحياة التي عاشها ، كانت ضيقة و قاتمة ولم يكن عندك صلات ود مع أبنائه، كان ابنه عثمان زميلك في الكتاب.. ولد قوي البنية، ولكنه بليد بمفاهيم زمان، ولغة زمان، والناظر يكرهه وهو مضطر لاستبقائه في صفوفكم.عبد الرحمن الحنفي أيضاً تزوج فتاة في سن ولده عثمان، أبوها عامل يسكن الخرطوم بحري، حدث هذا قبل شهرين من موته، البنت أسمها شلبية، رأيتها مرة في بيتكم، هي رائعة الحسن، و أجمل ما فيها جسدها، استرعت انتباهك لأنها ترمي الثوب إلى ما بعد صدرها، مثلما هي تعلن عن بضاعة طيبة صارت من نصيب مشتر شحيح.ورغم الخوف الذي انغرس بقلبك منذ الصبا من ذلك الشيخ، لم تحول نظرك عن شلبية، وهي بذلك تحس، تنظر إليك ثم تغمز بعينها. و أحياناً تخفي شفتها السفلى في فمها مدة ثم تخرجها وتمس عليها بلسانها، وفي ذلك ما يثير غاية الإثارة.ويوم مات عبد الرحمن الحنفي أشفقت على شلبية من مصير مظلم، من أخت المتوفي العانس "ستنا"، من ابنه عثمان، خفت أن يثب عليها كل من جهة فيسلبونها أمنها وعزتها. هي عصبة تريد أن تبلغ المال وتستحوذ عليه.وكان مشوار المقابر منهكاً، وصلتم بجثة الشيخ إلى هناك، وقد تعفرت أعضاء جسدك بتراب أم درمان ، صرتم كالذين ساروا في قلب العاصفة.. مراسيم الدفن طويلة وثقيلة و مملة، عدت أدراجك و الشمس تسيطر على منتصف السماء، والحر متعب.وصلت إلى الحي منهكاً، جريت إلى فراشك، ونمت.. كنت تحلم بشلبية كانت تبتسم لك، تغمز بعينها، ثم تكشف ( أنت يا أبن الشيخ عبدالغفار.. أنت سبب كل المشاكل) أمسى قريباً منك، قريبا جداً.. سحابة الغبار التي كانت ترابية اللون، وكانت سميكة ذات ثلاثة أبعاد، بدأت في الزوال، وظهرت السماء من فوق الزقاق زرقاء عريضة، لون واحد ممل، متصل الملل ، عندما رفع الحاج عبد الرحمن الحنفي يده، وضغط على لسانه، في حقد وغضب أدركت أن الموقف ليس مما يحسن فيه الكلام، وتذكرت أن الهرب سهل لو أنك شرعت فيه، ثم أنك تراجعت خطوة ، ثم خطوه، وأطلقت للريح ساقيك.أنت لا تلعب ( الدافورى) الآن كبرت، صرت تدخن وتلهث لأي مجهود، وتتعب حتى لو لعبت عشرة ( ويست) ، وعبد الرحمن الحنفي مات .. " ليس في الموت شماتة يا ولدي" . كان أبوك رحمة الله علية يردد هذا الكلام دائما دائما، نعم عبد الرحمن الحنفي مات، وأنت لا تستطع لعب الدافوري، ولكن الزقاق ما زال كما هو: متعرج، قذر جداً، على جانب منه جدول تشقه البلدية كل خريف لتصريف مياه المطر ولكنه دائما يقصر عن بلوغ ذلك، وتركد فيه المياه، ويسكن الناموس ويوزع جيوشه المطنة بالعدل على البيوت جميعاً، الفخيمة والمتواضعة.. ذلك هو الشيء الذي لم يتغير، لدغة الناموس تؤلم بالقدر نفسه، والصبية مثل عهدك ذاك القديم، الدافوري في الصيف و (البلي) في الشتاء، وأنت تكره (البلي).. حسين (مترار) كان دائما الفائز بكل الجولات يغنم كل (بلية) عند أقرانك، كان ماهراً بيديه كما هو الحال بقدميه.. وحسين (مترار) الآن موظف بسيط، غير أن ألأمة كلها تغرفه، فهو ساعد الهجوم الأيسر لفريق البلاد.وبيوت الزقاق تبدل بها الحال،فإن كان بيت الحنفي فيما مضى "إيوان كسرى"، فهو اليوم رمادي الجدران، قنعت مبانيه التي كانت تفرع عمدان النور طولاً، بالانزواء، بعد أن شيد (سيدراوس) النقادي بيتاً من ثلاثة طوابق، في مكان بيت (فضل العاصي) القديم وأنه من الطوب الأحمر، والحجارة الملونة، وغرس في أركانه الأربعة أشجار البان.بيت عبد الرحمن الحنفي فتح لجمهور المعزين، مثل قصر ملكي زالت سلطة أهله بثورة شعب، ديوان قديم الطراز غير أنه متين البنيان، مترابط.. تصعد البراندة بدرج، وشجرة ( نيم ) عجوز متصابية في المدخل، ثمة ما سورة كبيرة تخترق الجدار مما يلي الزقاق.. ليس هنالك أثاث في الديوان بل سجاد عجمي ثمين: " الفاتحة .. اللهم أحسن إليه" . . رجال يقومون ويقعدون،"القهوة يا ولد ... الماء ..." ..كان ولده عثمان سيد الموقف، خلف العبء عليه وولى .. .وقل أعملوا فسيرى الله عملكم ..) (وإنك لعلى خلق عظيم ..) آيات تتدلى من الجدار في داخل الديوان.. رجل عجوز يتمايل شمالاً ويميناً تماماً مثل شجرة (النيم) عيناه في نصف إغماضة.. يردد دعاء أو ما يشبه الدعاء، "بنيان زمان قوى ومتين" قال عبد الباقي الحلاق مثلما هو يهمس لأحد المغرين .. البيوت القديمة، تتكون باختصار من ديوان للتاجر الموسر، بالطوب الأحمر، مطلي من الداخل كأحسن ما يكون الطلاء.. يساره جناح النساء المبني من الطين، هكذا الحال دائماً .. وتجاور الديوان في حياء وتواضع حجرة الطين الرطيبة،(أم شبابيك خضر) ." لا بد أن شلبية هناك ، لا بد أنها تنام على صدر الشيخ كل ليلة.. أسمع لا تقل مكرهة، فالنتيجة واحدة، طالما خلعت ثيابها، ورقدت رقدة مطمئنة، أو غير مطمئنة إلى جواره ،فالنتيجة واحدة، وأنها امرأته وخليلته "الزواج دعارة يحميها القانون .." قال طالب متفلسف هذا الكلام، طالب من قسم الجغرافيا وليس الفلسفة، وربما كان على حق.جناح النساء يفور بالنساء، من عجب ألا يرتفع بالبكاء صوت، وأن يكون الهدوء طابع ذلك المكان، أين صوت (ستنا) شقيقته أين ؟ وأين؟ إنك كثير الاهتمام بعبد الرحمن الحنفي، ليس هو أول الميتين ولن يكون آخرهم ..بيتكم : بيت الزبالة يلتصق ببيت الحنفي من زمان بعيد، مثل وشم شائه على ذراع بض، من فوق هذا الجدار، حينما يزنق الصيف، تأتيك رائحة الصندل والصندلية، تسبح في الجو الساخن، حين تهب نسمه شحيحة فاعلم أن في حياتها القصيرة موكب عطر، لمن تتعطر شلبية؟ لمن تتضمخ بالطيب؟ لفصل الصيف؟ هل للصيف ذراعان يضم بهما الجسد العاري؟ أم للصيف فم يهوى التقبيل؟ عبد الرحمن الحنفي في ليلة الصيف سعال .. من أدراك .. الجدران تغطي أفعاله، من قال أنها مكرهة؟ ثم هل تفسر نظراتها - حين حلت بينكم ذات يوم - أنها وله ووجد ورغبة؟ ومن أنت حتى تسعى إليك بكل فتنتها، بكل جمالها؟ لا مال لديك ولا جاه والمستقبل في كف الغيب.في الحي الصغير يتنفس الناس كلاماً، ويلوكون سيرة بعضهم البعض قبل أن يجف الميت في قبره، ربما قبل أن يسأله الملكان. امتلأت أفوه الناس كلاما: "خزينته الحديد خاوية وضعت ( ستنا) يدها عليها، أفرغت ما بجوفها .." كلام يجر كلام: " أين أنتم : شلبية من قبل ستنا أخذت الفلوس دفعتها لإبراهيم صاحب الدكان عشيقها.. أين أنتم؟ .. ما زال إبراهيم يضحك حين يذكر تعليق عبد الباقي الحلاق "تعرف يا أبو خليل محلك طالب في الكمبوني أنت ما شبه الزيت والفحم".يا وحشة ليلك يا شلبية ، حتى أن كان الحنفي فارسا حين يعم الليل الكون والكائنات، فذلك سر في القبر مدفون، سر لم يجف مع الميت بعد، ولن يعرفه أحد أبداً." عينها طائرة .. تشتاق إلى الحرية بعد أن تنقضي أيام الحبس فتطير حرة بلا حدود أو قيود" تفكر: الجدار طويل، يقف بلا رحمة، ما جفت أوجاع الميت في قبره، هذا أسبوع فات، والثاني.. بيت الحنفي قد صار إلى قبرة أخرى، لا صوت ولا همس ولا حركة، والعطر السابح عبر جدارك غاب مع الميت في قبره، ولا صندل ولا صندلية. "والله لو تاجوج لبست ثوب حداد ما عادت تاجوج.." حين تسمع ما قاله إبراهيم سيد الدكان لخاصته ذات مرة .. تدرك أن هناك أشياء وأشياء بعيدة عن إدراكك: وتصدق شكوك "ستنا" النحيلة مثل عود يابس.عن صدر وذراع وساق ، مددت يدك نحوها، تريد أن تحيط بها فلا تتركها، وفي اللحظة التي كدت فيها أن تنال ما تتمنى، استيقظت ولقيت - بعد نظرة عابرة إلى الفراش- أنك أتيت شيئاً منكراً.خفت حدة العويل، مات الصياح في الشفاه. شلبية في ذهنك عالقة.. ما تزال آثار اللقاء الأول تداعبك، تشغل منك النفس أملاً وزهواً، ولم تتكرر، جدار عال يفصل ما بين بيتكم وبيت عبد الرحمن الحنفي، فيما يلي الشرق، في الليل تهرع إلى ذلك الجدار بحواسك، تأتيك رائحة طيبة قوية، عبر الليل مع الهواء تدرك - بلا عناء- إن شلبية تتعطر، تتصورها نائمة في غير ما رغبة على صدر الشيخ، أو لعلها ترسل من ذلك العطر رسولاً إلى من تهوى، أو من يستطيع أن يكسب صيحات جسدها المتمردة.أنت لا تعرف إذا كان قلبها قد تعلق بك. ومن أنت يا مسكين؟ يا طالب السنة الأولى بالجامعة، المهدد بالفصل، وفي سلوكك الدراسي والسياسي مما يبشر بذلك، وينظر الناس إليك - على ألأقل أهل الحي - أنك ولد صغير .. تذكر يوماً من زمان مضى .. الدافوري حار في الزقاق ، حسين (مترار) كالصارقيل، يفعل بالكرة ما يشاء، يستطيع أن يجعلها بين أسنانه، ويسجل اصابة، والغبار سحابة غبراء معلقة فوقكم، والعرق على أجسادكم.. شفع غاية في النشاط والحيوية.. الغبار داخل الديوان منعنا النوم، منعنا الحركة، منعنا الصلاة، منعنا التنفس .. "أعوذ بالله" قالها الحنفي عندما خرج ، كان يسعل بقوة، وقتها حين وقف على مدخل بيته المشرف على الزقاق مسبحة في يده، حافي القدمين طاقية (مكنة) على رأسه تستقر على آثار شعر كان أسود، واستحال أبيض .. "أنت يا ولد شيخ عبد الغفار .. أنت ..".أنت بالطبع المقصود بذلك الكلام، ليس للشيخ عبد الغفار ولد سواك، هتف بأعلى صوت: "أنت يا ولد شيخ عبد الغفار .. يا قليل الأدب .. أبوك الله يرحمه ويحسن إليه كان عالم وفاضل .. صحيح النار.بتلد.. الرماد".. تجمدت في مكانك، خاصة وقد شرع الحنفي نحوك .. نزل من مكانه ، خاصة وقد شرع الحنفي يتحرك نحوك .. نزل من مكانه في مدخل الدار، وهو يقصدك، وربما صفعك.. الولد حسين (مترار) لا يرهب أحداً، مرق من يسارك، مثل البرق سريع، ومراوغ (صارقيل) يتلوى، وأحرز إصابة.. سمعت لاعبي الفريق المنافس يصيحون بصوت واحد "قون .. قون"، وفي لحظة حاسمة تنبه الجميع لخطورة الموقف، وتسمر كل الأولاد في أماكنهم، لحظة حاسمة ثم لاذوا بالفرار "سوف ابلغ البوليس يا ابن الشيخ عبد الغفار ستكون سبب في زيارة لوري البوليس لهذه الحارة ... أنت السبب..".عبد الرحمن الحنفي نفسه يرهب البوليس على طريقته الخاصة، ففي أيام الخريف ذات عام، أمضى الحنفي شهراً بالسجن لأنه باع العيش بخمسين قرشاً أكثر من التسعيرة، وبما أن الحي لا يكتم السر، فإن خبر غيابه فاح وانتشر، حين افتقده المصلون في صلاة الصبح لفجرين متعاقبين، جعلوا يحدسون ولا كوا سيرته بدلا عن (دلائل الخيرات) وسائر الأدعية." قتلتيه يا فاجرة .. يا مطلوقة .. يايا .." كان صوت (ستنا) يأتيك من ناحية بيت الحنفي، صوت حاد، كما هو نحيل مثلها، عال واضح النبرات .. لا تحتمله، تريد أن تسكته بأية وسيلة.. جريت إلى الجدار، غالبت رغبة شاملة في تسلقه، في مد رأسك حتى لو كان الجلاد متربصاً بها، سمعت بوضوح مؤكد الوضوح "أين السجاد؟ والذهب يا ساقطة .. قتلتيه أخي عبد الرحمن .. لن يحميك شيء من البوليس .. اتسمعين ؟ البوليس!البوليس؟ كثيراً ما هددك الحنفي بالبوليس .." سوف يدخل البوليس الحي بسببك .. أنت رأس الهوس." "يا ابن الشيخ عبد الغفار .. صحيح النار تخلف الرماد.." حين أطلت رأسك من فوق الجدار، لم يكن هناك جلاد يتربص بها بل تلك (ستنا) في منتصف الحوش، تصيح وتولول، وتصيح .. والغريب أن بعض أهل الحي وقفوا غير بعيد في مدخل البيت... تحدث نفسك: "اخفض رأسك .. طالما أنت لا تنظر ألي شلبية فما جدوى النظر من فوق الجدار؟ أجلس تحته.. وتخيل إبراهيم سيد الدكان .. أو الحنفي .. أو الشيطان نفسه لا يهم .. ومن يدري فربما جاء دورك؟"
صوت النحيلة النحيل يأتيك بأعلى طبقاته "يا فاجرة قتلتيه .. أورثتيه هما وسقما حتى مات ..".
وأنت خلف الجدار .. من يدري .. فربما جاء دورك وربما...

مع ود ضحوية

في اعتقادي أن الطيب ود ضحوية أشهر شعراء الهنبتة هو من أفضل شعراء الشعر الشعبي السوداني على الإطلاق حتى وإن طغت سيرته في مجال الهنبتة على سيرته كشاعر.
ويقول في الفخر:
ماني التَّنبل القاعد براعي الضان
وختّاراً ببيت فوق قُجة أُم كيعان
صبّاراً على قدر الإله إن كان
أنا أبو فاطنة في اليوم السيوفو سنان
كما قال:
أنا ماني التنبل الفي البيت صِنٍعتي حليبْ
بَدور الشًّدّة فوق إبلاً شوافي ونيب
إن حرًّت نخت الشكرة ما بنعيب
وإن بردت نكافيبهن سوالف أم طيب
وقال أيضا:
الليل حيلو روح وحس سروجنا يبنِّنْ
جدع النمّة ود أب زيد وصوتو يحنِّن
نحن الكُسًّر النظرة عيوننا تجنن
ديمة درقنا بي دم الرجال متحنن
وقال في الفخر أيضا:
كم شديت على تيساً بسوك الناب
وكم جايب زَمَل من الرَّهد كَسّاب
حديث الناس كتير .. ما عندي ليهو حساب
إنقطَع اللسان يا فاطنة أبوك إن عاب

كم شدّيت علي تيساً بهمك الغَلة
وكم غوَّص بهن لامن شِهيرن حلَّ
ود مكّة بيقول يا خالي كيف الحّلَة
من سوقهن حلف بلّال جنى خادم الله

كم شديت علي ضهر البِهمْك الشوكْ
وكم كرَّف قُروناً عَبَّكِن دايوك
أمانةَ يا حسن تاخد عشا الولدوك
ياتو الخَلَّسك وكت العساكر جوك؟
ود الشلهمة
من شعراء البطاحين

يتغزل في البطانة

نار وجهِك خلاس وأصبح عريسك باش
وسيلِك بالمعالي وبالمراتِع كاش
نفسِك من سماحتو تحلى جابلو دعاش
وعربِك لي جفافُن جبدو البرّاش


******


مسك القبلة في كوع الشمال براقِك
وقشط سدرو في عامر سحابو وساقِك
تبونك قرنن والسيل دهك شقاقِك
الضايق نشوقك حار عليهو فراقِك


******


بعد دور الجفاف قام عِفرتِك مِتباري
وسحابِك نيلتو زرقة وبرقك يلفح فاري
إتكسا بالخدار وجهك الكان عاري
وإنعقدن رواينك يام نداياً تاري


*******


مبسوطة البطانة إتنعمت قدام
شابع قشها وقاسا المزرقن وقام
أخلو الدكة لا مخبر ولا حوام
ولي فيهن صديق روحاً ملاني غرام
راسك شيلو فوق ات يا ولد ما هين
وجدك فى الرجال اجواد وفارس ودين
اختك فى البنات معروفة عرضها صين
وات فارس هلالا فى المعارك بين
من شعراء الهمباته
________________________________________
طه ود محمد ود أبوزيد البطحاني ولقب بالضرير نسبة لضعف بصره وهو شاعر كبير وصال وجال في عالم الهمبتة والتي كانت تمثل قمة الشجاعة لما لها من إغاثة للملهوف وحماية للضعفاء وله رفيق درب في هذا المجال ألا وهو الطيب ود ضحوية الجعلي.
وهنا يقول طه الضرير :

واحدين غير نفيلة ممكنين هدّاَمُهم
قطعوا التّبه والزول أب عوارض لامهُم
اندرجوا الصناديد والضرير قِدَّامهُم
نووا العوده للماسكات عِداد أيَّامهم
***************************
وهنا الطيب ود ضحوية يتحدث عن نفسه وصاحبه طه الضرير :

قَجَّ السادرة فى الوادى أب نِعاماً دكَّك
وضايق سوقها قبال الضرير يتمكك
أنا أخو النايرة إن خِرِب الحديث واتلَكَّك
إت قدَّامى ماك ورَّانى مقطوع شكَّك


حفيرات السنط جيتن تعوم بي التنية
ناطح الشمعدانة عديلة مي منحنية
درعات العفا الكبد العسين منتنية
مي لافحاك يا تيس قنة ، بيك معتنية

ايدين أب تبوب شقيت وعرهن خاتر
جيت لي ام عود تجمع في النقع ماك فاتر
الحافظ حضورك ولي غيابك ساتر
أسرع واغلو يا الجمام قفاك متماتر

إجّمّع بعد شرف الحريحير طار
داني بعيد وبي المصعي وجري الحرحار
علي جريعة البنوني ومسكة اب محار
لولح راسة واتمرعف بلا السحار

راسك شيلو فوق ات يا ولد ما هين
وجدك فى الرجال اجواد وفارس ودين
اختك فى البنات معروفة عرضها صين
وات فارس هلالا فى المعارك بين

مسدار المطيرق

في يوم من الأيام ضرب الحاردلو موعداً مع جارية من جواريه الحسان ، واتفقا على أن تأتيه في البيت بعد أن يتعشى الناس وينفضوا من مجلس الحاردلو ، وترك الحاردلو للجارية تقدير الوقت الذي ينصرف فيه الناس . فتعشى الناس وصلوا صلاة العشاء وتحدثوا وخاضوا فيما يخوضون فيه ، وكان الشاعر على غير عادته لا يقبل كثيراً على المتحدثين كأنه يستثقل حديثهم ، وهو يريد أن ينفض الجمع وينصرف هو للقاء الجارية ، وقد انصرف الجلساء بعد حين وبقي الشاعر منتظراً . ومرت ساعة وأخرى والجارية لم تأت . ولما طال به الانتظار غلب عليه النوم فنام . ولم تكن الجارية تقدر أن جلساء الحاردلو سينصرفون في الوقت الذي انصرفوا فيه ، فإن العادة جرت أن يبقى هؤلاء جزءاً من الليل ، وذهبت هي تنفق أكثر هذا الوقت في الاستعداد للوفاء بالوعد والزيارة .
فلما تقضى الليل إلا أقله أقبلت الجارية فوجدت الشاعر نائماً فغلب عليها الحياء أن توقظه ولكنها احتارت فيما تصنع ، فإن هي بقيت معه فلا معنى لبقائها وهو نائم وإن هي عادت فلعله لا يصدّق أنها أتت وقد انتظرها وقتاً طويلاً . وبينما هي في تلك الحيرة أبصرت عصاه (المطيرق) وقد أسندها على طرف السرير فأخذت الجارية العصا لتكون دليلاً وبرهاناً مادياً على حضورها .
وأصبح الشاعر متعجباً من إخلاف الجارية وعدها ، وأصبحت المطيرق في بيت الجارية شاهداً على وفائها . وعرف الشاعر جلية الأمر وعادت إليه المطيرق فكانت هذه القصيدة التي تحكي القصة بلغة الشعر .
*
الحاردلو : ذِكْرَتي بالبنَاتْ لا عِنْ مَصَوّع فاحت
ضـايِقْ غُلْبَهِنْ مِن شينَتِنْ بَتَّاحَتْ
جُـدّيعْ وَدْعَتِنْ باللّيمْ عَلَيْ ما طاحَتْ
هَبَرتْ كَفَّتي وعُقُبْ المِطيرق راحَتْ


* عبدالله : الليلة المِطيرقْ في نَعيـمْ وسَرورَة
وإِتْ النومْ عَبدْتو وما قَريتْ لكْ سورة
ساعْتينْ إن صَبَرْ كُتْ تَحْظَى بي البدّورَه
سَعَدَكْ أَصْلو داكْ ما بْجَبِّر المَكْسورة )

الحاردلو :
غَفْوَتْ عِيني ديكْ مِنْ يومَه ماها مَرِيَّة
وأَصْبَحْ حالي مِثْلْ أَلْ دَخَّلوا الظَّبْطيَّة
إترَجَّاكَ يا ابو التَّايَة أوَّلْ سَيَّه
ما اتْواخّذْ واكونْ في حالَة غِيرْ مَرْضِيَّة

* عبدالله :
مَسامَحْ يا أَبو يوسف وَلَوْ في مِيَّه
كَوْنَكْ للدُّغُسْ بِتْسَمِّح القافيَّه
إنْ بِقِي للمِطيرِقْ شيلَه جابْ لو حَكيَّه
مي مَسْروقَة لاكِينْ فيها حِكْمَه خَفِيَّه

*الحاردلو :
بَعَرْفَكْ وَكِتْ تَقومْ في حَجَازَة واجْواديَّة
تَبْذُلْ فيها جَهْدَكْ بي صَفَاوَتْ نِيَّة
مَعْلومْ تَصْلِحْ البَطْحاني والشُّكْريَّة
لاكِينْ المِطِيرِقْ ما بْتَجي غير دِيَّة

* عبدالله :
شِيلتَه في الحقيقة مِثَبّتابَ الجَيَّه
خوفْ مَسْكْ الضَّهَرْ واللوم مع الكُلِّيَّه
في سَبَبْ المِطيرِقْ لا تَسيلَكْ دَيَّه
أنا مَلْزوم بها وتاني الضَّمانة عَلَيَّ
( دَيَّة بفتح الدال : اللغط والأصوات التي تحدث عند المشاجرة )

*الحاردلو :
أَصْلَها مِن بَشَم مردَا مِن الغَصَّان
ونوناياً كَتير جادْعَه على الجِدْيان
سَرَّاق المطيرق فيهو نوع رَسَيان
مو سَرَّاقْ حُمارة أل إسْمو اخوك حَسَّان

* عبدالله :
شَرَّفْتْ المطيرق سِيتَه زَيْ الزَّانْ
ودا كُلُّه السَبَبْ بُرَيبَتْ العِنْقانْ
ما لُمْناها ها السرقة أمْ جَديداً بانْ
كان تِتَّنى فوقَه نْكَتِّرْ الأوْزانْ

* عدلان :
جِيبْ قافَ المطيرق خَلْ بيهوها النسَّلَى
نَجَّادَع بو في مَجلس أخوك عِبْد الاه
أضْحَك وانْبَسِطْ خَلْ فاطْرَكْ ال أنْحَلَّ
مي مَسْروقَة أظنَّها عن بِرِنْجي الحِلَّه

*الحاردلو :
طَوَّلْ بالعَسينْ قانِصْ بدَوِّر كَلْبي
ما لْقيتْ من يَحِقْ نَمِّي ونوادِر قَلْبي
عادْ يا بْنَيَّة كانْ فَدْ ليلْ معاي تِنْسَلْبي
هاكْ يا سَمْحة شِنْ ما دُّوري مِنِّي أطُلْبي

* عبدالله :
من حَسَسْ أُمْ رشومْ الحارْ بقول واغُلْبي
وما لْقيتْ لَيْ طبيباً يَعرِفْ الحاصِلْ بي
شَمْبانيها مو بَرَّاني خافِسْ قَلْبي
زَيْ هَنْتَرْ نِهارْ زِنْهارو واقِفْ حَرْبي

*الحاردلو :
أعْضاي انْشَوَتْ والارْضْ بِقَتْ مَلاله
وعُمري بَلا لماكْ قط ما بَشُوفْ لو طَلاله
بِتْ السُّرَّة كان حَكَمَتْ عَلَيْ بي لاله
رَضْيَانْ إن بقيتْ ودُّوني لي الشَيَّالَه
(الملالة : رماد حار فيه بقية من نار . لماك : أصلها من لمّ والليم هو اللقاء . طلالة : في القاموس معناها البهجة والحالة الحسنة . الشيالة : المشنقة . )


* عبدالله :
مطيرق الحارْ عليها الليلة جِبْنا مَقَاَلة
وهي بِقْيَتْ سبب والمعنى لي من شَالَه
سِتَّاتْ اللّبيق والفَاطِرْ ال بِتْلالا
بت السُّرَّة فيهن جاز حَسَن في هْلاله
(بت السرة : هي الرضية بت السرة . جاز حسن : صاحبة القصة في بني هلالة)

*الحاردلو :
طالْتَ المُدَّة من فرق ام لِهِيجْتَنْ نَيَّه
مَرَّاً تعتذر ومَرْ تابَ الجيَّه
كان سِمْعَتْ لنا الْ قُلْناهو في الحَمَديَّة
ما بْتَحْوجْنا في مطيرق تِسِيلْها قَضيَّه
(الحمدية : جارية مشهورة بحسنها قال فيها الشاعر شعراً جيداً )

* عبدالله :
البَهَمْ الحَقيقَتْ نِسْلو كبَّاشيَّه
بتمايَح بَرا مُقْدَ الجزيرة النَّيَّه
حاشاها المَلامْ في السَّمتة والعَرْضِيَّه
خَلْ كُتْرَ الكلام ارْجانا ها العِشويَّه

*الحاردلو :
من فَرْقْ الدُّغُسْ دايْمَ الابد قَرْهانْ
ومن قِلْ الفلوس أَصْبحْتَ في حِرْمانْ
فَتَّشتَ البلد عَدلانْ مع عَرْمانْ
مالقيت ليك متيل ياأم قرقداً كِيمانْ

(القرقد : الشعر الكثيف الجعد .)
* عبدالله :
الكابورْ ضَرَب واتجمَّع البيشانْ
وجن بنُّوت رُفاعة ولِبْسَنْ النّيشانْ
حين جاتْ الرضِيَّة وعبَّتْ الدُّشمانْ
زَيْ هنتر نِهار يوم صابَحْ أم درمان
(هنتر : هو القائد الإنجليزي الذي دخل مع الجيوش الإنجليزية إلى السودان)

*الحاردلو :
تفْسير المطيرق ما بِدورْ لو حَديسْ
وأصلها من بَشِمْ مِنْطرحة غير تَحْميسْ
إن صَحَّتْ فراسْةَ الكلمة في التَّقييسْ
من غير المُوَضَّح فيها معنى غَميسْ
* عبدالله :
زينت السِّرِّدار الطَّيَّع الدرويش
في الذوق واللدَب مثلك خلاسْ ما فيش
غَيِّك من زمان سَبَّب لنا الطرطيش
البنوت براك يا أم خَدْ طُراهِنْ ليشْ
*الحاردلو :
طاريهِنْ براها اصلو مالي لزومْ
شالْتْ الشُّوفْ بَعَدْ ما تْجَمَّعَنْ لي لزوم
في غْناكْ السَّبَقْ ما قُتَّ أنا ملزوم
لا هَسَّعْ معايْ وَحَّه وأنينْ وبَزوم

* عبدالله :
الوفا داكْ حَصَلْ ساكِتْ بقيت زولْ لومْ
وصَدَقوا القائلين مو عاقِل المَصْرومْ
بي زْيادَة التَّضرُّع نَخْتِم المنظومْ
فوقْ سِتْ البناتْ عَوَضْ أمْ نَعيم ونْجومْ
أم نعيم : جارية أحبها الشاعر وكثر فيها القول ولعل شعره في أم نعيم هو أصدق شعره على الإطلاق . نجوم : اسم جارية أخرى
مسادير ودشوراني
.ومن الفرجوني ننتقل ونتجول في ارض البطانة الغنية بالشعر والشعراء ونقف قليلآ مع امير شعراء البطانة الشاعر الفذ ودشوراني عند زيارته مدينة شندي التي تقف متاخمة لبطانة اب علي وحسان .

حوش البابو للجار والضيوف مفتوح
جات خاشاهو شتلة منقة لينة تموح
يشلع ساطع النور فوق جبينا يلوح
كل ما تبتسم الطيب من ثناها يفوح

"علي " قالي منزه طبعو مو مسنوح
كمان راقي وحلو ومن كل فارغة صفوح
شعر بي حالة القلب البوِحْ مجروح
إن جاملنا يشكر وان طلع مسموح

قت لي القالي شايفك من أمس ملفوح
سببي الزولو ما اتعش ورقد مسدح
وهبه جمالو غير حنة ودلال ومسوح
عفيف وطيباتو خلقة معاهو طبق الروح

البارح براي بشكي وبزيم وبنوح
واصلت السهر عجّز بلابل الدوح
السلب الحيا وخلي اللحم مسروح
نظرة خدودو للحزنان سرور وفروح
مسادير للفرجوني
________________________________________

حسناً ذاتـُو مالُو قـْيَـاس ولا لـُو نـْهايَـة

نـُورو يفـُوقْ علي نـُور شَـمْشَـنـَا الضَوَّايَة

لا في الفـَات ولا اظِـن في العُصُور الجايَـة

مِـتـْلـُو تـْكُوُنْ منـَاظِـر كَـونـُو فايْـت الغـايَة

__________________________________________________ _______________________________

إنه جمال زاد عن كل المقاييس فهو بلا نهاية، له نور يفوق ضوء هذه الشمس المضيئة،وأنا أعتقد أن هذا المنظر البديع

لم يأت في العصور الماضيات ولن يأتي في العصور المقبلات لكونه قد تجاوز كلَّ مدي .

6

صَقـَط امريكا ياعُمر ال طَلـَقْ بـ نـَـِزيلـُو

لِبْس الصُّوف ؤردّيـف البِـدَل مابْــِزيلـُو

بلِّغْ عنـِّي لي اخْواني السَّلام ؤ جَـزِيلـُو

ؤقـُول لفـْلانـَة مالِـك قـَلبي بتـْواِزيلـُو
__________________________________________________ ______________________________

ياعمر،لقد إشتد علينا البرد في أمريكا فقد نزل بكل قوته ولم يعد يفيد فيه الملابس الصوفية ولو أكثرت منها ،

ماأشوقنني للبلد، ولأخواني الذين أرجو أن تبلغهم تحياتي الجزيلة، وأن تسأل فلانة لماذا هي تعذب قلبي بخيالها.

7

تـَعَبان ياعُمَرْ بـَانْ التـَّعَبْ في حَالِي

سمْحَات الِـوجُوهْ ادَّن هَجِـينِـي القـَالي

ساحِـب دمِّـي ُردّيف السَّهر طَـــَّوالي

قـَالوا الحَـي بِعود وان مُتَّ ماني مْـبَالي
__________________________________________________ _____________________________

ياعمر،إن التعب ظاهر علي،فهؤلاء الجميلات أصبن راحلتي بالتعب و الهجير،بل إن موالاة السهر قد نشفت دمي إنها

أقدار يا صديقي،فالمثل يقول إن من يعيش لابد أن سيعود، أما إذا قدر لي الموت فأنا لاأبالي ولوباليت فماذا سيتغير؟ لاشيء.

8

زُوزَا بِرْتـَعَن صَـيْ الخَـلا المِتـْعَفـِّي

جِيتـْهِن ياعُـمَرْ وانا عُمْرِي نـَاوي يْـقـَـفـِّي

فوْقِــي بِحَمْحِمَن والحُر حَقِـيقـْتـُو يْوفـِّي

يِمْسِـك دربَـهِـن لامِن مَنـَاسْمُو تـْحَـفـِّي
__________________________________________________ _____________________________

هؤلاء الصبايا شبيهات الغزلان اللواتي يرتعن البراح الواسع النقي،جئت الي بلدهن بعد أن أوشك العمر أن ينصرم،

ولكن رغم ذلك أظهرن ودأً وتلطفاً والحر لابد أن يكون وفياً فلهن عندي أن أمشي طريقهن حتي تتحفي أقدامي.

9
عُنـْجْ، الْ ساوَحـَن صَـي الخَلا الـمِتـْسَادِي

فوْقِـي اتـْمايَحَـن زي هَـمْـبَـروْك الوادي

غَيْ الْ نـَسَّفـَـن فوْقِـي القِـرين النـَّادِي

هُـ الْ خلاَّني زاهْـد النـَّوْمْ ؤعَايِِِـفْ زَادِي

__________________________________________________ ______________________________

هؤلاء الفتيات شبيهات الظباء اللواتي ترتاد البراح المترامي،تمايلن حوالي كمايتمايل النبات الغض في الوديان ،إن الشوق

لهؤلاء المموجات حولي شعرهن الندي قد جعلني أزهد نومي وأعاف زادي.

10 ما تـَرجُوني يا ُربعايَ ماني مْعَوِّد

وماتـَهَدُوني مِن التـّوْبَة قـَلـْبِي مْـحَوِّد

ال اتـْصَبَّن الضُّل ال سِحابـُو مْـسوِّد

خلـَّن قـَلـْبي تـَاِركْ كُـلَّ واجـْبَة مْهَوَِّد
__________________________________________________ _____________________________________

لاتنتظروني يا أصدقائي فلست عائداً،ولاتنصحوني فقلبي منصرف
مسدار الصيد
للشاعر الحاردلو(أحمد عوض الكريم أبو سن)

الشم خوخت بردن ليالي الحرة
والبراق برق من منا جاب القرة
شوف عيني الصقير بي جناحو كفت الفرة
تلقاها ام خدود الليلة مرقت بره
###
تعرف لي مشاهد الرقاد والفرة
فلاخ المصب بيه بتبين تِتْورَّا
فوق حيا فوق محل من الصعيد منجرة
شاحد الله الكريم ما تلقي فيه مضرة
###
أب عراق فتق قرنو المبادر شرا
الباشندي عمت مهشيشب الدرة
من النقرة كل حين فوق عيلو منصرة
ها الايام محاريها القليعة ام غرة
###
قدمت من هنا وبي أضانا سمعت كرَّة
فوق كرتوت شخيتيراً تِخَيِّن خرَّ
قلاتو الوهاط بي لشغة قبل ام حرَّة
يا باسط النعم تسقيها في ها المرَّة
###
بت المن قرين مرقن على الجبال
في بية وبلوس ما برجن الوبال
صفراً درعتن تدلى لا البهال
وبيضة شاش قرابيبن تريع البال
###
مرقن يامجيب لي جملة السعال
شاحدك تجمعن من مطبق الحلال
ما ينقص حساب الدرج ولو بي عجال
ونحن نجيب لهن في كل يوم منوال
###
من بيلا الصباح اتسربقن همال
والدوف فوق حقايبهن كترته جمال
الخور العطيش بلدا عزاز ورمال
ومدروك ما هو من حر النهار بكمال
###
عقبن ود دعول بجرن شفاقة عدال
ختمن مقرح الحربة الجبالو طوال
قلت امات قرود وردنة بالقبال
خِلَقاً كيف برمولن دمير حبال؟
###
من امات رميلة متركشات لا شمال
سمعن هدري لا قدام كرير واضلال
اشرحط بريقن لاح يشيل ولوال
وتيسن زاعلن باكر مع الشهلال
###
خلاهن رتوع في بقيل وخرجة نال
لامن دور الوادي السِّري سيال
فوق قمزوز طلع شاف في ملينتو زوال
وقلعة كو حفيرها لقالو فيها نعال
###
مطامنات هناك لام نهارن زال
وشرفن كلهن شمن دعاش اتعال
مابيات البلد دايرات حقو السروال
وصفاً متع الغناي قدر ما قال
###
في عاقب نهار سونلهن مرحال
وعينيهن خلقهن زرق بلا كحال
من ريح الحويل بقين دحين في حال
وديل ليمن على الناس المتلنا محال
###
جاهن منقلب وقتاً عصير وشفاف
وكاسب ليلو بيهن من صدف ماخاف
ديل الطبعهن دايم الأبد عياف
وفي نايط السروج لقين بقيلاً جاف
###
حجار المزار المن بعيد بنشاف
جرَّن فوقو اللي التعفر عاف
من عند المضيق مرقن هناك بسناف
ديل قسين على القوي والمتلنا ضعاف
##
لونن من بعيد متل البليلي نضاف
حُرْد ومعصرات من شبة الأكتاف
لي الناس البغنولن يجروا القاف
ماليات الخشم من كامل الأوصاف
###
اتنفضن من الغبش اب صهيب ناموس
وجن بين القصيرة وبين فريع قلبوس
سدر المرمي لقين رده مو مانوس
وطاحن من حقيقيصو المعيز ارموس
###
خلالهن على حجر الصفية حبوس
ولقى في الدهسريب قمبار وعرق فقوس
في المخلوقة شن تشبه معيز ام روس
غير الفي وريدن شولقن مرصوص
###
تيسن لي مراتيعن تملي بكوس
وديمة بقِلْ على البرق البشيل حرقوص
كم زولاً رقد فوق دربهن ممغوس
ومنو اتخلسن ما صيدن جاموس
###
قامن منهن اتنين مضاكرة تيوس
ولقين في السمير ختاً وجيع مكبوس
دمجاً أزرق مشاهدو مو معفوص
وخَّرَن منو في الميع المقامو البوص
###
أخدن فيه سبوع دورين حسابن تام
من أوديد بزاول شرفهن قدام
طلعن قوز كديس جاهن سقيط نمنام
وصلن حد بطانة مركز العدام
###
الهبريم طلع جاب الميع حوام
من شهر النفاس فضلن لهن أيام
انقلبن على القوز المقامو تمام
لونن بشبه البفت الجديد والخام
###
ديل الطبعهن دايماً خفاف وهمام
وفي سمير ودحريري مضقلات كل عام
قربن لي مواليد الرخيص وبعام
ومن عين البعاين سورة الأنعام
###
نون بالنجيع يا سابل الأكمام
اسبل سترك السابل على النيام
تيسن جك مغرب وبي الملاين حام
وجاهن وعافطنو وحيل سدوهن قام
###
من دعت السراويل قبلن دارتان
علي العشنوق لقن زوزاي وبي فارات
عسكر خاف عليهن في ضرا ميعات
وجاهن زاعلن بعد النهار ما فات
###
ختمن شابلك العارق التلات شدرات
مرقن فوق عزاز حمريبة ام سوبات
داشن لي الصباح ما لقنلهن مرحات
لامن لينن باكر على الطلحات
###
خلاهن على رد الفروخ بايتان
وفي المكفي الورى ام ميمون لقى ختيتات
متماسك سدوهن وبي الحدوب شاتات
وجاهن وعافطنو وجنو منحتات
###
ديل الديمة من رد الأنيس ناجعات
وكل حين فوق عليون نابي منجمعات
تيسن دور الوادي الورا القلعات
ضمر خلقة مو من قل المعاش ضايعات
###
خلاهن علي رد الدموكيات
قلع الفار سليباتو اتلقن باردات
قربن حضرنبو ولي النفاس دانيات
وفي دردور شدير ومعاه حمريبات
###
انحلن جناهن في ضرا نالات
لامن رضعنو وجف من السبيات
كم فوقن دقوناً ولفن قافات
وقالن دوبا ليهن والزمان الفات
###
الحي في الوجود والقالو قبلنا مات
كله بلاهي بي لهج الطريفيات
شن ما قلنا فوق دغس العيون ساويات
قبلي ود ابشوارب جابلهن نمات
###
يا باسط الأراضي والسبع سماوات
كل البدبي فوقن حافي وابنعلات
دغس العين تنجيهن من الآفات
لامن وخرن بيلا المعيز جامعات
###
مرقن من مطيبقات الخوي اب دنان
وهكعن فوق معالق الوادي ابو ريحان
شافن في السمير زولة وحيامت انسان
ونطحن ها القليع المسمى بالنسوان
###
وكت ادردقن بي مطبق الوديان
كلبي الشارعو فيهن جا منقلب هقلان
واتحير قعد ساكت بقيت محنان
يكتب لي لماهن ربنا المنان
###
تيسن جا منقلب من الرحيح ضبلان
من قفر بلداً بعيد قسيان
اب سعنة الرشيد لقينو خورو ملان
بتفلَّت علي نعناعو ليهو زمان
###
من الفجخا هبر خلالهن
لامن دور امات رميلة وجاهن
عند المتنا في عاقباً جديد لماهن
ختمن بيلة، فوق قلع البقر دلاهن
###
المعزة البجازن ديمة فوق في خلاهن
بالغات النصاب انصاري ما زكاهن
من ود البصير جايب اذن بي غناهن
شوفن يالزبير في لساني كيف محلاهن
###
من عوج الوقت ما بتركن وانساهن
فوق حيا فوق محل دايماً بجرو غناهن
ناس ابن الذريح ضربو المثل بي جناهن
ومن كل السوام سيدي الحسن يبراهن
###
قطعن ود دعول وادن قليعو قفاهن
جفلن من زوال شوفاً بعيد باداهن
ملزوم بي مراتيعن وخبرة ماهن
وصلنو المصب واتوكرن في ضراهن.
--------
انتهى

امثال سودانية

التسويها بايدك تغلب اجاويدك
الباب البجيب الريح سدو واستريح
الماشاف البحر تخلعوا الترعة
المال تلتوا ولا كتلتوا
القلم ما بزيل بلم
القرد في عين امه غزال
سمح الغنا في خشم سيدو
الولادة صغرة والمشي صباح
قلبي على جناى وقلب جناي على حجر
درب السلامة للحول قريب
تعيس الحظ يلاقي العضم في الفشفاش
البيرقص ما بيغطي دقنو
بليلة مبشر ولا زبيحة مكشر
الما كلوا الدبيب يخاف من جر الحبل
الخير في الملعون زي الشرة في القندول
الجمرة تحرق الواطيها
المايهدي الكريم تعبان
البفكك من اكل التوم قل اكلو
الراجل افجخي بصلة قبل ما يبقي اصلة
رزقاً تكوسلوا ورزقا يكوسلك

الاثنين، يوليو 20، 2009

قراءة في (موسم الهجرة إلى الشّمال) لـ الطيّب صالح ... آمال عوّاد رضوان

الطّيّب صالح هجيرُ صرخة في موسمِ الهجرة
قراءة في (موسم الهجرة إلى الشّمال) لـ الطيّب صالح
آمال عوّاد رضوان

قراءةٌ شاركتُ بها في ندوةٍ أدبيّة خاصّةٍ أقامَها الصّالونُ الثقافيُّ العربيّ في النّاصرةِ، عن الرّوائيِّ الرّاحلِ الطّيب صالح، وذلك يوم الاثنين الموافق 23-3-2009 ، حولَ سيرته الذاتية ومسيرتِهِ الأدبيّةِ وإنجازاتِهِ الإبداعيّةِ والرّوائيّةِ!
نبذة قصيرة عن سيرة الطيب صالح: (1929- 2009)
من مواليد السودان، مارس التدريس في السودان ثم هاجر عام 1952 إلى لندن، فعمل في الإذاعة البريطانيّة، وعمل خبيرًا بالإذاعة السودانيّة 1967، ونالَ شهادةً في الشّؤونِ الدّوليّةِ في إنجلترا، وتولّى منصبَ مستشارٍ في مقرِّ اليونسكو في باريس، وشغلَ منصبَ ممثّلِ اليونسكو في دول الخليج ومقره قطر في الفترة (1984 – 1989).
مِن روائعِهِ الأدبيّةِ: "موسمُ الهجرةِ إلى الشّمال)، و(ضوّ البيت)، و(عُرسُ الزّين)، و(مريود)، و(دومة ود حامد)، و(بندر شاه).
استطاعَ أن يُثريَ المكتبةَ العربيّةَ والمؤتمرات الثّقافيّةَ والمحافلَ الفكريّةَ بإبداعاتِهِ الرّوائيّةِ ومقالاتِهِ، وقد دعتْ بعضُ الجمعيّاتِ والمؤسّساتِ الثّقافيّةِ السّودانيّةِ إلى ترشيحِ الطّيّبِ صالح لجائزةِ نوبل للآدابِ، إذ صُنّفتِ الرّوايةُ كواحدةٍ مِن أفضلِ مئةِ روايةٍ في القرنِ العشرين، ونالتِ العديدَ مِنَ الجوائزِ الّتي تناولتْ لقاءَ الثّقافاتِ وتفاعلَها. وقد ساهمَ النّاقدُ الرّاحلُ رجاء النقّاش في تعريفِ القارئِ العربيِّ بها، لتصبحَ فيما بعد إحدى المعالمِ المُهمّةِ للرّوايةِ العربيّةِ المعاصرةِ.
في التسعينيّات، مَنعتِ السّلطاتُ السّودانيّةُ تداولَ الرّوايةِ "موسم الهجرة إلى الشمال"، بحجّةِ تضمّنِها مَشاهد ذات طابعٍ جنسيّ. وقد صدرَ حولَ الرّوايةِ مؤلَّفٌ عامٌّ بعنوانِ "الطّيّب صالح عبقريّ الرّوايةِ العربيّة"، لمجموعةٍ مِن الباحثينَ في بيروت، تناولَ لغتَهُ وعالمَهُ الرّوائيَّ بأبعادِهِ وإشكالاتِهِ 1976.
مصطفى سعيد شخصيّةٌ محوريّةٌ في الرّواية كملخّص:
شخصٌ غريبٌ لا يملكُ القدرةَ على المحبّةِ والتّعاطفِ الإنسانيِّ، علاقتُهُ بأمِّهِ وببلدِهِ كانَ ينقصُها الحبُّ والحنانُ والانتماءُ والعطاءُ ولغةُ التّحاورِ، يقولُ: "مثلَ جبلٍ ضربتُ خيمتي عندَهُ، وفي الصّباحِ قلعتُ الأوتادَ، وأسرجتُ بعيري، وواصلتُ رحلتي". وعندما بلَغَهُ نبأُ وفاتِها وقد كان مخمورًا قالَ: "لم أشعرْ بأيِّ حزنٍ، كأنَّ الأمرَ لا يعنيني في كثيرٍ أو قليلٍ".
كانَ يُحرّكُهُ قلبُهُ الأجوفُ رغمَ امتلاكِهِ عقليّة فذّة، كانَ جميلُ الطّلعةِ ذكيّا، تَدفعُهُ نزواتُهُ الجنسيّةُ والمادّيّةُ، وقد انسجمَ بشكلٍ فائقٍ ومذهلٍ في الحياةِ الأوروبيّةِ، خاصّةً في ملاحقةِ النّساءِ، جاعلاً مِن شقّتِهِ معبدَ إغراءٍ وإغواءٍ بأعوادِ البخورِ وأكاذيبَ غضّةٍ عن النّيلِ والأساطير.
تزوّجَ مصطفى سعيد غريبُ الأطوارِ المتطرّفُ مِن جين، الفتاةِ المتحرّرة بتطرّف، وشكّلا ثنائيًّا غريبًا في مواجهةِ الثّقافاتِ بتناقضاتِها، وانتهى بهِ الأمرُ إلى إغمادِ الخنجرِ في صدرِها، بحسبِ رغبتِها.
وقد أدركَ القاضي أنّ المأساةَ الحقيقيّةَ لمصطفى سعيد تتلخّصُ في قولِهِ: "إنّكَ يا مستر سعيد، رغمَ تفوّقِكَ العلميّ رجلٌ غبيّ. إنّ في تكوينِكَ الرّوحيِّ بقعةً مظلمةً. لذلك فقد بدّدتَ أنبلَ طاقةٍ يمنحُها اللهُ للنّاس. طاقةُ الحبّ".
وبعدَ سجْنٍ دامَ سبعُ سنواتٍ تركَ لندن، واستقرَّ في بلدٍ ريفيٍّ على ضفّةِ النّيلِ مع غموضِهِ وأسرارِهِ، وتزوّجَ مِن فتاةٍ ريفيّةٍ وأنجبَ طفليْن، وكانَ عنصرًا إيجابيّا فاعلاً رغمَ انطوائيّتِهِ وتكتّمِهِ، إلاّ أنّهُ كانَ محبوبًا، وقد حاولَ الانسجامَ معَ الحياةِ الرّيفيّةِ مِن جديد، مُخادعًا نفسَهُ بمرارةٍ، حيثُ التقى الكاتبَ ليَشيهِ بعضَ خيوطِ أسرارِهِ وهو مخمورًا، فيتكلّمُ الانجليزيّةَ والشِّعرَ بطلاقةٍ، ثم يختفي فجأةً إمّا انتحارًا أو غرقًا، أو ربّما هروبًا وانسحابا، مِن عجْزِهِ على غزوِ أوروبّا، وبسببِ استعمارِهِ فكريًّا واستعمارِ بلادِهِ، فقد آثرَ الهروبَ، وترَكَ أسرارَهُ بجانبِ مدفأةٍ تحملُ ما تحملُ مِن دلالاتٍ، إمّا الدّفءَ أو الاحتراقَ أو.... !
مميّزاتُ إبداعِ الطّيّب صالح في مواسِمِ الهجرةِ إلى الشّمال:
*الفكرةُ المركزيّةُ في الرّوايةِ: تحدّثَ عن قضايا إنسان العالم الثّالثِ وهمومِهِ وآلامِهِ، وأفراحِهِ وإحباطاتِهِ، بجوهرِهِ الطّيّبِ وظاهرِهِ الخبيثِ، ببساطتِهِ وتعقيداتِهِ، الّذي حاولَ عقلُهُ استيعابَ حضارةِ الغربِ بقدرتِهِ على الفعلِ والإنجازِ، وكذلكَ تحدّثَ عن أثرِ التّطوّراتِ العالميّةِ حولَ قضيّةِ الهجرةِ والمهاجرينَ، مِن خلالِ السّردِ المُتباينِ بينَ أمكنةٍ وأزمنةٍ أوروبيّةٍ وإفريقيّةٍ، محاوِلاً أن يكونَ وسيطًا بينَ هذهِ الثّقافاتِ، رغمَ العقباتِ المتلاحقةِ وصراعِ الحضاراتِ المشتعلِ.
*أحدثَ ثورةً على الرّوايةِ العربيّةِ وهيكليّةِ السّردِ الموسومةِ بصراعاتٍ حادّةٍ، وقد وطّدَ بلباقةٍ بينَ المزْجِ التّجريبيِّ التّحديثيِّ، وبينَ التّقليديِّ القديمِ، فلم يجترَّ التّراثَ الرّوائيِّ، بل اهتمَّ بشكلٍ ومضمونٍ مغايِرٍ، فصوّغَها بعنايةٍ شعريّةٍ فائقةٍ، وبإبداعٍ متكاملٍ مشبَعًا بالحياةِ والصّورِ المتحرِّكةِ المفاجئةِ تتنقلُ بينَ الهدوءِ والصّخبِ، والتّشويقِ والتّوثيقِ، وبينَ التّصويرِ والسّردِ.
*الشّخصيّاتُ الرّوائيّةُ النّابضةُ بالحياةِ اختلقَها بفنّيّةٍ رائعةٍ في نصوصِهِ الرّوائيّةِ، فجعلَها متجدّدةً وفقًا لمقتضياتِ الزّمانِ والمكانِ والأحداثِ، مُصوِّرًا بعينِ شفافيّتِهِ البارعةِ أعماقَ همومِها اليوميّةِ، وتفاصيلَ العلاقاتِ بينَ البشرِ والأشياءِ، مِن أجلِ التّغلّبِ على صراعِها المريرِ، وقد هيّأَ لها الأجواءَ المبتكرةَ وأشكالَ حياةٍ تُناسبُها، مازجًا بينَ ألوانِ الواقعِ مِن جهةٍ، وخيالِهِ ورؤيتِهِ مِن جهةٍ أخرى.
*أسلوبُهُ يتّسمُ بنضوجٍ فكريٍّ وانفتاحٍ كبيرٍ على الإدراكِ الذّاتيِّ، فجاءَ مُثيرًا متلاحقًا جريئًا ومميّزًا في طرْقِ مواضيعَ مسكوت عنها، وخاصّةً العلاقات بينَ الرّجُلِ والمرأة، وطرْحِ المشاكلِ بطريقةٍ متفرِّدةٍ في التّعبيرِ وبعُمقٍ فكريٍّ وفنّيٍّ راقٍ، وذلكَ لخبرتِهِ العميقةِ في التّنقّلِ المستمرِّ، ومعرفتِهِ بقضايا وطموحاتِ أُمّتِهِ، وقد لمَسَ التّناقضاتِ بينَ البيئاتِ المختلفةِ، فزادتْهُ التصاقًا وتمسُّكًا ببيئتِهِ الحميمةِ.
*اللّغةُ عذبةٌ مُوحِيةٌ تتوهّجُ بالمشاهدِ المحلّيّةِ البسيطةِ، وخاصّةً بأثَرِ البيئةِ السودانيّةِ الرّيفيّةِ، وبالتّالي بتشكيلِها اللّغويّ ونسيجِها الشّعريِّ الأخّاذِ، ممّا جعلَها تُلامسُ الواقعَ إلى حدٍّ قريبٍ، وقدِ انسابتْ بحرّيّةٍ وبمهارةٍ واستفاضةٍ في أدقِّ التّفاصيلِ المتداخلةِ.
الرّوايةُ تناولتْ عدّةَ محاور:
*الرّسالةَ الأساسيّةَ والجوهريّةَ الّتي يُنادي بها هي التّناغمُ بينَ الحياةِ والأحياءِ، مِن خلالِ تأصيلِ المحبّةِ والتّسامحِ في المجتمعاتِ والعائلاتِ، لمواجهةِ صعوباتِ الحياةِ وصراعِ الحضاراتِ.
*تناولتِ الاستعمارَ والهيمنةَ الغربيّةَ على الدّولِ الأفريقيّةِ، والنّظرةَ المتعاكسةُ لصورةِ العربيِّ القادمِ مِن بلاد السِّحرِ والغموضِ بعيونِ الأوروبيِّ ، والأوروبيُّ المستعمِرُ بعيونِ الشّرقيِّ، وخاصّةً آثارَ الاستعمارِ على المتعلِّمينَ في الغربِ.
*تناولتِ الصِّدامَ بينَ الحضاراتِ والثّقافاتِ وبينَ ثنائيّاتِ التّقاليدِ الشّرقيّةِ والغربيّةِ، وبينَ الشّخصيّاتِ المُتلبِّسةِ بغموضِها وتناقضاتِها.

* تناولتِ الوضعَ الاجتماعيَّ للمرأةِ وختانَ المرأةِ وحرّيّةَ تقريرِ المصيرِ، والّذي انتهى بقتلِ عجوزِ الشّهوةِ، ومن ثمّ بالانتحار. يقول:
"فلاتة والمصريّون وعرب الشام أليسوا مسلمين مثلنا؟ لكنهم ناس يعرفون الأصول يتركون نساءهم كما خلقهن الله،، أما نحن فنجزُّهُنَّ كما تُجزُّ البهيمة".

*تناولتْ الكثيرَ مِن القضايا السّياسيّةِ والاجتماعيّةِ، ومثّلَها بالرّجلِ والمرأةِ والموتِ والحياةِ، موحِيًا إلى أزمةِ الصّراعِ الكثيفِ بينَ استعمارِ الحضاراتِ، وبينَ ما تُخلِّفُهُ مِن انتكاساتٍ وأزماتٍ حياتيّةٍ.
*تناولتِ الموتَ كسلطانٍ بأنواعِهِ وطرُقِهِ، مِن وفاةٍ وقتلٍ وانتحارٍ، بمعانيهِ ودوافعِهِ، بدلالاتِهِ بالنّسبةِ للأنثى وللرّجلِ، مِن ذلٍّ وضعفٍ ورفضٍ وخطيئةٍ وإثمٍ وكبرياءَ وعنفٍ وتضحيةٍ وانتقامٍ.
*تناولتِ الارتباطَ بالوطنِ والرّيفِ:
فقد اختزنَ عقلُهُ موسوعةً مِن الألفاظِ والأمثالِ الشّعبيّةِ، وحنينًا مفصِّلاً لأبسطِ الأمورِ، كرائحةِ التّربةِ والثّمارِ وأصواتِ النّخلِ والطّيرِ والنّسيمِ، ولم تُفلحِ الغربةُ في محْوِها مِن ذاكرتِهِ، بل تردّدتْ في أقوالِ شخصيّاتِهِ (المونولوج والدّيالوج).
فيحدّثُنا عن بيتِ جدِّهِ: «خليطٌ مِن روائحَ متناثرةٍ، رائحة البصل والشطة والتمر والقمح والفول واللّوبيا والحلبة والبخور الّذي يعبق دائمًا في مجمر الفخار الكبير.
وعن أدواتِ التّجميلِ عندَ النّساءِ في القريةِ، وأكثرُها سودانيّة خالصة، الكحل والدّلكة والدّهن والكبرتة والرّيحة والحناء.
وعن الفركة والقرمصيص والبرش الأحمر المنازل المطليّة بالطّين الأسود
وعن ملابسِ الرّجالِ: مِن ثيابٍ فضفاضةٍ، وعباءةٍ سوداءَ، وملابسِ العروسِ في ليلةِ زفافِهِ.
عبدالرحمن عبدالله نقدالله وآخرين ضد جهاز الأمن العام.
المحكمة العليا
الدائرة الدستوريـة
الدائرة :
سعادة السيد/ محمــد محمــود أبو قصيصة قاضي المحكمة العليا رئيساً.
سعادة السيد/ جــون أونقــي كاسيبــــا قاضي المحكمة العليا عضواً.
سعادة السيد/ الطيـــب أحمــد محمـــد قاضي المحكمة العليا عضواً.
سعادة السيد/ إمـــام البــدري علــــي قاضي المحكمة العليا عضواً.
سعادة السيد/ تاج الســر محمــد حامـــد قاضي المحكمة العليا عضواً.
سعادة السيد/ هاشـم حمـزة عبد المجيــــد قاضي المحكمة العليا عضواً.
سعادة السيد/ عبد الله العــوض محمــــد قاضي المحكمة العليا عضواً.

الأطراف :
عبد الرحمن عبد الله نقد الله وآخرين طاعنون
// ضد //
جهاز الأمن العام مطعون ضده
(م.ع/ع.د/7/1998م)
المبادئ:
إجراءات جنائية - مقابلة المعتقل لمحاميه - يحكمه قانون الإجراءات - م 83(3) إجراءات جنائية.
قانون الأمن الوطني - سلطة الاعتقال التحفظي - طرق التظلم فيه.
1- مقابلة المعتقل لمحاميه أمرها بيد قاضي الجنايات تحت المادة 83(3) من قانون الإجراءات الجنائية لسنة 1991م عند فتح الدعوى الجنائية.
2- تنص المادة 36 من قانون الأمن الوطني لسنة 1994م علي سلطة الاعتقال التحفظي ، كما نصت لائحته علي حقوق المعتقل وطرق التظلم المتاحة للمعتقلين وهي :
(أ ) التظلم إلي رئاسة جهاز الأمن مباشرة حول معاملة المعتقل أو أسباب بقائه بالمعتقل أو عدم مراعاة ضوابط الاعتقال - (المادة 9 - 5).
(ب) التظلم عن طريق المستشار القانوني للجهاز الذي عليه التعليق القانوني على الشكوى ورفعها لرئاسة الجهاز (المادة 41- 2).


(ج) التظلم للقاضي المختص من عدم مراعاة ضوابط الاعتقال المذكورة في اللائحة (المادة 51 - 2).
إن التظلم بهذه الطرق شرط مسبق لتصريح الدعوى الدستورية.
3- الدائرة الدستورية ، وإن كانت محكمة ابتدائية من ناحية أنها تنظر في الدعاوى ، إلا أنها ليست محكمة ذات سلطات لإصدار أوامر تحفظية . إذ لا يرد نص في قانون القضاء الدستوري والإداري بالإجراءات التحفظية أو الوقتية . وإن كانت المادة 11 من القانون تنص علي اتباع نصوص قانون الإجراءات المدنية في الدعاوى الدستورية إلا أن ذلك يتبع في نظر الدعوى والفصل فيها ، والفرق واضح حيث أن الإجراءات الوقتية في قانون الإجراءات المدنية تكون في أمور تبحث لأول مرة خلافاً للدعاوى الدستورية التي تكون مسبوقة بحقوق يتبعها إدعاء بحماية الحقوق الدستورية أمام الدائرة الدستورية . واتخاذ الإجراءات الوقتية يعني التدخل في القرارات أو الأفعال الصادرة من جهة أخري قبل الفصل في المشروعية التي هي أساس الرقابة القضائية ، فضلاً عن أن قانون الإجراءات لا يسمح بإجراء وقتي قبل تصريح الدعوى.
الحكم:
تقدم عشرون مواطناً بعريضة لحماية حق دستوري بموجب المادة الرابعة من قانون القضاء الدستوري والإداري لسنة 1996م . وجاء في عريضة دعواهم انهم تعرضوا للاعتقال من سلطات الأمن دون فتح بلاغ في مواجهة أي منهم . ويري مقدمو العريضة أنهم حرموا من حقوقهم الدستورية في الحرية والأمان وحظر الاعتقال التعسفي والمحاكمة العادلة الناجزة ، وان في ذلك حرماناً من الحقوق التي يكفلها لهم الإعلان العالمي لحقوق الإنسان لسنة 1948م ، والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان والشعوب . كما يرون أن بقاءهم رهن الاعتقال دون فتح بلاغ في مواجهتهم ينتهك ذات حقوقهم في الحرية والأمان والمحاكمة العادلة وهي حقوق تكفلها المواد 20 و 30 و 32 من الدستور الشامل لسنة 1998م.
يمثل مقدمي العريضة مجلس إدعاء مكون من ثمانية محامين . ويقود مجلس الإدعاء الأستاذ/ أبيل الير ، بينما خاطب المحكمة في شأن تصريح الدعوى الأستاذ/ محمود حاج الشيخ . وهو يذهب إلي أنه ليس للمدعين وسائل للتظلم إذ لا يحوي قانون الأمن الوطني لسنة 1994م - في رأيه - نصاً حول التظلم . أما اللائحة التي صدرت بموجبه ، فيرى أنها لا تشمل حق المعتقل في التظلم من اعتقاله أصلاً . وأبرز ثلاثة مستندات وهي خطابات موجهة إلي وزير العدل تحوي مطالبات بالآتي :
(أ ) مقابلة المعتقلين
(ب) توضيح أسباب الاعتقال
(ج) توضيح مكان الاعتقال.
وكان الرد بشأن الخطاب الوارد في الفقرة ( أ ) أن الاختصاص ينعقد للقضاء . وبشأن (ب) أن الطلب حول لجهة الاختصاص . ولم يصدر رد علي (ج).
ويري مجلس الإدعاء أنه ليست هنالك وسيلة أخرى للتظلم وفق متطلبات المادة 4 (ج) من قانون القضاء الدستوري والإداري وأن الدعوى صالحة للتصريح.
وحسناً فعل مجلس الإدعاء حين أشار إلي العهود والمواثيق الدولية التي تحمي حقوق المواطنين المدنية والسياسية والنصوص الدستورية التي تحمي ذات الحقوق . وواقع الأمر أن الدول المختلفة درجت علي تضمين محتوي هذه العهود والمواثيق الدولية المتعلقة بحماية الحريات والحقوق المدنية والسياسية في دساتيرها . ولقد فعل دستور السودان الشيء نفسه في المواد التي أشار إليها مجلس الإدعاء . علي أن تطبيق هذه النصوص يكون عن طريق القوانين الداخلية ، وهي في هذه الحالة قانون الإجراءات الجنائية وقانون الأمن الوطني ولائحته.
وإذا نص قانون الأمن الوطني لسنة 1994م في المادة 36 منه علي سلطة الاعتقال التحفظي ، فقد نصت لائحته علي حقوق المعتقل ومن بينها :
(أ ) أن يعامل بما يحفظ كرامة الإنسان وأنه لا يجوز إيذاؤه بدنياً أو معنوياً (المادة 9 - 1).
(ب) أن له الحق في إبلاغ أسرته إذا كان ذلك لا يؤثر على سير التحري في القضية (المادة 9 - 2).
(ج) أن يخطر الضابط المختص الشخص المعتقل بأسباب اعتقاله (المادة 11 - 1).
وهذه هي الأمور التي طالب بها مقدمو العريضة.
علي أن ذات اللائحة حوت طرق التظلم المتاحة للمعتقلين وهي :
1- التظلم إلي رئاسة جهاز الأمن مباشرة حول معاملة المعتقل أو أسباب بقائه بالمعتقل أو عدم مراعاة ضوابط الاعتقال (المادة 9 - 5).
2- التظلم عن طريق المستشار القانوني للجهاز الذي عليه التعليق القانوني على الشكوى ورفعها لرئاسة الجهاز (المادة 14 – 2).
3- التظلم للقاضي المختص من عدم مراعاة ضوابط الاعتقال المذكورة في اللائحة 0 ويجوز للقاضي بعد النظر الإيجازي أن يصدر الأمر الذي يراه مناسباً لدفع المظلمة (51 - 2).
ويضاف إلــي ذلك أن للقاضي المختص ســلطة تفتيش الحراسات بعد إبلاغ الجهة المسئولة عن الحراسة (المادة 51 - 1).
المستندات المقدمة لا تفيد بأن المعتقلين تظلموا إلي هذه الجهات . وتشترط المادة 4 (ج) من أجل تصريح الدعوى أن لا تكون أمام مقدم العريضة طريقة أخري للتظلم . هذا بينما أمامنا ثلاثة طرق للتظلم وفق القانون وهي التظلم إلي رئاسة جهاز الأمن ، أو مستشاره القانوني ، أو القاضي المختص . ولم يطرق مقدمو العريضة باب هذه الجهات.
ويضيف مقدمو العريضة أن سلطة القاضي لا تشمل حق المعتقل في التظلم من اعتقاله أصلاً . وتكون هذه الحجة مقبولة إن لم يعط القانون سلطة الاعتقال التحفظي أصلاً . أما وقد أعطى القانون سلطة الاعتقال التحفظي صراحة في المادة 36 من قانون الأمن الوطني لسنة 1994م ، فإن مناهضة الاعتقال تكـون بالوقوف علي أسباب الاعتقال . وقد فرضت اللائحة علي الضابط المسئول أن يخطر المعتقل بأسباب اعتقاله فيما ذكرنا . كما أعطت اللائحة حق التظلم في ذلك إلي الجهات التي ذكرناها وهي رئاسة الجهاز أو مستشاره القانوني أو القاضي المختص.
ثم أن اللائحة أعطت القاضي المختص سلطة واسعة وهي أن يصدر الأمر الذي يراه مناسباً لدفع مظلمة الشخص المعتقل.
أما مقابلة المعتقل لمحاميه فأمرهـا بيد قاضي الجنايات تحت المادة 83(3) من قانون الإجراءات الجنائية لسنة 1991م عند فتح الدعوى الجنائية.
وإذا لم يطرق مقدمو العريضة أبواب التظلم المتاحة التي سردناها فإن دعوى حماية الحق الدستوري لا تكون ناضجة للتصريح ونري لذلك رفض العريضة.

الأمر : تشطب العريضة.

محمد محمود أبوقصيصة
قاضي المحكمة العليا
رئيس الدائرة الدستورية
13/8/1998م
جون أونقي كاسيبا الطيب أحمد محمد

إمام البدري علـي تاج السر محمد حامد

هاشم حمزه عبد المجيد عبد الله العوض محمد
قتل زوجته ودفنها في بئر وأعدمته المحكمة
بالقرائن الظرفية
===================================================================


في السوابق القضائية
القرائن وأثرها في الإثبات
الأدلة في القانون لها أهميتها القصوى ومنها
يبني القاضي قناعته التي توصله إلى الحكم
النهائي ولم يحددها القانون الحالي على سبيل
الحصر خلافاً للقوانين السابقة التي كانت
تحدد الأدلة في الإثبات.
الأدلة المتعارف عليها في الإثبات أنواع شتى
ومن بين تلك الأنواع ما تسمى بالقرائن وقد
عرفها القانون بأنها: (الإمارة الدالة على
إثبات أي واقعة أو نفيها بناء على الغالب من
الأحوال
السؤال الذي يطرح نفسه هو هل يمكن أن تؤسس
إدانة جنائية بناءً على القرنية؟
ومتى يتضح الأمر بصورة جلية إليكم هذه
الواقعة التي أرست مبدأ قانونيا مهما في مجال
العمل القانوني وأجابت عن السؤال المطروح
تتلخص وقائع القضية في أن المتهم الزوج اعتاد
هو وزوجته أن يتناولا وجبتي الغداء والعشاء
في منزل والد الزوجة المقتولة ويقع المنزل
بالقرب من منزل الزوجين وبعد ذلك ينصرفا
سوياً إلى مكان عمله في الحقل.
في اليوم المشؤوم حضر الزوج لتناول غذائه
كالعادة في منزل والد زوجته وحينها سأله
الوالد عن ابنته ولماذا لم تأت مع زوجها
فأجابه بأن ابنته (لمت عفشها وساقت ليها راجل
وهربت) وكرر الوالد سؤاله لكن دون جدوى بعد
يوم من ذلك شاهد والد الزوجة بطارية مضاءة في
مكان مربط (حمار) المتهم منتصف الليل وعاد
الصباح فشاهد الوالد في نفس المكان كلبا
(يشمشم) في الأرض بطريقة غير مألوفة تحرك
الوالد إلى المكان فوجد آثار حفر كما لاحظ أنه
قريب من صريف (القطية) التي يسكن فيها المتهم
وزوجته كما لاحظ أيضاً أن الصريف به فتحة
جديدة الإغلاق وبها آثار دماء كل ما لاحظه
الوالد من آثار الحفر والصريف المؤدي على عش
الزوجية وآثار الدماء واجتمع رأيهم على إزالة
الثرى من الحفرة وبالفعل بدؤوا العمل وفي
أثناء ذلك حضر الزوج المتهم الذي كان قد ذهب
إلى مركز الشرطة بقصد الإبلاغ عن هروب زوجته
وليس هذا فحسب وإنما اتهامه لها بسرقة مبلغ
مالي منه وعندما وجدهم يحفرون سألهم بارتباك
ماذا تفعلون؟
فلم يجبه أحد وبعد برهة قليلة وقبل أن يتبين
شيء من الحفرة ذكر لهم المتهم بأن في الحفرة
شخص وعند سؤاله من أحدهم كيف عرفت ذلك؟ سكت
الزوج لثوان ثم أجاب قائلاً بأن من في الحفرة
هي زوجته وبعد لحظات انتهى الحفر بالوصول إلى
جثة مقطعة ومحترقة تعرفوا عليها بأنها جثة
زوجة المتهم.
هرب الزوج المتهم بعد العثور على جثة الزوجة
إلا أنه تم القبض عليه بواسطة الشرطة وحينها
أفاد بأنه لم يلتقي زوجته ولا يعلم قاتلها
وأردف قائلاً بأنه لم يغادر المنزل منذ لحظة
هروبها منه وهي ترتدي ثوبا أسودا وحذاء قامت
الشرطة بتفتيش منزل المتهم فوجدت الثوب
الأسود والحذاء الذين ذكرهما الزوج المتهم
كما عثر على حبل ملطخ بالدماء وكذلك سكينا
وسيفا كما لاحظ أفراد الشرطة الذين قاموا
بعملية التفتيش آثار دماء على الصريف.
ثبتت الوقائع السابقة أمام المحكمة وبناءً
عليه أدانت الزوج وحكمت عليه بالإعدام شنقاً
وأيد الحكم من المحكمة العليا كذلك أرست مبدأ
مهما وهو البينة الظرفية يمكن أن تؤسس عليها
وحدها إدانة جنائية بشروط وهي أن تتبنى حلقات
البينة الظرفية وراء مرحلة الشك ؟ وأن يؤدي
استقراء تلك الحلقات إلى استنتاج معقول واحد
هو جرم المتهم وارتكابه للجريمة المنسوبة
إليه وأخيراً أن لا يتعارض استقراء تلك
البينة إلى استنتاج يتفق وبراءة المتهم بمعنى
أن البينة الظرفية (القرينة) يجب أن تثبت
بدرجة علمية بصورة تؤدي إلى فهم وأحداث وهو
جرم المتهم لا غيره.
سابقة شركة البدوي للإنتاج الفني ضد خضر بشير أحمد.
المحكمة العليا
القضاة :
سعادة السيد / جون وول ماكيج قاضي المحكمة العليا رئيساً
سعادة السيدة / فريدة إبراهيم أحمد قاضي المحكمة العليا عضواً
سعادة السيد / محي الدين سيد طاهر قاضي المحكمة العليا عضواً
الأطـــراف :
شركة البدوي للإنتاج الفني طاعنة
//ضـــد//
خضر بشير أحمد مطعون ضده
النمرة : م ع/ ط م/ 1132/1999م
قانون حق المؤلف والحقوق المجاورة لسنة 1996م – تسجيل المصنف اختياري وليست إجباري – شروط انتقال حقوق المؤلف الأدبية والمالية .
1- تسجيل مصنفات وفق قانون حق المؤلف والحقوق المجاورة لسنة 1996م اختياري ، ويعتبر التسجيل هذا فقط بينة مبدئية على نشأة المصنف أو تأليفه إذا نشأ نزاع , وقد جاء هذا القانون مخالفاً لما ورد في قانون حق المؤلف لسنة 1974م والذي كان يشترط تسجيل المصنف لتمتع أي مؤلف الحقوق المقررة في القانون .
2- يشترط لصحة تنازل المؤلف عن حقوقه الأدبية والمالية أن يكون التنازل مكتوباً وبتوقيع مالك الحقوق أو من ينوب عنه وأن يسجل هذا التنازل بمكتب مسجل المصنفات وأن يتضمن التنازل بيان الحق المتنازل عنه ومدة التنازل ومكان استقلال ذلك الحق ومقدار مكافأة المؤلف .
المحامون :
الأستاذ / محمد الفاتح إسماعيل عن الطاعن
الأستاذ / طارق الأمين العوض عن المطعون ضده
الحكــــم
تتلخص الوقائع أن المطعون ضده أقام الدعوى المدنية رقم 1353/97 ضد الطاعنة وآخرين أمام محكمة الخرطوم الجزئية وقد جاء في دعواه بأن المدعي كفنان قام بتلحين وأداء أغنية (خدعوك) وقام بتسجيلها بصوته بالإذاعة السودانية في 7/7/1977م على الشريط رقم 126 وأنه في عام 1997م قامت المدعى عليها الأولى بتسجيل صوتي مثبت على شريط بعنوان (جواب للبلد) على صوت المدعى عليه الثاني محمود عبد العزيز والمدعى عليها الثالثة حنان بلو بلو دون تفويض أو تعاقد , وقد قامت المدعى عليها الأولى بنشر وتوزيع الشريط المذكور عن طريق البيع التجاري حيث وزعت من الشريط 20ألف نسخة على دفعتين وتقدر قيمة الشريط الواحد حسب سعر البيع 4.500 جنيهاً , وقد جاء في الدعوى بأن الأغنية المثبتة في الشريط المذكور قد طرأ عليها تغيير أحدث تحريفاً وتشويهاً بعد تسجيلها فيه بصوت المدعى عليه الثاني والثالث وقد تضرر المدعي من هذا الاعتداء مادياً وطلب بتعويض مالي 30 مليون جنيه وقدرت قيمة الدعوى بـ90 مليون جنيه – تقدم محامي المدعى عليها الأولى والثاني بمذكرة دفاعهم في الدعوى مشيراً إلي أن المدعي تنازل عن لحن أغنية (خدعوك) بموجب التنازل المؤرخ في 8/9/1996م وقبض المقابل أمام شهود وقد قام المدعى عليه الأول بتسجيل التنازل عن اللحن لدى مجلس المصنفات وطالب بشطب الدعوى ، وقد أقر المدعى عليهما للمدعي بتلحين الأغنية وقيامهما بتسجيل صوتي مثبت على البوم (جواب للبلد) بصوت المدعى عليه الثاني وأن المدعى عليها الأولى تعاقدت مع المدعي على استغلال اللحن تجارياً ، كما أنكرت المدعى عليها الأولى عدد النسخ المطبوعة للحن ودفعت أن سعر النسخة الواحدة 2.100 جنيهاً , وناهض طلبات المدعي والتمس شطب الدعوى .
المدعى عليها الثالثة أعلنت بالنشر وأحتفظ بإصدار الأمر المناسب ضدها في نهاية الدعوى لدي غيابها عن الجلسة المعلن لها . محكمة الموضوع حددت الإقرارات ونقاط النزاع وسمعت بينات الطرفين وأصدرت حكمها بشطب الدعوى .
استؤنف الحكم أمام محكمة الاستئناف وقد أصدرت الأخيرة قرارها بإلغاء حكم محكمة الموضوع وأمرت المدعى عليها الأولى بدفع مبلغ واحد مليون دينار كتعويض للمدعي كما أمرت بأن يدفع المدعى عليه الأول رسوم الدعوى وأتعاب اتفاقية مقدارها مائة ألف دينار سوداني . وأن تسلم أشرطة الأغنية التي تمت طباعتها للمطعون ضده الأول . ضد هذا القرار يطعن أمامنا محامي المدعى عليها الأولى وقد تقدم بطلبه في القيد الزمني المحدد قانوناً كما تحصل على الإذن اللازم وبذلك يكون الطعن مستوفياً للشروط القانونية لقبوله شكلاً وقد أتيحت الفرصة للمطعون ضده للرد وقد أرفق أمامنا رده .
تتلخص أسباب الطعن في خطأ محكمة الاستئناف ومخالفتها للقانون بتقديرها أن المطعون ضده هو المالك المسجل لأغنية (خدعوك) حيث أنه مالك للحن وحق الأداء فقط وأن نص الأغنية مملوك للشاعر المرحوم حسين محمد حسين وبما أن المطعون ضده لم يسجل اللحن ومعه الأداء أمام مجلس المصنفات فإنه لا يجوز الحماية اللازمة وفقاً لقانون حماية حق المؤلف لسنة 1996م وأن التسجيل الصوتي للمطعون ضده للأغنية عام 1977م على الشريط رقم 126ق م لا يعطيه الحق في الحماية المفروضة كما أن المحكمة العليا أخطأت لأنها قررت بأنه طالما أن التوقيع من غير المالك فإنه غير صحيح وأغفلت عن من ينوب عنه وفقاً لنص المادة 15/2 من قانون حماية حق المؤلف سنة 96 حيث أن من وقع عن المالك هو وكيله . كما أفاد بأن العقد لم يأتي خلواً من مدة الاستغلال بل نص بأنها 3 سنوات كما أن مكان الاستغلال هو إقليم السودان وأن الكاسيت قد طبع بالخارج إلا أنه وزع بالسودان كما أن التنازل لم يكن على سبيل التخصيص . كما جاء في الأسباب أن تعويض المطعون ضده بلا مسوغ حيث أن المطعون ضده لم يثبت الضرر أو ما فاته من كسب ولم يشر إلي ضرر أصاب سمعته الفنية كفنان كما أن المحكمة لم تضع في اعتبارها المصروفات التي تكبدها الطاعن في طباعة الشريط وحق الشحن والتخليص ومصروفات البيع والتوزيع والجمارك والضرائب والزكاة حيث قررت أن كل عائد البيع هو ربحا وكسبا وسائل عن كيفية تسليم الشرائط الأخرى التي تكون ضمن المنوعات للطاعن وأين هذه هي الشرائط .
كما أضاف إلي الأسباب بأن قضية الادعاء خلت عن المطالبة بأي أتعاب اتفاقية إلا أن المحكمة العليا قضت بهذه الأتعاب الاتفاقية كما خالف القانون بأن أمر بدفع رسوم الدعوى وقد صرحت الدعوى بدون رسوم . كما أضاف بأن الشريط يحمل نصوصاً فنية أخرى عبارة عن 8 أغنيات أخرى بخلاف أغنية "خدعوك" ولم تتعرض المحكمة لتكلفتها على حساب تكلفة وبيع 7500 نسخة منه وطالب بإلغاء الحكم المطعون فيه وتأييد حكم محكمة الموضوع .
هذا وقد جاء في رد محامي المطعون ضده بأنه لم يثبت أن المطعون ضده قد وقع على عقد التنازل كما أن التنازل لم يتم أمام جهة رسمية ولم يسجل عقد التنازل لدى مكتب مسجل المصنفات الفنية , لم يوضح العقد الشروط الجوهرية للتنازل فيما يتعلق بمدة الاستغلال والمكافأة . كما أفاد بأن الأغنية قد سجلت باسم المطعون ضده بالإذاعة وفقاً لقانون حق المؤلف سنة 74 كما أوضح ما جنته الطاعنة من أرباح وراء استغلالها للحن المطعون ضده وطالب في النهاية بشطب الطعن برسومه .
للفصل في هذا الطعن لابد لنا من الإجابة على عدد من الأسئلة.
أولها , متعلق بملكية لحن وأداء أغنية "خدعوك" والتي هي محل نزاع أمامنا , وقد جاء في أسباب الطعن بأن المطعون ضده لم يقم بتسجيل هذه الأغنية لدي مسجل المصنفات الفنية وفقاً لقانون حق المؤلف سنة 1996م وبالتالي فإنه لا يتمتع بالحماية اللازمة في ذلك القانون وهو بذلك يتقدم بدفع قانوني بالرغم من إقراره في دفاعه الموضوعي أمام محكمة الموضوع بأن المطعون ضده هو صاحب لحن وأداء الأغنية المذكورة وإلا لماذا أتعب نفسه بالذهاب إليه في منزله ليوقع له تنازلاً عن الأغنية .
وباطلاعنا على المادة 23(1) من قانون حماية حق المؤلف والحقوق المجاورة سنة 1996م يتضح لنا بأن تسجيل المصنفات أساساً اختياري . ويعتبر التسجيل هذا فقط بينة مبدئية على نشأة المصنف أو تأليفه إذا نشأ نزاع أو اتخذت إجراءات قانونية بشأنه وهذا لا يعني استبعاد الأدلة الأخرى لإثبات ملكية المصنف وقد جاء هذا القانون مخالفاً لما ورد في قانون حق المؤلف لسنة 1974م والذي كان يشترط تسجيل المصنف لتمتع أي مؤلف بالحقوق المقررة في القانون على أن يكون التسجيل وفقاً لأحكام ذلك القانون أنظر المادة (14) من القانون المشار إليه , أما قانون حق المؤلف والحقوق المجاورة سنة 1996م فقد فرق بين حالتين حالة أن يكون الشخص هو المالك الأصلي للمصنف وفي هذه الحالة فإن التسجيل اختياري والحالة الثانية هي حالة أن يقوم صاحب الحق في المصنف بالتنازل عن حقه في استغلال المصنف لآخر وفي هذه الحالة يكون تسجيل عقود التنازل أو الإحالة لمستعمل المصنف إجبارياً وفقاً لنص المادة 23 فقرة (2) من قانون حق المؤلف والحقوق المجاورة سنة 1996م ويعتبر ذلك ابتداءً هو دليل الإثبات القانوني لاستغلال المصنف بواسطة المستعمل إذا نشأ نزاع أو اتخذت إجراءات قانونية .
والسؤال الثاني الذي يطرح نفسه هو مدى صحة وقانونية تنازل المطعون ضده عن حقه في لحن وأداء أغنية "خدعوك" للطاعن ؟
لقد أفاد الطاعن في دعواه أمام محكمة الموضوع بأن المطعون ضده قد تنازل له عن حقه في لحن وأداء أغنية "خدعوك" بموجب مستند دفاع (1) وقانون حق المؤلف سنة 1996م يشترط لصحة التنازل ونقل الحق الآتي :
أولاً : أن يكون التنازل مكتوباً وبتوقيع مالك الحقوق أو من ينوب عنه .
ثانياً : أن يتم تسجيل هذا التنازل بمكتب مسجل المصنفات .
ثالثاً : أن يتضمن التنازل بيان الحق المتنازل عنه ومدة التنازل ومكان استغلال ذلك الحق ومقدار مكافأة المؤلف وأي شروط ضرورية أفضل لحق المؤلف .
باطلاعنا على مستند دفاع (1) يتضح لنا أنه لم يبين لنا بوضوح الحق المتنازل عنه ان كان كلمات الأغنية أم لحنها حيث جاء فيه تنازلت بطوعي واختياري وحالتي المعتبرة شرعاً عن الأغنية – اللحن المذكور أعلاه دون أي توضيح لهم . أن المستند لم يحدد مدة التنازل أو مكان الاستغلال أو مقدار مكافأة المؤلف أضف إلي ذلك عدم تسجيل ذلك التنازل وهو شرط إجباري لدي مسجل المصنفات الفنية وفقاً لقانون حق المؤلف سنة 1996م وبالنسبة لتوقيع المالك يقر الطاعن وشهوده بأن المالك (خضر بشير) للحن وأداء الأغنية لم يوقع على مستند التنازل حيث كان مصاباً بكسر في الحوض والترقوة كما أنه لا يبصر حسب إفادة شاهد الدفاع الرشيد حاج الأمين , وشاهد الدفاع سليمان زين العابدين أقر بأن التوقيع في خانة الشخص المتنازل هو توقيعه هو ، وأنه قد قام بالتوقيع لأن المدعى عنده رجفة ونظره ضعيف وشاهد الدفاع الرشيد الحاج لا يتذكر بأنه تمت قراءة مستند دفاع (1) على المدعى كما لا يتذكر بأن المدعى خضر بشير قال للشاهد سليمان زين العابدين وقع لي " أنظر ص 62 من المحضر " ورغم ذلك وقع ذلك الشاهد دون أي توكيل من المدعى سوى ادعائه . قانون المعاملات المدنية 1984م يشترط لصحة الوكالة أن يكون محضر الوكالة كتابة كما كانت الوكالة متعلقة بتصرف يتطلب القانون كتابته أنظر المادة 417 فقرة (3) , ونصل من ذلك بأن توقيع الشاهد سليمان ، على عقد التنازل بصفته وكيلاً عن المطعون ضده غير صحيح قانوناً لأن قانون حق المؤلف والحقوق المجاورة لسنة 1996م يشترط لحماية انتقال الحقوق الأدبية والمالية أن يتم التنازل أو النقل كتابة المادة 15(1) من القانون المشار إليه .
ومن هنا نصل إلي أن التنازل بمقتضى مستند دفاع (1) باطل لأن القانون يشترط الكتابة بالنسبة للوكالة التي بمقتضاها تم توقيع التنازل .
والسؤال الثالث هو هل تم اعتداء على حق المطعون ضده باستغلال الطاعنة لحقه في لحن وأداء أغنية "خدعوك" تجارياً ، الإجابة بالإيجاب وفقاً لجميع البيانات التي يكشف عنها محضر الدعوى والتي أشارت إليها محكمة الاستئناف في حكمها .
والسؤال الرابع هل التعويض المحكوم به مبالغ فيه.
لقد ثبت أمام محكمة الموضوع استغلال الطاعنة لأغنية "خدعوك" وقد قبضت من جراء ذلك كسباً مادياً على حساب المطعون ضده بطباعة وتوزيع اللحن في أشرطة الكاسيت المسموعة بحيث جاءت جميع الأرباح خالصة للشركة الطاعنة ، وكان المطعون ضده قد طالب بتعويض مقداره 90مليون إلا أن محكمة الاستئناف قضت له بتعويض مقداره مليون دينار ونحن نرى بعد الوضع في الاعتبار المنصرفات التي لم يتطرق لنا بها الطاعن في البينات التي قدمها ويعتبر قد فشل في تقديمها حيث أنه يعلم بمطالبة المطعون ضده في دعواه وقام بمناهضتها بدون أي بيانات أن التعويض مناسب أما بالنسبة للأتعاب الاتفاقية للمحاماة فإن الطعن لم يقم بإثباتها وعليه نقرر إلغاء الحكم بها مع الحكم بالأتعاب المادية على أن يلزم الطاعن برسوم التقاضي فإعفاء الطاعن من سداد رسوم الدعوى باعتباره فقيراً لا يعني عدم الحكم بها في مواجهة المدعى عليه الذي خسر دعواه على أن تكون في حدود المبلغ المحكوم به . ولا أمر فيما يتعلق برسوم هذا الطعن .
وبالنسبة للأمر الصادر بتسليم الشرائط فإننا نقرر أن يستبدل به أمراً بإيقاف تعدي الطاعن بنسخ أو طباعة الأغنية في أي من أشرطة الكاسيت الخاصة به ومصادرة أي شريط به هذه الأغنية قامت الطاعنة بعمله .
القاضي : فريدة إبراهيم احمد
التاريخ : 28/6/2000م
القاضي : محي الدين سيد طاهر القاضي جون وول ماكيج التاريخ : 29/7/2000م التاريخ : 6/8/2000م