" الإجراءات التي أتخذها ليست إلا تدبيرا جذريا للإسراع في تفجير الحقيقة والوصول للعدالة".ولكن لدي شغف واحد: تنوير الذين تم حجبهم في الظلام، وباسم الإنسانية معاونة هؤلاء الذي عانوا الكثير ولهم حق التمتع بالسعادة.رسالتي رسالة احتجاج نارية وما هي الا مجرد صرخة روحي.دعوهم يتجرؤن ويجلبونني أمام محكمة قانونية، وليتم التحقيق معي في وضح النهار! " إميل زولا ،"إنى أتهم! "(1898)

الاثنين، يونيو 07، 2010

تبا لحكومة تقتل رعاياها؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟

تباً لحكومة .... تباً لها ؟؟ وهي تقتل وتسحل رعاياها. ؟
وأية أمانة يحملها الحاكم الذي تمتد يده
لذبح رعاياه من الوريد إلى الوريد ؟؟
مخيفة وجوهكم المخبأة خلف تلك الأقنعة السوداء !! ألا تخجلون من
رفع رايات النصر على أشلاء مواطنكم ؟؟؟ يا له من نصر بائس !!
تصلّون بعد "تحرير" بعض (الحواكير )التابعة لرعايكم ؟؟ يا له من
تحرير رخيص ؟؟ ترى هذه هي المهمات الجليلة التي أوكلت لكم
لإنجازها ؟؟ وهذا هو العهد الذي أقسمتم على الوفاء به لشعبكم وأمتكم؟؟
أية رايات هذه التي ترفعونها فوق دماء مواطنيكم ؟؟ أية صلوات هذه
التي تؤدونها على أشلاء رعايكم ؟ أهي رايات للنصر ترفعونها على
وقع صراخ الأطفال وعويل الثكالى اللائي ربين أبناءهن ليموتوا
في سبيل السودان الوطن وليس ضحايا للحقد الأعمى والتعصب وشهوة السلطة ؟؟
وبعد : أوتعتقدون أن رب البرية يقبل صلواتكم أيها المنافقون ؟؟
فرُب صلاة أفسدت صلوات كما قيل !!
تمثل حكومتكم حقبة سوداء كالحة ــ كما وجوهكم ــ حقبة مظلمة
في تاريخ السودان !! السودان الذي ذاق الهوان مرتين؟؟؟
مرة تحت وطأة مستعمر .. لا يقيم حرمة لشيء ..ورغم انه
يغتال البشر والشجر والحجر !! لكنه ارحم منكم؟؟؟
ومرة بأبناء عاقين لم يولدوا من رحم طهارته وأصالته ؟؟
بل ولدوا من رحم غياهب العصور السوداء السالفة المظلمة ؟؟
ومن لوثة خلق قابيل ؟؟ إنها نكبات الحكومات العسكرية الأشد خطراً
وفتكاً وسواداً في تاريخ السودان ؟؟
فقفوا نزواتكم أيها الآثمون. ولا مكان إلا للسالكين السبل التي
تؤدي إلى الحرية والعدالة و المساواة ..!
اللهم احفظ السودان وشعب دارفورمن الرصاص الأعمى ...
والحقد الأعمى يا رب العالمين !!

الأربعاء، يونيو 02، 2010

سرديات (1)

ذكرياتي في (النمره)
..........................

هي بيوت يتم انشاءها من سيقان الذرة (القصب)وهي تكون دائما في الحواشة ويسكنها العمال الموسمين الذين يعملون في جني القطن (اللقيط) ولذلك يطلق عليهم اهل الجزيرة عدة اسماء (اللقاط) (اهل الخلاء) لانهم يسكنون فيه ،(وناس النمره) والمقصود بها نمرة الحواشة و(النزال)بضم النون وفتح الزاي لانهم ينزلون بها بمجرد وصولهم ،وهي كلها اسماء ذات مدلول واحدة ،وفي الأغلب تكون هذه البيوت واسعة وتحتوي مقدمتها على اشكال تشبه الحيوانات او زخارف بأشكال مختلفة. و تقسم إلى قسمين أحدهما لاستقبال الضيوف وآخر لسكن الاسرة، وبينهما حاجز قصبي لستر الاسرة. و بيوت النمرة اساسها البساطة،وهذه البيوت وانت تمر بها نهارا لاصخب فيها وان كان بها كثير من النصب والمعاناة ،لانها لاتحمي من برد الشتاء ولامن امطار الخريف ،ورغم ذلك تجد اهلها في اريحيه دائمةليلا وهم يضحكون ويقهقهون وربما تلازمك اسئلة حائره،الناس ديل البضحكم شنو؟؟؟وبضحكوا لشنو؟؟؟وفي شنو بيوت كلها كم كوليقة قصب وصمت الحواشات المطبق الذي يجتاح أي خيال يجتهد في صنع الفرحة هنا ويغمره بالملل ، وسطوة الضحوة.. والضهرية .. ولقيط القطن .. وسربة انصاص الليالى فانها تترك ماتبقى من مساحة (للتعب ) ليتحكر فى ضهر الترعة ، وضحكة اهل النمره بتطلع من جوووه .. وقمر سبعتين يزيدها حضور وحلاوة واحلى حاجة انو هى ضحكة صافية كذا الحليب ....ولكي تشاركهم تلك الفرحة والضحكة لاتحتاج سوي سرج مريح يجعلك تسابق بساط الريح وان تحمل معك صرة من بن وشاي لتجد الفرح متاح للجميع في هذة البيوتات ، مازالت ذاكرتي تختزن ذكريات اول مره التقي باهل النمره عندما امرني ابي ان أحمل جوالات القطن الممركات (وهي التي يكتب عليها اسم المزارع ونمره الحواشة غالبا حتي يتم ملاها بالقطن بعد جنيه)،وان انظر لهولاء الناس ولهذه البيوت المصنوعه من سقان القصب بدهشة واستتغراب وتخيل كيف انهم يقضون يومهم في هذه (الصقيعة الواسعة )والمخيفة حد الجنون بالنسبة لي ، وقد قطعت حبل خيالي اغاني(حاجة اسيا) ،التي مازلت اتذكرها بصوتها العذبة وهي تسرِّح شعر بنتها. أغاني تحمل معاني الحصاد والنماء وأغاني عن الطير وفتيات الحقول.. أغاني تزيح كدر وسكون ( النمره )في ساعات النهار.. وانا انظر للبنت تزكرت دروس التاريخ والفراعنه الذين يهبون النهر اجمل فتياتهم بطقوس مثيرة ليكف عن كوارثهم ، نهضت نحو شنطة بالية في ركن قصي واختارت فستان اصفر أجمل فساتينها ،ارتدته بهدوء ،لفت عنقها بطرحه خضراء،ودائما يكونون اهل النمره جميعهم في هذا اليوم في كامل اناقتهم المتواضعه ،لانه يوم صرف القروش من المزارعين ،ويسمي يوم (العبار) بكسر العين وفتح الباء،وهذا اليوم ياتي بعد ايام من العمل الشاق في جني القطن والكل يترقب ما تسفر عنه نتيجة ماجناه ،والميزان الذي يستخدم فيه عبارة عن ميزان حديدي به نمر باللغة الانجليزية (اصغر وحده فيه تبدا من واحد رطل ) فكل ماشبكته في القطن الذي يربط بالشوال غالبا وانت ترفعه الي اعلي تبدو نمره واضحة للقراءه ،فال(36 رطل ) تسمي قفة وهكذا .... ويكاد صوت امها خارج بيت القصب وهي تنادينا يتحول الي جلبة خفيفة مع حفيف سقان الذرة المكونة للبيت؟؟؟ يااولاد امرقوا علي الحواشة؟؟؟؟ا النسوان مشن قدمنا ؟؟؟؟عشان نعبر بالضوء...
وبدءت تحكي لي عن والدها ،وعن وعدوه لها بانها سوف ياخذها المدرسة عندما تكبر وهاهي اليوم تبلغ مبلغ النساء ولم تري حتي مجرد رؤية مدرسه ..فكانت لاتريد له الموت ،اشفقت علي قلبها ان يتفطر لذكرها له ،فحاولت مقاطعتها وتحويل الموضوع ،تسريحة شعرك جميلة هكذا قلتها وانا انظر لعينيها التي تترقق بالدمع من ذكريتها المؤلمة ،اسمها السودان قفل ؟؟؟قالت ذلك وهي مازالت في حاله حزن واسئ ، واخذت انظر الي حقول القطن التي لا تبعد الا قليلا،وانا ممسك بالميزان لبداية العبار وهي تبتسم في قلق وتنظر لي احسست عندها ببراءتها تسري تحت جلدي ؟؟؟قطني دا بجيب كم عليك الله؟؟؟؟وقبل ان اجيبها ،وهي مازالت تنفش في قطنها لتنظفه من بقايا عيدان القطن اليابسه ،بداءت بالاوخريات ؟؟؟ دا قفة ياحاجة وعليك الله اولدي شوف لي المربوط دا بجيب كم ؟؟؟دا ياخالة (قفتين الا) قولي قفتين ،الله يبارك فيك اولدي؟؟؟وفجاة صرخة تشق سكون الخلاء ، عضتني عقرب ...عقرب ,,,هنا هنا ...وين وين ...؟؟؟ وانا علي ضفاف الفاجعه والدهشة تتملكني وارمي بالميزان و بالكراس والقلم اللذان اعطاني لهما ابي لكي اسجل بهما قفاف القطن ونسوان اللقيط...
كنت قاعده فوق القطن المربوط دا ؟؟؟ ويبدو ان العقرب اللعينة لم تجد غير هذه الدرة كي تفرق فيها كامل سموممها؟؟؟؟احسست برعشه تسري في اوصالي وانا احملها بقوة مذعورا ؟؟؟فتحت عينيها بهدوء وبصوت خافت قالت ؟؟؟.....عليك الله وديني الفريق ؟؟؟لفكي موسي ...عشان اقلبا لي ...وهناك امرني فكي موسي بالخروج ؟؟؟ وتمددت هي علي العنقريب ،احسست ببرودة الجسد؟؟؟وانا احني ظهري للخروج من باب القصب الذي يكاد يلامس الواطه ؟؟؟ والشيخ يسال وهي في ابراج موتها العالي ،تهمهم ،،هنا ؟؟؟ يبدو هذه العقرب من العهر بمكان ؟؟؟فلم تجد غير هذا الموضع الحساس ؟؟؟؟ وانا انظر من خلال فرجة القصب (الرقراق) واقتصد في تنفسي حتي اسمع صوت فكي موسي وهي يتلوا بصوت خافت ؟؟؟
، واخيرا قررت الدخول فلم اجد سواء جسدها البارد الممدد علي السرير.....

الثلاثاء، يونيو 01، 2010

الكنابي ....بيوت الصفيح في الجزيرة.......

كمبو طويل .....بشري الفاضل

توجد في عمق الجزيرة، حيث القرى متناثرة بلا حصر عدد النجوم في السماء، (دارفور أخرى!) يعيش سكانها الوافدون لمناطق الانتاج هنا في (كنابي). و(الكنابي) جمع كمبو. وهي مساكن لا تحترم كرامة الإنسان حلت مكان الأشجار التي قطعها سكان الجزيرة عن آخرها طلباً للوقود في فترة ما قبل الغاز، وطلباً للمال في فترة انقطاع موارد الزراعة.

(كمبو طويل) هو أحد هذه (الكنابي). وقد خبره أهلي بمنطقتهم وسط الجزيرة. وهو شريط طويل يمر فوق ظهر الترعة، وأنت خارج من قنطرة ود البر إلى ما بعد قرية زنقاحة. شريط طويل من القطاطي تمسك برقاب بعضها البعض. فإذا خرج طفل من قطية أهله، في غفلة منهم، فمصيره الغرق! ولك أن تقارن غرقه بغرق طفل من سكان البيوت الفاخرة في القليل من المدن السودانية، فيبدو الحال، بجامع الغرق هنا مع الفارق طبعاً، كما لو أن حوض السباحة، في مثل تلك القصور، مقام قبالة الغرف مباشرة، لكن بدون سياج، فيخرج الطفل إلى حتفه. (تخيلت ذلك لكن أخي قال لي إن طفلاً من كمبو طويل قد غرق في الترعةبالفعل قبل سنوات ووجدوا جثه محبوسة قرب الكبري القريب)

هذه القطاطي تفتقر إلى أبسط مقومات الحياة. دعك من الشفخانة أو نقطة الغيار، فهذه شطحة لن يغفرها لي سكان القرى المجاورة لكمبو طويل! لكن لا توجد حتى أماكن لقضاء الحاجة! وكان الإنجليز على أيامهم، عندما كانت قرى الجزيرة كلها عبارة عن قطاطي، ينشئون لكل قرية مرحاضاً جماعياً، لئلا يستعين السكان بالترع مباشرة، فتنتشر البلهارسيا. بل وكانوا يوفدون مفتشاً للصحة يقيم بتلك القرى لتوعية السكان في شئونهم الصحية.

سألت مرافقي، وكنت قد غبت عن الديار لعقد ويزيد، ما اسم هذا المكان؟! فأجابني: كمبو طويل. وهالني أن عدد سكانه يضاهي عدد سكان قرية بكاملها. وثمة شريط آخر أطول، يمتد ما بين قرية تنوب وقرية المريبيعة. وسكان الكمبو من هذا النوع الجديد الذي انتظم كل ترع الجزيرة هم العمال الزراعيون الوافدون، غالباً، من دارفور. ثم صاروا يشاركون المزارعين أصحاب الأرض بالوكالة، فيقومون بالعمليات الزراعية كلها، بصلاً، مثلاً، أو فولاً، ثم يقتسمون معهم المحصول. لكن، بينما قامت (الكنابي الطويلة) على امتداد الترع بالجزيرة، وربما المناقل، نمت مساكن المزارعين، خلال عقود قليلة، من قطاطي القش، لقطاطي القش والطين، فبيوت الجالوص المربعة بدون حيشان، ثم ظهرت الحيشان المسورة بالشوك أولاً، ثم المسورة بالجالوص، ثم الطوب اللبن، إلى أن أخذت البيوت تبنى، مؤخراً، بالطوب الأحمر المحروق، ودخلتها المياه والكهرباء والهواتف. باختصار جرى تحديث مساكن القرى بالتدريج خلال نصف قرن، لكن (كمبو طويل) وإخوانه ظلوا على حالهم منذ إنشائهم.

غير أن هذا التفاوت ليس هو الوحيد هنا. فثمة نوع آخر من (البيوت)، إن جاز التعبير، هش وأسوأ من هذه الكنابي؛ فهل الأسمال البالية التي يقطن تحتها البدو بيوت؟! وهل قطاطي وكرانك القصب وسط الحواشات والجناين بيوت؟! وعموماً، إذا القينا نظرة على كافة الإنشاءات السكنية في السودان، لهالنا هذا التفاوت الهائل بين الذين يملكون المال والخبرة والذين لا يملكون. فالمسألة ليست فقراً فقط، بل فقر ونقصان خبرة ومعرفة أيضاً!

السودان تسكنه قبيلتان فقط، لا عدة قبائل: قبيلة مستقرة ببيوت تلتزم الحد الادنى للكرامة الانسانية، وإن كان معظم أفرادها فقراء، وقبيلة غير مستقرة لا بيوت لها، أو أن بيوتها لا تقيها هجير السودان، وأمطاره، ووحوشه، وأمراضه. هؤلاء الأخيرون هم الذين يجب البدء، عاجلاً، في توطينهم في مساكن تليق بإنسانيتهم، لا الاكتفاء بالتحسر، شعرياً، على بؤسهم! وسينجح الساسة، أيما نجاح، في استقطاب الأغلبيات، إن سعوا لحل مشاكل الذين لا يعرفون كيف يطالبون بتصحيح أوضاعهم البائسة، أي المصابين بالبيات الاجتماعي والسياسي. فالعبرة ليست في الالتفات لمطالب الجماهير فحسب، بل في الالتفات لمن لا حيلة لهم للمطالبة، وانتشال مطالبهم من جوف الطين!