" الإجراءات التي أتخذها ليست إلا تدبيرا جذريا للإسراع في تفجير الحقيقة والوصول للعدالة".ولكن لدي شغف واحد: تنوير الذين تم حجبهم في الظلام، وباسم الإنسانية معاونة هؤلاء الذي عانوا الكثير ولهم حق التمتع بالسعادة.رسالتي رسالة احتجاج نارية وما هي الا مجرد صرخة روحي.دعوهم يتجرؤن ويجلبونني أمام محكمة قانونية، وليتم التحقيق معي في وضح النهار! " إميل زولا ،"إنى أتهم! "(1898)

الأربعاء، يوليو 27، 2011

القانون الجنائي السوداني لسنة 1991 (النظام العام) ليس هو (الشريعة الإسلامية) - المادة (152

‏‏
مقدمة : ====== كثر الجدل في الآونة الأخيرة حول القانون الجنائي السوداني لسنة 1991 هل هو الشريعة الإسلامية ام لا ؟ خصوصاً بعد حادثة القبض على الصحفية السودانية (لبنى احمد الحسين) بواسطة الشرطة المطبقة لهذا القانون و المسماة – شرطة أمن المجتمع و المتعارف عليها "مجتمعياً" بشرطة (النظام العام)- هذه الحادثة هزت المجتمع السوداني لأن الصحفية لبنى تكتب مقالاُ يومياً بالصحف السودانية أسمته (كلام رجال) تنتقد فيه الحكومة الأوضاع الحالية بالسودان ، كما أن التهمة التي تم توجيهها لها – بالرغم من وجودها في القانون – وجدت إستنكاراُ من طائفة كبيرة من أفراد المجتمع السوداني على إختلاف خلفياته الفكرية و إنتماءته السياسية و التهمة هي :
مع العلم أن ملابسها – لحظة إلقاء القبض عليها – كانت بشهادة الكثيرين (محتشمة) و ووقورة أيضاً
ارتداء ملابس تسبب مضايقة للشعور العام! --------------------------------------------- القانون الجنائي لسنة
القانون الجنائي لسنة 1991 (تعريف) ====================== ه

القانون الجنائي لسنة 1991 الباب الأول أحكام تمهيدية الفصل الأول أحكام تمهيدية

1. إسم القانون

يسمى هذا القانون "القانون الجنائي لسنة 1991

ويعمل به بعد شهر من تاريخ نشره في الجريدة الرسمية

2. إلغاء
الغى قانون العقوبات لسنة 1983.

نشر فى الجريدة الرسمية بتاريخ 20/2/1991

نلاحظ الآتي : =======

أولاُ تعريف و تسمية القانون ______________________

سمى" المشرع" القانون ب" القانون الجنائي لسنة 1991" ولم يسمه ب"الشريعة الإسلامية" لأن المشرع يدرك أن السودان بلد متعدد الأديان و الاعراق و الثقافات ، فضلاً عن عدم وجود – نص – متعارف و ( متفق عليه) يسمى (شريعة إسلامية) ، فجميع ما هو مكتوب و متوارث تاريخياً هو إجتهادات لمجموعة من" الفقهاء المسلمين" من كافة طوائف و مذاهب المسلمين – سنة، شيعة الخ لتفسير جملة من النصوص (آيات و أحاديث) – و بالتالي ما قام به "المشرع" في مواد هذا القانون هو إنتقاء رأي (طائفة –مجموعة فقهاء) بعينهم من المسلمين ، و من ثم قام بمزجها مع "إجتهاده" الشخصي ، و حتى يخرج من "الحرج" الناتج عن تطبيق بعض مواد هذا القانون بالولايات الجنوبية "من السودان" – التي بها أغلبية "غير مسلمة" - قام بإستثاء المواد الآتية من التطبيق في الولايات الجنوبية من السودان .

راجع – راجعي - الفصل الثاني : سريان القانون

3. لا تسري أحكام المواد 78 (1) ، 79 ، 85 ، 126 ، 139 (1) ، 146 (1) و (2) و (3) ، 157 ، 168 (1) و 171 على الولايات الجنوبية ، الا اذا قررت السلطة التشريعية المختصة خلاف ذلك أو طلب المتهم تطبيقها عليه.



"نلاحظ هنا عقم و إبتسار القانون فالبديهي أن لا يحاكم (غير المسلم بغض النظر عن كونه في أي ولاية) – بقوانين إسلامية حتى لو كانت هي وضعية و ليست شريعة إسلامية – و لم يكن ذلك سائداً في مجتمع المدينة نفسه في عهد الرسول صلى الله عليه و سلم حيث كان مجتمع المدينة يحوي يهوداً و نصارى و صابئة ، و لم يرد في كتب السير و التاريخ أن النبي صلى الله عليه و سلم جلد يهودياً في خمر – مثلاً - ، ومن الملاحظ أيضاً أنه برغم الإستثناء للمواد أعلاه من التطبيق في الولايات الجنوبية إلا أن المشرع عاد و منح "السلطة التشريعية" في أي ولاية جنوبية الحق في إستخدام المواد المستثاة على (غير المسلم) ، كما وضع إستثناءً غير مبرر الا وهو حق – غير المسلم – طلب أن تتم محاكمته و عقابه بقوانين – المسلمين – و هو أمر عجيب حقاً"

ثانياً : المادة 152 من القانون الجنائي لسنة 1991 ============================== (نص المادة)

الأفعال الفاضحة والمخلة بالآداب العامة.

152ـ (1) من يأتى في مكان عام فعلاً أو سلوكاً فاضحاً أو مخلاً بالآداب العامة أو يتزيا بزي فاضح أو مخل بالآداب العامة يسبب مضايقة للشعور العام يعاقب بالجلد بما لا يجاوز أربعين جلدة أو بالغرامة أو بالعقوبتين معاً.

152-(2) يعد الفعل مخلاً بالآداب العامة إذا كان كذلك في معيار الدين الذي يعتنقه الفاعل أو عرف البلد الذي يقع فيه الفعل


نلاحظ الآتي : =======

الغموض والركاكة و عمومية الصياغة ___________________________
. 1. لم يرد فى القانون اى تعريف للزى(الفاضح) أو السلوك (الفاضح) حيث تخضع الواقعة المعنية لتقديرات شرطى النظام العامة الذاتية وربما مزاجه الشخصى

وتجاوزات شرطي النظام العام كثيرة و معروفة وبالتالي أصبح إنسان (غير مؤهل) و ضعف أخلاقياً و (دينياٌ) و ليست له أي (ولاية شرعية على النساء) من أساسه - مكلفاً- أن يكون شاهداٌ ( على مخالفة الزي) و قاضياٌ ( يحدد مخالفة الزي) و جلاداُ (يمارس العقوبة منذ لحظة ضبط المخالفة وقبل المحاكمة حتى !) جميعهم في نفس الوقت في نفس الشخص .

2. إذا أفترضنا أن ديانة (المتهم\ه) تحت طائلة هذه المادة هي الإسلام (لاحظ\ي هناك تعدد ديانات في السودان)

ومن ناحية شرعية بحتة

هل يوجد (حد) في الاسلام يوجب جلد النساء 40 جلدة بتهمة مضايقة الشعور العام ؟ --------------------------------------------------------------------------------------------

(المعروف من "الكتاب و السنة" أن الجلد للنساء و الرجال فقط في ثلاث مخالفات هي "شرب الخمر" و "زنا غير المحصن" و "القذف" غير ذلك لا يوجد جلد ، و حتى هذه المخالفات وضع تطبيق الرسول صلى الله عليه و سلم للجلد بها ، شروطاً صعبة للتحقق صحة إستخدامها منها - الإقرار و التكرار (الإصرار) بعد النصح و الإرشاد و الشهادة المتعددة - و من المأثور لديه قوله صلى الله عليه و سلم "أدرأو الحدود بالشبهات" )

فما بالك بمن يعاقب تحت طائلة هذا القانون من - غير المسلمين !!!

(ملحوظة المادة 152 غير مستثناة من عدم التطبيق – المشروط – في الولايات الجنوبية).


3. نص الفقرة الثانية من (المادة 152) على أن الفعل يكون مخلاً بمعيارين دين الفاعل او منطقة الفعل

وهنا يحق لنا أن نتساءل : ماهي الافعال الفاضحة او اللبس الفاضح بمعيار( الدين الاسلامي) او اي دين اخر، مع الوضع في الإعتبار عدم وجود – نص – متعارف و ( متفق عليه) يسمى (شريعة إسلامية) ، فجميع ما هو مكتوب و متوارث تاريخياً هو إجتهادات لمجموعة من" الفقهاء المسلمين" من كافة طوائف و مذاهب المسلمين – سنة، شيعة الخ – لتفسير جملة من النصوص (آيات و أحاديث) ، كما ان (العرف) مفهوم مطاط و - غير دقيق - و الصياغة نفسها "معومة" من اجل زيادة صلاحيات (التطبيق) على حساب (التشريع) الذي هو الأصل أي نص القانون.

4. المحاكمات الإيجازية التى تتم فى محاكم هذا القانون تتسم بالاستعجال وعدم التروى، فكانت تتم حتى فى أيام العطلات أو ساعات متأخرة من الليل،و أيضاً تحرم المحاكمات الإيجازية (المتهم\ة) من حق الاستئناف اوحق استجلاب المحامي أو إحضار الشهود، و تكون العقوبة (فورية) أيضاً (وهي الجلد في الغالب رغم نص القانون على الغرامة) ، نقول هذه المحاكمات الإيجازية هى فى مجملها ابتسار للإجراءات المتعارف عليها في القانون و تتنافى مع مقتضيات العدالة.

5. الطريقة التي يتم القبض على النساء و رفعهن في سيارة شرطة النظام العام هي لا انسانية و ومهينة و مليئة بالإذلال و القهر (رغم أنهن متهمات – لم تثبت عليهن أي تهمة بعد - و يحق لهن الصمت أو حتى الإستعانة بمحامي) ، ولكن ما يحدث هو العكس حيث يتم التحرش (اللفظي و المادي) عليهن و تتم معاملتهن كالعاهرات و بائعات الهوى ، كما لا ننسى وجود حالات إغتصاب للنساء في سجون النظام العام ، لدرجة أن من يتم إعتقالها هناك يشكك الناس تلقائياٌ في شرفها حتى و لو لم يمسسه سوء من ما يؤدي الى تدمير سمعة و مستقبل تلك الفتاة حيث سيعاملها المجتمع السوداني – المحافظ نوعاٌ ما – كالمجرمة ولن تجد زوجاٌ أو إحتراماً من المجتمع و سيظل إعتقالها وصمة عار إلى الأبد في حياتها.




خاتمة : ====

يعد القانون الجنائي لسنة 1991(قانون النظام العام) و خصوصاً المادة 152 من أشد القوانين تمييزاً ضد المرأة السودانية لانتهاكه حريات أساسية من حق المواطن التمتع بها..وقد استهدف هذا القانون المرأة العاملة والطالبة بشكل خاص، و من أبشع الحوادث التي واكبت تطبيقه هي هي حادثة كلية الأحفاد الجامعية ، في 24/8/1997م عندما اقتحمت شرطة النظام العام حرم الجامعة ، واقتادت الطالبات من حافلات الترحيل ، إلى مركز شرطة ميدان الربيع ، أحد أشهر الميادين العامة في مدينة أمدرمان ، حيث تعرضن للاحتجاز والضرب و الجلد و الأهانة ، و طبقت عليهن عقوبة الجلد أيضاً و هن بنات أسر و مربيات و محترمات حيث تمت معاملتهن كالعاهرات و بائعات "العرقي الخمور البلدية السودانية " ، و جلدن بنفس الطريقة المهينة التي تحط من كرامتهن و إنسانيتهن.

و قد أجمع رجال القانون على أن القانون الجنائي لسنة 1991(قانون النظام العام) يتسم بالغموض والركاكة، وأن القصد منه هو القمع وكبت الحريات فهو عبارة عن (مجموعة مواد غامضة مبتورة رديئة الصياغة والصيغ و بعد استبعاد التعريفات تتبقى (لوائح وأوامر محلية تنظم عمل المجالس) )، كما أنه يفتقد المرجعية – الدينية أو حتى العرفية – الكافية ليكون متوائماُ حتى مع الدستور الإنتقالي الحالي لحكومة السودان أو حتى مع القوانين و المواثيق الدولية الموقعة عليها حكومة السودان كالإعلان العالمي لحقوق الإنسان و إتفاقية سيداو العالمية للدفاع عن حقوق المرأة و الطفل.



المصادر : ======

1. القانون الجنائي لسنة 1991 – قوانين السودان على الإنترنت
http://www.lawsofsudan.net/modules.p...showpage&pid=3