" الإجراءات التي أتخذها ليست إلا تدبيرا جذريا للإسراع في تفجير الحقيقة والوصول للعدالة".ولكن لدي شغف واحد: تنوير الذين تم حجبهم في الظلام، وباسم الإنسانية معاونة هؤلاء الذي عانوا الكثير ولهم حق التمتع بالسعادة.رسالتي رسالة احتجاج نارية وما هي الا مجرد صرخة روحي.دعوهم يتجرؤن ويجلبونني أمام محكمة قانونية، وليتم التحقيق معي في وضح النهار! " إميل زولا ،"إنى أتهم! "(1898)

الأحد، مايو 30، 2010

حكاوي سنوات التيه

الاغتراب... والمغتربون عالم تاني... المغترب يشيل شنطتو ويشرّق... قاصد ديار الزيت... يمشي هناك عشان ياخد لو سنتين تلاتة ويعرس ويشتري بيت وعربية... ويجي راجع يقعد عند اهلو... لكن يلقى نفسو ورط في الغربة... والزمن يجري بهنا وبهناك... مغتربين الخليج... ولقوانين دول القّطرة والعقال... يلقى نفسو لا هو خليجي ولا هو سوداني... يلقى نفسو حاجة كدا ما معروفة شنو... هناك لاهو مواطن عشان يقعد ويتوهّط سمح... وهنا يلقى نفسو مواطن مع وقف التنفيذ... ضايع... بين الاتنين يضيع هو... مغتربين السعودية حاجة تانية... حاجة تجنن الما يجن... خليط من الشعور بالدونية وشعور بالفوقية في وقت واحد... شعور بالدونية للبلاقيهو من الغربة... وبالفوقية لانو كان لما يرجع هنا بيتعامل كانو حاجة تانية وزول فريد في نوعو... يحيط به الناس من كل جانب... واول ما يفلس ويعلّم الله يبدو يسالوهو انت راجع متين؟... عشان يمشي يخم ويجي تاني... هذا المخلوق المغترب في حياته يمر باربع مراحل رئيسية هي المرحلة القردية... ثم المرحلة الحمارية... ثم المرحلة القُرادية... هذا المراحل لها التأثير في تكوينو الوجداني وسلوكو....

المرحلة القردية
تبدأ هذه المرحلة اول ما يبدا المغترب في اجراءات السفر... يبدا يحس انه اصبح جزءا من فصيلة المغتربين... ويتصرف على هذا الاساس... واول ما يقول بسم الله ويخت كراعو في قفص اغترابو... يبدا يحاكي من سبقوهو في الاغتراب... .يبدا يفكر يشتري عربية... ثم ستالايت في اوضتو براهو... ثم المتزوج يفكر يجيب مرتو بهناك ويقعد يجهز في البيت من العفش زي الجماعة القبالو بالضبط... من غرف نوم وعرف جلوس وسراير وموكيت وملايات امريكية وايطالية ولو في ملايات امم متحدة يشتريها زي الكبار والقدرو من المغتربين... ثم يبدأ في التوالد... التوالد هناك يتم في موسم معلوم ومعروف حسب خبرتي يتم اغلبه في فترة الشتاء اما فترة الصيف فهي للاجازات والعُمرة لمن لم يستطيع للاجازة سبيلا حكمة ربنا قعدت في منطقة حضرت فيها موسم توالد في اسبوع واحد كان هناك خمسة ولادات ضكور... والخمسة أي واحد فيهم ابوهو سماهو محمد ودا كان نتيجة تأثير المرحلة القردية... وقد حباني الله بان اتعرف على احد المغتربين في السعودية عندو تلاتة من الابناء يحملون اسم محمد... محمد سادة.. ثم محمد المامون..ثم محمد الامين... واقترحت عليه مساعدة مني في حل ازمة الاسامي ان يسمي الولد الجايي محمد وردي... ولو انزنق والحكاية جرت وورت معاهو يسمي البعدو محمد فرفور... العجيبة انو اسمو هو براهو محمد عثمان... المرحلة القردية مرحلة قصيرة الامد... والغربة والشغل وجهاز المغتربين وضرايبو والكفيل ما بيخلو أي مغترب يستمتع بهذه المرحلة... لهذا نجد ان المخلوق المغترب يدخل في المرحلة الحمارية سريع جدا...

المرحلة الحمارية
تتميز هذه المرحلة بالسكون والهدوء و الطاعة العمياء... وهي اطول مرحلة من مراحل تطور المغترب... ويكون المغترب فيها حمار شغل... البيت الشغل وبالعكس... ويكون عارف من تشرق الشمش هو الليلة حيسوي شنو... وقد استفاد بعض الكفلاء من هذه المرحلة ومميزاتها الحمارية... بان يطلبوا من المخلوق المغترب... ان يشتغل أي حاجة في أي وقت... ويقوم هذا المخلوق بالعمل بهمة عالية ونفس راضية ورضى عنها... كما ان بعض الذكيات من نسوان المغتربين استفادت من هذه المرحلة والطاعة بان كانت تطلب من بعلها كل ما تتمناهو وهو ما بيقول لا... يتمنى المغترب السعودي في هذه المرحلة بان ينادوهو بابي فلان... ابو محمد.. ابو عادل... ابو فاطنة... ابو نفيسة... ابو كديسة... كما وانه تبدو عليه ملامح تقالة الدم... . بدءا من الدقن المشغنفة.. وانتهاء بالنكت البايخة التي لو استمعت لواحدة منها تقوم عليهو تعضيهو في نص قنقونو ولما تمشي البيت تقفل عليك اوضة وتقعد تبكي لمن الله يغفر ليك تبكي عشان بياخة النكتة وعشان ربنا ابتلاك ببلوة وهي عظيمة الا على الخاشعين... ايضا قد حباني الله باحد النكتنجية من مغتربي المرحلة الحمارية... يحكي النكتة ويضحك فيها هو لحدي ما دموعو تجري... حتى لو حكاها عشرين مرة في الدقيقة... وكنت لما اشوفو جايي علي اسال الله سبحانه وتعالى ان يلزمني الصبر الجميل والسلوان... وان يجعل استماعي الى نكته في ميزان حسناتي... ويتميز مغترب المرحلة الحمارية بدقة وسرعة تحويل قيمة الريال الى العملة السودانية مرورا بالدولار... تتم هذه العمليات بسرعة جدا في راسو... ويديك نتيجة تحويل أي مبلغ بكل دقة وامانة حتى الكسور ما يخليها... ايضا مغترب المرحلة الحمارية يكون شغوف جدا ومعجب جدا بكفيلو... يقعد وسط الناس ولو بيتكلمو في الكورة ينط هو ويقول يا زول ها والله الكفيل كفيلي انا... وبس... ثم يحكي عن احترامو ليهو وكيف بيتعامل معاهو مع انك تكون واثقا تمام الثقة انو نضمو دا كلو اماني... واضغاث احلام... ثم تبدأ بوادر انتهاء المرحلة الحمارية تلوح في الافق وتظهر بوادر المرحلة القرادية... بان يبدأ المغترب يفكر في البديل في حالة الاستغناء عنه... والبديل داخل بلد الاغتراب.. وتظهر عليه القرادية جلية عندما يستغنى عنه فعلا...

المرحلة القُرادية
وهي مرحلة قد تطول وتقصر حسب عمر المغترب... المصّر ان يكون قُرادة للنهاية... وهي تتميز بان يقوم المغترب بالتشبث بالشغل والبقاء اطول فترة في بلد الاغتراب... يرفدوهو من شغل يشعبط في شغل تاني... يسفروهو يكون شال معاهو فيزا ويرجع تاني.. يكشوهو يرجع عُمرة او حج ويكسر ركبة هناك... لاحظت ان هذه المرحلة ليست حكرا على السوداني... ايضا هناك القراد المصري والقراد الهندي والقراد الباكستاني... ما يميز القراد السوداني انه يتكاثر ويتوالد في العائل وهو ياخد فترة طويله متشعبط في الهدف... عكس القراد المصري الذي يكون فترة تطفله قصيرة لكنها مجزية ومضرة حد الضرر ما يقيف لو حد...

المرحلة الكلبية الاستثنائية او (مرحلة كلب الحر)
وهي استثنائية لانها تتم خارج بلد الاغتراب وداخل السودان... المخلوق المغترب يقرر ان يرجع الي السودان... مصدقا نضم الحكومة في التلفزيون بان المغتربين يرجعوا والبلد محتاجة لخبراتهم وان السودان احسن بلد ممكن الواحد يستثمر اموالو فيهو... ثم تبدأ رحلة الجري... لو عندو بيت قاعد يبني فيهو يقعد يتجارا عليهو وقتو كلو ورا لواري الطوب والاسمنت... وبعد كدا يقعد يتجارا.. ثم يبدا الجري في السهلة عشان يعرف البلد والناس بتسوي في شنو؟... ويشتغل شنو؟ يجري كما يجري كلب الحر يجري عشان يشوف مدارس وجامعات لي وليداتو... ثم يستمرئ الجري قد يكون اشد عدوا من كلب الحر زاتو... ثم ... ثم بعد فترة يمشي الحج للمرة الاخيرة ثم يعمل عمليه بروستاتا... ثم يتوفاهو الله الى رحمته...

السبت، مايو 29، 2010

فخاخ الرائحة هل هي رواية تناص أم تلاص ؟

فخاخ الرائحة هل هي رواية تناص أم تلاص ؟
المحيميد يقع في فخ ( الحكايات المروية )



عمان : خالد السلماوي

salamwe@maktoob.com

مصادفة كنت أشاهد حوار العربية ( اضاءات ) تركي الدخيل مع الروائي السعودي يوسف المحيميد .ما سمعته كلاما غريبا غيرا متراكبا أو حتى متوازنا وما لفتني إلغاؤه كل الحركة الروائية السعودية الطويلة الحافلة بالأسماء الجميلة والواعدة. مبقيا ذاته على سدة الرواية السعودية متفردا بها . ثم تعجبت من منطقه العجيب وهو يقص علينا كيف تم ترشيح فخاخ الرائحة للترجمة وشروط الترشيح الصعبة التي لا يدخل في إطارها سوى نص بثقل فخاخ الرائحة بما يناقض الواقع تماما , وكأن الجالسين أمام شاشة التلفاز سذج أو أنهم يغطون في نوم عميق .فقررت الحصول على الرواية وبحثت عنها فلم أجدها عند أصدقائي , وكان معرض الكتاب في عمان فرصة سانحة لاقتناء الرواية , ولأنها صغيرة الحجم فقد قرأتها بنهم في ساعتين متواصلتين لاكتشاف قدر إبداع الكاتب الذي تعاظم في حوار العربي . المفاجأة في الرواية التي صعقتني هو اجتراؤه على نص قديم كنت قرأته قبل أعوام .. رواية سودانية رائعة ومعروفة كتبت قبل اكثر من عشر سنوات وهي( سالم ود السما )للروائي السوداني المبدع الطيب الزبير وحتى أشرك القارئ معي في ما ارتكبه المحيميد لنقرأ أولا في النص الأصل ثم النص التقليد .

من رواية سالم ود السما :

فسالم ليس عبداً عادياً بل هو كنز فى سوق النخاسين . فالصبى وسيم ، بهى الطلعة ، حنطي اللون ، يحفظ القرآن ويجيد القراءة والكتابة والحساب لذا فهو ليس من نوع الصبية الذين يختطفهم ود نقادى ويبيعهم بمائتي ريال مصرى لبدو البطانه ليرعون الأبل والغنم . وهناك سوق واحدة يمكن أن يباع فيها بمال كثيرهو ميناء سواكن على ساحل البحر الأحمر ، حيث يحضر عملاء لأمراء ووجهاء حجازيين ويشترون الرقيق لحسابهم من هناك ثم يهربونهم فى سفن خاصة إلى ميناء جدة على الساحل الشرقى للبحر الأحمر حيث يباعون فى الحجاز بأضعاف أثمانهم فى سواكن . فتجارة الرق ماتزال رائجة فى مدن شبه الجزيرة العربية والخليج مثل مكة والمدينة والمنامة والبحرين ومسقط وصور وأبو ظبى ودبى . وبما أن الأنجليز قد أفلحوا فى تجفيف المصدر الرئيسي لهذه التجارة ، وهو أفريقيا ، فأن المغامرين الذين يتمكنون من الوصول بعبيدهم إلى جدة يجنون أرباحاً طائلة. وبعد رحلة بالجمال أستغرقت عشرة أيام كان الخاطفان خلالها يسيران ليلاً ويتلطفان بالغابات والأودية والكهوف خلال النهار وصلا بسالم إلى سواكن . لم يكن بيع وشراء العبيد أمراً سهلا بسواكن وذلك لأنها ميناء السودان الأوحد وبها وجود مكثف للحكومة . فهناك معتمد جبال البحر الأحمر إلى جانب مدير الميناء وكلاهما بريطانى له سلطات واسعة . فللأوَّل تتبع شرطة المديرية وللثانى شرطة الميناء ومع كل واحد من الجهازين نشرة من السكرتير الإدارى بالخرطوم تحكى قصة أختفاء سالم وتحوى وصفا دقيقا لملامحه وهيئته وصورة للصبى رسمها فنان هندى على ضوء الوصف الدقيق لشكله وتقاطيع وجهه ، وهى قريبة جدا من الواقع . كان بالسفينة التى أبحرت بسالم أربعة رجال ، ثلاثة عرب ورجل أسود كالكحل لم ير سالم فى حياته إنسانا بضخامته وكان يتولى قيادة السفينة . يرتدى الرجل الأسود إزاراً أخضر ويعصب رأسه بقطعة قماش حمراء . عندما أراد الرجل الأسود ربط إزاره بتكة قطنية طولها متر ونصف مط جسمه إلى أعلى وكأنه أراد الأمساك بشئ معلق فى السماء ، ولم ير سالم طرفى التكة بعد أن ربطت إذا غطاهما شحم البطن وتدلى خمس بوصات إلى أسفل بينما تدلى شحم العنق على الكتفين وأصبح كحلقة المحراث على حدبة الثور . يحمل فكه العلوى أربعة أنياب مترادفة عجزت شفتاه عن حجبها فجعلته يبدو كخنزير برَّى شرس . فى اليوم الثانى كان البحر هادئا فأقبل الرجل الأسود نحو سالم والتفت إلى رجلين كانا معه وقال لهما : - امسكوه . فدنا أحد الرجلين من سالم وأمسكه من الخلف بينما أمسك الآخر بتكتة وحلها . ولما قاوم سالم لطمه الرجل الأسود على أنفه فاحمر البحر أمام عينيه ثم أسوَّد وسقط فى قاع السفينة ولم يدر ما حل به بعد ذلك . عندما أفاق الصبي من أغماءته كان يشعر بألم شديد فى خصيتيه ورغبة فى التبوُّل ، وكان الرجل الأسود يقف إلى جانبه فسأله : - عايز إيه ؟ - عايز أبول . - بول هنا . ومد له إناءً ، وبعد ألم شديد وعذاب لم يذقه سالم فى حياته من قبل ، بال دماً . وعندما تحسس خصيتيه لم يجد لهما أثراً ولم يبق منهما سوى الجلد الذى تدلى كثديي جدته سليمة العاريين عندما تكون منهمكة فى عمل المريسة ، فأدرك ما حل به خلال إغماءته . كانت جدته سليمة تشترى الحملان الهزيلة لتسمينها ببقايا المريسة ، وكانت كلما اشترت حملاً جديدا حملته إلى عبد التام : - عبد التام اخْصِ لى الحمل دا . فيمسك عبد التام خصية الحمل بيده الغليظة الخشنة ويعصرها حتى تتكسَّر ثم يكرِّر العملية مع الخصية الأخرى . إذن لقد خصوه ! خصاه العبد الأسود اللعين بيده الضخمة الخشنة التى تشبه لسان فرس النهر ....... أصبح خصيا كحملان سليمة ...... ولكن سليمة كانت تقول أن الحملان الخصية تسمن سريعاً ، فلماذا خصوه هو الآن ...... أيريدونه أن يصبح سميناً كالعبد الذى خصاه ؟ وفجأة تذكَّر....... كان سالم يقف على دكة من الحجر والخرصانة ، ارتفاعها متر ، وسط سوق العبيد بجدة ، وقد ألبس إزاراً أزرق غطى مابين الخصر والركبتين وترك باقي الجسم عارياً ليتفحصه الراغبون فأغمض عينيه للحظة وتمنى أن يكون مايراه ويسمعه الآن وما عاشه من تجارب خلال الشهرين الماضيين مجرد حلم مزعج سرعان ما يصحو منه ويجد نفسه راقدا على السرير الذى جدّد نسيجه عبد التام قبل يوم واحد من اختطافه ثم يغيَّر من رقدته ليواصل النوم فيمنعه عن ذلك صوت المؤذن عبد الله ود بخيت وهو يحث الناس لصلاة الفجر بصوته الرقيق العذب : - ومن أحسن قولاً ممَّن دعا إلى الله وعمل صالحاً وقال إننى من المسلمين ........ الله أكبر ...... الله أكبر ........ فينهض من على فراشه ويملأ القرعة من ماء الزير البارد ثم يخرج من الغرفة ويجلس على أحد بنائر زبائن المريسة ويشرع فى الوضوء ، وماء النيل يمتد أمامه كثوب أبيض غسل ونشر على أرض مستوية ليجف فتهب النسمات العليلة فترفع وسطه قليلا عن الأرض ثم تخفضه . و خلال الوضوء يسمع حداء طه ود التيمان وهو يهش على ثوره كي يسرع فى جر الساقية عندما وصل سالم إلى دار مولاه الجديد أدرك أنه لم تكن هناك ضرورة لخصيه . فالرجل الذى أشتراه لم يدفع مقابله خمسين ألف ريالاً ليضمه الى خدم منزله الذين تقتضى الضرورة خصيهم ، بل يريده أن يكون مديرا لأعماله التجارية . فالشيخ سالم الخفجى واحد من أكبر مطوفى الحجاج بجدة ومكة ، وهو أمي لا يقرأ ولا يكتب . وعندما علم أن صبياً سنارياً سوف يباع فى سوق النخاسين وانه يحفظ القرآن ويجيد الحساب حمل معه مائة ألف ريالاً وتوجه إلى هناك . وبعد عامين تعرف خلالهما على كفاءة سالم وسمو أخلاقه جاءه يوماً وهو يحمل فى يده بطاقة مواطنة . - ياسالم ، منذ اليوم أنت مش عبدى ، وإنما ابنى وصاحب التصرُّف فى مالى . - بارك الله فيك يا حاج سالم . - ومنذ اليوم يصير إسمك سليم سالم الخفجى . - بارك الله فيك يا أبوى سالم . - كنت عايز أعتقك قبل عام ، ولكن تريثت ريثما أستصدر لك بطاقة المواطنة هذه . وناولها له ، وتحمل اسم سليم سالم الخفجى ، الجنسية حجازى ، الديانة : مسلم ، تاريخ الميلاد : 1318 هـ . المهنة : تاجر ، أقرب الأقربين : والده وشريكه سالم الخفجى . - أنت حر منذ اليوم ، إذا اخترت البقاء معى فسوف يكون لك ثلث ما نحققه من أرباح فى كل موسم وإذا تركتنى .......... - وهل يترك الإبن أباه ؟ فبكى الخفجى وعانق سالماً . فالرجل عقيم لم ينعم بأبوة أحد ، والصبى تعس لم ينعم ببنوة أحد ، فوجد كل منهما ضالته فى الآخر . يبدأ عمل سالم قبل شهرين من وصول الحجاج إلى جدة ، فيقوم باعداد الدور التى يقيمون بها فى كل من جدة ومكة والمدينة ثم يشترى المواد التموينية ويستأجر العمال الذين يقومون بخدمة الحجيج . وعندما يصل الحجاج يجمع أوراقهم ويحول مدخراتهم إلى الريال الحجازى وينظم القوافل والسيارات التى تقلهم إلى مكة والمدينة ثم تعود بهم ثانية إلى جدة . كل الحجاج من أفريقيا والمغرب العربى ومصر يصلون إلى جدة عن طريق البحر . وقد عرف سالم بين المواطنين والحجاج بكفاءته وأمانته وحسن سيرته . - الخفجى طاح فى عبد زين . - أى والله يساوى وزنو دهب . - لا وكمان سوَّاه ابنو . كان سالم دائم التردد على حلقات العلم بمكة والمدينة فدرس الفقه والتوحيد والتفسير وأصبح عالماً جليلاً . أما حقيقة كونه خصى فلا يعرفها أنسان سوى سالم الخفجى الذى لم يبح بها لأحد ، كما أشترى جارية شركسية وتزوجها بعد أن كاشفها بعاهته فأحبته وأحبها . لا أحد يناديه بالاسم الذى بهويته . الكل يناديه باسم حاج سليم السنارى . فالشلوخ التى على خديه تهدى الناس دون عناء للبلد الذى جاء منه . كما أنَّ وضعه المميز يؤكد أنه جاء إلى الحجاز حاجاً وأصبح من المجاورين .

جزء من نص المحيميد التقليد :

قال العبد وهو يحكي حكايته : ما علينا المهم نقلونا ثاني يوم إلى شندي وتناقص عددنا حتى صرنا في بربر اثنان سقطا ميتين في الطريق اما البقية فلا اعرف اين اختفوا يمكن باعوهم في سوق شندي حتى يعوضوا تكلفة الحملة ويقدروا يدفعوا للجعليين الذين وفروا لهم الحماية اثناء الطريق خرجنا من بربر مع قطيع اغنام هائل واتجهنا ناحية سواكن على البحر في سفينة متوسطة الحجم وضعونا مع اكياس ذرة وصناديق مختومة من زرائب ومستودعات السفينة مظلمة تقريبا اما الاغنام البربر فقد كدسوها على سطح السفينة تحركت السفينة وهي تبتعد عن ميناء سواكن وقتها كان موسم الحج قبل الحج بشهر ونصف بقينا اياما وليالي طويلة في البحر .الى آخر النص الذي أطال فيه مقتبسا من رواية سالم ود السما. وفي جزء آخر من رواية فخاخ الرائحة يسوق المحيميد حكاية العبد توفيق يوم بيع أعطى اسما جديدا وخصي وبيع في جده . الفرق بين النصين أن رواية الطيب الزبير فائقة الصنعة ممتازة السكب التي اعتمدت عليها فخاخ الرائحة , قدمت لنا تجلية لتاريخ طبيعي غير مغتصب بين واقعين , الواقع السوداني والواقع السعودي في مراحل مهمة جدا تأسست على إثرها نمطية الصورة للمجتمع العربي , لم يفلح المحيميد في تقديم هذا النموذج الإحيائي الجميل , مكتفيا بقصاصات من حكايات منقولة بتشويه لا يؤدي الغرض منه كاملا وعندما تأملت في النص الشعبي للشخصية الثانية ( طراد ) اكتشف الهزال الذي يعانيه نص فخاخ الرائحة حيث أسسه على حكاية شعبية متداولة مع شيء من التشويه الذي يكشف عدم تمكن المحيميد من تمرير الحكاية الشعبية بذكاء حيث عكس سذاجة الحدث بينما هي في حقيقتها تشبه الأسطورة .. لنقرأ نص الحكاية الشعبية ربص ثلاثة رجال حنشل لقافلة حجاج بغية سرقتها كما جرت عادتهم . إلا أن نفرا من القافلة تنبهوا لهم , وقبضوا عليهم بجرمهم المشهود , ليحكم عليهم قائد القافلة وأميرها بسجنهما كما هو معروف داخل الرمال . درءا للقتل , المحرم على الحاج , تركوهم يواجهو ن مصيرهم القدري ليحكم الله في أمرهما , وفي الليل داهمهم ذئب جائع نهش رأسي اثنين وترك الثالث , فلما شبع أقعى قريبا منه إلى حد الالتصاق , الذي قرر سريعا في مواجهة الموت المحتوم النزال بما يمتلكه من سلاح لان الرجل المسجون في الرمل لن يستطيع تخليص نفسه إلا بعامل خارجي وإلا لاستطاع ذلك منذ الساعة الأولى من سجنه لقوته المكتنزة أما حينما تتسرب قواه وينتابه الذعر فلن يحرك ساكنا ,فلم يكن لدى الرجل سوى الأسنان , فكشر عن أنيابه وغرسها في فروة رقبة الذئب المرتخية إلى جانبه لتصل إلى لحمه , وهنا مكمن المفاجأة ,حيث استشعر الذئب ألما جارفا عصف به فنهض ساحبا رقبته من مصدر الوجع , ليسحب الرجل معه من مدفنه ويلقي به في العراء , مجردا إياه من براثن الأسر , هنا هبطت على الرجل قوة إرادة البقاء ليصارع الذئب الذي ختله فأتى على أذنه الجانبية فهرسها بين أسنانه الغليظة ليطلق الرجل فكيه الحديديين من شدة ألم الاستئصال الذئبي , ليولي الذئب هاربا بأذن الرجل يلوكها بين أسنانه , هنا انتصر الرجل كما انتصرت الحكاية لتصبح مثل الأسطورة التي تتناولها الألسن بشيء من الإعجاب وكان سبقا إعلاميا قدمه ابن الصحراء , قبل نورثكليف القائل في نظريته الإعلامية الشهيرة ( أن يعض كلب إنسانا فهذا ليس بخبر ولكن أن يعض الإنسان كلبا فهذا هو الخبر ) رواية المحيميد ساق المحيميد هذه الحكاية الشعبية كما هي مع تحريف افقدها ميزتها , حيث تخلص طراد بقوته الكامنة من الرمال مفلتا يديه من الرمل وبهزات جسده تمكن من الخروج إذا لماذا لم يفعلها باكرا ماذا كان ينتظر ربما نسي !!!!. , وهكذا أخفقت ( فخاخ الرائحة ) في تقديم أبطالها ليقع الراوي في فخ حكاية معروفة ساقها بارتجال ,نسف خلالها قيمة الأصل المعنوية بتحريف متعمد , مجيرا انتصار ابن الصحراء للذئب بشكل ساذج أجهض قيمتها الرمزية , ثم أن الرجل الأسطورة بات معتزا فخورا يتباهى بنفسه بين كل القبائل , ليس بحاجة ماسة كما تذهب حكايات الراوي المتعسفة للبحث عن الرزق في المدينة ( الرياض ) ويكون عرضة لتهكمات موظفي المكتب به , وهو ابن الصحراء معارك الذئاب . لم يع المحيميد جيدا هذا التمدد للشخصية البدوية الضاربة في عمق الصحراء, والتمدد المشهدي الآخر الغائص في فضائها بلا حدود , هذان البعدان صنعا في روع البدوي معجزاته . كل هذا جعلني اتتبع تفاصيل الرواية لأكتشف أن فخاخ الرائحة أخفقت في مراعاة الجانب المنطقي في أحداثها , والبعد الزمني أيضا على النحو التالي :

1- قضي على الحنشل تماما منذ العام 1920م . إذا كان عمر طراد فخاخ الرائحة يوم قدومه إلى الرياض سبعين عاما هنا لم تراع الرواية البعد الزمني ليس في حكاية طراد فقط بل في كل حكاياتها كلها مما سنأتي عليه لاحقا . فالبدوي الحنشل انتقل عنده بسرعة الصاروخ مائة سنة قادمة , إلى زمان الرياض الآخذة بالنهوض ليعمل في مهن حقيرة لا تقرها طبائع البدوي وكأنه بذلك يهزأ بعقل المتلقي وهو ليس كذلك حتما .

2 - واقعيا كما تتبناه الحكاية الشعبية فالرجل ذو الأذن المقطوعة اصبح أسطورة حكواتية نبتت في جحيم الصحراء مثل كثير من الحكايات الشعبية لأنها المشاع خصب لتنامي الخيال وتوالد (الرواية) ، والحكاية في الصحراء تجسيد للصراع القائم بين قوى الخير والشر حيث البطل يدخل في صراع مع كائنات تنتمي إلى عوالم غريبة كعالم الجن التي تحضر قريبا من الخيمة، وفي العراء يصارع حيوانات لا تنفصل عن بيئة الصحراء (غزلان أفاعي، ضباع، ذئاب) كما قد يكون حيوانات خيالية أو حتى بها بيئة الصحراء التي تلبس الحكايات لباسا فضفاضا من الخوارق وقد تشربت الحكاية الشعبية بكثير منها وهذا ما يدون لها سفرا خالدا على مر العصور والأزمنة لأنها تحرك مخيال الإنسان وتجعله مقابلا تماما لمفاجأة منتظرة تبلغ أحيانا حيز التصديق الذي يجلب على الإعجاب والخوف أحيانا ، وتلعب الشخصية الرئيسية في الحكاية الخارقة الدور الأكمل في جذب القارئ وتحفيزه لسبر غوره والاندماج بعالمه السحري الخاص ليصبح لهذه الشخصية حضورها المرتبط بوظيفتها ضمن المسار الحكائي، فالبطل شخصية محورية وتجب فيها الصفات التالية : الإقدام والجرأة على خوض المغامرة وركوب الخطر. وهي شخصية فريدة (في الحكاية الاجتماعية ) يحترمها القارئ وترسخ في مخيلته لما تمتلكه من جسد إنساني قوي كما تمنحه الطبيعة الذكاء والجمال والمساعدة . وبالتالي فالبطل متفوق على بقية الشخصيات. ولعل عالم هوليود قد قدرت ثراء هذه الشخصيات الأسطورية ليستلهمها في أعمال فتقت ذائقة العالم الغربي للإقبال عليها مثل فيلم كونن البربري ,حصان طروادة , والدمية ,روبن هود , وشيفرة دافينشي وملك الخواتم , والقلب الشجاع , وأخيرا فيلما 300 وقراصنة الكاريبي هذه الأفلام المأخوذة في مجملها من روايات شهيرة اتكأت على مر العصور على ذلك الخيال المتنامي لإثارة التشويق والجاذبية وبالإضافة إلى القوة الخارقة كما ضمت رموزاً نابضة بالحياة لتقريبها إلى الوجدان الشعبي والمعايشة الفكرية، في الوقت الذي يشوه فيه المحيميد هذه القيمة الشعبية , ويسخر منها , بلا احترام أو تقدير للموروث الشعبي , فالكتابة الإبداعية الحقيقية المستلهمة للحكاية الشعبية مسؤولة عن هذا الوجدان ويجب أن تنقله بأمانة وجدية بلا تحريف يخرجها عن مسارها التاريخي , بما يضمن للرواية مصداقية وللروائي قدرة إبداعية متى استطاع توظيفها بما يخدم غاياته , عن أهدافها كل كتابة جادة هادفة لابد آن تعلن عن أهدافها ضمن مسارها الإبداعي، بجعلها إحدى أركان النص المسقط بذكاء على قضايا المجتمع المختلفة عبر صور جمالية مقبولة . فشلت فخاخ الرائحة في إعادة تصنيع بطولة البدوي حيث تكون فيها من أسلاب مشاعر وأحاسيس دونية بسبب أذنه المنزوعة , ويتمنى أن يقايض عليها بقبيلته , وهذا مالا تقبله النزعة البدوية الصلفة في تعاملها مع الأشياء كما أسلفنا وفق مرجعيات غذته بها الصحراء , بلياليها الحالكة وجفائها وغدرها واستباحتها للذعر والخوف نفسه بما لا يبقي عند ابن الصحراء سوى العشق لعنفوانها و غدرها , بينما بدوي فخاخ الرائحة صنعت نموذجا لشخصية شوهاء , تتواجد على ذاتها وتجعل الكون في صحن أذن طراد . لتنقلب شخصية البدوي رأسا على عقب , فطراد شخصية بدوية مهزومة مترددة تعبث بها شخصيات الرواية العابرة على الرغم أنها مرت بتجربة شبه أسطورية , فلم تستلهم مقدراتها التجربية , وهذا الإسقاط الحكائي ميع شخصية الحدث العظيم في ذات طراد قاهر الطبيعة , والمنتصر على شراهة الذئب المفتوحة للفتك . لم يوظف بذكاء يحسب في صالح الكاتب , لأن القارئ بات في حيرة لا يدري ما الذي يطرحه هذا النص ؟

3 – سائق التاكسي الذي عبأ رحم فتاة سفاحا تورم بطنها به ولم يلتفت له أحد من الناس ، لتلد ناصر عبدالاله فاقد العين ليصبح ابن الحضانة ثم ابن بالتبني لإحدى سيدات المجتمع الرفيع كان ذلك قبل عتق العبيد سنه 1963 هـ وبسبب تصرفه البدائي غضبت عليه السيدة وأعادته فورا لدار الحضانة , بينما توفيق يذكر لنا أن طرده من جنة العمة كان تاليا لحملها المفاجئ فمن نصدق , ربما أراد الحكواتي ترك خيارات للموضوع

4- استعاد الحيميد الخبر الصحفي المنشور في الصحف السعودية قبل عامين اثر قيام شغالة فلبينية بالتحرش بأعضاء طفل صغير, كشف ذلك الأطباء الذين قاموا بتشخيص العلة التي كان يشكو منها الطفل , في أعضائه الجنسية . المحيميد في فخاخه ساق الحكاية نفسها باختلاف زمني ملحوظ , لأن شغالة الفخاخ الفلبينية التي تحرشت بأعضاء ناصر عبد الإله في دار الحضانة قد أقدمت على فعلتها النكراء عام 1960 تقريبا , أي قبيل خروج العبد توفيق من قصر العمة على خلفية قرار عتق الرقيق سنة 63 م , وبناء على مقايسات المنطق الزمني في الرواية , كان عمر ناصر تقريبا خمس سنوات . كما كشفت أحداث الرواية ذلك , ثم ما لهدف في إلصاق مثل هذه الحكايات في نص يفترض أن يأتي متسقا مع ذاته إلا بغية الإطالة فقط.

5- حكاية العبد توفيق المخصي الذي نقش حكايته من رواية سالم ود السما ولم يفلح في تنضيدها جيدا فيوم خرج من قصر العمة إلى الرياض عقب عتق العبيد عام 1963م باحثا عن عمل ؛ لم يجد , لأن ثم أناس يعبئون الأرصفة والأسواق وهم العمالة الآسيوية , والعمالة اللبنانية ,حكاية غريبة وأمر لا يرد على رأس عاقل أو حصيف . هؤلاء الذين لم تعرفهم السعودية إلا مع مطالع الثمنينات الميلادية وأقول ختاما : ليت المحيميد سكت حتى يعفي نصوصه من القراءات الفاحصة .. وليته احترم الأدب الذي اشتغل به حتى يقدم نصوصا جيدة .

عمان : خالد السلماوي

salamwe@maktoob.com





رابط رواية سالم ود السما على النت
http://www.sudaneseonline.com/cgi-bi...101522050&rn=1

المشهد الروائي في السودان _

الأربعاء, 17 فبراير 2010
الاربعاء - جدة-جريدة المدينة السعودية


من الصعب أن نحدد بشكل دقيق مسار الرواية السودانية - نعني هنا الرواية بمعناها الحديث وليس القصص الشعبي الذي يعمر التراث السوداني بذخيرة متشعبة منه بمئات اللغات واللهجات لم يبذل جهد علمي شامل لجمعه حتى الآن، رغم بعض الجهود الفردية المبعثرة هنا وهناك، وأخشى أن يكون هذا التراث الشفوي الضخم في طريقه للاندثار لعدم التدوين، وانقطاع سلسلة تداوله من جيل إلى جيل بغروب شمس «الحبوبة» الحكاءة، تلك التي غربت بغروبها شمس مؤسّسة ثقافية كاملة بتعبير عبدالله علي إبراهيم في مقاله الملهم «الحبوبة غروب شمس مؤسسة ثقافية» المنشور بمجلة الدوحة بداية الثمانينيات - إذ هناك مدة زمنية تفصل عادة بين تاريخ كتابة الرواية، وتاريخ نشرها نسبة لإشكالات النشر المعقدة في السودان، ورفع الدولة يدها عن النشر الثقافي، وافتقار الكاتب السوداني إلى طريق ممهد لنشر إنتاجه، ولذا نجد أن الرواية قد تقبع سنوات في حوزة صاحبها قبل أن تجد طريقها إلى القراء، وآية ذلك أن أغلب الباحثين درجوا على اعتبار رواية «إنّهم بشر» للرائد خليل عبدالله الحاج الرواية السادسة في تاريخ الروايات السودانية باعتبار تاريخ صدورها وهو العام 1960، ولكن هذه الرواية كتبت سنة 1954، ولم يستطع صاحبها نشرها سوى في العام 1960 في القاهرة، وبذا فهي ثاني الروايات السودانية ريادةً بالتزامن مع رواية «هائم على الأرض أو رسائل الحرمان» للأديب بدوي عبدالقادر خليل الصادرة سنة 1954، ما لم تكن الأخيرة أيضًا قد كتبت قبل ذلك بسنوات، بل إننا نرجح أن تكون أول رواية سودانية وهي «تاجوج» لعثمان هاشم، والتي يؤرخ لها بالعام 1948، وهو عام صدورها قد كتبت قبل ذلك بسنوات.
الأمر الثاني أن عددا من الروايات الرائدة صدر دون تاريخ نشر مثل «الاختيار» للسر محمد طه، ورواية سميرة مصطفي «درر»ـ ولدت سنة 1936 ـ «عدالة السماء»، وكذلك «الابتسامة الأخيرة « لجعفر نصر، مما يصعّب علينا من مهمة وضع هذه الروايات في سياقها التاريخي، أو إعداد بيبلوغرافيا دقيقة ترصد الرواية السودانية عبر تاريخها.
أضف إلى ذلك أن العديد من الروايات السودانية الرائدة التي صدرت في الخمسينيات أو الستينيات، تعد في حكم المفقودة، ومن الصعب الحصول عليها، ونسخها غير موجودة بدار الوثائق السودانية أو المكتبات العامة، ويتطلب الأمر جهدًا للحصول عليها من بعض المكتبات الخاصة، بل إن متابعة الروايات السودانية الحديثة تعد أمرًا شاقًا ومكلفًا للباحث إذ ما من مكتبة عامة تجمع هذه الروايات، وتيسر سبيل الحصول عليها.
الرواية السودانية الأولى صدورًا هي «تاجوج» إذن للرائد عثمان هاشم وقد انطلق فيها الكاتب من التراث الشعبي السردي السوداني، وذلك باستثماره للقصة الشعبية ذائعة الصيت «غرام تاجوج والمحلّق»، وبيئة الرواية هي شرق السودان حيث تعيش قبيلة الحمران من قبائل البجة، وقبيلة الهدندوة المعروفة، وكانت تاجوج الحمرانية من أجمل النساء، وبها يضرب المثل في الجمال، وقد ذكرت بعض الروايات أنها عاشت في النصف الأول من القرن التاسع عشر، وكان المحلق فارس قبيلته الحمران، وقائد انتصاراتها على الهدندوة، ومتيمًا بابنة عمه تاجوج، ويتزوجها، لكن زواجه منها ينتهي نهاية مأساوية، وقد حاول محمد عثمان هاشم أن ينسج من هذه القصة الشعبية رواية حديثة اتضحت فيها براعته في حبك عقدة فراق «المحلّق» من «تاجوج» بعد أن تزوجها، كما اتضحت براعته في رسم النهاية المأساوية للعاشقين كما تجري قصص العشاق عادة.
ويمكن القول بشكل عام أن بداية الرواية السودانية كانت مشابهة لبداية الرواية العربية عمومًا، وذلك في اتخاذها المنحى العاطفي الرومانسي مسارًا لها، مثلما فعل محمّد حسين هيكل مثلا في روايته «زينب» الصادرة سنة 1914، ولكن الرواية السودانية ما لبثت أن اتخذت مسارًا واقعيًّا ذا علاقة وثيقة بحوار الذات مع المجتمع، وقضايا الصراع الاجتماعي، ومشاكل الطبقات الاجتماعية المختلفة، كما نجد عند خليل عبدالله الحاج في «إنهم بشر» الصادرة سنة 1960، وأبي بكر خالد في «بداية الربيع» 1958، و»النبع المر» 1966، وملكة الدار في «الفراغ العريض»، وقد اتسعت الرواية الأخيرة لمناقشة قضايا المرأة، وطبيعة نظرة المجتمع إليها في ذلك الوقت، والدفاع عن حقها في اختيار الزوج والعمل، وغيرها مما يعد بداية ناضجة للكتابة النسوية.
** الستينيات:
شهدت الستينات قفزة نوعية كبرى في الرواية السودانية، ففضلاً عن ظهور عدد واسع من الروايات السودانية من كتاب مختلفين، فإن الفتح الروائي الكبير الذي قاده الطيب صالح برواياته قد قفز بالرواية السودانية قفزة كبرى، وبسرعة احتل الطيب صالح (1928 ـ 2009 ) مكانه كواحد من أفضل الروائيين في العالم العربي والعالم.
وفي الستينيات أيضًا برزت أسماء روائية مثل السر حسن فضل في روايته «من أجل ليلى» الصادرة سنة 1960، وأمين محمد زين «لقاء عند الغروب» 1963، ومحمد مختار محمد في «سخرية الأقدار» 1967، وعبدالفتاح خضر في «صراع» 1968، وحسن أمين في «دغدغة الأمل» 1968، ولكن يمكن القول بشكل عام إن التيار الرومانسي بكل قصصه العاطفية الفاجعة ظل سائدًا عند أولئك الكُتّاب ابتداء من العنوان حتى آخر كلمة في الرواية، ولم ينج منه سوى إبراهيم إسحق في «حدث في قرية» 1969، والطيب صالح في مجمل أعماله، وأبي بكر خالد في «النبع المر» 1966، وعدد قليل من الروائيين.
** السبعينيات:
أما حقبة السبعينيات فقد شهدت بروز عدد من الأسماء ابتداء من الطيب صالح الذي واصل مشروعه الروائي «ضو البيت» و»مريود»، ثم إبراهيم إسحق الذي أصدر «أعمال الليل والبلدة» 1971، كما أصدر أبوبكر خالد «القفز فوق حائط قصير» 1976، وعمر الحميدي «جزيرة العوض» التي وصفها جمال محمد أحمد بأنها «رواية السبعينيات في العربية».
ويمكن أن نرصد في هذه الحقبة تراجع التيار الرومانسي الذي ظل يمارس سطوته على عدد من الروايات الستينية، وأضحت الواقعية بتياراتها العديدة: «الواقعية الاجتماعية، الواقعية الفنية، الواقعية النقدية،...» هي سيدة الموقف، كما يمكن أن نرصد في هذا العهد الانتباه العميق لخصوصية فن الرواية، فلم تعد كما كانت عدد من الستينيين عرضًا صريحًا فجًّا لآلام الذات وآمالها، وتعليقًا عاطفيًّا على أحداث الحياة، كما خفت الروح الخطابية والوعظية، وخفت تأوهات الذات وصراخها، وإن كانت الساحة الروائية لم تخل من الرومانسية تمامًا كما عند كتاب أمثال عبدالله خوجلي، وإبراهيم عبدالعزيز، وفؤاد عبدالعظيم.
** الثمانينيات والتسعينيات وما بعدها:
برز جيل جديد في الثمانينيات، فبالإضافة إلى الذين واصلوا كتابة الرواية من الأجيال السابقة، برز روائيون أمثال إبراهيم بشير في «التراب والرحيل «1989، وبابكر علي ديومة في «الخرطوم وداعًا» 1985، وبشرى هباني في «مسرة» 1986، وغيرهم.
أما في التسعينيات وما بعدها فبالإضافة إلى إبراهيم إسحق الذي واصل فتوحاته الروائية فقد برز عدد كبير من الأسماء الجديدة أهمها: محمد الحسن البكري، أحمد حمد الملك، أمير تاج السر، عبد العزيز بركة ساكن، أبكر آدم إسماعيل، ليلى أبوالعلا، محسن خالد، علي الرفاعي، منصور الصويم..
وفي هذا الجيل يمكن أن نرصد تحوّلاً نوعيًّا في استخدام تقنيات الرواية، إذ انفتحت الرواية السودانية على الرواية العالمية شرقًا وغربًا، ولاسيما الرواية القادمة من أمريكا اللاتينية على يد غارثيا ماركيز، وجورج أمادو، وإيزابيل أليندي، وغيرهم.
ومن أهم السمات البنائية والدلالية في الرواية في هذا العهد:
* النقد الحاد للواقع مما ساد فيه من قيم اجتماعية، وتشريح البنية السياسية والاقتصادية للمجتمع مثلما نجد في روايات أبكر آدم إسماعيل، ومروان حامد في «الغنيمة والإياب»، و»مندكورو: برق وهلال»، وعمر عبّاس في «الجبخانة»، و إبراهيم سليم في «مسار الأسراب»، وأحمد حمد الملك في «الخريف يأتي مع صفاء».
* بناء الواقع الروائي على الحلم والمخيلة والواقعية السحرية كما نجد عند أحمد حمد الملك في «الفرقة الموسيقية» و»عصافير آخر أيام الخريف».
* مزج السيرة الذاتية بالرواية كما نجد عند أمير تاج السر في»نار الزغاريد» و»سماء بلون الياقوت» وغيرها.
* اللجوء الى التاريخ كاستعارة كبرى يستطيع الروائي من خلالها أن يفجّر أسئلة المشهد الراهن دون الوقوع في شرك المباشرة مثلما نجد عند محمّد الحسن البكري في «أحوال المحارب القديم» و»أهل البلاد الشاهقة» و»سمر الفتنة».
* استبطان الواقع المحلى وأسطرته في رواية تتخذ من المحلى مسارًا إلى الإنساني والكلي والكوني مثلما نجد عند إبراهيم إسحق في مجمل أعماله الروائية.
* الاشتغال على المهمّش اجتماعيًّا وإبراز بطولاته التي لا يكاد ينتبه إليها أحد، وإعادته إلى صدارة المشهد كما نجد عند منصور الصويم في روايته «ذاكرة شرير»، وأبكر آدم إسماعيل في مجمل أعماله الروائية.
* تقنية تعدد الرواة الذين يتناوبون على السرد من وجهات نظر مختلفة حول ذات المحكي مثلما نجد عند محمد بدوى حجازي في «باب الحياة».

تقولي شنو- سيد احمد الحاردلو

تقول لِى شنو



-1-

تقول لِى شنو

وتقولى لِى منو ،

-2-

أنحنَا السَّاسْ

ونَحنا الرَّاسْ

ونحن الدّنيا جبناهَا

وبَنيناها..

بِويت ..فى بِويتْ

وأسْعل جدى ترهاقَا

وخلى الفَاقة .. والقَاقا

-3-

تقول لِى شنو

وتقول لِى منو ،

-4-

تَالا أبوى .. بعنخى لَزَمْ

وتَالا اللُمْ..أَبوىْ أوْلبَابْ

وأمى مهيرة بتْ عبودْ

وأخويا المهدى ..سيد السيفْ

والخلى النصارى تقيفْ

هناك ..فى القيفْ ،

-5-

تقول لِى شنو

وتقول لِى منو ،

-6-

ونحن الشينْ

ونحن الزينْ

ونحن العقبه والعتمور

ونحن القِبله .. والقرعانْ

ونحن الشانْ

ونحن النانْ

أتينا عشانْ

نسوى الدّنيا للإنسانْ

تقول لِى شنو

وتقول لِى منو ،

-8-

ونحن الصّافى

والوَافى ،

ونحن الشّافى

والكافِى ،

ونحن الزادْ

ونحن العِينه

والزِيّنه ،

ونحن – يمين – أهالينا

أهلى سرورْ

ووكَتين ينزل المستورْ

تَرَانَه النور

-9-

تقول لِى شنو

وتقول لِى منو ،

-10-

ونحن الجبنه واللبريقْ

ونحن قداحنا سَاوات ضيقْ

ونحن بيوتنا مفتوحاتْ

مَسَاىْ .. وَصباحْ

ونحن وشُوشنا

مطروحاتْ

مَسَاىْ وصباحْ

ونحن السَمحه

والقَمحه

ونحن الطله .. واللمحه ،

ونحن الصِيدْ

ونحن العيدْ ،

-11-

تقولى لِى شنو

وتقولى لِى منو ،

-12-

ونحن عُزَازْ

ونحن حَرَازْ

ونحن هَشَابْ

ونحن قُمُوحْ

ونحن تُمُورْ

ونحن عُيُوشْ

ونحن النيلْ

وَكضَاب – يا زويل – منْ قالْ

إنّك .. تانى لينا متيلْ ،

تقولى لِى شنو

وتقولى لِى منو ،

-13-

ونحن الحَجه والتوبه ،

ونحن الهِجره .. والأوبه ،

ونحن كُتَارْ

ونحن كُبَارْ ،

ونحن – يمين – جُمَال الشيلْ

ونحن – يمين –نَضِمنا قليلْ ،

-14-

تقول لِى شنو

وتقول لِى منو ،

-15-

ونحن مِحايه

نحن طِرايه

نحن فِدايه

نحن سِمايه

نحن حجاب

ونحن اللوحْ

ونحن شَرَافه فى الدنيا

ونحن كِتاب عِلمْ مفتوحْ

على كل البُلودات ..نُورْ ،

ونحن – يمين – مَداين نورْ ،

ووشنا نورْ ،

-16-

تقول لِى شنو

وتقول لِى منو ،

-17-

ونحن الحِنه والجرتقْ

ونحن الزفه والسيره ،

ونحن ..أبشرى والشبال ،

ونحن السَىْ

ونحن الوَىْ

ونحن الرقبه .. والتُمْ تُمْ

ونحن اللَمْ ..

يكون فى الدنيا ..متلنا ..لمْ

-18-

تقولى لِى شنو

وتقول لِى منو ،

-19-

ونحن العَاجْ

ونحن الصَاجْ

ونحن البوشْ

ونحن الحوشْ

ونحن الناسْ

وكتين الديارا ..يباس

وإن درت العديل والزين

تعال يا زول ،

وإن كست الكعب والشين

أرح .. يا زول

-20-

تقولى لى شنو

وتقول لى منو ،

-21-

ونحن السورْ

ونحن الحُورْ ،

ونحن بناتنا محروساتْ

ونحن وِلادنا ضُلالاتْ

ونحن أُماتنا ياهِنْ ..ديلْ ،

وجِيب ورينى زيىِّ منو ،

وتقول لِى شنو

وتقول لِى منو ،

-22-

ونحن فَزَعْ

ونحن وجَعْ

ونحن اليُمه ..واليَابَا

ونحن أريتو بالتَابَه ،

ونحن – يمين – إذا حَرّتْ ،

نخلى الواطه ..رُقَابه ،

-23-

تقولى لِى شنو

وتقولى لِى منو ،

-24-

ونحن زَغَاوه والعطرونْ

ونحن الدُونَا ..مافيشُ دونُ

ونحن وِلاد مَلك خِرتيتْ

وسَابَ الجرْ

وحجَر السِكه ،

والتاكا ،

وسيّدنا الفى الجبل ..دَاكَا

ونحن – يمين – نضِمنا كُتُرْ

وشيَتنا كُتُرْ

وأسعَل ناس كَرن والطُورْ ،

وأسعَل كَررى .. والعَتْمُورْ

وأسعل – يا جنَاَ – الخرتُومْ ،

وشوف كيفن زعلنا كُتُرْ ،

وشوف كيفن فرحنا كُتُرْ ،

أنحنا الـ للرجال خُوسَه ،

ونحن –يمين – جِنَات موسى ،

-25-

تقولى لِى شنو

وتقول لِى منو ،

-26-

ونحن الدوكه

والضُلاله ، والدونكه ،

ونحن الدانقه ،

والراكوبه ، والواطه ،

ونحن الفَكَه

والشِبكَه

ونحن الحجزه .. والعكَه ،

ونحن الجُودْ ،

ونحن أسودْ ،

ونحن النَانْ ،

حديثنا إذا أرِدتو رُطَانْ

وحين دايرين ..نسوى بَيَانْ ،

-27-

تقول لِى شنو

وتقول لِى منو ،

-28-

ونحن الخَلوهَ والدايره ،

ونحن تَكيه العايره ،

ونحن الضُّلْ ،

ونحن الكُلْ ،

ونحن سبيل غريب الليلْ ،

ونحن صباح مسافر الليلْ ،

ونحن فَنَاجرةَ الدّنيا ،

ونحن حَبَابْ

حديثنا حَبَابْ

تعال شَرِف .. وشوفنى منو ،

وتقولِى شنو ،

وتقولِى منو ،

-29-

أقيف لِسَعْ

وأقيف وأسمعْ ،

ونحن صديرى منضوم ويلْ

ونحن القَرمصيص ..بلحيلْ ،

ونحن التوبْ

ونحن الووبْ

وناس حبوبْ

وناس حَرّمْ

ونحن إذا رأينا كبيرْ

نقيف طولنا ..ونقولْ لُه ..حَبَابْ

ونديه البُكَان ..ترحابْ

ونحن. اليَانَا ديل .. يا زولْ

وتسعلنى .. وتقول لِى منو

وتقولِى شنو ،

-30-

أقيف لسعْ

وأقيف .. وأسمعْ

ونحن التَايَهْ

والاندايَهْ

والزِريعهْ

والعيزومهْ

واتفضلْ ،

ونحن الرايَه مرفُوعه

ونحن الكُلفَه مرفُوعه

ونحن حلفتَ ... مدفوعه

-31-

تقول لِى شنو

وتقول لِى منو ،

-32-

وأما عجيبْ

وأما غريبْ ،

وأقيف لسعْ

وأقيف .. وأسمعْ ،

-33-

أنا الكَعَب البسوى الويلْ

وأنا الزول السَمِحْ ..بلحيل ،

وداير ..منَِّهُمْ .. يَاتُو ..،

تقولى لِى شنو

وتقول لِى منو ،

علي كيفي

على كيفي ...

أرقع جبتي أولا أرقعها..

أطرزها من الالوب .. ألبسها على المقلوب.

أخلعها .. على كيفي .

أنا لم أنتخب أحدا...

وما بايعت بعد محمد رجلا .

ولا صفقت للزيف ..

لماذا أعلنوا صوري؟

لماذا صادروا سيفي..؟

أنا ما قلت شيئا بعد حتى الآن ..

حتى الآن أسلك أضعف الايمان..

ما أعلنت ما أسررت ما جاوزت في الأوبات ..

سرعة زورة الطيف

أهرول بين تحقيقين أصمت عن خراب الدار ..

عن غيظ مراجله تفك مراجل الجوف

سئمت هشاشة الترميز

ما بعد الزبى يا سيل من شيء ..

لمن يا طبل والخرطوم غائبة و أمدرمان والنيلان يختلفان ..

والأطفال في الخيران والحرب الدمار الجوع !

كيف الحال ؟ لا تسأل عن الكيف ..

حبيبي أنت يا وطن النجوم الزهر .. سلهم كيف ؟

سل عني ..

لماذا لم يخلوني على كيفي ..؟

أنا والله ضد نخاسة الأحرار باسم الدين ..

ضد الضد والضدين ...

ضد جهاز خوف الأمن .. ضد الأمن بالخوف ..
...

أنا في هذه الدنيا على كيفي ..

إلى أن تكمل الأشراط دورتها .

بمهدي حقيقي لينقذنا من الدجال والتمثال .

والإشراك والحيف

سأبقى ما حييت أنا على كيفي

إلى أن تطهر الدنيا وينزل سيدي عيسى

لأن طريقتي في الحب يا وطني

على كيفي

أتطلع لامرأة نخلة

الشاعر :محي الدين الفاتح


وأنا طفل يحبو

لا أذكر كنت أنا يوما طفلاً يحبو

لا أذكر كنت أنا شيئاً بل قل شبحا يمشي يكبو

قدأذكر لي سنوات ست

ولبضع شهور قد تربو

أتفاعل في كل الأشياء

أتساءل عن معنى الأسماء

والنفس الطفلة كم تشتط لما تصبو

في يوم ما ... إزدحمت فيه الأشياء

أدخلنا أذكر في غرفة

لا أعرف كنت لها إسماً

لكني أدركها وصفا

كبرت جسماً ... بهتت رسماً ... عظمت جوفاً... بعدت سقفاً

وعلى أدراج خشبية كنا نجلس صفاً صفا

والناظرُ جاء ... وتلى قائمة الأسماء

وأشار لأفخرنا جسداً أن كن ألفة ... كان الألفة

أتذكرهُ إن جلس فمجلسه أوسع

إن قام فقامته أرفع

إن فهم فأطولنا إصبع

ولذا فينا كان الألفة

كم كان كثيراً لا يفهم

لكن الناظر لا يرحم

من منا خطأهُ الألفة

كنا نهديه قطع العملة و الحلوى

لتقربنا منه زلفى

مضت الأيام ... و مضت تتبعها الأعوام

أرقاماً خطتها الأقلام

انفلتت بين أصابعنا

و سياط الناظر تتبعنا

و اللحم لكم و العظم لنا

و مخاوفنا تكبر معنا

السوط الهاوي في الأبدان ضرباً... رهباً ... رعباً ... عنفا

الباعث في كل جبان هلعاً ... وجعاً ... فزعاً ... خوفا

و الصوت الداوي في الآذان شتماً ... قذفا

نسيتنا الرحمة لو ننسى يوماً رقماً

أو نسقط في حين حرفا

و المشهد دوماً يتكرر

و تكاد سهامي تتكسر

لكأني أحرث إذ أبحر

لا شط أمامي لا مرفأ

و جراحي كمصاب السكر

لا تهدأ بالا لا تفتر

لا توقف نزفاً لا تشفى



**********

و غدت تُخرسنا الأجراس

و تكتم فينا الأنفاس

و تبعثرنا فكراً حائر

للناظر منا يترأى وهماً في العين له الناظر

في الفصل على الدرب و في البيت

يشقينا القول كمثل الصمت

الصوت إذا يعلو فالموت

فانفض بداخلنا السامر

و انحسرت آمال الآتي

من وطأة آلام الحاضر

لكني أذكر في مرة

من خلف عيون الرقباء

كنا ثلة ... قادتها الحيرة ذات مساء

للشاطئ في يوم ما

إذ قامت في الضفة نخلة

تتعالى رغم الأنواء

تتراقص في وجه الماء

فإذا من قلتنا قلة

ترمي الأحجار إلى الأعلى

نرمي حجراً ... تلقي ثمراً

نرمي حجراً ... تلقي ثمراً

حجراً ... ثمراً ... حجراً ... ثمراً

مقدار قساوتنا معطاء

يا روعة هاتيك النخلة

كنا نرنو كانت تدنو و بنا تحنو

تهتز و ما فتأت جزلى

من ذاك الحين و أنا مفتون بالنخلة

و الحب لها و ليوم الدين

مطبوع في النفس الطفلة



**********

مضت السنوات و لها في قلبي خطرات

صارت عندي مثلاً أعلى

يجذبني الدرس إذا دارت القصة فيه عن النخلة

و يظل بقلبيي يترنم

الوحي الهاتف يا مريم

أن هزي جزع النخلة

في أروع لحظة ميلاد

خُطت في الأرض لها دولة

و مضت الأيام ... جفت صحف رفعت أقلام

فإذا أيام الدرس المرة مقضية

و بدأنا نبحث ساعتها عن وهم يدعى الحرية

كانت حلم راودني و النفس صبية

تتعشق لو تغدو يوما نفساً راضية مرضية

تتنسم أرج الحرية

وكدت أساق إلى الإيمان

أن الإنسان قد أوجد داخل قضبان

و البعض على البعض السجان

في سجن يبدو أبديا

فالناظر موجود أبداً في كل زمان و مكان

فتهيأ لي أن الدنيا تتهيأ أخرى للطوفان

و أنا إذ أمشي أتعثر

لكأني أحرث إذ أبحر

لا شط أمامي لا مرفأ

و جراحي كمصاب السكر

لا تهدأ بالاً لا تفتر

لا توقف نزفاً لا تشفى



************

أعوام تغرب عن عمري و أنا أكبر

لأفتش عن ضلعي الأيسر

و تظل جراحي مبتلة

تتعهد قلبي بالسقيا

أتطلع لامرأة نخلة

تحمل عني ثقل الدنيا

تمنحني معنى أن أحيا

أتطلع لامرأة نخلة

لتجنب أقدامي الذلة

و ذات مساء و بلا ميعاد كان الميلاد

و تلاقينا ما طاب لنا من عرض الأرض تساقينا

و تعارفنا ... و تدانينا ... و تآلفنا ... و تحالفنا

لعيون الناس تراءينا

لا يُعرف من يدنو جفنا منا و من يعلو عينا

و تشاركنا ... و تشابكنا

كخطوط الطول إذا التفت بخطوط العرض

كوضوء سنته اندست في جوف الفرض

كانت قلباً و هوانا العرق فكنت الأرض

و أنا ظمأن جادتني حباً و حنان

اروتني دفاً و أمان

كانت نخلة تتعالى فوق الأحزان

وتطل على قلبي حبلى

بالأمل الغض الريان

و تظل بأعماقي قبلة

تدفعني نحوالإيمان

كانت لحناً عبر الأزمان

يأتيني من غور التاريخ

يستعلي فوق المريخ

صارت تملأني في صمتي

و إذا حدثت أحس لها ترنيمة سعد في صوتي

أتوجس فيها إكسيرا

أبداً يحيني من صمتي

و بذات مساء و بلا ميعاد أو عد

إذ كان لقاء الشوق يشد من الأيدي

فتوقف نبض السنوات

في أقسى أطول لحظات

تتساقط بعض الكلمات

تنفرط كحبات العقد

فكان وداع دون دموع كان بكاء

لا فارق أجمل ما عندي

و كان قضاء أن تمضي

أن أبقى وحدي

لكني باق في عهدي

فهواها قد أضحى قيدي

و بدت سنوات تلاقينا من قصر في عمرهلال

لقليل لوح في الآفاق

كظلال سحاب رحال

كندى الأشجار على الأوراق

يتلاشى عند الإشراق

لكنا رغم تفرقنا

يجمعنا شيءٌ في الأعماق

نتلاقى دوماً في استغراق

في كل حكايا الأبطال

نتلاقى مثل الأشواق

تستبق بليل العشاق

نتلاقى في كل سؤال يبدو بعيون الأطفال

و لئن ذهبت سأكون لها و كما قالت

فبقلبي أبداً ما زالت

ريحاً للغيمة تدفعها حتى تمطر

ماءً للحنطة تسقيها حتى تثمر

ريقاً للوردة ترعاها حتى تزهر

أمناً للخائف و المظلوم

عوناً للسائل والمحروم

فلن ذهبت فلقد صارت

عندي جرحاً يوري قدحاً

يفلق صبحاً يبني صرحاً

لأكون بها إيقاعاً من كل غناء

لو يصحو ليل الأحزان

و خشوعاً في كل دعاء

يسعى لعلو الإيمان

ترنيماً في كل حداء

من أجل نماء الإنسان

من أجل بقاء الإنسان

من أجل إخاء الإنسان

حوار مفتوح: نحو رؤي جديدة لتطوير وترقية مهنة المحاماة

بقلم:
محمد الزين محمد
المحامي، الخرطوم
awf_advocates@yahoo.co.uk
يقول بوشية دراجي في كتابه قواعد لتكوين المحامي الذي ظهر في باريس سنة 1778م: إن وظيفة المحامي أقدم كثيرا من لقبه، حيث نجد المحامين في أقدم الحضارات، ففي كل الأمم المتمدنة كان هناك علي الدوام رجال غيورون أفاضل ضليعون في مبادئ القانون وملتزمون بالاستقامة، ساعدوا الغير بما أسدوه من نصح ودافعوا عن أؤلئك الذين كانوا عاجزين في الدفاع عن أنفسهم بأنفسهم. وأصدر نابليون بونابرت أول قانون لتنظيم مهنة المحاماة في عام 1810م بعد الثورة الفرنسية.
والمحاماة قديمة منذ أن أستعان سيدنا موسي عليه السلام بأخيه هارون، فجاء في قوله تعالي: ( رب أني قتلت منهم نفسا منهما، فاخاف أن يقتلون، وأخي هارون هو أفصح مني لسانا، فارسله معي رداءا يصدقني، أني أخاف أن يكذبون، قال سنشد عضدك بأخيك). ويستنتج من هذه الاية أن طلب موسي الاستعانة بهارون ليس للقتال أو الحماية بل للدفاع عنه في التهمة الموجهة اليه نظرا لانه أفصح منه لسانا وأقوي منه حجة. كما يستفاد من هذه الاية، أنها أصل التفرقة بين محامي الاجراء ومحامي المرافعة والسائدة الان في بريطانيا ومازالت آثارها في فرنسا.
لم تعرف المحاماة كمهنة مستقلة أو كوظيفة إجتماعية منظمة في ظل الاسلام ولكنها عرفت كنظام وكالة عن المتقاضيين، يجيز لصاحب الدعوي أن يوكل عنه شخصا أخر للمطالبة بحقوقه أمام القضاء. وجاء قوله تعالي في سورة الحج ( إن الله يدافع عن الذين أمنوا) فكان هذا القول الكريم تشريف للمحامي وتكريما له لان الله سبحانه وتعالي هو المحامي الاول يدافع عن الذين أمنوا، ويقول عز وجل في سورة النساء ( إنا أنزلنا اليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أراك الله و لا تكن للخائنين خصيما، وأستغفر الله إن الله كان عفورا رحيما، ولا تجادل عن الذين يختانون أنفسهم إن الله لا يحب من كان خوانا أثيما، يستخفون من الناس و لا يستخفون من).
والمحاماة في السودان ارتبطت بالحركة الوطنية ودورها المشهود في تأسيس مؤتمر الخريجين، حيث صدر أول قانون للمحاماة عام 1935م والذي كان في شكل لائحة تنظيمية، ثم صدر أول قانون متكامل لنقابة المحامين في 28 مارس 1970م، وعدل هذا القانون في عام 1983م وأصبح نقيب المحامين السودانيين عضوا في مجلس القضاء العالي، وتعديل ضرائب ودمغات المحامين الخ... وكان التعديل الاخير للقانون في العام 1993م. ومن رواد المحاماة أو من الرعيل الاول إبراهيم المفتي (تاريخ الترخيص 5 أبريل 1938م)، أميل قرنفلي(1939)، وهيب رفائيل زكي(1940)، عابدين إسماعيل(1943)، زيادة أرباب(1944)، مبارك زروق(1944)، مالك ابراهيم مالك(1944)، أحمد خير(1944)، جلبرت قرين وود(1947)، محمد أحمد محجوب(1947).
ومنذ نشأة نقابة المحامين السودانيين في العام 1952م تولي أول نقيب لها الاستاذ لبيب سوريال 1952-1953م، عابدين إسماعيل 1954-1955م ، محمد أحمد محجوب 1955-1957م، وتوالي علي النقابة أمين الشبلي، عقيل أحمد عقيل، ميرغني النصري، عبدالله الحسن، رمضان علي محمد، محمد زيادة حمور، أحمد علي النصري، وحاليا الاستاذ فتحي خليل منذ 1993- وحتي الان.
يهدف هذا المقال بتقديم رؤي جديدة لعلها تسهم وتدعم الحوار الجاد بين الزملاء المحامين والزميلات المحاميات لتطوير وترقية المهنة بعد أن إزداد أعدادهم الي أكثر من عشرة الف محامي ، خاصة بعد أن إستشرت فيها ظواهر سالبة أعاقة التطور الطبيعي للمهنة في ظل التطورات والتحولات الاقتصادية التي يشهدها السودان وفي ظل إنفتاح إقتصادي واسع وخصصة لمؤسسات الدولة وحرية إقتصادية تتطلب وعي قانوني وإقتصادي وإداري يواكب هذه التطورات الاقتصادية، وآثارها وعلاقتها بالتحولات الاجتماعية، وكل ذلك مصحوبا بتطور تشريعي في القوانين وخاصة الشركات والانشطة التجارية المختلفة زراعية، حيوانية، صناعية، خدمية. بالاضافة الي النوعية الجديدة في العقود وتوثيقاتها وخاصة المتعلقة بالبترول والطاقة والاتصالات وحقوق الملكية الفكرية ومنازعاتها واللجوء للتحكيم التجاري المحلي والدولي، لسرعته وسريته والثقة في المحكمين لمشاركة المحتكمين في إختيارهم، بالاضافة الي كل ذلك تنوع وتطور الجريمة وخاصة الجرائم الاقتصادية والعابرة للحدود منها، في ظل تعقيدات إجتماعية تحتاج الي معالجات جادة في إطار قوانين الاحوال الشخصية والمجتمعية. كما يستفاد في هذا المقال إستصحاب مناقشة ظهور رجال الاعمال الناجحين من الجيل الثاني لابناء الأسر الراسمالية الوطنية، وطفح الرأسمالية الطفيلية وجماعات الياقات البيضاء.
ساحاول في هذا المقال عكس تجربتي الشخصية المتواضعة في العمل في السودان والخليج وأوربا، سوف أضع تجربتي المتواضعة في خدمة أهداف تطوير وترقية المهنة، وذلك في ما يلي من قضايا ومقترحات تحتاج الي جراءة في الطرح وموضوعية في التناول وتهدف للمصلحة العامة وبإشراك القراء الكرام للاستفادة من الرأي في تطوير وترقية مهنة المحاماة (القضاء الواقف)، وذلك علي النحو التالي:
كيفية قبول طالب القانون، كيفية وشروط قبول المحامي تحت التمرين، كيفية وشروط قبول القاضي السابق( جميع القضاة ماعدا عضو مجلس القضاة غير القانوني أو عضو أي محكمة أدني من مجلس القضاة) أو الضابط القانوني ( الوكيل والمستشارين القانونيين بديوان النائب العام) ذوي الخبرة (إستقالة أم فصل ولماذا؟)، تقسيمات ودرجات المحامين أمام المحاكم ( الابتدائية، الاستئناف، العليا، الدستورية)، متطلبات المحامي الموثق، مؤهلات المحامي الاستاذ، حصانة المحامي، التأمين علي خدمات المحاماة والإستشارات القانونية، الاكاديمية العليا للمحاماة والاستشارات القانونية، دار القانون للطباعة والنشر، مجلة القانون (للبحوث والدراسات القانونية)، شركات أم شراكات أم أسماء أعمال، فيدرالية الاتحاد أو النقابة، مؤتمر القانونيين العاملين بالخارج، أبراج المحامين (سكن - مكاتب) وأخيرا حوسبة المحاماة.
في البدء أود أن أؤكد علي أن هدف هذا المقال هو البحث عن رؤي ومفاهيم وأطر ومقترحات مهنية محضة بهدف الارتقاء بمهنة المحاماة بعد ما ألمت بها ملمات جسيمة وعصيبة، ولولا دفع الله المحامين بعضهم ببعض لهدم القضاء الواقف، وما سنورده من تصورات قد لا تعجب البعض، ولكن قد تكون مثل الذي يلقي بحجر في ماء راكدة، وإن أصبنا فلنا أجرين الاجتهاد والاصابة وإن أخطاءنا فلنا أجر الاجتهاد. والله الموفق.

1. كيفية قبول طالب القانون:
لاشك أن هناك رغبة واسعة وسط طلاب وطالبات الشهادة الثانونية السودانية في التقديم للقبول في كليات القانون، وتجاه هذه الرغبة يجب أن تضع لجنة القانون بمجلس التعليم العالي سياسة واضحة علمية تجاه التدفق الطلابي في القبول لرفع المستوي العلمي لطالب القانون، وذلك من خلال رفع نسبة القبول أولا، ويتأتي ذلك من خلال محدودية فرص القبول لكليات القانون كما هو معمول به في كثير من كليات القانون في الجامعات المرموقة في العالم. وليس القبول فقط لكل ممتحن نجح في الحصول علي نسبة متواضعة. ومن جانب أخر يجب إغلاق فرص القبول الخاص لكليات القانون. كما يجب أن يفضل للقبول لكليات القانون من أكمل أي دراسة جامعية أخري في أي تخصص ، مثل الدراسات الاجتماعية كالآداب أو الاقتصاد، وتتحق الفوائد من حصيلة الطالب السابق بأي دراسة أخري توسع الافق المعرفي والحياتي المهني وبعدها يكون الطالب قد بلغ من السن ما يجعله أكثر نضجا بما هو قادم عليه كمحامي أو قاضي أو مستشار قانوني.

2. كيفية قبول المحامي تحت التمرين:
من البديهي وبعد الحصول علي شهادة النجاح في إمتحان المعادلة (إمتحان تنظيم مهنة القانون) أن يتقدم الناجح للحصول علي موافقة من لجنة قبول المحامين للتسجيل كمحامي تحت التمرين وبعد أن يكون سوداني الجنسية وأن يكون سليم العقل وأن يكون بالغا من العمر أحدي وعشرين سنة علي الاقل عند تقديم الطلب وأن يكون محمود السيرة حسن السمعة والا يكون قد حكم عليه بالسجن في جريمة تخل بالشرف أو الامانة ما لم يكن قد منح عفوا شاملا. ولا شك أن هذه شروط سهلة للقبول كمحامي تحت التمرين. ولضمان تمييز مقدم الطلب يجب أن تحدد عددية معينة (كوته) كل عام لقبول المحامين تحت التمرين ليتم قبول خيار من خيار في صفوف القضاء الواقف. خاصة والان يتم قبول المئات من المحامين تحت التمرين سنويا فهل هناك فرص تدريب جيد و وظائف عمل لكل هؤلاء مع مكافأة تدفع بغرض إعانة المحامي تحت التمرين وتكون لائقة بمهنته؟. ويتطلب أيضا معرفة النسبة المئوية أو الدرجة التي تحصل عليها الناجح في إمتحان المعادلة. كما يجب أن يتم القبول للمحامي تحت التمرين لمن تحصل كحد أدني علي نسبة نجاحه في إمتحان المعادلة علي 75% وذلك بالتنسيق مع وزارة العدل. وكخيار آخر يمكن وضع إمتحان شفهي وتحريري للمتقدمين للقبول كمحامين تحت التمرين. وتحسب نتيجة المعاينة كالقبول لمن تحصل علي نسبة نجاح 75%. وهذه إمتحانات مهنية معروفة في القضاء وزارة العدل والخارجية والقوات النظامية. والغرض من هذه الشروط هو قبول خيار من خيار للقضاء الواقف.

3. قبول المحامي ذوي الخبرة.(معاش، إستقالة أم فصل ولماذا؟):
مع التقدير والاحترام لكل من تقدم للالتحاق بمهنة المحاماة من من عملوا في السابق بمهن قانونية أخري كالقضاة أو المستشارين أو منسوبي القوات النظامية، أولا نود التأكيد علي الترحيب بدون مقدمات لاصحاب المعاشات فهم أصحاب الخبرة والبركة ولاخلاف حولهم. و ينحصر الخلاف فيمن أتي الي المحاماة بإستقالة لاسباب خاصة أو أجبر عليها، أم فصل لاسباب مهنية متعلقة بالشرف أو الامانة أو الرأي. وهنا يجب التأكد من خلال مكتب خاص للتحري عن من يريد الانتساب للمهنة وخاصة بعد زيادة الظواهر السالبة التي صاحبت المهنة موخرا، ولا نحملها جزافا علي زملاء المهنة من من من عملوا في مهن سابقة، وأنما تأتي في السياق العام وفي الهم العام، للبحث عن حلول تهدف لترقية المهنة وتطويرها ولا تهدف للتجريح أو التشكيك أو التقليل، فالجميع في حدقات العيون. خاصة والمقال يهدف للمسكوت عنه.

4. تقسيمات ودرجات المحامين أمام المحاكم ( الابتدائية، الاستئناف، العليا، الدستورية):
بكل تأكيد كلما إزدادت سنوات المحامي الممارس للمهنة كلما أزدادت سنوات خبرته وحصيلته المعرفية والقانونية وإزدادت قدراته في الكتابة والترافع أمام كافة المحاكم وبمختلف درجاتها. وبالرغم من ذلك و واقع المهنة يشهد بزيادة مضطردة في المرافعات والمذكرات والطعون أمام محاكم الاستئناف والعليا والدستورية، حيث إختلط الحابل بالنابل، وضاعت حقوق المتقاضيين، من ضعف المعرفة القانونية لبعض المحامين، ولذا يكون المقترح بان الظهور وتقديم المذكرات والطعون أمام المحاكم وفق الدرجات المسموح بها للسادة المحامين: مثال:
 الظهور أمام المحكمة الدستورية والمحاكم العليا لمن تجاوز الخمسة عشر عاما في سجل المهنة.
 الظهور أمام محاكم الاستئناف لمن تجاوز العشرة سنوات في سجل المهنة.
 الظهور أمام المحاكم الابتدائية لمن له ترخيص بمزاولة المهنة.
وهذا معمول في كثير من الدول وخاصة في جارتنا جمهورية مصر العربية. ومن خلال هذه التقسيمات يمكن أن تكون مدخل لقانون عربي موحد بإعطاء المحامين العرب الفرصة في الظهور أمام المحاكم العربية.

5. متطلبات المحامي الموثق:
لوقف أزدياد حالات تجاوزات الالتزام بقواعد التوثيقات يجب التأكد من أن سلطة التوثيق الممنوحة للمحامي عمل أضافي مكمل لعمل المحاماة وليس أصل في المهنة وبالتالي يجب علي المحامي الالتزام بقواعد المهنة وأخلاقياتها والتفرغ للمحاماة والتركيز علي التكسب منها وليس الإعتماد علي إيرادات رسوم التوثيقات. وإن كانت هذه الفقرة من صميم إختصاص السيد رئيس القضاء، ولكن كلنا في الهم قانونيين. وعليه يجب زيادة مدة منح سلطة التوثيق الي 10 سنوات كحد أدني. والا يكون مقدم الطلب لسلطة التوثيق من وجهة اليه إدانة جنائية ماسة بالشرف أو الامانة أو مهنية متعلقة بعمل وممارسة المحامي. كما يقترح حصول المحامي خلال فترة العشرة سنوات من ممارسته للمهنة عل دبلوم أكاديمي من أي تخصص في الدراسات الاجتماعية من الجامعات المعترفة بها وذلك لرفع المستوي المهني والاكاديمي والمعرفي للمحامي الموثق. أما عن مستوي المكتب فلابد من التأكد من صلاحيته وأناقته لسلطة التوثيق من خلال مكتب تحريات يتبع لإتحاد المحامين.


6. مؤهلات المحامي الاستاذ:
الاستاذ المحامي وهو من يحق له الظهور أمام المحكمة الدستورية و المحاكم العليا والاستئناف والابتدائية و الذي يجب الا تقل خبرته عن 15 سنة وذلك لمزيد من مقدرته علي إستيعاب محاميين تحت التمرين والتأكد من تقديمه لهم من معرفة وخبرة القانونية، ومن جانب آخر مقدرته علي دفع رواتب شهرية لهم تساهم وترفع من قدر المهنة.
كما أن تلك الشروط يمكنها أن تحد من التدفق نحو المهنة من غير توفر مناخ صحي وسليم لرفع مستوي المهنة والمحامين . ومن ناحية مستوي المكتب يجب ايضا أن يكون بمواصفات وشروط أكثر. أما المؤهل العلمي وكما أشرنا الي أن المحامي الاستاذ يحمل درجة الدبلوم كحد أدني في مرحلة التوثيق، وهنا نال المحامي الاستاذ درجة الماجستير في العلوم الاجتماعية من أحدي الجامعات المعترف بها وبالتالي أصبح مؤهلا من الناحية الاكاديمية والمهنية للترافع أما المحاكم العليا والدستورية.

7. حصانة المحامي:
تأتي الحصانة لشرف المهنة وأخلاقياتها ورقيها وهي صمام أمان العدالة حيث أتفق القدامي والمحدثون أن المحاماة هي القضاء الواقف، وهذه الحصانة غير مطلقة إن كانت تتجاوز حدود الله، ولكنها دائما ما تثار في شكلها الاجرائي أو الموضوعي في مسائل بسيطة وعادية وأكثرها كيدية أو تتعلق بالرأي حيث يعتقل ويحبس المحامي مما يؤدي الي هبوط قدر المحامي الذي يجد التقدير والاحترام في كافة دول العالم الحديث. ونأخذ مثال في حوادث حركة المرور في غير الاذي الجسيم أو البسيط أو حتي إن كان التلف بسيط وتكون سيارة المحامي مؤمنة تأمين شامل وساري المفعول فحينما يخطئ أو يصيب المتحري في تحديد المتهم الاول أو الثاني يضع المحامي في الحراسة ولا تقبل ضمانة زميله المحامي، بالرغم من الامكان إطلاق سراح المحامي المتهم بضمان مهنته وبطاقته السارية المفعول والصادر من الاتحاد العام للمحامين إن كان لابد من القبض عليه، بالرغم من شركة التامين تقوم بسداد قيمة التلف للسيارتين. وهذا مدخل أيضا لتصحيح وتطوير قانون حركة المرور، ليس تجاه المحامي فحسب بل علي العامة.
ومن جانب أخر تعتبر الحصانات الاجرائية أو الموضوعية إستثاء من أصل المساواة بين الناس، وفي حالة المحامي والمتعلقة ببلاغات يجوز فيها القبض يثور التسأول عن مفهوم الاخطار أو أخذ الاذن، ونختصر الاجابة بطرح مقترح وجود إستمارة صادرة من النقابة العامة للمحامين بها البيانات المطلوبة وفقرة رئيسية هامة وهي: ماهي الوقائع المسندة الي المحامي المشكو ضده في البلاغ المذكور (ملخص الشكوي أو البلاغ) وخاصة في قضايا التزوير في التوثيقات أوالتهديد والاساءة وغالبها كيدية علي حسب ملفات أقسام الشرطة والنيابة والمحاكم وعليه يكون أخذ الاذن هو ما ذهب اليه الي المشرع وما تواتر عليه العمل في جميع الدول لاهمية عمل القضاء الواقف.كما أضيف لاهمية حصانة مكتب المحامي من عسف السلطة أو إستغلال البعض للسلطة حينما يفشلون في مواجهة المحامي في أروقة المحاكم بحثا للمستندات موضوع الدعاوي القانونية فيلجأون الي الدخول عنوة الي مكتب المحامي للبحث عن ما قد يستخدم ضده للوصول لتسوية في القضية المعروضة أمام المحاكم خاصة وأن يكون طرفا ما في الدعوي من ذوي النفوذ أو من يمثله. ليس هذا فحسب بل ومنزل المحامي وأسرته، فيجب أن تحمي وتحصن من العسف إذا ما كانت القضية متعلقة بعمله القانوني، فلا يجوز إقتحام منزله أو تفتيشه الا بقرار قضائي ولا يسري علي أسرته أو خصوصته التي أوجب القانون والدستور حمايتها وكرامتها.

8. التأمين علي خدمات المحاماة والإستشارات القانونية:
لحماية المواطن من أخطاء مهنة المحاماة سواء في الترافع أمام المحاكم أو في تقديم إستشارات قانونية، حيث يجب وضع مبلغ مالي علي مستوي درجة المحامي سواء أكان أمام المحاكم الابتدائية أو الاستئناف أو العليا أو الدستورية. ويوضع هذا المبلغ لدي الاتحاد العام للمحامين أو لدي شركة تأمين لاخطاء مهنة المحاماة.

9. الأكاديمية العليا للمحاماة والاستشارات القانونية:
لتطوير قدرات المحامين الاكاديمية يجب إقامات دورات تأهيلية لكافة الدرجات وطرح نظام دبلومات وماجستر مهني في مجالات القانون المختلفة والحديثة كالتحكيم التجاري والمحلي وحقوق الملكية الفكرية وحقوق الانسان وغيره. كما تفتح الاكاديمية أبوابها لطلاب الجامعات والعاملين في كافة المهن القانونية كالقضاة والمستشارين والقوات النظامية وهي أشبه بالاكاديمية العليا للشرطة والاكاديمية العليا للامن وأكاديمية نميري العسكرية.

10. دار القانون للطباعة والنشر:
لاشك من أهمية النشر في مهنة القانون وبالتالي تقوم دار القانون للنشر بتقديم خدمة للمحامين في مطبوعاتهم الخاصة بأسعار تشجيعية ومن جانب آخر تعتبر مصدر إيرادي للاتحاد.

11. مجلة القانون (للبحوث والدراسات القانونية):
مجلة القانون أو دورية القانون هي روح المهنة في إعداد البحوث والدراسات القانونية نحو مشاريع لتعديل القوانين، وإثراء الثقافة القانونية في المكتبة السودانية خاصة والعربية والعالمية بصفة عامة.

12. شركات أم شراكات أم أسماء أعمال:
شركات أم شراكات أم أسماء أعمال، هذا الموضوع يعتبر من الموضوعات الشائكة في السودان والتي نالت جدلا وسط المحامين، وفي رأي المتواضع ومن خلال التجربة أري أن يظل الباب مفتوحا لتطبيق نظام الشركات وخاصة شركات التضامن والشراكات وأسماء الاعمال وخلال العشرة سنوات القادمة ستكتشف أيهما أصلح للمهنة وماهي الضوابط التي ستفرز خلال الممارسة العملية في السودان. خاصة وإن نقابات أوأتحادات المحامين في العالم لا تجد ضررا من كون مكاتب المحامين شركات أم شراكات أم أسماء أعمال، فالضابط هو الالتزام بقواعد المهنة وقوانينها و تحمل المسئولية القانونية التي تعود لملاك الشركة أم الشراكات أم أسماء أعمال فالمسئولية محدودة وتضامنية وفقا للنظام الاساسي، سوي في شقها الجنائي أو المدني أو التعويضي أو المهني عند سحب رخصة المحاماة أو سلطة التوثيق.

13. فيدرالية الاتحاد أو النقابة(التنظيم النقابي):
لتوسيع المشاركة من كافة المحامين في إدارة شؤن الاتحاد أو النقابة العامة في إتخاذ القرارات المتصلة بالمهنة أو الوطنية وتكريسا لوحدة الوطن تكون المسؤلية ملقاة علي عاتق حماة الدستور والقانون فكان قدرنا كمحامين العمل الجماعي في وطن واحد موحد، مع إلتزام قيادة الاتحاد أو النقابة العامة في أن تكون الوعاء الجامع للتيار الاساسي الفاعل، حيث لا مجال لتهميش عضو أو جماعة علي أساس الرأي أو المعتقد أو المنطقة الجغرافية، ولذا يكون الحديث حول كيفية توسيع مواعين هياكل الاتحاد العام أو النقابة العامة للمحامين السودانيين من خلال طرح فكرة فيدالية النقابة، وذلك بتكوين إتحادات فرعية تمثل 27 ولاية، وفقا لعددية متفق عليها مثلا: كل إتحاد فرعي عضوية هيئته التنفيذية مكونة من 15 عضوا وأمين عام للاتحاد الفرعي. أما الاتحاد العام أو النقابة العامة للمحامين للسودانيين فتتكون من تصعيد 27 عضوا يمثلون 27 ولاية بالاضافة الي تمثيل نسبي بحجم المحامين في كل ولايات السودان في مايسمي المجلس العام للمحاميين وتكون عضويته (مثلا) 100محامي ويتم إنتخاب الهئية المركزية وعضويتها 20 محامي لتشكيل الامانات التنفيذية، أما منصب السيد النقيب فيكون إختياره مباشرة من الجمعية العمومية للمحامين الذين يحق لهم بالتصويت والمسددين للاشتراكات. كما يجب الاشارة الي ضرورة توزيع إختصاصات وسلطات الاتحاد الفرعي والاتحاد العام للمحامين السودانين بصورة دقيقة و واضحة حتي لا تتضارب الاختصاصات والسلطات.
كما يمكن وضع مقترح آخر في أن ينتخب المحامين بالولايات إتحاداتهم الفرعية بما فيها رئيس الاتحاد، أو الموافقة علي وكيل النقابة المعين من نقيب المحامين السودانين في الولاية المعنية. بالاضافة الي مشاركة محامي الولايات في الترشيح والتصويت علي إختيار أعضاء النقابة العامة ونقيب المحامين السودانيين، مع ضرورة الاشارة الي أهمية زيادة عضوية اللجنة المركزية لتستوعب تمثيل الالاف المحامين وحل مشاكلهم بتشكيل أمانات جديدة وأكثر تخصصا تواكب التطورات الجديدة في المهنة.
14. مؤتمر القانونيين العاملين بالخارج:
تقدر أعداد المحامين السودانيين والمشتغلين بالمهن القانونية في دول الخليج والسعودية وأوربا وأمريكا وأستراليا بالالاف، فلحصر هذه الاعداد قيمة وطنية، وذلك من خلال ربط العاملين في الخارج بالوطن وثانيا الاستفادة من ما نالوه من علم وخبرة، نحن في أمس الحاجة اليها، فالمهنة كائن حي تحي وتنمو وتترعرع في المناخ الملائم الصحي أو المناخ الفاسد، فلذا أن نحسن المناخ الصحي والمتعافي لنمو راقي ومفيد للمهنة. وعليه تكون فائدة مشاركة القانونيين العاملين بالخارج من خلال أوراق عمل تناقش التطورات في التشريعات الاقليمية والدولية أو شراكات أستراتيجية مع مكاتب محاماة عاملة بالسودان.

15. أبراج المحامين (تمليك سكن - مكاتب):
لا شك أن أعداد كبير من المحامين تعاني من أزمة في السكن المريح أو مكاتب مملوكة لهم، ومن خلال ميزانية الاتحاد العام يمكن قيام مشاريع أستراتيجية تحل أزمة السكن والمكتب الملائم للمحامين، سواء تحمل الاتحاد تكاليف الارض أوالمباني أوالاثنين معا وتم بيعها بأقساط مريحة أو من خلال بنوك أو شركات تمويل أو شراكات. ويمكن تسمي هذه الابراج بأسماء مستوحية من ديننا وقيمنا وأرثنا القانوني (العدالة- القانون- عمربن الخطاب – عمر بن عبدالعزيز- حمورابي).

16. حوسبة المحاماة:
تظل الحوسبة كأعظم إختراعات القرن العشرين، ولتطوير وترقية المهنة لابد من حوسبتها وأرشفت كل ملفات المحامين ولسهولة تدولها بين الاتحاد والمحامين أو من خلال موقع إلكتروني يستطيع طالب الخدمة القانونية أن يتصل بالمتخصصين في مجالات القانون المختلفة كالمدني أو الشرعي أو الجنائي.



خاتمة:
كما أشرت الي أن هذه المقالة تهدف لتحريك بركة مستقبل مهنة المحاماة والتحديات التي تواجها في سبيل التطوير والرقي، سواء كانت المناقشات داخل المحيط القانوني أو تلك التي تنداح لتشمل كل أهل السودان الذين حملوا الكثير من الرعيل الاول وما بعده من المحامين علي أعناقهم في سبيل الحرية والاستقلال وسيادة حكم القانون وإستقلال القضاء. فالحرص من الجميع علي مهنة المحاماة هي ما دفعني للكتابة العلنية لفتح الباب لكل من لديه آراء أو أفكار أو ملاحظات حول مهنة المحاماة. والله والوطن من وراء قصد السبيل.

الأربعاء، مايو 26، 2010

قانون حمورابي

حمورابي حكم بابل بين عامي 1792 - 1750 ق . م وكانت البلاد دويلات منقسمة تتنازع السلطة ،فوحدها مكونا
إمبراطورية ضمت كل العراق والمدن القريبة من بلاد الشام حتى سواحل البحر المتوسط وبلاد عيلام ومناطق أخرى. وكان حمورابي شخصية عسكرية لها القدرة الادارية والتنظيمية والعسكرية. ومسلته الشهيرة المنحوتة من حجر الديوريت الأسود والمحفوظة الآن في متحف اللوفر بباريس ، تعتبر أقدم وأشمل القوانين في وادي الرافدين بل والعالم. وتحتوي مسلة حمورابي على 282 مادة تعالج مختلف شؤون الحياة. فيها تنظيما لكل مجالات الحياة وعلى جانب كبير من الدقة لواجبات الافراد وحقوقهم في المجتمع ، كل حسب وظيفته ومسؤوليته. بعد وفاة حمورابي تولى الحكم خمسة ملوك أخرهم "سمسو ديتانا" الذي هاجم الحيثيون البلاد في زمنه في عام 1594 ق. م واحتلوها ، وخربوا العاصمة ونهبوا كنوزها بعدها رجعوا الى جبال طوروس

**********

حمــــــ شريعته ـــــورابي


وُجدت شريعة حمورابي في عام 1700 قبل الميلاد لتكون من أوائل الأنظمة المكونة من مجموعة من القوانين في تاريخ

البشر، وإحدى أفضل الأمثلة المحفوظة لمثل هذا النوع من الوثائق لبلاد ما بين الرافدين. ومن مجموعات القواني ن التشريعات تتضمن مخطوطة أور-نامو، ومخطوطة إشنونا، ومخطوطة لبت-إشتار ملك آيسن. وهي توضح قوانين وسنن وعقوبات من يخترق القانون. ولقد ركزت على السرقة، والزراعة (أو رعاية الأغنام)، وإتلاف الممتلكات، وحقوق المرأة، وحقوق الأطفال، وحقوق العبيد، والقتل، والموت، والإصابات. وتختلف العقوبات على حسب الطبقة التي ينحدر منها المنتهك لإحدى القوانين والضحية. ولا تقبل هذه القوانين الاعتذار، أو توضيحٍ للأخطاء إذا ما وقعت. ولقد فتح المجال أمام الجميع لرؤية هذه التشريعات الجديدة كي لا يتم التذرع بجهل القوانين كعذر. وعلى كلٍ، فلم يوجد إلا القلة من القادرين على القراءة إبان تلك الحقبة التاريخية.

ولقد خطرت فكرة سن هذه الشريعة الجديدة لحمورابي عندما شعر بوجوب إيجاد هذه الشريعة لإرضاء الآلهة. وعلى العكس من بقية ملوك تلك الفترة، فلم يزعم حمورابي أنه سليل آلهة وذا ذاتٍ إلهية، إلا أنه وصف نفسه بخليل الآلهة. وفي الجزء العلوي من العمود ظهر حمورابي أمام عرش إله الشمس شمش.

رُقمت البنود من 1 إلى 282 (مع الإشارة إلى أن البند 13، والبنود من 66 لـ 99، و110، و111 مفقودة) على عمود طوله 8 أقدام،2.5 متر، والمكون من حجر الديورت. ولقد اكتشف هذا العمود عام 1909 في سوسا. ويُعرض العمود الآن في متحف اللوفر في باريس، فرنسا. مرسوم على الحجر الملك حمورابى وهو يستمع الى إله الشمس الجالس على عرشه وهناك كاتب تحت حمورابى يسجل القوانين.

ولقد تمت الإشارة إلى هذه الشريعة كأول مثال لمفهومٍ قانوني يشير إلى أن بعض القوانين ضرورية وأساسية حتى أنها تتخطى قدرة الملوك على تغييرها. وبنقش هذه القوانين على الحجر فإنها دائمة، وبهذا يحيى المفهوم والذي تم تكريسه في الأنظمة القانونية الحديثة وأعطت المصطلح منقوش على الحجر ماهيته في الأنظمة الحالية.

*************

حمــــــ تشريع حمورابي ـــــورابي


لا شك فى أن حمورابى كان الملك الذى أسس عظمة بابل، الدولة العاصمة المتروبول الأولى فى التاريخ. العديد من آثار عهد حمورابى (1795-1750 ق.م.) تم الإحتفاظ بها، ويمكننا اليوم دراسة سيرة هذا الملك العظيم.. مشرعاً حكيماً كما يتجلى ذلك فى تشريعه المشهور، النموذج الأول المعروف لحاكم قدم لشعبه جسماً متكاملاً من القوانين المرتبة فى مجموعات منتظمة بحيث يقرأها كافة الناس ويعرفون ما هو مطلوب منهم. يمثل تشريع جمورابى المصدر الأكثر أهمية لدراسة الحياة الاقتصادية والاجتماعية للمملكة البابلية. نقش التشريع على حجر تذكارى أسود، وكرس بكامل الوضوح ليكون مقروءاً للجماهير. فى الجزء الأعلى للحجر التذكارى صور الملك متربعاً على كرسى العرش بينما غطيت الأجزاء المتبقية كلها بنص بالكتابة المسمارية العتيقة يتكون من 247 مادة قانونية. مسحت خمسة أعمدة، إحتمالاً، من قبل أحد الغزاة العيلاميين الذى حمل هذا الحجر التذكارى المشهور غنيمة الى سوزى حيث تم العثور عليه فى عام 1901. إلا أن النقص فى النص والناجم عن عملية المسح قد أصبحت إعادة تركيبه ممكنة بفضل نسخ التشريع التى تم الكشف عنها والتى كانت مخصصة للكتبة والقضاة لإستخدامها مراجع للدراسة أو دليلاً للإجراءات القضائية.


مع ذلك فإنه مع هذه السلسلة من القوانين المبكرة، كما هو الحال مع معظم الأشياء فى بابل، نجد أنفسنا نتعامل مع نهايات الأشياء أكثر من التعامل مع بداياتها. لم يكن تشريع حمورابى هو الأقدم. يشكل تشريع حمورابى تطويراً لاحقاً للقوانين السومرية القديمة وتشريعاً لها، وهى التى أثرت تأثيراً قوياً على سن القوانين البابلية. كانت إجراءات حمورابى القانونية أكثر ترتيباً مقارنة بمجموعة الإجراءات القانونية السومرية حيث تتجلى فيها نزعة المشرع الى توحيد مجموعة القوانين ذات الصلة من حيث محتواها. إلا أنه لا يجوز مع ذلك عده تشريعاً بالمعنى المحدد للمصطلح بقدر ما هو مجموعة قرارات قانونية متفرقة (قانون عرفى). اختفت سلاسل القوانين السابقة، لكن وجدنا العديد من آثارها، ويدلل تشريع حمورابى على وجودها. بالتالى فإنه يعيد ترتيب نظام قانونى تم تأسيسه منذ أزمان سابقة له.

يتألف تشريع حمورابى من ثلاثة أجزاء : 1. مقدمة؛ 2. القانون فى حد ذاته؛ 3. خاتمة.

فى التصدير وضح المشرع أن الهدف من سلسلة القوانين هذه هو إقرار العدالة فى البلاد. يلى ذلك تعداد ألقاب الملك وعبارات التبجيل والتعظيم بحقه وتعداد أفضاله وخدماته التى أسداها للبلاد. فى الجزء الأوسط، القانون فى حد ذاته، عددت مواد القانون الجنائى، وإجراءات المحاكم، والعقوبات على خرق قانون الملكية الخاصة والعامة، وقانون حقوق الجنود. وتتحدث مواد متفرقة عن حقوق الملكية غير المنقولة، وعن التجارة، والضرائب، وقانون الأسرة، والإصابات الجسدية، وعن العمل المأجور والعبودية. وفى الخاتمة تعدد مآثر الملك الذى يطلب الرحمة من الآلهة لأولئك الملوك الذين سيطبقون تشريعه، ويكيل اللعنات على أولئك الذين لن يلتزموا به أو بقرروا عدم الإكتراث له.

ينسق تشريع حمورابى من ثم فى سطور واضحة ومحددة تنظيم المجتمع. القاضى الذى يخطئ فى قضية قانونية يتوجب فصله من منصبه الى الأبد، ويغرم غرامة كبيرة. الشاهد الذى يشهد بالزور يتوجب قتله. بالطبع، كان الموت عقاباً لكل الجرائم الكبرى. إذا بنى شخصاً منزلاً بطريقة سيئة، وسقط المنزل وقتل مالكه، فإن البانى سيعاقب بالموت. إذا قُتل ابن صاحب المنزل فإن الموت سيكون جزاء ابن البانى. هنا نجد من أين تعلم اليهود قانونهم الذى ينص على "العين بالعين". تلك العقوبات الإنتقامية الشرسة لا تعير إنتباهاً للأعذار والتفسيرات، لكن فقط للحقيقة - مع إستثناء مدهش أوحد. سمح للشخص المتهم أن يرمى بنفسه فى "النهر"، الفرات. واضح أن فن السباحة ما كان معروفاً؛ بحيث أنه لو جرفه التيار الى ضفة النهر حياً فسيتم إعلان براءته، واذا غرق ففى ذلك إثبات على أنه مذنب. هكذا ندرك أن الإيمان بعدالة الآلهة الحاكمة كان قد اكتمل تمثله، ولو بأسلوب طفولى، فى أذهان الناس.

المادة المتوفرة لدراسة القانون البابلى بإنفراد واسعة دون أن تكون شاملة. فما يسمى بـ "العقود"، بما فى ذلك أعمال، وسندات، وإيصالات، وحسابات شديدة التنوع، والأكثر أهمية من بينها، القرارات القانونية الفعلية التى يصدرها القضاة فى المحاكم، كل تلك توجد بالآلاف. النقوش التاريخية، والمراسيم الملكية، والرسائل الخطية للملوك، والمكاتبات، والرسائل الشخصية، والنصوص الأدبية العامة تقدم معلومات إضافية قيمة. هذا فضلاً عن الأعمال النحوية والمعجمية، المكرسة فقط لتيسير دراسة الأدب القديم وتحتوى مقتطفات وجمل قصيرة ذات علاقة بالقانون والعرف. كذلك تم الإحتفاظ بما يسمى "قوانين الأسرة السومرية". إن إكتشاف تشريع حمورابى الذى نال الآن شهرة (من الآن فصاعداً سنشير اليه فقط بالتشريع) قد جعل، على كل، الدراسة أكثر إنتظاماً بدلاً عن كونها مجرد تصنيف للمادة وتفسيرها. بعض شظايا من التشريع موجودة وقد تم نشرها؛ لكن لازال هناك الكثير من النقاط التى لا نمتلك بينة لها.

يرجع تاريخ المادة الى فترة تمتد من أكثر الأزمان المبكرة حتى بداية العصر المسيحى. قد تكون البينة بشأن نقطة معينة مكتملة جداً فى فترة محددة لكنها غائبة كلياً فى فترة أخرى. يمثل التشريع عظمة الظهر لمخطط هيكلى نحاول هنا إعادة تركيبه. شظاياه التى تمت إستعادتها من مكتبة أشور بانيبال فى نمرود، والنسخ البابلية اللاحقة تظهر أنه قد تمت دراستها، وقسمت الى فصول حملت عنوان "نينو إيلو سيروم" منذ إنطلاقة كلماتها الإفتتاحية، وأعيد نسخها على مدى الف وخمسمائة سنة أو ما يزيد. الجزء الأعظم منها ظل مطبقاً، حتى خلال الغزو الفارسى، والإغريقى، والبارثى، والذى لم يؤثر إلا قليلاً على الحياة الخاصة البابلية، وبقيت لتؤثر على القانون السورى-الرومانى، والإسلامى اللاحق فى بلاد الرافدين. القانون والعرف الذى سبق التشريع سنسميه "المبكر"، بينما نسمى الخاص بالامبراطورية البابلية الحديثة (وكذلك الفارسية، والإغريقية) بـ "المتأخر". اشتق القانون فى أشور من القانون البابلى لكنه حافظ على سمات مبكرة كانت قد اختفت منذ أزمان فى أماكن أخرى.

عندما استقرت القبائل المتحدثة بلغات سامية فى مدن بابل، أجرت أعرافها القبلية على قانون المدينة. التاريخ المبكر للبلاد هو تاريخ صراع من أجل السيادة بين المدن. فرضت العاصمة الجزية والدعم العسكرى على المدن التابعة لها لكنها تركت معبودات تلك المدن وأعرافها دون مساس. لقد تم الإعتراف بحقوق المدينة من قبل الملوك والغزاة على حد سواء.

فى وقت متأخر يرجع الى تاريخ إعتلاء كل من اشوربانيبال وسمس-سوم-يوكين العرش نجد البابليين يحتكمون الى قانون مدينتهم الذى يسمح للأجانب بعدد عشرين فرداً للدخول دفعة واحدة بحرية الى المدينة، النساء الأجنبيات اللائى كن فى وقت ما زوجات لأزواج بابليين لا يمكن استرقاقهن ولا يمكن قتل من يدخل المدينة حتى لو كان كلباً بدون محاكمة.

كان سكان بابل من أعراق مختلفة منذ الأزمان المبكرة وكانت الصلات المتبادلة بين المدن مستمرة. فى كل مدينة يوجد العديد من المقيمين الأجانب. هذه الحرية للتواصل كان لا بدَّ وأن تنزع الى إنصهار الأعراف. ولقد تم الإحتفاظ بالفضل، على كل، لعبقرية حمورابى أن يجعل بابل عاصمة له ويلحم فى كل واحد امبراطوريته المترامية بنظام قانونى موحد.

اختفت تقريباً كل الأعراف القبلية من مواد التشريع. انها دولة- قانون، اختفت فيها المساعدة الذاتية، واستبعد الثأر الدموى، والزواج القسرى بالأسر؛ رغم أن التعاون الأسرى، والمسئولية الإقليمية، والضغينة كانت سمات بدائية حافظت على الوجود. الملك هو ارستقراطى فاضل، يتيسر الوصول اليه من قبل أفراد رعيته، وقادر على حماية الضعيف ضد المُضطهد المتمتع بوضع متميز، وراغب فى تقديم تلك الخدمة. السلطة الملكية، يمكن أن تعفو فقط عندما يتم إسترضاء الإستياء الشخصى. يتم الإشراف الحازم على القضاة وتتوفر فرصة الإستئناف. تغطى الأرض كلها بالأملاك الإقطاعية، وجامعى الضرائب، والشرطة الخ. هناك نظام مرتب وفاعل للبريد. الأمن البابلى منضبط للدرجة التى تسمح للأفراد بعدم التردد فى ركوب مركباتهم من بابل الى ساحل الأبيض المتوسط.

لم يحتو التشريع فقط العرف المعاصر أو يحتفظ بالقانون القديم. حقيقة أن قرون من الإلتزام بالقانون والمشاكسات العادية تراكمت فى أرشيفات كل مدينة فى شكل ترسانة ضخمة من الأعمال السابقة القديمة وسجلات القرارات القضائيَّة، وأدى ذلك التلاقح الى إنصهار أعراف المدن. زاد الإنتشار الواسع للكتابة والتحول الى العقود المكتوبة من تعديل العرف البدائى والسوابق القديمة. فى حالة إتفاق الأطراف فإنَّ القانون سمح لهم فى العادة للتعاقد فيما بينهم. عملية الإتفاق يتم تسجيلها فى المعبد من قبل كاتب عدل عام، ويوثق بقسم "بإسم الإله وباسم الملك". يتم ختم الإتفاق علناً ويشهد عليه شهود ومتخصصون، الى جانب الأطراف المعنية. يضمن العرف أو الرأى العام بأن لا يكون إتفاق الأطراف على غير وجه حق. فى حالة النزاع يتعامل القضاة بداية مع العقد. قد لا يمكنهم إثباته، لكن إذا لم يظهر إعتراض من الأطراف، فللقضاة الحرية فى إعتماده. يمكن أن يتم إستئناف قرار القضاة. الكثير من العقود تحتوى على شرط بأنه فى حالة نزاع مستقبلى فإنَّ الأطراف المعنية تتقيد "بقرار الملك". يعلن التشريع عن نوعية الحكم الصادر فى العديد من القضايا، ويتم إرجاع العديد من الإستئنافات المرفوعة للملك الى القضاة بتعليمات للبت فيها طبقاً للحالة. رتب التشريع نفسه بعناية وبمنطقية وحتم تنظيم أقسامه وفق مادة موضوعها.

ينظر التشريع للسكان بوصفهم ينقسمون الى ثلاث طبقات، أميلو، وموسكينو، وأردو. الأميلو هو الارستقراطى، المنتمى الى أسرة أرستقراطية، ويكون ميلاده وزواجه وموته مسجلاً، وله أملاك من أسلافه وله كافة الحقوق المدنية. له إمتيازات وعليه واجبات أرستقراطية، وله حق الإنتقام للإصابات الجسديَّة، والمسئولية القانونية التى تجعله عرضة للعقاب الشديد على الجرائم والجنح، ويتوجب عليه دفع الرسوم والغرامات الباهظة. ينتمى الى هذه الطبقة الملك وبلاطه، وكبار الموظفين، والمتخصصون والحرفيون. لكن المصطلح أصبح مع مرور الزمن لقباً للمجاملة. ففى التشريع، عندما لا يكون المنصب معنياً، فإنَّ المصطلح يستخدم ليعنى "أى شخص". لا يرتبط المصطلح بالملكية الشخصية كما ولا يظهر أن له بعداً عرقياً. من الصعوبة بمكان وصف الموسكينو بدقة. ظهر المصطلح فى وقته بمعنى "الشحات" وبهذا المعنى إنتقل عبر اللغتين الارامية والعبرية الى العديد من اللغات الحديثة؛ لكنه رغم أنَّ التشريع لا يعده بالضرورة فقيراً، فيبدو أنه لا يمتلك أرضاً. كان الموسكينو حراً، لكن عليه قبول التعويض المالى عن الإصابات الجسديَّة، ويدفع رسوم وغرامات أقل، بل ويقدم هبات أقل للآلهة. يسكن الموسكينو فى حى خاص بهم فى المدينة. ليس هناك من سبب يدعو لعد الموسكينو مرتبطاً بصفة خاصة بالقصر، كمتقاعد ملكى، ولا بوصفه منتمياً الى طبقة تؤلف أغلبية السكان. شحة الإشارات اليه فى الوثائق المعاصرة تجعل محاولة تصنيف أبعد من ذلك للموسكينو ضرباً من التخمين. كان الأردو عبداً، أثاثاً لسيدة، وشكل طبقة كبيرة العدد. يمكنه أن يقتنى ملكية بل حتى أن يمتلك عبيداً. يقوم سيده بكسوته وإطعامه، ويدفع عنه تكاليف الطبيب، لكن السيد ينال كل تعويض يدفع للأردو نظير إصابة لحقت به. عادة ما يجد له سيده جارية لتصبح زوجة له (ويولد الأطفال فى هذه الحال بوصفهم عبيداً)، يضعه السيد عادة فى منزل (مع مزرعة أو ورشة) ويأخذ إيجاراً سنوياً منه. خلاف ذلك يمكن للأردو أن يتزوج من إمرأة حرة (فى هذه الحال يكون الأطفال أحراراً)، والتى يمكنها أن تجلب له ميراثاً لا يستطيع سيده أن يمسه، ولدى وفاة العبد يذهب نصف ممتلكاته الى سيده والنصف الآخر لوريثه. يمكنه أن ينال حريته بالشراء من سيده، أو يمكن عتقه ليكرس لمعبد، أو حتى تبنيه، عندها يكون قد أصبح أميلو لا موسكينو. العبيد تم إمتلاكهم عن طريق الشراء من الخارج، ومن الأسرى فى المعارك، ومن الأحرار الذين انحدروا الى مرتبة العبودية نتيجة الدين أو الجريمة. العبد عادة ما يهرب، فإذا قبض عليه، فإنَّ على من قبضه إرجاعه الى سيده، ويحدد التشريع مكافأة يتوجب على السيد أن يدفعها لمن قبض على العبد وأرجعه له. وكانت نسبة المكافأة تبلغ عشر القيمة الفعلية للعبد. وكانت عقوبة الإعدام توقع على من يأوى أو يأسر عبداً هارباً. كذلك كانت العقوبة فى حالة محاولة جعله يغادر المدينة. يحمل العبد علامة تعريف، والتى يمكن إزالتها فقط عن طريق عملية جراحيَّة، والتى أصبحت لاحقاً تتكون من اسم سيده بالوشم أو الوسم على ذراع العبد. فى الملكيات الكبيرة فى أشور والولايات الخاضعة لها كان هناك العديد من الأقنان، عادة من جنسيات خاضعة، وأسرى مقيمين، أو عبيد سابقين، مرتبطين بالأرض التى يفلحونها ويباعون مع الملكيات لكنهم قادرون على إمتلاك أرض وممتلكات خاصة بهم . هناك آثار قليلة دالة على وجود الأقنان فى بابل، إلا إذا كان من الجائز عد الموسكينو أقناناً.

ماهو قانون الياسا أو الياسق ؟

الياسق تشريع وضعه جنكيز خان ، وهو كما جاء في تفسير ابن كثير عبارة عن كتاب مجموع من أحكام قد اقتبسها من شرائع شتى: من اليهودية والنصرانية والملة الإسلامية وغيرها، وفيها كثير من الأحكام أخذها من مجرد نظره وهواه فصارت في بنيه شرعا متبعا يقدمونه على الحكم بكتاب الله وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم . ويصف المقريزي في خططه هذا القانون من حيث الشكل بقوله: " وقد كتبه في مجلدين كبيرين بخط غليظ، وكان يحمل عندهم على بعير، ولما اكتمل وضعه نقشه في صفائح من الفولاذ وجعله شريعة لقومه، فلما مات التزم أولاده من بعده واتباعهم حكم الياسا كالتزام أول المسلمين حكم القرآن، وجعلوا ذلك دينا لم يعرف عن أحد منهم مخالفته" .وبعد أن هاجم المغول الدولة الإسلامية واستولوا على بعض أجزائها ، أرادوا حمل المسلمين على الاحتكام إلى الياسا، ولكنهم سرعان ما اعتنقوا الإسلام واحتكموا إلى شرع الله وباءت تلك المحاولة لصرف المسلمين عن شرعهم بالفشل .

مفهوم العدالة في الفكر الاجتماعي .. (من حمورابي إلى ماركس)

تعدّ العدالة محور المعتقدات الأخلاقية في أي دين، فهي الحل التشريعي والنفسي الذي يقترحه ذلك الدين لمعضلة البشر الأزلية: صراع الخير مع الشر. وبالتالي، فأن جوهر أي دين يمكن اختزاله إلى أسلوب تناوله لموضوعة العدالة.
فقد عبرت البوذية Buddhism بأفكارها عن احتجاج عامة الشعب على الديانة البراهماتية بسبب فوارقها القبلية المقدسة، إذ يخاطب (بوذا) (562-483) ق.م الظالمين قائلاً: (فيا من تقترفون المظالم، انتبهوا إلى أنفسكم، وانظروا الأشياء بأعيانها لا بظواهرها، ولا تستسلموا إلى عبودية الذات، فتقعوا في شر أعمالكم، واعلموا أنكم لا تجنون من العلقم عنباً).
أما الكونفوشيوسية Confucianism، التي تنسب إلى(كونفوشيوس) (551-479)ق.م، فترى ان القاعدة الأخلاقية موجودة فينا ولا يمكن ان تنفصل عن أنفسنا. فالإنسان لا يفعل الشر عن علم بل عن جهل، ولكنه لو عرف الخير لاتجه اليه بشكل طبيعي. فالشر جهل والخير علم. اما سبب المصائب التي حلت بالإنسانية فهي المِلكية الخاصة، التي تؤدي إلى التطاحن والصراع.
وآمنت الديانة اليهودية، في الربع الأول من الألف الثاني قبل الميلاد، بأن الله يحب العدالة، وقد شيّد عرشه عليها، وأن الإنسان لكي يحيا حياة الحق، عليه ان يتعامل بعدالة على الدوام مع الآخرين، إذ جاء في التوراة (العهد القديم): (كلامُ الربِّ مستقيمٌ /وكلُّ أفعاله حقٌ /يحبُّ العدلَ والأنصافَ،/ ومن رحمته تمتليء الأرضُ) (مزمور 33:4-5). أما كتاب (التلمود) الذي بدأ حاخامات اليهود بتأليفه للمرة الأولى بين العامين (190-200)م، مغيّرين من خلاله أحكام التوراة، فقد أباح الربا، وتقديم الأطفال قرباناً للإله (مولوخ) Moloch، وكراهية الأجانب غير اليهود، وقدّم معياراً مزدوجاً للعدالة، إذ ما يباح من حقوق لليهود لا يباح لغيرهم من الأقوام والأديان.
وشددت المسيحية على أن كل الأحكام ينبغي أن تتخذ بعدالة. وعلى الإنسان أن يكون متيقظاً لكي لا يسقط في أحكام الشر. فالله عادل، وسيقاضي كل الناس بالعدل طبقاً لأفعاله. فجاء في الإنجيل (العهد الجديد): (أيها السادةُ عاملوا عبيدكم بالعدْلِ والمساواةِ عالمينَ أن لكم أنتم أيضاً سيداً في السماءِ) (كولوسي 4:1).
أما الإسلام، فعدّ العدالة مبدأً أساساً يجب تحقيقه في جميع مظاهر النشاط الانساني، إذ يؤكد القرآن الكريم كثيراً على إقامة العدل بوصفه هدفاً في كل مجتمع إسلامي، وقد وصف العدل بثلاث كلمات هي (العدل) و (القسط) و(الميزان)، كما تكررت مادة العدل بمشتقاتها ما يقرب من ثلاثين مرة فيه: (إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ) (سورة النحل: آية90).
وجاءت فريضة الزكاة إحقاقاً للعدالة الاجتماعية في الاسلام، بوصفها جوهر النظام الاقتصادي الإسلامي. وحكمتها هي رفض ان يتحكم فرد في مصائر الناس بحجب المال عنهم، لأن حجز المال فيه ظلم للمال والمجتمع، فيقول النبي محمد (ص): (من احتكرَ طعاماً أربعين يوماً فقد بريءَ من الله وبريءَ الله ُمنهُ). فالمال في الإسلام له وظيفة اجتماعية غير فردية، وهو لا يقصد لذاته وإنما لأداء خدمات اجتماعية تحقق المصلحة العامة. ويضمن الشرع الإسلامي والقضاء الإسلامي لكل فقير الحق في أن يرفع دعوى النفقة على الأغنياء من أقاربه. ويعني ضمان حد الكفاية هذا، أن الإسلام يكفل الحاجات الأولية للحياة الآدمية، إذ يخاطب الله (آدم) بعد أن طرد إبليس من الجنة: (إنَّ لَكَ أَلا تَجُوعَ فِيهَا وَلا تَعْرَى وَأَنَّكَ لا تَظْمَأُ فِيهَا وَلا تَضْحَى) (سورة طه: آية 118-119).
وبنشوء الدولة العربية الإسلامية وتوسعها، أصبح القرآن المصدرَ الأساس لأبحاث الفلاسفة المسلمين في قضايا الأخلاق، فضلاً عن تأثرهم في الوقت ذاته بالتراث الفلسفي اليوناني، وخاصة بافلاطون وارسطو. فقد أصبح (العدل) أحد الأصول الخمسة لـ (المعتزلة) بوصفه الأصل الخاص بمبحث (الحرية والاختيار) بالنسبة للإنسان، و(التعديل والتجوير) بالنسبة للذات الإلهية.
وتأثر (الفارابي) (873-953)م بمفاهيم الأخلاق لدى الفلاسفة اليونان، فالعدالة لديه ليست عدالة مساواة، بل عدالة توزيعية، إذ يقول: (العدل أولاً يكون في قسمة الخيرات المشتركة التي لأهل المدينة على جميعهم… فأن لكل واحدٍ من أهل المدينة قسطا ًمن هذه الخيرات مساوياً لأستئهاله، فنقصه عن ذلك وزيادته جور). والأفراد والجماعات في مدينته الفاضلة هم طبقات تتغالب فيما بينها، فمن غلب وقهر كان هو الفائز السعيد. ولما كان الغلب جزءاً من الطبع الإنساني فهو عدل. فالعدل اذن هو التغالب عند الفارابي.
وحدد (ابن خلدون) (1332-1406)م ان الإنسان كائن مجبول على الخير والشر معاً، وعلى التعاون والعدوان. فالإنسان لديه مدني بالطبع ولا تستقيم أحواله الا بالعيش مع غيره من بني جنسه، غير ان فيه من جهة أخرى طبعاً عدوانياً هو آثار القوى الحيوانية فيه، يجعله يعتدي ويظلم أخاه الإنسان. ويستبعد ابن خلدون أن تصل المجتمعات إلى مرحلة المدينة الفاضلة، إذ يرى ان الأمل الذي يراود الناس من حين لآخر في ظهور منقذٍ يصحح الأوضاع ويقيم العدل ويعيد الأمور كما كانت عليه أيام الخلفاء الراشدين، ما هو إلا سراب خادع.
يتضح من هذا العرض، ان الأديان عامة، تتفق على عدّ الفعل الإلهي عادلاً بشكل مطلق، ومنزهاً عن الجور والتعسف. أما المظالم على الأرض فهي سيئات من صنع البشر، لابد من محاسبتها والتكفير عنها، فأن لم يحدث ذلك عاجلاً في الحياة الدنيا، فسيحدث بالتأكيد في الحياة الآخرة. فالأديان بهذا الوصف، تشجع على الاعتقاد بالعدالة النهائية للعالم، بوصفها (أي العدالة) الغاية الأخيرة من هذا الوجود، أما المظالم الآنية فما هي إلا خطايا وذنوب مؤقتة تنتظر العقاب أو التصحيح.

العدالة في الفكر الفلسفي
تبحث موضوعة العدالة في الفلسفة ضمن فرع (الأخلاق) Ethics، الذي يعنى بتحديد ما هو الصالح والطالح، وما هو الصائب والخاطيء من الناحية الأخلاقية.
وقد حاولت الفلسفة بمختلف مذاهبها، ومنذ بداياتها، أن تبحث في (ماهية) Essenceالعدالة، بطرحها لعدد من الأسئلة الجوهرية: (هل ينطوي هذا العالم على العدالة ام الظلم؟)، (ما الموقف العادل؟ وما السلوك العادل؟ وما القانون العادل؟)، (هل العدالة قيمة مطلقة تعلو على الحركة الاجتماعية؟ أم إنها قيمة نسبية تلتحق بالوعي الاجتماعي وتتغير بتغيره؟)، (ما المعيار الذي تتحد بموجبه العدالة؟ أهو حاجات الناس؟ أم قدراتهم؟ أم جهودهم؟ أم الشرائع الدينية؟ أم قوانين السلطة؟).
وقد نبع الخلاف الرئيس بين المذاهب الفلسفية التي حاولت الإجابة عن الأسئلة أعلاه، من مشكلة تحديد أي الفكرتين لها الأسبقية على الأخرى في تحديد ماهية العدالة: فكرة (الحق) Right أم فكرة (الخير) Good؟ وعلى أساس هذا الجدال حول فكرتي الحق والخير، يمكن تصنيف آراء الفلاسفة في ماهية العدالة ضمن ثلاثة منظورات رئيسة، بغض النظر عن التناقضات الجوهرية بين فلاسفة كل منظور حول مشكلات أصل الوجود وعلاقة المادة بالوعي:
(1)المنظور الوضعي
يرى هذا المنظور أن (القوي على حق)، فلا يعترف بشيء اسمه العدل أو عدم العدل، بل يؤمن بأن القانون الوضعي هو قانون عادل طالما أقرته الدولة، ويصبح غير عادل إذا لم يتفق مع آراء الدولة وأهدافها.
ويعد (السفسطائيون) Sophists في الألف الأول قبل الميلاد، من أقدم مناصري هذا المنظور، بقولهم إن كل ما يؤدي إلى نفع الطبقة الحاكمة هو في مصلحة المحكومين. وبالتالي فأن منفعة الأقوى هي العدالة عينها.
أما (هوبز) Hobbes (1588-1679)م فوضع مفهوماً محدداً للعدالة بقوله: (الظلم هو خرق القواعد العامة). فالعدالة هي الطاعة للقوي القادر على ان يجعل نفسه مطاعاً.

(2) المنظور الطبيعي
القانون الطبيعي هو ذلك القانون الأزلي الشامل الذي يضم مجموعة من القواعد السامية العامة الخالدة التي توحي بمقاييس مطلقة للحق والعدل. وهو ليس من خلق الإنسان، وإنما وليد قوة مهيمنة غير منظورة، يستطيع العقل الكشف عنه للاهتداء بمبادئه.
ويعد (افلاطون) Plato (427-347)ق.م من أوائل المدافعين عن القانون الطبيعي للعدالة. فالكون في منظوره كلٌ منسجم تهيمن عليه (سماءٌ) من المثل الخالصة غير المخلوقة وغير القابلة للتغير. والفضيلة ما هي الا صورة المقاييس العلوية المتمركزة حول مثال (الخير)، التي ينظمها مثال (العدالة).
أما (روسو) Rousseau (1712-1778)م فوجه نقداً قوياً للعلاقات الطبقية الإقطاعية والنظام الاستبدادي، وأيد الديمقراطية البرجوازية والحريات المدنية والمساواة بين الناس بصرف النظر عن أصلهم. واعتقد أنه في (الدولة الطبيعية) لا تنتفي فحسب الحرب التي يشنها كل إنسان ضد كل إنسان، بل تسود أيضاً الصداقة والانسجام بين الناس.
(3) المنظور النفعي
يؤمن هذا المنظور أن عدل الفكرة لا ينبع الا من النتائج التي تحققها الأفكار. وعلى هذا فأن عدالة الدولة تنبع من نتائج تطبيقها للقوانين. فاذا كانت القوانين تؤدي إلى أهدافها المطلوبة منها فهي عادلة، وإذا لم تحقق أهدافها فهي غير ذلك.
فقد دعا (بنثام) Bentham (1748-1832) م زعيم القائلين بـ (مذهب المنفعة) Utilitrianism إلى الأخذ بقواعد القانون وإخضاعها لاختبار حساب المنفعة hedonic calculus بهدف زيادة سعادة الناس وإنقاص ما يعانونه.
وانتقد (ديوي) Dewey (1859-1952) م، وهو من مطوري (الفلسفة الذرائعية) Pragmatism، الفكرة المثالية القائلة أن هذا العالم يعمل على معاونة الخير وتحقير الشر. وعدّ مفاهيم (العدل المطلق) أو (المساواة المطلقة) أو (الحرية المطلقة) تعبيراً عن عوالم وهمية مثالية. فالأخلاق في نظره لا تكمن في إدراك الحقيقة، ولكن في الاستعمال الذي ينتج عن إدراكها.
يستدل مما تقدم أن كلاً من المنظورات الفلسفية الثلاثة السابقة الذكر قد تبنى مفهوماً أخلاقياً مطلقاً للعدالة. فالمنظور الوضعي ينظر إلى العدالة بوصفها طاعة الأفراد لقوانين السلطة، بينما يعدّها المنظور الطبيعي جزءاً متأصلاً في طبيعة الإنسان ولا يحتاج لاكتشافها إلا لاستخدام العقل، ومن ثم تطبيقها بواسطة القوانين الوضعية المعززة لقواعد القانون الطبيعي. أما المنظور النفعي فيرى ان العدالة تتحقق عندما تؤدي القوانين أهدافها في تحقيق منفعة الناس وخيرهم. إن أياً من هذه المنظورات الثلاثة لم يقدم حلاً متكاملاً لمشكلة ماهية العدالة. فلتنظيم عملية تلبية الحقوق الطبيعية للأفراد، لابد من اللجوء إلى القوانين الوضعية، إذ أن هذه القوانين تسهم بدورها في صياغة محددات نوعية وكمية للحقوق الطبيعية، ومن غير ذلك تنتفي خاصية الاجتماع البشري. كما ان القوانين الوضعية ذاتها تتغير عبر التأريخ لتتلاءم مع تنامي حاجات البشر وتطور وعيهم الاجتماعي. وبالمقابل فأن المنظور النفعي هو محاولة لتحقيق الانسجام بين تلبية حاجات الفرد وتحقيق الصالح العام، لكنه (أي المنظور النفعي) لم يحدد المعنى الإجرائي لمفهوم الصالح العام، كما بالغ في عدّ (الحق) نتاجاً آنياً للمتطلبات المادية للمجتمع الصناعي، مجرداً اياه من بعض أبعاده الأخلاقية التي اكتسبها الناس في منظوماتهم القيمية بتأثير الموروث الثقافي لحضاراتهم.

شرائع صولون

أنتخب صولون Solon الحكيم والشاعر حاكما على أثينا في الفترة (594 - 572 ق.م.) وقد قام بعد توليه الحكم بوضع شرائع أو أحكام عرفت باسم "الدستور الصولوني" أو "شرائع صولون" وكان الهدف منها أن تكون دستور يحكم به البلاد وهو ما يلي باتخاذ:

1ـ بدأ بإعلان العفو العام لتصفية آثار الماضي.

2ـ سمح للمنفيين بالرجوع إلى وطنهم وأعاد إليهم الحقوق المدنية (عدا المحكومين بجرائم القتل).

3ـ ألغى جميع الديون , سواء كانت للأفراد أم للدولة , وأعاد الأملاك المرهونة إلى أصحابها , وحرر الأفراد الذين كانوا قد أصبحوا أقنانا مرتبطين بالأرض بسبب عجزهم عن دفع ديونهم . وأصدر قانونا يحرم استعباد أي شخص في المستقبل مقابل دين يعجز عن تسديده.

4ـ قام بإصلاحات اقتصادية وضريبية واسعة حيث قسم المجتمع إلي أربع طبقات حسب الدخل وفرض الضريبة وفق ذلك.

5ـ أوجد مجلس الأربعمائة الذي ينتخب من قبل القبائل الأربع في أثينا ( لكل قبيلة 100 ) ومهمة هذا المجلس هي تهيئة المشاريع التي يجب عرضها على مجلس الشيوخ.

6ـ قام بإحياء مجلس الشعب الذي يشترك جميع المواطنين في مناقشاته , وعهد إليه مهمة انتقاء الحكام حيث كانوا ينتخبون سابقا من قبل مجلس الشيوخ . وكان جميع الموظفين مسؤولين تجاه هذا المجلس الذي يستطيع معاقبة أي موظف , ويحق له أن يحاسب الحكام والقواد عند انتهاء مدة عملهم , وأن يحرمهم من أن يصبحوا أعضاء في مجلس الشيوخ.

7ـ أسس مجلس المحلفين الذي يتألف من ستة آلاف عضو , ينتقون بالقرعة من جميع الطبقات والذي ينقسم إلى محاكم متعددة تنظر في جميع القضايا عدا حوادث القتل . ويحق لهذا المجلس أن ينظر في كل اعتراض على أي عمل من أعمال الموظفين.

وقد نقشت شرائع صولون على لوحات مثلثة تدور على محور وتم وضعها في الرواق الملكي حيث كان يجلس الحاكم والملك للقضاء وأقسموا جميعاً بأن يتقيدوا بها.

وهكذا أصبحت إدارة الدولة منذ ذلك الوقت خاضعة لقوانين مكتوبة ثابتة , بعد أن كانت تسير حسب أوامر وقرارات ارتجالية.
اسماء الكتب الممنوعة في الدول العربية

--------------------------------------------------------------------------------

[ دوائر الخوف قراءة في خطاب المرأة - نصر حامد أبو زيد
- الحزب الهاشمي وتأسيس الدولة الإسلامية - سيد القمني
- أوراق حياتي - نوال السعداوي
- موت الرجل الوحيد على الأرض - نوال السعداوي
- أغنية الأطفال الدائرية - نوال السعداوي
- امرأة عند نقطة الصفر - نوال السعداوي
- السؤال الآخر - سيد القمني
- الخطاب والتأويل - نصر حامد أبو زيد
- قصة الخلق من العرش إلى الفرش - عيد ورداني
- ماذا يعني علم الاستغراب ؟ - حسن حنفي
- المخادعون العرب - مختار سالم
- من العقيدة إلى الثورة - 5 أجزاء - حسن حنفي
- حوار المشرق والمغرب - حسن حنفي (وضع بالتعاون مع الدكتور محمد عابد الجابري) .
- قتل المرتد الجريمة التي حرمها الإسلام - محمد منير ادلبي
- دثريني يا خديجة - د. سلوى بالحاج صالح العايب
- دولة يثرب بصائر في عام الوفود وفي أخباره - خليل عبد الكريم
- الكاماسوترا فن الحب عند الهنود - مالاينجا فاتسيانا - كتاب مترجم
- سبزاباد ورجال الدولة البهية - مي محمد الخليفة
- المتطرفون - د. عمر عبد الله كامل
- الردة في الإسلام - حسن غريب
- كنا في زمن أحباب ويوميات امرأة مطلقة - زينب صادق - قصص .
- حروب دولة الرسول - جزءان - سيد القمني
- فترة التكوين في حياة الصادق الأمين - خليل عبد الكريم
- العصيان المسلح أو قتال أهل البغي في دولة الإسلام
- شدو الربابة بأحوال مجتمع الصحابة - محمد والصحابة - السفر الأول - خليل عبد الكريم
- قريش من القبيلة إلى الدولة المركزية - خليل عبد الكريم
- مجتمع يثرب العلاقة بين الرجل والمرأة في العهدين المحمدي والخليفي - خليل عبد الكريم
- السوق الداخلي - محمد شكري
- جوانيات الرموز المستعارة لكبار أولاد حارتنا - د ز عبد العظيم إبراهيم محمد المطعني
- الشطار - محمد شكري
- فرسان بلا معركة - الصادق النيهوم
- قراءات نقدية في فكر حسن حنفي جدل الأنا والآخر - د. احمد عبد الحليم عطية
- الخيمة - محمد شكري
- مدافع الفقهاء - صالح الورداني
- زهر العريش في تحريم الحشيش - الإمام الزركشي .
- المفاجأة - محمد عيسى داود
- السياسة بين الحلال والحرام - تركي الحمد
- للنساء فقط خاص جدا - نجلاء محفوظ
- بيضة النعامة - رءوف مسعد
- قضايا المرأة والفكر والسياسة - د.نوال السعداوي
- في الثقافة السياسية - حسن حنفي - آراء حول أزمة الفكر والممارسة في الوطن العربي
- الأمير - د. فاروق سعد
- نكون أو لا نكون - فرج
- نصر حامد أبو زيد بين التكفير والتنوير - محمد هاشم
- رسائل ابن عربي - ابن عربي
- البغاء أو الجسد المستباح - فاطمة الزهراء ازرويل
- صديقنا الملك - جيل بيرو
- حكاية أولاد حارتنا كتاب اليوم
- رموز الإسلام
- هرمجدون آخر بيان يا امة الإسلام - أمين محمد جمال الدين.
- جان جينيه في طنجة - محمد شكري
- بول بولز وعزلة طنجة - محمد شكري
- عاشق لعار التاريخ - عبد الله القصيمي
- من يجرؤ على الكلام - بول فندلي .
-وليمة لأعشاب البحر الإلحاد يخلع أقنعته - د. احمد فؤاد عبد العزيز
- الشميسي - تركي الحمد - سيرة ذاتية لهشام العابر الهارب من الخليج
- آيات شيطانية - سلمان رشدي - النص الأصلي باللغة الانجليزية .
- وليمة لأعشاب البحر - رواية داعرة وثقافة فاجرة عبد المعز خطاب .
- عابر سرير - أحلام مستغانمي - الجزء الثالث من ثلاثيتها ذاكرة الجسد وفوضى الحواس .
- الكراديب - تركي الحمد - سيرة ذاتية لهشام العابر الهارب من الخليج ...
- دراسات ايدولوجية في الحالة العربية - تركي الحمد .
- القرضاوي في العراء - الشيخ أسامة السيد
- شرق الوادي - تركي الحمد
- الإسلام في الأسر - الصادق النيهوم
- نساء على أجنحة الحلم - فاطمة المرنيسي
- الإسلام والجنس - د.نجمان ياسين
- نقد الفكر الديني - الدكتور صادق جلال العظم
- إسلام ضد الإسلام - الصادق النيهوم
- الحب في زمن النفط - د نوال السعداوي
- الإرهاب - فرج فودة
- الشائعات - ميشال روكيت
- الإسلام السياسي - محمد سعيد العشماوي
- الثقافة العربية في عصر العولمة - تركي الحمد
- كلمتي للمغفلين - محمد جلال كشك
- التحليل النفسي للانبياء - عبدالله كمال -
- السيف والسياسة - صالح الورداني
- الحريم السياسي - فاطمة المرنيسي
- الوجه العاري للمراْة العربية - د نوال السعداوي
-المرأة والجنس - الجزء الثاني ( الأنثى هي الأصل ) - نوال السعداوي
- هل انتم محصنون ضد الحريم؟ - فاطمة المرنيسي
- رب الزمان - سيد القمني
- لعبة الأمم - مايلز كوبلاند
- فلسفة التأويل - نصر حامد أبو زيد .
- الإرهاب السياسي - عبد الناصر حريز
- أشهر قضايا الاغتيالات السياسية - محمود كامل العمروسي
- عشرون اغتيالا غيرت وجه العالم - لي ديفز
- نقد الخطاب الديني - نصر حامد أبو زيد
- القول المفيد في قضية أبو زيد - نصر حامد أبو زيد
- دراسات عن المرأة والرجل - نوال السعداوي - خمسة كتب لنوال السعداوي في كتاب واحد وهي المرأة والجنس والأنثى هي الأصل والرجل والجنس والمرأة والصراع النفسي والوجه العاري للمرأة العربية .
- النصوص المحرمة - أبو نواس -.
- الذخيرة في محاسن أهل الجزيرة - ابن بسام - تحقيق د محمد رضوان الداية
- تنبؤات نوستراداموس - نوسترادامس
- التفكير في زمن التكفير - نصر حامد أبو زيد
- الملفات السرية للحكام العرب - ساندرا مكي
- شمس المعارف الكبرى -احمد بن علي البوني
- تاريخ جهنم - جورج بنوا
- صور نسائية - فاطمة المرنيسي -
- الحوار أو خراب الديار - محمد جلال كشك
- سلطانات منسيات - فاطمة المرنيسي .
- سقوط الإمام - نوال السعداوي
- وليمة لأعشاب البحر - حيدر حيدر
- تحفة العروس ونزهة النفوس" متعة النفوس "
- العدامة - تركي الحمد
- الإسلام والعرش - د.أيمن الياسيني
- العنف المقدس - تركي علي الربيعي
- الأمير لميكافيلي - تعريب محمد لطفي
- أحلام النساء الحريم - فاطمة المرنيسي
- الروض العاطر في نزهة الخاطر - محمد بن محمد النفزاوي التفشاني
- العار - تسليمة نسرين
- القيان - أبو فرج الاصفهاني
- النبي إبراهيم - د. تهامي العبدولي
- مطلوب حيا أو ميتا - كاريكاتير رؤوف عبده
- الغلامة - عالية ممدوح
- ضد الاستبداد - توفيق السيف -السجينة - مليكة أو فقير
- التجسس على عصر الرسول - محمد الشافعي
- مجموع الرسائل الإلهية لابن عربي - ابن عربي
- رياح الشمال - رياض نجيب الريس
- جغرافية الملذات الجنس في الجنة - إبراهيم محمود
- الخبز الحافي - محمد شكري
- زبيبة والملك - صدام حسين
- غرام الأميرات - مجدي كامل
- العشق - عادل صادق
- ممولو الإرهاب - عبد القادر شهيب
- الإسلام والديمقراطية - الخوف من الحداثة - فاطمة المرنيسي
- الحريم وأبناء العم - جرمين تيليون
- ذاكرة الجسد - أحلام مستغاني
- فوضى الحواس - أحلام مستغاني
- أولاد حارتنا - نجيب محفوظ
- المحاكمة - ليلى العثمان
- الثالوث المحرم - بوعلي ياسين[/align]
جرائم الكمبيوتر والانترنت (الجريمة الالكترونية)



تتشابه الجريمة الالكترونية مع الجريمة التقليدية فى إطراف الجريمة من مجرم ذي دافع لارتكاب الجريمة و ضحية و الذي قد يكون شخص طبيعي أو شخص اعتباري و أداة و مكان الجريمة. وهنا يكمن الاختلاف الحقيقي بين نوعى الجريمة ففي الجريمة الالكترونية الأداة ذات تقنية عالية وأيضا مكان الجريمة الذي لا يتطلب انتقال الجاني إليه انتقالا فيزيقيا و لكن فى الكثير من تلك الجرائم فان الجريمة تتم عن بعد باستخدام خطوط و شبكات الاتصال بين الجاني و مكان الجريمة.
هذا وتشير مجلة لوس انجيلوس تايمز فى عددها الصادر فى 22 مارس عام 2000 إلى أن خسارة الشركات الاميريكية وحدها من جراء الممارسات التى تتعرض لها و التى تندرج تحت بند الجريمة الالكترونية بحوالى 10 مليار دولار سنويا، و للتأكيد على جانب قد تغفله الكثير من مؤسسات الأعمال فان نسبة 62% من تلك الجرائم تحدث من خارج المؤسسة و عن طريق شبكة الانترنت بينما تشكل النسبة الباقية (38 %) من تلك الخسائر من ممارسات تحدث من داخل المؤسسات ذاتها.
مثال أخر حديث قد لا يتوقع أحد كم الخسائر الناجمة عنه وهو تلك الأعطال و الخسائر فى البرامج والتطبيقات والملفات ونظم العمل الآلية وسرعة وكفاءة شبكات الاتصال والذى ينجم عن التعرض للفيروسات والديدان مثل ذلك الهجوم الأخير والذى تعرضت له الحواسب الآلية المتصلة بشبكة الانترنت فى اغلب دول العالم من خلال فيروس يدعى (WS32.SOBIG) والذى أصاب تلك الأجهزة من خلال رسائل البريد الالكتروني بصورة ذكية للغاية حيث كان ذلك الفيروس يتخفى فى الوثيقة الملحقة بالبريد الالكتروني (Attachment File) فى صورة ملف ذو اسم براق و عند محاولة فتح ذلك الملف فان الفيروس ينشط ويصيب جهاز الحاسب و يبدأ فى إرسال المئات من رسائل البريد الالكتروني من ذلك الجهاز المصاب مستخدما كل أسماء حسابات البريد الالكتروني المخزنة عليه. الأمر الذي أدى إلى إصابة عدد هائل من الحواسب الشخصية للأفراد و الشركات و ملء خوادم البريد الالكتروني بتلك الرسائل مثال على ذلك إصابة خوادم البريد الالكتروني لشركة أميركا اون لاين بما يقارب ال 20 مليون رسالة ملوثة وأدى ذلك أيضا إلى بطء شبكات و خطوط الاتصال بصورة كبيرة و أحيانا بالشلل التام مما أدى لتعطل الكثير من الأعمال و تلف العديد من الملفات الهامة على تلك الحواسب وقد قدرت الخسائر الناجمة عن ذلك الفيروس بما يقارب ال 50 مليون دولار اميريكى فى داخل الولايات المتحدة الاميريكية وحدها.
ومن الجرائم الأخرى ذات التأثيرات المختلفة سرقة بيانات بطاقات الائتمان الشخصية والدخول على الحسابات البنكية وتعديلها وسرقة الأسرار الشخصية والعملية الموجودة بصورة الكترونية وأيضا الدخول على المواقع وقواعد البيانات وتغيير أو سرقة محتوياتها وأيضا بث الأفكار الهدامة أو المضادة لجماعات أو حكومات بعينها وأيضا السب والقذف والتشهير بالشخصيات العادية والعامة ورموز الدين والسياسة وخلافه.
وبالنظر في نطاق القانون الجنائي، يعرف أستاذنا الدكتور محمود نجيب حسني الجريمة " بأنها فعل غير مشروع صادر عن إرادة جنائية يقرر لها القانون عقوبة أو تدبيراً احترازياً ".
أما بالنسبة لجرائم الكمبيوتر (الحواسيب) والانترنت، فقد تعددت التعريفات وفقا لمعايير متعددة سواء أكانت وفقا لمعيار شخصي من حيث توفر المعرفة والدراية بالتقنية أو وفقا لمعيار موضوع الجريمة، والمعايير المتعلقة بالبيئة المرتكب فيها الجريمة، وغيرها. وسوف نسرد هنا بعض التعريفات لفقهاء القانون الجنائي.
فقد عرفتها الدكتورة هدي قشقوش بأنها " كل سلوك غير مشروع أو غير مسموح به فيما يتعلق بالمعالجة الآلية للبيانات أو نقل هذه البيانات " ، وعرفها الأستاذ Rosenblatt بأنها " كل نشاط غير مشروع موجه لنسخ أو تغيير أو حذف أو الوصول إلي المعلومات المخزنة داخل الحاسب أو التي تحول عن طريقه " ، كما عرفها الفقيه Artar Solarz بأنها " أي نمط من أنماط الجرائم المعروف في قانون العقوبات طالما كان مرتبط بتقنية المعلومات ". كذلك عرفها الأستاذ Eslie D.Ball بأنها " فعل إجرامي يستخدم الكمبيوتر في ارتكابه كأداة رئيسية " ، كما عرفتها وزارة العدل الأمريكية بأنها " أية جريمة لفاعلها معرفة فنية بالحاسبات تمكنه من ارتكابها " ، ويعرفها ****don بأنها " واقعة تتضمن تقنية الحاسب ومجني عليه يتكبد أو يمكن أن يتكبد خسارة وفاعل يحصل عن عمد أو يمكنه الحصول علي مكسب ".
كما يعرفها خبراء منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية OECD بأنها " كل سلوك غير مشروع أو غير أخلاقي أو غير مصرح به يتعلق بالمعالجة الآلية للبيانات أو نقلها ". ويعرفها الفقيه الفرنسي Vivant بأنها " مجموعة من الأفعال المرتبطة بالمعلوماتية والتي يمكن أن تكون جديرة بالعقاب ".
كما يعرفها الأستاذين Robert J.Lindquist ، Jack Bologna بأنها " جريمة يستخدم فيها الحاسوب كوسيلة أو أداة لارتكابها أو يمثل إغراء بذلك أو جريمة يكون الكمبيوتر نفسه ضحيتها ".
أنواع الجريمة الالكترونية:
أولا الجرائم التى تتم ضد الحواسب الآلية و نظم المعلومات
1) جرائم الإضرار بالبيانات:
يعتبر هذا الفرع من الجرائم الالكترونية من أشدها خطورة و تأثيرا وأكثرها حدوثا وتحقيقاُ للخسائر للإفراد و المؤسسات. ويشمل هذا الفرع كل أنشطة تعديل أو محو أو سرقة أو إتلاف أو تعطيل العمل للمعلومات وقواعد البيانات الموجودة بصورة الكترونية (Digital Form) على الحواسب الآلية المتصلة أو غير المتصلة بشبكات المعلومات أو مجرد محاولة الدخول بطريقة غير مشروعة عليها.
أبسط تلك الأنشطة هو الدخول لأنظمة المعلومات وقواعد البيانات بصورة غير مشروعة والخروج دون إحداث أى تأثير سلبي عليها. ويقوم بذلك النوع من الأنشطة ما يطلق عليهم المخترقون ذوى القبعات البيضاء (White Hat Hackers) الذين يقومون بالدخول بطريقة غير مشروعة على أنظمة الحاسب أو شبكات المعلومات أو مواقع الانترنت مستغلين بعض الثغرات فى تلك النظم مخترقين بذلك كل سياسات و إجراءات امن المعلومات التى يقوم بها مديري تلك الأنظمة والشبكات (System And Network Administrators) و كما ذكر عدم ارتباط ذلك النشاط بالشبكات فاختراق الأمن الفيزيقي للاماكن التى يوجد بها أجهزة الحاسب التى تحتوى على بيانات هامة بالرغم من وجود إجراءات أمنية لمنع الوصول إليها و بمعنى أخر وصول شخص غير مصرح له و إمكانية دخوله إلى حجرة الحواسب المركزية بالمؤسسة ثم خروجه دون إحداث أى أضرار فانه يعتبر خرقا لسياسة وإجراءات امن المعلومات بتلك المؤسسة.
استخدام الشبكات و بصفة خاصة شبكة الانترنت فى الدخول على قواعد البيانات أو مواقع الانترنت والحصول على معلومات غير مسموح بها أو إمكانية السيطرة التامة على تلك الأنظمة بالرغم من وجود إجراءات حماية متعددة الدرجات من الحوائط النارية وأنظمة كشف ومنع الاختراق بالإضافة لآليات تشفير البيانات وكلمات السر المعقدة وبتخطي كل تلك الحواجز والدخول على الأنظمة المعلومات ثم الخروج دون إحداث أى تغيير أو إتلاف بها فانه ابسط أنواع الاختراق الذي يعطى الإشارة الحمراء لمديري النظم وأمن المعلومات بان سياساتهم وإجراءاتهم التنفيذية لأمن المعلومات بحاجة إلى التعديل والتغيير وانه يتعين عليهم البدء مرة أخرى فى عمل اختبار وتحليل للتهديدات ونقاط الضعف الموجودة بأنظمتهم (Risk Assessment) لإعادة بناء النظام الامنى مرة أخرى وأيضا العمل على إجراء ذلك الاختبار بصورة دورية لمواكبة الأساليب الجديدة فى الاختراق .
أما بالنسبة الى تعديل أو محو أو سرقة أو إتلاف أو تعطيل العمل لنظم المعلومات فان تلك الأنشطة تتم بواسطة أفراد هواه أو محترفون يطلق عليهم المخترقون ذوى القبعات السوداء (Black Hat Hackers) الذين قد يقومون بهذه الأعمال بغرض الاستفادة المادية أو المعنوية من البيانات والمعلومات التى يقومون بالاستيلاء عليها أو بغرض الإضرار بالجهة صاحبة تلك الأنظمة لوجود كره شخصي أو قبلي أو سياسي أو ديني أو القيام بذلك لحساب احد المؤسسات المنافسة.
مثال على ذلك ما ذكره مكتب التحقيقات الفيدرالية الاميريكى (FBI) فى السادس و العشرون من سبتمبر عام 2002 من القبض على احد عملائها و يدعى ماريو كاستللو 36 عاما ومحاكمته بتهمة تخطى الحاجز الامنى المسموح له به و الدخول على احد أجهزة المكتب ستة مرات بغرض الحصول على بعض الأموال.
فى التقرير السنوي الثامن لمكتب التحقيقات الفيدرالية الاميريكى الصادر عام 2003 بعنوان جرائم الحاسب فان أكثر خسائر المؤسسات بالولايات المتحدة الاميريكية تأتى من الاستيلاء على المعلومات والتي تكبدتها خلال هذا العام خسائر تتعدى السبعين مليون دولار اميريكى و يأتي فى المركز الثاني نشاط تعطيل نظم المعلومات محققا خسائر تتجاوز الخمسة و ستين و نصف مليون دولار هذا العام.
تعطيل العمل و الذي يطلق عليه ال (Denial Of Service Attack) و اختصاراً ال (Dos) والذي يعتمد على إغراق أجهزة الخوادم بالاف أو ملايين طلبات الحصول على معلومات الأمر الذي لا تحتمله قدرة المكونات المادية (Hardware) أو نظم قواعد البيانات والتطبيقات والبرامج موجودة على تلك الخوادم التى تصاب بالشلل التام لعدم قدرتها على تلبية هذا الكم الهائل من الطلبات و التعامل معها . و يحتاج الأمر إلى ساعات عديدة حتى يتمكن مديري النظم و الشبكات للتعرف على مصادر الهجوم و عيوب النظم لديهم و استعادة العمل بصورة طبيعية. و بالطبع فان هذه الساعات التى يكون فيها نظام المعلومات متعطلاً تكبد المؤسسة الخسائر المادية الجسيمة فضلا عن تعطيل مصالح المتعاملين مع تلك الأنظمة وفقدانهم الثقة فى تلك المؤسسة و هروب العملاء منها إلى مؤسسات منافسة كلما أمكن ذلك.


الشكل السابق يوضح كيفية حدوث الهجوم الذي يؤدى إلى تعطيل عمل النظم الفنية عن طريق إرسال آلاف أو ملايين الطلبات من العديد من الشبكات إلى الخادم الرئيسي.

و مما هو جدير بالذكر أن ثاني أكثر مواقع الانترنت شعبية و عدد زائرين (Yahoo) قد تعرض لهجوم من ذلك النوع فى فبراير من عام 2000 الأمر الذي أدى لانقطاع خدمة الاتصال بالموقع لمدة تجاوزت الثلاث ساعات حتى استطاع المهندسون بالشركة من تحديد المناطق التى بدء منها الهجوم وتعاملوا معها بوضع فلاتر على جهاز الاتصال (Router) الموجود بالشركة لحجب تلك المناطق عن الاتصال بالخوادم الموجودة بالشركة و تعطيلها عن العمل.
ذكر أيضا تقرير مكتب التحقيقات الفيدرالية الاميريكية التطور السنوي للخسائر المادية للشركات الاميريكية من الجرائم الالكترونية فى الأعوام من 2000 إلى 2003 الذي اظهر جنوح اغلب الجرائم إلى الانخفاض فى حجم الخسائر السنوية ماعدا جريمة تعطيل العمل للأنظمة والذى تضاعف حجم الخسائر المادية الناجمة منها من حوالي 18 مليون دولار عام 2002 إلى ما يقارب ال 65 مليون دولار عام 2003.



2) جرائم الاعتداء على الأشخاص
المقصود بالاعتداء هنا هو السب و القذف و التشهير و بث أفكار و أخبار من شانها الإضرار الادبى أو المعنوي بالشخص أو الجهة المقصودة.
هذا و تتنوع طرق الاعتداء بداية من الدخول على الموقع الشخصي للشخص المشهر به وتغيير محتوياته والذى يندرج تحت الجرائم التى تتم ضد الحواسب و الشبكات أو عمل موقع أخر يتم نشر أخبار و معلومات غير صحيحة و الذي يندرج تحت الجرائم باستخدام الحواسب الآلية و الشبكات والذى غالبا ما يتم من خلال إحدى مواقع الاستضافة المجانية لصفحات الانترنت و التى أصبح عددها بالآلاف فى كافة الدول المتصلة بالانترنت و التى تسمى بال (Free Web Hosting Services) .
من اشهر تلك الوقائع ما حدث لموقع البنك المركزي المصرى على شبكة الانترنت منذ ما يقرب من الثلاث سنوات حيث قام المهاجم بالدخول بصورة غير مشروعة على جهاز الخادم الذي يتم بث الموقع منه مستغلا إحدى نقاط الضعف فيه و قام بتغيير الصفحة الرئيسية للموقع الأمر الذي أحدث بلبلة فى أوساط المتعاملين مع البنك خوفا من أن يكون الاعتداء قد امتد إلى المعاملات البنكية الأخرى.
من صور الاعتداء الأخرى التى تمثل اعتداء على الملكية الفكرية للأسماء ما يحدث من اعتداءات على أسماء مواقع الانترنت (Domain Names) حيث أن القاعدة العالمية فى تسجيل أسماء النطاقات (والتي تتم أيضا باستخدام بطاقات الائتمان من خلال شبكة الانترنت) هى أن التسجيل بالأسبقية و ليس بالأحقية (First Come First Served) الأمر الذي أحدث الكثير من المخالفات التى يتم تصعيدها إلى القضاء و بتدخل من منظمة الايكان التى تقوم بتخصيص عناوين وأسماء المواقع على شبكة الانترنت (ICANN) (Internet Corporation for Assigned Names and Numbers) وذلك من اجل التنازل عن النطاق للجهة صاحبة الحق مع توقيع العقوبة أو الغرامة المناسبة .
يحدث أيضا فى تسجيل النطاقات عبر الانترنت و التى يتم تسجيلها لمدد تتراوح من عام إلى تسعة أعوام أن لا تنتبه الجهة التى قامت بالتسجيل إلى انتهاء فترة تسجيل النطاق ووجوب التجديد حيث توجد شركات يطلق عليها صائدو النطاقات (Domain Hunters) تقوم بتجديد النطاق لها ومساومة الشركة الأصلية فى التنازل عليه نظير ألاف الدولارات مستغلة اعتماد الشركة على هذا الاسم و معرفة العملاء به لمدد طويلة هذا فضلا عن الحملات الدعائية له وكم المطبوعات الورقية التى أصدرتها الشركة و تحمل ذلك العنوان.
من الجرائم الأخرى المتعلقة بأسماء النطاقات على شبكة الانترنت ما يعرف بإعادة التوجيه (Redirection) مثلما حدث لموقع شركة Nike فى شهر يونيو عام 2000 حيث قامت جماعة من المحترفين بالدخول على موقع شركة تسجيل النطاقات الشهيرة و المعروفة باسم (Network Solutions) و تغيير بيانات النطاق لضعف إجراءات امن المعلومات بالشركة فى ذلك الحين و بذلك تم إعادة توجيه مستخدمي الانترنت إلى موقع لشركة انترنت فى اسكوتلاندا.
أيضا قامت إحدى الجماعات بعمل موقع على شبكة الانترنت تحت عنوان (http://www.gatt.org) مستخدمة شكل و تصميم الموقع الخاص بمنظمة التجارة العالمية ((World Trade Organization و الذي يظهر كخامس نتيجة فى اغلب محركات البحث عن ال WTO و قد استخدمته للحصول على بيانات البريد الالكتروني وباقي بيانات مستخدمي الانترنت الذين كانوا فى الأصل يبغون زيارة موقع منظمة التجارة العالمية ومازالت القضية معلقة حتى الآن مع المنظمة الدولية لحماية حقوق الملكية الفكرية (World Intellectual Property Organization) .



الشكل السابق يوضح التشابه الكبير بين تصميم الموقعين.



3) جرائم تطوير و نشر الفيروسات:
كانت البداية لتطوير فيروسات الحاسب فى منتصف الثمانينات من القرن الماضي فى باكستان على ايدى اثنين من الإخوة العاملين فى مجال الحواسب الآلية.
استمرت الفيروسات فى التطور و الانتشار حتى بات يظهر ما يقارب المئتين فيروس جديد شهريا. والتي تعددت خصائصها وأضرارها فالبعض ينشط فى تاريخ معين و البعض الأخر يأتي ملتصقا بملفات عادية و عند تشغيلها فان الفيروس ينشط و يبدأ فى العمل الذي يختلف من فيروس لأخر بين أن يقوم بإتلاف الملفات الموجودة على القرص الصلب أو إتلاف القرص الصلب ذاته أو إرسال الملفات الهامة بالبريد الالكتروني و نشرها عبر شبكة الانترنت.
ظهرت مؤخرا نسخ مطورة من الفيروسات تسمى الديدان التى لديها القدرة على العمل والانتشار من حاسب لأخر من خلال شبكات المعلومات بسرعة رهيبة و تقوم بتعطيل عمل الخوادم المركزية والإقلال من كفاءة و سرعة شبكات المعلومات أو إصابتها بالشلل التام.
النوع الأخر والذي يدعى حصان طروادة (Trojan Horse) يقوم بالتخفي داخل الملفات العادية ويحدث ثغرة أمنية فى الجهاز المصاب تمكن المخترقين من الدخول بسهولة على ذلك الجهاز و العبث بمحتوياته و نقل أو محو ما هو هام منها أو استخدام هوية هذا الجهاز فى الهجوم على أجهزة أخرى فيما يعرف ب الattack) (Leapfrog والذي يتم من خلال الحصول على عنوان الانترنت الخاص بجهاز الضحية و منه يتم الهجوم على أجهزة أخرى (IP Spoofing).
لا يتصور الكثيرون منا كم الخسائر الناجمة سنويا عن ذلك النوع من الجرائم الالكترونية ولكن مثال على هذا ما جاء بتعريف الجريمة الالكترونية سابقا كيف ان فيروس مثل (WS32.SOBIG) قد كبد الولايات المتحدة أكثر من خمسين مليون دولار اميريكى خسائر من توقف العمل و فقد الملفات.

ثانيا الجرائم التى تتم باستخدام الحواسب الآلية نظم المعلومات
1) جرائم الاعتداء و التشهير و الأضرار بالمصالح الخاصة و العامة:
الاعتداء و التشهير بالأنظمة السياسية و الدينية مستمر و لعل اشهر تلك الوقائع قيام بعض الهواة بوضع بعض البيانات فى شكل صور من القران الكريم و بدءوا فى الإعلان عنها من خلال إحدى مواقع البث المجاني الشهيرة وهو موقع شركة Yahoo و عنوانه (http://www.yahoo.com) الأمر الذي استدعى الأزهر الشريف و المجلس الاعلي للشئون الإسلامية و الكثير من الجهات الإسلامية الأخرى فى شتى بقاع الأرض إلى مخاطبة المسئولين عن الموقع و تم بالفعل إزالة تلك الصفحات ووضع اعتذار رقيق بدلاً منها.
جرائم الاعتداء على الأشخاص و التى تتم باستخدام الحواسب الآلية و الشبكات قد سبق الإشارة إليها فى الفقرة السابقة و الخاصة بالجرائم التى تتم ضد الحواسب الآلية أما ما يندرج منها تحت بند الجرائم التى تتم باستخدام الحواسب الآلية هو ما يشابه التشهير بالأشخاص المعنويين أو الحقيقيين من بث أفكار و معلومات و أحيانا أخبار و فضائح ملفقة من خلال بناء مواقع على شبكة الانترنت محتويا على كافة البيانات الشخصية مع العديد من الأخبار والموضوعات التى من شأنها الإضرار الادبى و المعنوي و أحيانا المادي بالشخص أو الجهة المقصودة.
يتم أيضا استخدام الحواسب الآلية و شبكة الانترنت فى انتهاك حقوق الملكية الفكرية لبرامج الحاسب و المصنفات الفنية المسموعة و المرئية و نشرها و تداولها عبر شبكات الانترنت فيما يعرف بالقرصنة الأمر الذي يلحق الضرر المادي والمعنوي بالشخص أو الجهة مالكة تلك المواد. و لمكافحة قرصنة برامج الحاسب تقوم منظمة ال بى اس ايه(BSA) العالميةBusiness Software Alliance بتلقي تقارير و بلاغات انتهاكات برامج الحاسب كما تقوم بإنشاء مكاتب لها حول العالم و تقوم بالتنسيق مع الحكومات بالتوعية و محاولة تقليل تلك الجرائم من خلال السعي إلى استصدار قوانين لمعاقبة المخالفين و التى تشير فى تقريرها السنوي الثامن يونيو2003 إلى أن خسائر شركات البرمجيات وصلت إلى 13.1 مليار دولار اميريكى فى عام 2002 و يشير التقرير أيضا إلى أن أكثر دول العالم فى نسخ البرامج و العمل بنسخ غير مرخصة هى فيتنام حيث يصل نسبة النسخ غير المرخصة إلى حوالي 97 % من إجمالي البرامج المستخدمة يليها دولة الصين بنسبة 94% ثم اندونيسيا بنسبة 89 %. يشير التقرير إلى تحسن نسب القرصنة فى مصر من 86 % عام 1994 إلى حوالي 52% عام 2002.
أما بالنسبة لاستخدام الحاسب لنسخ كافة المصنفات المسموعة و المرئية و توزيعها بصورة غير مشروعة سواء من خلال الاسطوانات الممغنطة او من خلال مواقع الانترنت فان التى انتشرت انتشارا كبيرا فى الآونة الأخيرة وأيضا انتشرت برامج تبادل الملفات بين مستخدمي الانترنت التى يتم استخدامها فى تبادل الاغانى والأفلام و البرامج غير المرخصة. أما فى الولايات المتحدة فقد بدأت رابطة شركات الاسطوانات الاميريكية معركتها ضد المواقع الالكترونية التي تقدم خدمات تبادل الملفات وتحميل الأغاني بالمجاني على أجهزة الكمبيوتر عام 1999 و ذلك بعد انخفاض مبيعات الاسطوانات بنحو 31 % بسبب النقل و النسخ عبر الانترنت و قد تحقق للرابطة بالفعل إغلاق احد اشهر مواقع بث الاغانى والذي يدعى Napster و مازالت العديد من القضايا مرفوعة من قبل الرابطة ضد شركات بث الاغانى أو خوادم التبادل بين المستخدمين بل ووصل الأمر إلى رفع العديد من القضايا على الأطفال والمراهقين مستخدمي تلك البرامج للاستماع و الحفظ و التبادل للمصنفات.
من الجرائم الالكترونية الأخرى التى تتم باستخدام الحواسب و شبكات المعلومات هى التخابر أو الاتصال بين أفراد منظمة أو نشاط يهدد امن و استقرار الدولة أو نشاط محرم قانونا مثل شبكات الدعارة والشذوذ التى باتت وسيلة الاتصال الرئيسية لها هى حجرات الدردشة (Chatting Rooms) المنتشرة عبر شبكة الانترنت. ومن أمثلة الجرائم التي يمكن أن تهدد الأمن القومي ما حدث في أعياد الميلاد في عام 2000 من قيام أربعة تلاميذ بريطانيين بإرسال بريد إلكتروني بعنوان تهنئة بمناسبة الأعياد إلي الرئيس الأمريكي السابق بيل كلينتون ويطالبوا فيها بمليون دولار أمريكي إلا سيفجروا البيت الأبيض. وعلي الفور قام مكتب التحقيقات الفيدرالية FBI ومن خلال عمليات التتبع الالكتروني ومتابعة IP Address الخاص بالرسالة المرسلة، توصلوا للتلاميذ البريطانيين بالتعاون مع شرطة اسكوتلانديارد، وتم مجازاة هؤلاء الطلبة بحرمانهم من استخدام البريد الالكتروني من مدرستهم بعد التأكد أن الأمر لا يعدو أن يكون مزحة.
2) جرائم الاعتداء علي الأموال:
مع زيادة درجة اعتمادية المؤسسات المصرفية والمالية على تكنولوجيا المعلومات و الاتصالات و التحول التدريجي فى كافة أنحاء العالم نحو ما يطلق عليه البنوك والمصارف والمؤسسات المالية الالكترونية، فقد شهد هذا التطور ظهور عدد كبير من الجرائم الالكترونية.
فعلى مستوى البنوك و المؤسسات المالية فقد تم ميكنة نظم الإدارة و المحاسبة و ربط الأفرع المختلفة لتلك المؤسسات بعضها ببعض من خلال شبكات المعلومات لضمان سهولة و يسر إدارة العمليات المالية داخلها. و فى تعامل تلك المؤسسات مع العملاء عن بعد فقد تم تحقيق ذلك عن طريق الاتصال المباشر من خلال شبكات المعلومات الخاصة غير المتاحة لمستخدمي الانترنت (Private Networks) التى كان لها بعض القيود المكانية للاتصال أو من خلال شبكة الانترنت من خلال تواجد واجهة لتلك التعاملات (Web Interface).
تم أيضا دخول بطاقات الائتمان و الدفع الالكتروني(Credit Cards) بأنواعها المختلفة لتسهيل المعاملات و التوجه للإقلال من التعاملات بالنقد المباشر فى إطار التحول إلى المجتمع اللانقدى (Cash-less Society) و بدون الخوض فى تفاصيل فوائد وأهمية مثل هذا النوع من التعامل المالي و آثاره الايجابية على كفاءة البنوك فى القيام بدورها وأيضا آثاره على الاقتصاد ككل. فان ذلك النوع من التعاملات قد أصبح أمرا واقعاً يتزايد الاعتماد عليه خاصة بعد تنامى حجم الأعمال التى تتم من خلال التجارة الالكترونية (Electronic Commerce) وظهور الأسواق الالكترونية (Electronic Marketplace) لتسويق و بيع السلع والخدمات. وقد ظهر نتيجة ذلك ظهور خدمات كثيرة يمكن أن تؤدي من خلال الشبكة مثل الاشتراك في النوادي الخاصة أو الاشتراك في مسابقات علي الشبكة أو لعب القمار أو ألعاب أخري نظير أجور محددة.
وللوقوف على درجة الاعتمادية على مثل هذا النوع من الدفع الالكتروني ففي دولة مثل الولايات المتحدة الاميريكية فانه يوجد بها حوالي 185 مليون بطاقة بنسبة 63 % من اجمالى عدد السكان.
أما بالنسبة للصين فان حجم التعاملات المالية باستخدام بطاقات الائتمان قد تعدى ال 169 مليار دولار اميريكى فى عام 2001.
بالطبع النسبة تتضاءل بشدة فى مصر و لكن بالرغم من ذلك فان حجم التعامل بالتجارة الالكترونية داخل وخارج مصر فى ازدياد مستمر و يتركز على شراء خدمات مواقع المعلومات و الكتب العلمية و الترفيه.


ومن اشهر جرائم سرقة الأموال و التى جرت إحداثها فى إمارة دبي بدولة الإمارات العربية المتحدة في أواخر عام 2001 ما قام به مهندس حاسبات اسيوى يبلغ من العمر 31 عاما و تم نشر وقائع الجريمة فى ابريل من عام 2003 حيث قام بعمل العديد من السرقات المالية لحسابات عملاء فى 13 بنكاً محلياً و عالمياً حيث قام باختلاس الأموال من الحسابات الشخصية و تحويل تلك الأموال إلى حسابات وهمية قام هو بتخليقها كما قام أيضا بشراء العديد من السلع و الخدمات عبر شبكة الانترنت مستخدماً بيانات بطاقات الائتمان والحسابات الشخصية لعدد كبير من الضحايا. كل ذلك تم من خلال الدخول للشبكة من خلال إحدى مقاهي الانترنت العامة المنتشرة فى دبي و قد بلغت قيمة الاختلاسات حوالي 300 ألف درهم من البنوك المحلية بالإمارات فقط.
جريمة أخرى جرت وقائعها لأحد فروع سيتي بنك بالولايات المتحدة الاميريكية عام 1994 وكان بطلها مواطن روسي الجنسية الذي استطاع الاستيلاء على ما يقارب 400 ألف دولار اميريكى.
ومن اشهر القضايا التى حدثت فى مصر فى بدايات عام 2003 وهى استغلال أرقام بطاقات الائتمان الشخصية للشراء عبر الانترنت و قد قامت إدارة المعلومات و التوثيق و جرائم الحاسب الآلي بوزارة الداخلية بضبط الجاني و تقديمه للمحاكمة.
من احد الطرق التى يستخدمها لصوص بطاقات الائتمان هو نشر مواقع وهمية لبنوك او مؤسسات لتقديم الخدمات و توريد السلع يكون الغرض الرئيسي منها هو الحصول على بيانات تلك البطاقات.
هذا و قد قام المركز القومي لمعلومات جرائم السرقات بالولايات المتحدة الاميريكية
(The National Fraud Information Center (NFIC)و الذي تم إنشاءه عام 1992للتعرف على أوجه الحماية من الجرائم الالكترونية وآثارها السلبية حيث يقوم معتادى الشراء من خلال الانترنت بالاتصال بالرقم الساخن لهذا المركز أو عن طريق البريد الالكتروني المخصص له على شبكة الانترنت والإبلاغ عن أية مخالفات أو سرقات تمت لهم من خلال بطاقات الائتمان.
الأمر يعتمد على وعى حاملي هذه البطاقات للمخاطر المتوقعة و فيما يلى بعض الملاحظات الواجب أخذها فى الاعتبار للتقليل من أثار تلك الممارسات:
• فى حالة عدم وجود نية لاستخدام بطاقات الائتمان للشراء من خلال الانترنت يجب التوجه لمسئول الائتمان بالبنك وإغلاق إمكانية الاستخدام من خلال الانترنت.
• بالنسبة للمشتريين أيضا يمكن لهم استصدار بطاقات للشراء من خلال الانترنت فقط وعدم تحميل تلك البطاقات بمبلغ كبير من المال فيكفى أن تحمل بقيمة المشتريات الحقيقية خلال فترة محددة.
• يجب الشراء من خلال المواقع التى لا تتم عملية الشراء إلا بعد الاتصال تليفونيا أو إرسال بريد الكتروني للتأكد من صدق عملية الشراء و ذلك من جانب العارضين للسلع و الخدمات.
• يجب على العارضين للمنتجات و السلع عبر الانترنت أيضا أن ينتابهم الشك فى حالة الشراء بأسعار عالية وعليهم عدم إتمام العملية إلا بعد الاتصال بالمشترى والتأكد منه سواء بالاتصال التليفوني أو بإرسال خطاب بريدي له.
• يجب على العارضين أيضا التحقق من عمليات الشراء التى تتم من خارج البلاد وان تكون لديهم قائمة بالبلاد الأكثر خطورة فى سرقة بطاقات الائتمان و منع الشراء منهم كلما امكن ذلك.
• عدم الإفصاح من خلال الموقع عن تكاليف الشحن و جعل ذلك من خلال اتصال العميل تليفونيا و فى حالة الشك فيه فيمكن إبلاغه بأسعار عالية للشحن و التى فى اغلب الحالات تجعل اللص يتراجع عن الشراء.
كما تعد ظاهرة غسل الأموال المتحصلة من أنشطة غير مشروعة من أبرز الأنماط الإجرامية المستحدثة التي تقوم بها شبكات منظمة تمتهن الإجرام وتأخذ درجات عالية من التنسيق والتخطيط والانتشار في كافة أنحاء العالم. وتشير إحصائيات الأمم المتحدة وصندوق النقد الدولي إلي أن أكثر من 30 مليار دولار أمريكي من الأموال القذرة تغسل سنوياً عبر الانترنت مخترقة حدود 67 دولة في العالم.

نقلا عن الدراسات القانونية موقع مهم ونوصي بزيارتة
http://www.tashreaat.com/view_studie...=591&std_id=90