" الإجراءات التي أتخذها ليست إلا تدبيرا جذريا للإسراع في تفجير الحقيقة والوصول للعدالة".ولكن لدي شغف واحد: تنوير الذين تم حجبهم في الظلام، وباسم الإنسانية معاونة هؤلاء الذي عانوا الكثير ولهم حق التمتع بالسعادة.رسالتي رسالة احتجاج نارية وما هي الا مجرد صرخة روحي.دعوهم يتجرؤن ويجلبونني أمام محكمة قانونية، وليتم التحقيق معي في وضح النهار! " إميل زولا ،"إنى أتهم! "(1898)

الاثنين، يوليو 20، 2009

عبدالرحمن عبدالله نقدالله وآخرين ضد جهاز الأمن العام.
المحكمة العليا
الدائرة الدستوريـة
الدائرة :
سعادة السيد/ محمــد محمــود أبو قصيصة قاضي المحكمة العليا رئيساً.
سعادة السيد/ جــون أونقــي كاسيبــــا قاضي المحكمة العليا عضواً.
سعادة السيد/ الطيـــب أحمــد محمـــد قاضي المحكمة العليا عضواً.
سعادة السيد/ إمـــام البــدري علــــي قاضي المحكمة العليا عضواً.
سعادة السيد/ تاج الســر محمــد حامـــد قاضي المحكمة العليا عضواً.
سعادة السيد/ هاشـم حمـزة عبد المجيــــد قاضي المحكمة العليا عضواً.
سعادة السيد/ عبد الله العــوض محمــــد قاضي المحكمة العليا عضواً.

الأطراف :
عبد الرحمن عبد الله نقد الله وآخرين طاعنون
// ضد //
جهاز الأمن العام مطعون ضده
(م.ع/ع.د/7/1998م)
المبادئ:
إجراءات جنائية - مقابلة المعتقل لمحاميه - يحكمه قانون الإجراءات - م 83(3) إجراءات جنائية.
قانون الأمن الوطني - سلطة الاعتقال التحفظي - طرق التظلم فيه.
1- مقابلة المعتقل لمحاميه أمرها بيد قاضي الجنايات تحت المادة 83(3) من قانون الإجراءات الجنائية لسنة 1991م عند فتح الدعوى الجنائية.
2- تنص المادة 36 من قانون الأمن الوطني لسنة 1994م علي سلطة الاعتقال التحفظي ، كما نصت لائحته علي حقوق المعتقل وطرق التظلم المتاحة للمعتقلين وهي :
(أ ) التظلم إلي رئاسة جهاز الأمن مباشرة حول معاملة المعتقل أو أسباب بقائه بالمعتقل أو عدم مراعاة ضوابط الاعتقال - (المادة 9 - 5).
(ب) التظلم عن طريق المستشار القانوني للجهاز الذي عليه التعليق القانوني على الشكوى ورفعها لرئاسة الجهاز (المادة 41- 2).


(ج) التظلم للقاضي المختص من عدم مراعاة ضوابط الاعتقال المذكورة في اللائحة (المادة 51 - 2).
إن التظلم بهذه الطرق شرط مسبق لتصريح الدعوى الدستورية.
3- الدائرة الدستورية ، وإن كانت محكمة ابتدائية من ناحية أنها تنظر في الدعاوى ، إلا أنها ليست محكمة ذات سلطات لإصدار أوامر تحفظية . إذ لا يرد نص في قانون القضاء الدستوري والإداري بالإجراءات التحفظية أو الوقتية . وإن كانت المادة 11 من القانون تنص علي اتباع نصوص قانون الإجراءات المدنية في الدعاوى الدستورية إلا أن ذلك يتبع في نظر الدعوى والفصل فيها ، والفرق واضح حيث أن الإجراءات الوقتية في قانون الإجراءات المدنية تكون في أمور تبحث لأول مرة خلافاً للدعاوى الدستورية التي تكون مسبوقة بحقوق يتبعها إدعاء بحماية الحقوق الدستورية أمام الدائرة الدستورية . واتخاذ الإجراءات الوقتية يعني التدخل في القرارات أو الأفعال الصادرة من جهة أخري قبل الفصل في المشروعية التي هي أساس الرقابة القضائية ، فضلاً عن أن قانون الإجراءات لا يسمح بإجراء وقتي قبل تصريح الدعوى.
الحكم:
تقدم عشرون مواطناً بعريضة لحماية حق دستوري بموجب المادة الرابعة من قانون القضاء الدستوري والإداري لسنة 1996م . وجاء في عريضة دعواهم انهم تعرضوا للاعتقال من سلطات الأمن دون فتح بلاغ في مواجهة أي منهم . ويري مقدمو العريضة أنهم حرموا من حقوقهم الدستورية في الحرية والأمان وحظر الاعتقال التعسفي والمحاكمة العادلة الناجزة ، وان في ذلك حرماناً من الحقوق التي يكفلها لهم الإعلان العالمي لحقوق الإنسان لسنة 1948م ، والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية والميثاق الأفريقي لحقوق الإنسان والشعوب . كما يرون أن بقاءهم رهن الاعتقال دون فتح بلاغ في مواجهتهم ينتهك ذات حقوقهم في الحرية والأمان والمحاكمة العادلة وهي حقوق تكفلها المواد 20 و 30 و 32 من الدستور الشامل لسنة 1998م.
يمثل مقدمي العريضة مجلس إدعاء مكون من ثمانية محامين . ويقود مجلس الإدعاء الأستاذ/ أبيل الير ، بينما خاطب المحكمة في شأن تصريح الدعوى الأستاذ/ محمود حاج الشيخ . وهو يذهب إلي أنه ليس للمدعين وسائل للتظلم إذ لا يحوي قانون الأمن الوطني لسنة 1994م - في رأيه - نصاً حول التظلم . أما اللائحة التي صدرت بموجبه ، فيرى أنها لا تشمل حق المعتقل في التظلم من اعتقاله أصلاً . وأبرز ثلاثة مستندات وهي خطابات موجهة إلي وزير العدل تحوي مطالبات بالآتي :
(أ ) مقابلة المعتقلين
(ب) توضيح أسباب الاعتقال
(ج) توضيح مكان الاعتقال.
وكان الرد بشأن الخطاب الوارد في الفقرة ( أ ) أن الاختصاص ينعقد للقضاء . وبشأن (ب) أن الطلب حول لجهة الاختصاص . ولم يصدر رد علي (ج).
ويري مجلس الإدعاء أنه ليست هنالك وسيلة أخرى للتظلم وفق متطلبات المادة 4 (ج) من قانون القضاء الدستوري والإداري وأن الدعوى صالحة للتصريح.
وحسناً فعل مجلس الإدعاء حين أشار إلي العهود والمواثيق الدولية التي تحمي حقوق المواطنين المدنية والسياسية والنصوص الدستورية التي تحمي ذات الحقوق . وواقع الأمر أن الدول المختلفة درجت علي تضمين محتوي هذه العهود والمواثيق الدولية المتعلقة بحماية الحريات والحقوق المدنية والسياسية في دساتيرها . ولقد فعل دستور السودان الشيء نفسه في المواد التي أشار إليها مجلس الإدعاء . علي أن تطبيق هذه النصوص يكون عن طريق القوانين الداخلية ، وهي في هذه الحالة قانون الإجراءات الجنائية وقانون الأمن الوطني ولائحته.
وإذا نص قانون الأمن الوطني لسنة 1994م في المادة 36 منه علي سلطة الاعتقال التحفظي ، فقد نصت لائحته علي حقوق المعتقل ومن بينها :
(أ ) أن يعامل بما يحفظ كرامة الإنسان وأنه لا يجوز إيذاؤه بدنياً أو معنوياً (المادة 9 - 1).
(ب) أن له الحق في إبلاغ أسرته إذا كان ذلك لا يؤثر على سير التحري في القضية (المادة 9 - 2).
(ج) أن يخطر الضابط المختص الشخص المعتقل بأسباب اعتقاله (المادة 11 - 1).
وهذه هي الأمور التي طالب بها مقدمو العريضة.
علي أن ذات اللائحة حوت طرق التظلم المتاحة للمعتقلين وهي :
1- التظلم إلي رئاسة جهاز الأمن مباشرة حول معاملة المعتقل أو أسباب بقائه بالمعتقل أو عدم مراعاة ضوابط الاعتقال (المادة 9 - 5).
2- التظلم عن طريق المستشار القانوني للجهاز الذي عليه التعليق القانوني على الشكوى ورفعها لرئاسة الجهاز (المادة 14 – 2).
3- التظلم للقاضي المختص من عدم مراعاة ضوابط الاعتقال المذكورة في اللائحة 0 ويجوز للقاضي بعد النظر الإيجازي أن يصدر الأمر الذي يراه مناسباً لدفع المظلمة (51 - 2).
ويضاف إلــي ذلك أن للقاضي المختص ســلطة تفتيش الحراسات بعد إبلاغ الجهة المسئولة عن الحراسة (المادة 51 - 1).
المستندات المقدمة لا تفيد بأن المعتقلين تظلموا إلي هذه الجهات . وتشترط المادة 4 (ج) من أجل تصريح الدعوى أن لا تكون أمام مقدم العريضة طريقة أخري للتظلم . هذا بينما أمامنا ثلاثة طرق للتظلم وفق القانون وهي التظلم إلي رئاسة جهاز الأمن ، أو مستشاره القانوني ، أو القاضي المختص . ولم يطرق مقدمو العريضة باب هذه الجهات.
ويضيف مقدمو العريضة أن سلطة القاضي لا تشمل حق المعتقل في التظلم من اعتقاله أصلاً . وتكون هذه الحجة مقبولة إن لم يعط القانون سلطة الاعتقال التحفظي أصلاً . أما وقد أعطى القانون سلطة الاعتقال التحفظي صراحة في المادة 36 من قانون الأمن الوطني لسنة 1994م ، فإن مناهضة الاعتقال تكـون بالوقوف علي أسباب الاعتقال . وقد فرضت اللائحة علي الضابط المسئول أن يخطر المعتقل بأسباب اعتقاله فيما ذكرنا . كما أعطت اللائحة حق التظلم في ذلك إلي الجهات التي ذكرناها وهي رئاسة الجهاز أو مستشاره القانوني أو القاضي المختص.
ثم أن اللائحة أعطت القاضي المختص سلطة واسعة وهي أن يصدر الأمر الذي يراه مناسباً لدفع مظلمة الشخص المعتقل.
أما مقابلة المعتقل لمحاميه فأمرهـا بيد قاضي الجنايات تحت المادة 83(3) من قانون الإجراءات الجنائية لسنة 1991م عند فتح الدعوى الجنائية.
وإذا لم يطرق مقدمو العريضة أبواب التظلم المتاحة التي سردناها فإن دعوى حماية الحق الدستوري لا تكون ناضجة للتصريح ونري لذلك رفض العريضة.

الأمر : تشطب العريضة.

محمد محمود أبوقصيصة
قاضي المحكمة العليا
رئيس الدائرة الدستورية
13/8/1998م
جون أونقي كاسيبا الطيب أحمد محمد

إمام البدري علـي تاج السر محمد حامد

هاشم حمزه عبد المجيد عبد الله العوض محمد

ليست هناك تعليقات: