" الإجراءات التي أتخذها ليست إلا تدبيرا جذريا للإسراع في تفجير الحقيقة والوصول للعدالة".ولكن لدي شغف واحد: تنوير الذين تم حجبهم في الظلام، وباسم الإنسانية معاونة هؤلاء الذي عانوا الكثير ولهم حق التمتع بالسعادة.رسالتي رسالة احتجاج نارية وما هي الا مجرد صرخة روحي.دعوهم يتجرؤن ويجلبونني أمام محكمة قانونية، وليتم التحقيق معي في وضح النهار! " إميل زولا ،"إنى أتهم! "(1898)

الأربعاء، يوليو 07، 2010

قصيدة خالد بن صفوان _

قال بعض أهل الأدب: كفى غنى بمن حفظ قصيدة خالد بن صفوان القناص، وذلك أنه جمع في قصيدته كلام العرب في الصفات وما جاء في أشعارهم ومصنفاتهم من العرب



عُوْجاً على طَلَلٍ بالقُفْصِ خُلاّني
أقوى فَقُطَانه أرآلُ هِيقـــانِ

كالدَيْبُليّات أو إجْل قَراهبــة
من بين أحمر يرعاها وثِيرانِ

وغَيّرَتْ آيه ريحٌ شآميــةٌ
ووَبْلُ مُثْعَنْجِرٍ بالسيل مِرْنانِ

أجشّ مُغْلَنْطِقٌ مُغْدَوْدِقٌ غَـدِقٌ
مُهْرَوْرِقٌ وَدِقٌ مُسْحَنْفِـرٌ دانِ

أضحى خلاءً وأمسى أهله شَحَطوا
نواهم حيث أمّوا أرضُ نَجْــرانِ

أرضاً نأت ونأى للحيّ قاطِنُها
إذْ حَلّ أرضاً بها أبناءُ ذُبْيَانِ

يا صاحِبَيَّ أَلِمّا ساعةً وقِفـــا
في دارِ أخت بني ذُهل بن شيبان

وما وقوف امرئ هاجت صبابتَه
سُفْعُ المَلاطم من تلويحِ نيـرانِ

ومُفْرَدٌٍ تركتْ أيدي الإماء به
غدائرَ الشعر شُعْثاً غيرَ إدهان

عليه مثل وِشاح الخَوْدِ قد نحلا
من طول عهدهم بالحيّ رِبْقَانِ

فالدار مُوحشةٌ ما إن بعَرْصتها
إلاّ النعامُ وإلاّ بُقْعُ غِربـــان

يَحْجُلْن في عَطَن قد كنتُ أعهده
قبل الحلول به للعين مَـــلآن

كأنما هي رَأْيَ العينِ عن قُذُفٍ
أصاغِرٌ من بني نُوْب وحُبْشان

دارٌ لجاريةٍ، حوراءَ لاهيـــةٍ
كالشمس ضاحية، في حُسن جِنّان

بالوصل راضيةٍ، عهدي مُواتيةٍ
عَنِّي مُحاميةٍ، تجفو وتنسانــي

هِرْكَوْلَةٍ بَهَرٍ، تختالُ في طُرَر
تشفيك من أُشُر، غَرّاءَ مِفْتانِ

عَلّتْ مآليَهَا، منها عــواليَهَا
تأوِي عَلاليَها، في سَتْرِ أكنان

كحلاء في دَعَج، عيناء في بَرَج
نَجْلاء في زَجَج، تسلو وتقلانـي

شنباء في بَهَج، لَمياء في فَلَج
خدلاء في بَلَج، أدنـو وتنآنِي

غيداء في رَبَل، لفّاء في رَتَل
هيفاء في ثقل، في النوم تغشاني

لعساء في خَصَر، قنواء في صِغَر
كالرِيْم في بَقَر، من وحش عدنان

جيداء في حَوَر، وسنَى على خَفَر
شمّاء في بَهَر، من خير نسوان

في جيدها سُمُط، من تحتها قُمُط
من فوقها قُرُط، أعلاه شِنفــان

غِلمانها سُخُط، كأنهم شُرُط
أنجالُهم لُقُط، من نسل شيطان

عُلّقتُها حِجَجا، مزوّرةً غَنَجـــا
بالهجر فهي شجاً، لي بين أقراني

تُلْهِي مُسامِرَها، تُذكي مَجامرَها
تغدو غدائرها، بالمسك والبـان

تكسو مَجاسدَها، منها قلائدَها
تُعْبِي عتائدَها، معشوق أدهان

صُفر ترائبُها، زُجّ حواجبها
سود ذوائبها، كالحالك القاني

بِيض مَحاجرُها، فَعْم نواشرها
يشْفَى مُباشرُها، منها بعصيان

زهراءَ خَرعبةٍ، رُودٍ مبطَّنةٍ
للعينِ مُعْجِبة، تَنْفِي لأحزاني

خَوْدٌ مهذَّبةٍ، في الخدر مُخْصِبةٍ
عَنِّي محجَّبةٍ، عمداً لخِــذلانِ

راحت مبتَّلةً، عيطاءَ عَيطلةً
كالرِيم هَيكلةً، في زُهْر كَتَّان

للوُدِّ مازجةٌ، للخِدر والجةٌ
ليست بخارجة، تهفو ببُهتان

وفتيةٍ نُجُب، من معشر غُلُب
في منتهى نسب، تَنْمِي لغَسّان

أكابرٍ رُجُحٍ، أخايــرٍ سُمُحٍ
أكارم نُجُح، من نسل قحطان

راحوا على عَجَل، في مَوكِبٍ حَفل
في غير ما عِلَل، في خير إبّــان

في مَهْمه قصدوا، حتّى إذا وردوا
والناس قد هجدوا، والليل لونان

قمراؤه يَقَق، في لونــه بَلَق
قد حَفَّهُ غَسَق، في غير تِبيان

أضحوا وقد قطعوا، بِيداً لها لُمَعٌ
فيها الطلا رُتُع، أطلاء ظِلمـان

حلّوا بذي طَرَب، يسمو إلى حسب
في باذخ أشِب، أُخْتٍ لإخـــوان

في قصرها غُرَف، من تحتها سُقُفٌ
من فوقها شُرَف، زينت بإيـــوان

قد حفّه كُثُب، من حوله قضُبُ
مكنونة شَطب، حُفّت ببُستـان

خِلالَه نَهَرٌ، وبينه شجــر
يزينه ثَمَرٌ، من زَهْر قِنوان

أغصانها نُضُر، أوراقها خُضُر
أنهارُها غُزُر، من ضرب شَفّان

زُهر منابتها، دامت غضارتها
بُحٌّ فواختها، من طول تَرْنان

صرّت جنادبُها، عاشت عَناظبُها
تعوِي ثعالبها، من حَول عِيـدان

تلهو بدُرّاجها، عن صوت صَنّاجها
أو طِيبِ بَهراجها، أو نَوْحِ وِرْشان

أو صوت قمريّة، تدعو بصُفريّة
تبكي لكُدريّة، من فوق أغصـان

مُكَّاؤها غَرِد، في روضة فرِد
من طِيبها صَرِد، حلاّه طَوْقان

عصفورها طَرب، في لونه خَطَب
في صوته صَخَب، يبكي لِصردان

أو باشَقٌ كَلِبٌ، للطير منتهِب
قد عاقه تَعَب، من جمع غِربان

تُفّاحُها هَدِل، أُتْرُجّها خَضِل
عنقودها زَجِل، حُفّت برُمّان

بيضاء في حمرة، حمراء في صُفرة
صفراء في خضرة، من بين ألوان

جاءوا على مَهَل، من غير ما عِلَل
يمشون في حُلَل، من وشي صَنْعان

شُمّ مراعفهم، جُمّ مَلاحفُهم
قامت وصائفهم، أمثال غِلمان

دُرْم مرافقها، بُقع مناطقها
قُرّ قراطقها، زينت بتيجان

يسعَيْن في لَطَف، يَرْعُدن من عُنُف
كالراح في صُحُف، أشباه غِزلان

صهباءَ صافيةٍ، صفراء فاقعة
للمرء رافعة، من عصر دِهقان

تشفِي بشربتها، من طيب فرحتها
تحكي بنكهتها، تُفّاحَ لُبْنـــان

والمسك إن مُزجت، والسُكّ إن فُتقت
والوبل إن بُزلت، صِرفاً لرَشفــان

في الدَنّ قد عَتُقت، حولين فامتنعت
تحكي إذا صُفقت، إكليلَ مَرْجان

تجول في طوقها، كالدُرّ من فوقها
تكفيك من ذوقها، من غير إدمان

يَعْمَلْن مُعْملةً، زُهْراً مفدَّمةً
صُفراً مقوَّمة، من تِبْر عقيان

كأنها بُقُع، من أطيُر وُقُــع
لاحت لها سُفُع، أصغت بآذان

في ريشها طَرَق، ألوانها زُرُقٌ
أذنابها بُلُق، من طير جُلجـان

حُمر قوائمها، صُفر خراطمها
بيض حلاقمها، ريعت بنيران

أقعت على فَرَق، في صحصح أَنِق
يَنْظُرن في حَدَق، من خوف عِقبان

وعندهم قَينة، في شدْوها غُنّة
ليست بها ضِنّة، من قَرْع حَنّان

نَفْج روادفها، عَذب مَراشفها
دُكن مَطارفُها، من خَزّ نَجْران

يُلْهيك مَطْرَبُها، يُسليك مَضْرِبُها
يُنسيك مَلْعبُها، أقوالَ فتيــان

تحكي بتهجاسها، تقطيعُ أنفاسها
باتت على رأسها، إكليلُ مَرجان

في صوتها صَلَق، في عُودها نَزَق
أوتارُها نُطُق، تَلْفِظه كَفّــــان

حتّى إذا ثَمِلوا، من طُول ما نَهِلوا
قالوا وما عقلوا، تِمثالَ وَسْنــان

قَتْلَى وما قُتلوا، جَهْلى وما جهِلوا
سَكْرَى وما انتقلوا، من حكم لقمان

ماتوا وما قُبروا، عاشوا وما نُشروا
قاموا وما حُشروا، من تحت رَيْحان

دارت قواقرُهم، لانت مُغامزُهم
طابت غرائزهم، من خير أخدان

حنّت مزامرهم، طابت مَسامرهُم
عالت عناصرهم، من قصر غُمدان

قالوا لَدَى طرب بالقول لا كَذِبٍ
الحمد لله شكراً كُلَّ أرمـــان


من أجمل ما قرأت لشاعر عباسي.