" الإجراءات التي أتخذها ليست إلا تدبيرا جذريا للإسراع في تفجير الحقيقة والوصول للعدالة".ولكن لدي شغف واحد: تنوير الذين تم حجبهم في الظلام، وباسم الإنسانية معاونة هؤلاء الذي عانوا الكثير ولهم حق التمتع بالسعادة.رسالتي رسالة احتجاج نارية وما هي الا مجرد صرخة روحي.دعوهم يتجرؤن ويجلبونني أمام محكمة قانونية، وليتم التحقيق معي في وضح النهار! " إميل زولا ،"إنى أتهم! "(1898)

الأحد، يوليو 12، 2009

اضاءات علي ندوة جمعيه الصحفيين السودانيين –بالسعودية
نوارة الثقافة السودانية الحضور في الغياب
بقلم : مصعب مصطفي الجزولي – المحامي

شهدت قاعة مركز الملك عبد العزيز التاريخي ليلة الخميس الفائتة الندوة التي أقامتها جمعية الصحفيين السودانيين في أطار تدشينها لفعاليات الموسم الثقافي الرابع وجاءت بعنوان (الطيب صالح تجربة روائية رائده)- تحدث فيها عدد من النقاد والباحثين وقدمها الشاعر محمد مدني.
وابتدر الحديث الشاعر والناقد المصري عبدا لله السمطي متناولا تجربة الطيب صالح من خلال روايته موسم الهجرة الي الشمال والتي يري انها تمثل أضاء مجسمه لما يمتلكه الأدب السوداني من وعي ورغم ظهور اسم السودان قبل ذلك من خلال الشعر بفضل شعراء مثل الفيتو ري وجيلي عبدالرحمن وعلي المستوي الفكري واللغوي كان عبد الله الطيب ولكن الطيب صالح كان أكثرهم تعريفا بالسودان من خلال مجال السرد الذي برع فيه حتي حاز علي العالمية فيه ويري أن تجربة الطيب صالح ربما ضاهت كتاب كثيرين مثل نجيب محفوظ وحمد الجاسر وحنا مينا وغيرهم من الروائيين الكبار في الوطن العربي وتحدث عن رواية عرس الذين والتي يري انها غنية ومتشربه بالثقافة السودانية والفلكلور السوداني والتي من خلالها حمل الطيب صالح القريه السودانية الي مصاف العالمية ،ويري أن هذه الرواية سوف تكون معبرة كثيرا و معرفة بالثقافة السودانية اذا تم تحويلها الي عمل سينمائي .وأضاف أيضا بان رواية موسم الهجرة الي الشمال عمل روائي عظيم أبداع فيه الطيب صالح رغم ان فكرة الرواية قد سبقتها فيها أعمال روائيه أخري مثل قنديل أم هاشم وعصفورة من الشرق ومذكرات فتاة جامعية في أمريكا لكن تظل هي الأجود علي الإطلاق كما نوه ان أعمال الطيب صالح تحتاج الي دراسة عميقة لان فيها مايستدعي شرحه وتوضيحه للقراء.
كما قدمت الدكتورة شيراز محمد عبد الحي المعالجة الدراميه لشخصية حسنه بت محمود التي أعدتها الممثلة السودانية تماضر شيخ الدين فهي معالجة لشخصية محورية في رواية موسم الهجرة فقد أجادت الدكتورة شيراز في اداءها بصورة رائعة ورغم ان هذة المعالجة تحتاج لأدوات مسرحيه معينة كما أشارت هي لذلك. وكان المتحدث هذه المرة هو الكاتب والروائي محمد جميل الحائز علي جائزة الطيب صالح التقديرية من مركز عبد الكريم ميرغني عن روايته بر العجم بدء الحديث متسائلا عن قيمة الطيب صالح لنا كسودانيين وماذا قدمنا له كشعب سوداني؟؟مقابل مقدمه لنا من شهره وصيت ...تطرق للحديث عن تجربة الطيب صالح من خلال رواية موسم الهجرة الي الشمال ،معتبرها حدثا كبيرا بامتياز حتي صار يؤرخ لمابعدها وماقبلها كما يعتبرها فارغة في تاريخ الرواية العربية واستطاع الطيب صالح ان يحطم العوالم السردية فيها واشارة فيها لصراع الحضارات علي المستوي الفني والتاريخ الشخصي لبطل الرواية فيه دلالات سياسيه فهو مولود أي البطل في عام 1898وهوبداية الاستعمار ووفاته كانت في عام1956وهوعام الاستقلال وهذه الدلالات أراد الراوي تضمينها في هذا النص وجعل من قرية ود حامد كونا مفتوحا ،فاستطاع ان يجعل من المحلية جسرا للعالمية وان كان قد سبقه لذلك بعض الكتاب مثل النيجيري تشينوا اتشيبي في الاشياء تتداعي وجوزيف كورنراد في قلب الظلام ويري ان التلاقي في كل هذه الأعمال هو المستعمر الذي يسعي الي تحطيم الإنسان المستعمر .كما أشار الي ان هناك من يري بان الطيب صالح ربما اخذ من جوزيف كورنراد في قلب الظلام فكرة روايته ولكن هذا لايسنده واقع ،وأيضا تحدث عن رمزيه خاصة استخدمها الطيب صالح في جميع أعماله وهي ذات دلالات معبره وهي ان ذكر الأب يكون معدوما في أعماله لانه يمثل الحاضر المهزوم فلذلك يلجا لذكر الجد والابن أي انه يتنقل بين الماضي والمستقبل دون التعرض للحاضر المأزوم ومحمد جميل يري ان الحنين هو المرتكز الأساسي لأعمال الطيب صالح بصورة عامه.
وكان اخرالمتحدث في هذه الندوة الصحفي مصطفي يوسف حامد ابتداء حديثه بان ليس هناك شخصيه سودانيه اتفقا حولها جميع السودانيين بمختلف اتجاهاتهم الفكرية غير الطيب صالح وأيضا تطرق لموضع ربما لم يكن مطروقا من قبل النقاد في أعمال الطيب صالح وهو يري ان الطيب لم يكن منتميا سياسيا ولكنه مارس السياسة بزخم في كل أعماله الروائية تقريبا فهو قد تنبأ بالتقاء الغرب والشرق في ظل توافر ظروف محددة فروايته موسم الهجرة ناقشت ذلك وفي دومة ودحامد يدعو الي الاتفاق وانه لاتوجد مبررات للاختلاف وفي ضوء البيت كان البطل مقبولا اجتماعيا فالطيب صالح أذن تناول العولمة في أعماله من وقت بعيد فهو يدعو الي التواصل بين الناس والحوار البناء وقبول الأخر.
ومن الملاحظ في هذه الندوة ان اجل المتحدثين اختزل تجربة الطيب صالح الروائية في (موسم الهجرة الي الشمال)ليس لاعتبارات كلها إبداعيه وقد يكون معهم حق في ذلك ولاسيما وان هذه الرواية قد صنفت من أفضل مائة رواية في القرن العشرين ووضعت حولها الكثير من البحوث والدراسات ونالت من التقريظ مالم تناله رواية أخري ،حتي انها لتمارس نوعا من السطوة الإبداعية التي عاني منها الطيب صالح نفسه كما اعترف ذات مره بذلك ولكن الحديث عناها بإسهاب دون الأخريات لايتماشي مع عنوان وشموليه عنوان الندوة وربما أدي الاهتمام بها دون الأعمال الاخري في وقت ما في حياة الطيب صالح نفسه جعل المبدع داخل الطيب صالح لايستطيع تجاوز هذه الرواية واخشي علي النقاد من انتقال هذه العدوة.وفي تقديري ان الطيب صالح لم يقرا بعد وأتوقع ان النقد القادم سيتناول الطيب صالح بشكل أجمل وأفضل.
عموما الندوة كانت تظاهره ثقافية رائعة تحسب لجمعية الصحفيين التي وكما عودتنا دائما علي مثل هذه الندوات رغم انها لم تسر كما هو مخطط له وذلك باعتزار الراوئي السعودي عبده خال في اللحظات الأخيرة والحضور المتواضع ولكن جهد مقدر وليله رائعة رغم كل الظروف.

ليست هناك تعليقات: