" الإجراءات التي أتخذها ليست إلا تدبيرا جذريا للإسراع في تفجير الحقيقة والوصول للعدالة".ولكن لدي شغف واحد: تنوير الذين تم حجبهم في الظلام، وباسم الإنسانية معاونة هؤلاء الذي عانوا الكثير ولهم حق التمتع بالسعادة.رسالتي رسالة احتجاج نارية وما هي الا مجرد صرخة روحي.دعوهم يتجرؤن ويجلبونني أمام محكمة قانونية، وليتم التحقيق معي في وضح النهار! " إميل زولا ،"إنى أتهم! "(1898)

الأربعاء، أغسطس 19، 2009

المغترب السوداني بين جحيم الوطن وجمر الغربة /
بقلم/ مصعب مصطفي الجز ولي-المحامي
melgzoli@yahoo.com

المغتربون السودانيين شريحة مهمة وجزء من الشعب السوداني الأبي،ظلت ومازالت تقوم بواجباتها تجاه الوطن في كافة المجالات ،وساهموا في مسيرة بناء الوطن بفكرهم ومالهم وأدوا ضريبة الوطن علي أكمل وجه،ورغم ذلك مازال المغترب السوداني يعاني من ويلات الضرائب والجبايات المفروضة عليه من قبل الحكومة بمختلف المسميات والألوان(مساهمة،دمغة جريح، دعم ترعتي كنانة والرهد ......المجهود الحربي وودعم السلام و..ووووووالخ...وهو حتي الان لايعرف الي أين تذهب هذه الجبايات؟؟؟؟ورغم تدفق البترول لم ينصلح حال المغترب بل ازدادت حالته سوءا...وأصبح كالمنبت لا أرضا قطع ولا ظهرا ابقي...والمغتربون بوصفهم هذا هم أكثر الفئات المغلوبة علي أمرها وأعظمها تضررا من قبل الدولة ومؤسساتها المختلفة ،وقانون الانتخابات لسنة 2008م ابلغ دليل لتجسيد هذا الظلم ،وذلك بانتقاصه الصريح لحقوق المغترب كمواطن سوداني ،حيث أن المادة 22-3-4من قانون الانتخابات لسنة2008حصرت مشاركة المغترب في الانتخابات الرئاسية والاستفتاء فقط ،وحرمته من المشاركة في الانتخابات القومية والولائية ،وهذه المادة تعارض نصوص الدستور الانتقالي لسنة 2005 فقد نصت المادة 1-2من الدستور علي الأتي(تلتزم الدولة باحترام وترقية الكرامة الإنسانية،وتؤسس علي العدالة والمساواة والارتقاء بحقوق الإنسان وحرياته الأساسية وتتيح التعددية الحزبية). فقانون الانتخابات هذا قد فرق بين المواطنين فمنهم من يقترح للسلطة التنفيذية والتشريعية ومنهم من يقترح للسلطة التنفيذية فقط، هذا القانون لايقوم علي المساواة بين المواطنين ولايحترم حقوق الإنسان وحرياته الأساسية التي كفلها له الدستور والمواثيق الدولية حيث نصت المادة 7-1 من الدستور علي الآتي:(تكون المواطنة أساس الحقوق المتساوية والواجبات لكل السودانيين).فالتميز بين مواطن مغترب ومواطن داخل الوطن لايصب في مصلحة البلاد العليا كما أن مشاركة المغتربين في الانتخابات البرلمانية يرجع تاريخها إلى عام 1953م ، عندما اشتركوا في انتخابات دائرة الخريجين ذات المقاعد الخمسة ، و في عام 1965م تجددت مشاركتهم في انتخابات دائرة الخريجين ذات الخمس عشرة على المستوى القومي ، و في عام 1986م كانت مشاركتهم على المستوى الولائي ، لأن مقاعد الخريجين الثمانية و العشرين قد وزعت بين ولايات السودان المختلفة ، أذن حرمان المغتربين من المشاركة في الانتخابات البرلمانية يعد هذا نموذجا للضرر الواقع علي المغترب السوداني من قبل السلطة التشريعية بإجازتها لهذا القانون والسلطة التنفيذية بالتصديق عليه ،وهناك مؤسسات حكومية أخري رسمية الحقت بالمغتربين من الظلم مالا مثيل له ومازالت (سفارة السودان بالسعودية وجهاز المغتربين نموذجا) فقد جمعتا من المغتربين باسم الاستثمار من الاموال لمشروع سندس الزراعي ماجعل المغتربين في السعودية يعضون بنان الندم علي هذا المشروع الخواء الذي حسبوه ماءا فلم يجنون غير السراب والجري واللهاث خلف الحقوق الضائعة والمهضومة. ومازال هذا الجهاز يمارس دون تفويض وصايه علي المغترب حتي أودت به الي موارد الهلاك و ماانفك هذا الجهاز يرسل الوفود لترويج المشاريع الخاسرة والفاشلة وماجامعة المغتربين الا نموذجا اخر للفشل واستنزاف جيوب المغتربين ودليل علي التمييز السلبي بين أبناء الوطن الواحد والمشاريع التي خدع فيها المغتربين كثيرة سواء من هذا الجهاز أو من غيره (وفود البنك الزراعي للترويج للمضاربات أو وفود مصلحة الأراضي التي تذهب الي دول الخليج لترويج الأراضي كمثال لأكل أموال المغتربين بالباطل ). إضافة الي أن سفارة السودان بالرياض درجت علي دفع رواتب موظفي الدولة في أكثر من 20دولة في العالم وكل هذا من مال المغترب الكادح (مالكم كيف تحكمون).
فحرمان المغترب من حقوقه الدستورية يعد انتهاكا صريحا للدستور الانتقالي فضلا عن ذلك يترك أثرا نفسيا في نفوس هولاء المغتربين الذين مابخلو يوما علي تلبية نداء الوطن الذي لم يقدر ساسته ذلك بل يرون في هولاء الغلابة بقرة حلوب تندرج تحت طبقة (المنصفعة) تابعه لسلطانهم ونفوذهم وتكون وظيفتها تلقي الصفعات من هولاء السادة في ساديه يحسدون عليها، لو علم هولاء السادة بان تشريع مثل هذه القوانين التي تفرق بين أبناء الوطن سوف تودي الي إحراق وشرزمة وطن هو أصلا علي شفاه حفرة من انهيار وربما علموا ذلك ولكن المصلحة الوقتية والنظرة الضيقة عند هولاء هي التي تقود إلي ذلك ،عندما يصل الظلم الي قمة عدم الاحتمال فان المغترب عندئذ لايستطيع الصبر فتكون الغربة حلا امثل ،عندما ينبذه الوطن ويعامله كمواطن من الدرجة الثانية ولا يري قادته فيه سوي هدفا سهلا وصيدا ثمينا ،وربما بدا البحث عن وطن جديد(حتي ولو إسرائيل) وطن يقبل به وياويه ويصون كرامته كانسان ولايمقته حقوقه المشروعه،رغم الحنين الذي سيعذبه والبعد عن الوطن الذي يذبحه من الوريد الي الوريد ولكنه يعزي نفسه بالأمل بأنه سيعود يوما الي الوطن....أما آن الوقت لإنصاف المغتربين وخاصة وان هناك تقرير حكومي صدر موخرا كشف عن ازدياد معدلات الهجرة الخارجية خلال الأعوام من2002م الي2007 بنسبة بلغت124% وذكر التقرير أن عدد العاملين بالخارج حتي عام 2008 بلغ800000 منتشرين في 108 دولة وفي ظل هذه الأرقام المخيفة يجب علي الدولة أعادة سياساتها في مايتعلق بامرالمغترب السوداني والاستفادة من تجارب الدول الاخري (تونس مثلا) التي تشجع مغتربيها علي الاستقرار والعودة الي الوطن وذلك بتذليل كافة الصعوبات التي تعترض طريقهم من جمارك وضرائب وغيرها..... وحتي يتم ذلك علي الحكومة إيقاف تلك الوفود التي تشد الرحال للمغتربين في مهاجرهم لتبيعهم الأوهام والمشاريع الخاسرة ،وأخيرا يبقي السؤال ....حائرا....؟؟؟؟؟؟؟؟؟
أيهما ارحم ....جحيم الوطن .....أم جمر الغربة؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟؟

ليست هناك تعليقات: