" الإجراءات التي أتخذها ليست إلا تدبيرا جذريا للإسراع في تفجير الحقيقة والوصول للعدالة".ولكن لدي شغف واحد: تنوير الذين تم حجبهم في الظلام، وباسم الإنسانية معاونة هؤلاء الذي عانوا الكثير ولهم حق التمتع بالسعادة.رسالتي رسالة احتجاج نارية وما هي الا مجرد صرخة روحي.دعوهم يتجرؤن ويجلبونني أمام محكمة قانونية، وليتم التحقيق معي في وضح النهار! " إميل زولا ،"إنى أتهم! "(1898)

الثلاثاء، مايو 25، 2010

وقفات مع قانون مشروع الجزيرة لسنة 2005م

ً عبد الله محمد الزبير*
* صحب إصدار قانون مشروع الجزيرة لسنة 2005م الكثير من التعتيم والعجالة وعزل الرأي عن المشاركة في مداولاته مع الاصرار على إستباق الزمن لعرض المشروع على المجلس الوطني في فترة تمديد عمره التي ما كانت إلا للنظر في تمرير دستور السودان الانتقالي وذلك لكي يتم إصدار القانون في ظل دستور عام 1998 المعمول به حينذاك، قبل إقرار الدستور الانتقالي الذي قد لا يساعد على تسهيل المهمة التآمرية بحكم ما كان متوقعاً أن يحدثه من إنعتاق من جور سابقه وما كان متوقعاً من فاعلية المشاركة للقادمين الجدد الى المجلس من الحركة الشعبية وغيرها ، إلا ان عملية الاستباق كانت محكمة وادت بالفعل الى إجازة المجلس للقانون بأحكام دستور 1998 كما كان متوقعاً وميسوراً مما يدل على الغرض المبيت الذي اصبح واضحاً لكل ذي بصيرة يطلع على القانون الكارثة .ولكي نسوق الدليل على ذلك نورد فيما يلي ما وقفنا عليه في بعض مواده:
- اولاً: المادة (3)
* كان واضحاً من أول وهلة أن هذه المادة تنذر بأمر خطير فيما تضمره من تغيير المعنى المعروف في القوانين السابقة لكلمة المزارع وما يتبعها من تمليك الحواشة له والتي تعتبر إحدى المتغيرات الاساسية التي ادخلها هذا القانون مقارناً مع كل ما سبقه من القوانين إذ اصبح تعريف المزارع هو الشخص الذي يمتلك حواشة لتوفير العيش الكريم له ولاسرته في ظل مجتمع متكافل، ان هذا التغيير الذي يعني في ظاهره انجاز لصالح المزارع بتمليكه الحواشة وبرغم ما وجد من قبول وترويج من قادة اتحاد المزارعين وبعض الآخرين لشيء في النفوس ماهو إلا تزيين لامر قبيح مبيت وخدعة كبرى سيكون لها ما بعدها من انعكاسات مدمرة على وضع المزارع الذي يزداد حالياً فقراً على فقره في ظل الوضع الماثل في ارتفاع التكلفة والجبايات التي لا سقف لها وضعف التمويل القائم على أسس ظالمة وتدني العائد ليكتشف المزارع بنفسه فيما بعد ابعاد المؤامرة المحاكة ضده والتي لن تترك امامه خياراً تحت وطأة هذا الفقر وضغوط الحياة التي يعيشها غير اللجوء مكرهاً الى الوقوع في الفخ المعد له والمتمثل في الحق المكفول له بموجب احكام هذا القانون وهو حق البيع لهذه الحواشة لتؤول من بعده، لطبقة قوامها فئة طفيلية متسارعة النمو في الوسط الزراعي على حساب الغالبية المسحوقة من المزارعين ليتحقق بذلك الهدف المرصود في نهاية المطاف من المخطط المرسوم لتدمير مشروع الجزيرة الذي كان يجب ان يكون مشروعاً اقتصادياً لخدمة البلاد عامة والمنطقة المروية على وجه الخصوص.
بموجب هذه المادة قد حدث ايضاً تغيير اساسي في المعنى المعروف لقنوات الحقل التي كانت معروفة سابقاً بأبو عشرين وابو ستة وقد اضيفت لهما الآن الترع الفرعية التي كانت خارج هذا التعريف والتي كانت تقع مسؤوليتها الفنية في الصيانة والتشغيل على عاتق إدارة فنية وهى وزارة الري لتصبح بموجب التعريف الجديد ضمن الحقل التي تقع مسؤوليتها الفنية وفقاً للفقرة(2) من المادة (8) تحت إدارة جهة مستحدثة (رابطة مستخدمي المياه) غير مؤهلة للقيام بالمهمة الفنية الصعبة بالنسبة لها مما سيفاقم مشاكل ري المحاصيل المتفاقمة اصلاً بالمشروع خاصة وقد اخلت طرف الادارة من المسؤولية المباشرة التي كانت تشكل احدى اسبقيات إهتمام الادارة لما لها من تأثير مباشر على حصيلة الموسم الزراعي من الانتاج الذي هو المؤشر الحقيقي لقياس نجاح أو فشل الإدارة في إدارة المشروع.
المادة (4)
أ/ بموجب الفقرة (2) تمتلك الدولة الاصول الحالية بالمشروع، يلاحظ ان هذه المادة لم تحدد ماهية هذه الاصول إن كانت الثابتة أو المتحركة ودون ان تحدد نوعيتها ولو بجدول مرفق كما هو متبع في مثل هذه الحالات ،تفادياً لما قد يحدث حولها من نزاعات مستقبلية ومثال ذلك ملكية الحواشة التي تمتلكها الدولة وفقاً لهذه المادة في الوقت الذي يمتلكها المزارع وفقاً للمادة (3) من نفس القانون.
ب/ بموجب الفقرة (3) يتكون مشروع الجزيرة من المزارعين والحكومة ممثلة في وحداتها التي تقدم الخدمات الاساسية والقطاع الخاص بما يقدمه من خدمات تجارية مساعدة وهنا يتبادر الى الذهن سؤال لا يخلو من الدهشة والاستغراب إذ كيف يكون من يقدم خدمات من وقت لآخر سواء أكانت أساسية او تجارية هو احد مكونات المشروع ولا يكون العاملون من مكوناته رغم ارتباطهم المستديم بالمشروع وهم احدى دعامات بنائه وقوة دفعه مع رفقائهم المزارعين. كيف لا يكون هؤلاء من مكوناته ليس هذا فحسب بل ولا الادارة التي تشكل حلقة الوصل بين كل هذه المكونات في تسيير انشطة المشروع ودوران حركته.
المادة (6)
* بموجب الفقرة (10) يشكل رئيس الجمهورية مجلس الإدارة من رئيس وأربعة عشر عضواً على النحو التالي:-
1- رئيس مجلس الإدارة يعينه رئيس الجمهورية وفقاً للفقرة (1) أ.
2- المدير العام عضو مجلس الإدارة بحكم منصبه وفق الفقرة (1) ب.
والمعلوم أن تعيينه اولاً كمدير عام للمشروع يقوم به مجلس الإدارة وفق الفقرة (1) من المادة (14) عليه فإن علاقته بقرار رئيس الجمهورية الخاص بتشكيل مجلس الإدارة علاقة شكلية وتحصيل حاصل وهو بهذه الصفة مسؤول مسؤولية مباشرة لدى المجلس ويخضع لمحاسبته ويقع تحت رحمة ومزاج اعضائه الذين عليه ان يكسب ودهم ورضاءهم من اجل بقائه على الكرسي حتى ولو كان ذلك على حساب قناعاته الشخصية التي تتطلب احياناً المواجهات الصعبة في المواقف الصعبة واتخاذ القرار الصعب ولهذا كانت الحكمة من وراء تعيينه بقرار من رئيس الجمهورية او رئيس الوزراء في القوانين السابقة وبهذا الفهم الموضوعي يعتبر التعيين بهذه الصورة في هذا القانون قصور آخر يحتاج إلى التصويب.
3- الأعضاء الثلاثة عشر الآخرون الذين يمثلون اتحاد مزارعي المشروع والعاملين بالمشروع والوزارات ذات الصلة بالمشروع لم يشر القانون الى الجهة التي تقوم بتعيينهم وهذه واحدة اخرى من جوانب القصور المطلوب معالجتها بكل الوضوح في هذا القانون وذلك بتحديد الجهة التي تقوم بالتعيين سواء أكان الوزير او الجهة التي يمثلها العضو او بتحديد المنصب الذي يشغله العضو في تلك الجهة بموجب الفقرة (1) ج من نفس المادة أن عضوية ممثلي اتحاد المزارعين لا تقل عن 40% من عضوية مجلس الإدارة المحددة بأربعة عشر عضواً، السؤال الذي يطرح نفسه هو ماهية الحكمة في النسبة (40%) التي تساوي بالارقام 6،5 عضواً وليس هناك من بين المزارعين ما يساوي 6،0 من العضو الكامل، إذن ماهو المقصود، هل هو المراوغة ومحاولة ترضية للمزارعين في غير محلها أم عدم دقة فيما يتطلب الدقة ولا سيما القانون.
بموجب الفقرة (1) د من هذه المادة يتنكر القانون مرة اخرى لدور العاملين بالمشروع وهو يلجأ الى تحجيم وتهميش دورهم عن طريق تدني نسبة تمثيلهم الى 50% أي الى عضو واحد بدلاً من اثنين في مجلس الادارة بسبب التواء الانقاذ وإبتداعها لما يسمى نقابة المنشأة وذلك مقارنة مع القوانين السابقة التي كانت تمثلهم بعضوين احدهما للموظفين والآخر للعمال بحكم اختلاف طبيعة عملهم ومطالبهم رغم ان ذلك في حد ذاته كان يعتبر إجحافاً في حقهم في تلك القوانين فما بالك بهذا الذي يحدث في هذا القانون بل وما رأى المعنيين به إن كان لهم من يدافع عن حقوقهم وتطلعاته.
المادة (13)
* بموجب هذه المادة يحدد مجلس الإدارة مكافأة رئيسه واعضائه واللجان التابعة له وفقاً للوائح المالية، رغم ذكر اللوائح المالية هنا على سبيل ذر الرماد على العيون وهى لا تعني شيئاً في ظل الإنفلات المالي المتفشي في الدوائر الرسمية بالبلاد فان القرار المتعلق بتحديد مثل هذه المكافآت يكون من الاوفق وسداً للزرائع وحفاظاً على المال ان تتخذه جهة اخرى غير المستفيدة منه ( الوزير مثلاً في هذه الحالة) كي توازن بينها وبين غيرها من المكافآت الاخرى من اجل ان تسود العدالة وتقل المفارقات ما وجد الى ذلك سبيلاً مع هذا النظام الذي ترك الحبل على القارب لكل من مناصريه للتصرف في موارد أي من المرافق العامة التي اوكل امر ادارتها له خصماً على حساب الشعب السوداني الفقير الذي عانى من ذلك ولا زال يعاني الكثير.
المادة (14)
* الفقرة (2) حددت مدة التعاقد مع المدير العام بفترة تمتد لاربع سنوات قابلة للتجديد ولكن لم تحدد عدد فترات التجديد كما هو معلوم في كل النظم من دساتير وقوانين وكان من الضروري تحديد عدد الفترات لتجديد التعاقد حتى لا يصبح المنصب حكراً لمن يعرف من اين تؤكل الكتف أو لمن يدين بالولاء من اهل الثقة الذين ينظر اليهم بعين الرضا التى هى عن كل عيب كليلة وإلا سوف تفقد الحكمة من وراء فكرة التجديد وحكمته المؤدية الى إذكاء روح المبادرة والإبداع والتطوير من خلال تبادل المواقع بين المقتدرين من أبناء الوطن وذوي الكفاءات العالية الكثر الذين اكرم الله بهم البلاد من انجاب حواء السودانية إن كان لهم حق المواطنة والمشاركة في هذا الوطن الذي إنعدمت فيه النظرة بعين المساواة بين أبنائه للأسف الشديد.
المادة (15)
* هذه المادة جاءت بتغيير جذري فيما يتعلق بأمر الحواشة التي تمثل ادارياً الوحدة الانتاجية للمزارع بالمشروع وسيكون لهذا التغيير انعكاساته الكبيرة السالبة على اوضاع معظم المزارعين وعلى مسيرة المشروع في المستقبل القريب إذ نصت المادة على تمليك الحواشة للمزارع الشيء الذي لم يكن مطلباً له في يوم من الايام على مدى تاريخ المشروع الطويل كما لم يدر بخلده او يخطر بباله ان الحواشة يمتلكها احد غيره، بل هو صاحب الحق والملكية إلا ان أبا وكلمة أبا هذه يفهمها كل مزارع وكل من عمل بالمشروع، وبهذا الفهم كان من المفترض بل ومن غير المبرر الزج في القانون بهذه القضية الانصرافية التي شغلت الوسط الزراعي بأمر لا يشكل له هما وصرفت نظره عن القضايا الهامة والملحة بالمشروع اللهم إلا إن كان هناك غرض مبيت كإحلال الطبقة الرأسمالية الطفيلية التي نبتت كالشيطان لتحل محل جمهرة الغلابة الغالبة من المزارعين حسب ما خطط لها واصبح ممهداً لها باحكام الفقرة (5) ب من هذه المادة التي اعطت هؤلاء الغلابة حق بيع حواشاتهم الذي كان سابقاً في حكم المحرمات التي لا تمارس إلا في نطاق ضيق عن طرق التحايل على القانون وهم الآن لا غرابة أن سرهم القانون الذي حلل لهم هذا الحرام والذي سيطلق اياديهم لممارسته في ضوء النهار تحت وطأة الفقر الذي يعانون منه والذي سيجعلهم يتساقطون جملة وافراداً خدمة لذلك المخطط الاجرامي الى ان يصبح المشروع من بعدهم في خبر كان وحينها سوف يكتشفون ان إدعاء تمليك الحواشة للمزارع ما كان إلا كلمة حق أريد بها باطل.
المادة (16)
* بموجب الفقرة (2) ب تؤول اراضي الملاك الذين لهم فوائض اراضي وفق الفقرة (2) أ للمشروع مع تعويضهم تعويضاً عادلاً، هنا يقفز الى الذهن السؤال المشروع بأي حق تؤول اراضي هؤلاء الى المشروع دون موافقتهم؟ هل ليس من حق المالك ان يرفض تعويضاً عما يملك أو ان يرفض البيع اصلاً؟ هل التعويض العادل بصفة عامة بديل مجزي عن القيمة الفعلية بسعر الارض الجاري؟ أليس للمالك الحق في ان يستشار في خيارات اخرى كالايجار لارضه؟ هل نظام الايجار بدلاً عن التعويض الذي اقره الاستعمار في اشد ايام سطوته وترك خيار البيع لصاحب الحق لم يكن اكثر عدلاً مما اقره هذا النظام في قانونه الكارثة هذا.
إذا سلمنا جدلاً بأن الصالح العام قد اقتضى ذلك فهل كان الصالح العام غائباً عند إنشاء المشروع ام جاء الآن نظام عادل يراعي الصالح العام وهو ما لم يحدث وما يكذبه الواقع المعاش المتمثل في استغلال قانون الصالح العام وتوظيفه للتدمير لا للبناء كما كان الحال في الفصل الجماعي من الخدمة وتشريد الاسر وقطع الارزاق وتدمير الخدمة المدنية الشيء الذي يدحض هذه الحجة.
المادة (28)ك
* الفقرة (28) أ تشهر سيف تشريد العاملين ضمن سياسة الانقاذ التي استهلت بها حكمها للبلاد إذ نصت على استمرار العاملين في المشروع الى حين. حين ماذا؟ الى حين اجازة الهيكل الوظيفي، وما ادراك ما الهيكل الوظيفي الذي ينتظرونه، ولنا ان نتصور مدى عدم الاستقرار النفسي الذي يحدثه هذا الانتظار وانعكاساته على الاداء وهم يدركون ويعلمون ما صنعت الهياكل الوظيفية بغيرهم من تشريد في جميع المرافق الحكومية وغيرها منذ إستيلاء الانقاذ على السلطة بالقوة، إنها فقرة من القانون تنتزع الطمأنينة إنتزاعاً من نفوس العاملين على مستقبلهم ومستقبل اسرهم ولنا أن نقارن هذا مع ما جاء في قوانين سابقة حتى وإن لم نكن راضين عنها كل الرضا كالقانون الاخير لسنة 1984 الذي ينص على إستمرار جميع العاملين بالمشروع في شغل مناصبهم دون إنذار ووعيد، لكن كان الله في عون العاملين مع قانون نقابة المنشأة بقيادة أهل الولاء والثقة.
في ختام هذه الوقفات اجد نفسي مشدوداً للربط بينها وبين ما جاء في مقال سابق للاستاذ/ الكاتب الصحفي خالد فضل بجريدة الصحافة بعددها الصادر في 17/10/2006 تحت عنوان الجزيرة أوان رد الديون المستحقة الذي طالب فيه اهل الجزيرة بالالتفاف حول اهداف تمثل الحد الأدنى المشروع لهم في وطنهم، في تقديري ان هذا المقال قد دق ناقوس الخطر لابناء الجزيرة كي تكون الجزيرة او لا تكون وهى تمثل إحدى أهم قضاياهم كما كانت لابناء الجنوب والغرب والشرق قضاياهم التي وقفوا على الحلول لها والتي ما كانت لترى النور وتصل الى حلول لولا ارتفعت اصواتهم بجانب رماحهم مطالبين بحقوقهم المهضومة في ظل هذا النظام الذي لا يعبأ إلا للدعوة بغير التي هى أحسن وهانذا اجد نفسي هنا كأحد أهل الجزيرة (كما صنف كاتب المقال نفسه) مستجيباً لندائه بالمشاركة في النقاش الذي دعا اليه خاصة وقدوجدت نفسي متفقاً معه تماماً على ان اخطر ما يعانيه مشروع الجزيرة ما يبدو وكأنه هجوم منظم ومرتب وعلى درجة عالية من المثابرة والتعميم والمخادعة من اجل تحقيق مصالح فئات طفيلية وذلك عبر تجريد المشروع من طبيعته الاجتماعية التكافلية.. الى قوله لعل انفاذ قانون مشروع الجزيرة لسنة 2005 يعد أحد الآليات المتقدمة لبسط الهيمنة على المشروع من هنا انني اتفق مع هذا الطرح دون أدنى تحفظ لتوافقه وترابطه مع هذه الوقفات ومع ما كنت قد اثرته في هذه الصحيفة في مقال سابق على مآخذ من هذا القانون الكارثة تحت عنوان إصلاح مشروع الجزيرة.
عليه ولكي لا تحدث هذه الهيمنة التي يُعتبر القانون الجديد أهم آلياتها يصبح من الضروري التفاف وتحرك اهل الجزيرة الفوري للاتفاق حول الحد الأدني من الاهداف لخدمة قضيتهم العادلة وليكن في تقديري اول الاهداف ذلك الذي جاء في مقدمة مقال الكاتب وليكن هو بداية الانطلاق للتحرك المطلوب، وهو يشكل محور القضية والمدخل لبقية الاهداف وهو يتمثل في إلغاء قانون سنة 2005 ووقف العمل به لحين انجاز قانون ديمقراطي مجمع عليه، إن التحرك المطلوب يجب ان يستهدف اولاً عدم تنفيذ القانون ووقف العمل به فوراً والتصدي للهجمة الطفيلية التي يمهد لها بكل الوسائل المشروعة وأن اول الخطوات اللازمة للسير حول الهدف لنيل الحقوق المشروعة الدعوة للقاء عام لأبناء الجزيرة تحت الأضواء الكاشفة للتشاور والتفاكر استعداداً لبذل كل المستحقات في سبيل القضية العادلة التي تتطلب ايماناً بها وتخطيطاً وتنظيماً لها ،في شكل من الاشكال الذي يتفق عليه وتحت أي من المسميات وليكن مثلاً حركة نهضة الجزيرة تمشياً مع موجة الحركات التي انتظمت البلاد طالما أنه السبيل السالك لانتزاع الحقوق.
والله المستعان
محافظ مشروع الجزيرة سابقاً
مزارع بمشروع الجزيرة حالياً


وقفات مع قانون مشروع الجزيرة
احمد محمد سعيد برهان
حول المقال الذي كتبه السيد/ عبد الله محمد الزبير المحافظ السابق لمشروع الجزيرة ، بجريدتكم الغراء في صفحة رأي بتاريخ 13/12/2006م بعنوان «وقفات مع قانون مشروع الجزيرة لسنة 2005».
لقد ذكر السيد/ عبد الله ، أن الفقرة «3» من القانون الحالي ، تنص علي تكوين مشروع الجزيرة من «الحكومة - المزارعين - القطاع الخاص » متجاهلاً ، هذا القانون أهم أركان المشروع وهم العاملون .
السيد/ عبد الله الزبير بدأ حياته العملية مفتش غيط وتدرج إلي وظيفة محافظ لمشروع الجزيرة ، والآن هو مزارع يمتلك حواشه ، هذا يعني ان من رأى ليس كمن سمع ، وشخص بهامة هذا الرجل عندما يتحدث يجب علي الكل الانصات إليه ... قالها صادقة يجب ان يكون العاملون من ضمن مكونات مشروع الجزيرة .. قالها وهو الآن مزارع .. انها كلمات خرجت من فم طاهر وإنسان صادق .. فلماذا ينادي بإنصاف العاملين بمشروع الجزيرة .. ليكون القانون «حكومة - مزارعين - عاملين». حقيقة كيف لا يكون العاملون من أهم أركان هذا المشروع .
كيف ؟ .. وكيف ؟ .. فمنهم مفتش الغيط والمراجع والمحاسب والمهندس وأخصائي الوقاية والبيطري وفني الإكثار وأمناء المخازن والكتبة ... كل هؤلاء وبإسرهم مقرهم الغيط وسكنهم بالقرب من الحواشات ... ليس لهم هدف سوي الاهتمام بالزراعة ... إضافة لذلك فهم كثيرو الترحال و الانتقال .. مصلحة العمل جعلتهم كالعرب الرحل .. لا استقرار في تعليم أبنائهم .. فتعليمهم صار متقطعاً ومرتبطاً بتنقلات الآباء .. مما حدا بأكثرهم دراسة مرحلة الأساس في ثلاث او أربع مدارس ... هؤلاء هم فلذات أكباد من ارتبطت حياتهم بالغيط .. فهذا جزء من صنوف معاناتهم ... وإذا نظرنا إلي أحوالهم الصحية .. فالمآسي والابتلاءات التي كانت تلاحقهم من جراء النوبات المرضية المفزعة بأفراد أسرهم مع بعد المستشفيات و المراكز الاسعافية .. فكم فقدوا وكم سبّلوا من فلذات أكبادهم وهم في طريقهم لإسعافهم ، فأي تضحيات ابلغ واجل ... من تلك .
هؤلاء العاملون تركوا المدن ومناطق الرفاهية ليستقروا في الأرياف ، تركوا أهاليهم وأقاربهم ولبعد المسافات انقطعت الصلات .. فما مصير هؤلاء الأوفياء ... الم يكن من الواجب ان يكونوا ركناً أساسياً من مكونات هذا المشروع العظيم .
أليسوا هم من أسسوا وشيدوا وبنوا وغيروا ملامح المشروع. وإذا تتبعنا مراحل زراعة القطن كثروة قومية وبفضل عائداته إلا يذكر أهل السودان ... من تحمل كاهل .. الصحة ..و التعليم .. و الاقتصاد .. لعقود من الزمان .. فمراحل الزراعة تبدأ بآليات الهندسة الزراعية وعمالها ليستقر بهم المقام داخل الحواشات لفترة قد تفوق الستة اشهر. فراشهم الأرض وغطاؤهم السماء ... لتحضير أراضي العروة الصيفية «قطن - ذرة - فول» .. بتجهيز أبو عشرينات والحراث الثقيل و التنعيم وفتح السراب حتى الزراعة والسماد بالآلة ... فهم أهل الثقة والإتقان و التفاني والإخلاص. ملكوا ثقة وحب المزارعين ... فماذا بعد تحضير الأراضي ... أهل الإكثار وعمالهم ... يسهرون الليالي لتجهيز تقاوي - القطن - الذرة الفول - القمح .. لارتباطها بمواعيد الزراعة . ومن بعدهم إخوانهم في الوقاية والذين يهمهم في المقام الأول صحة المحاصيل وعافيتها لا صحة أبنائهم ... فلا ينام لهم جفن إلا بعد حصاد تلك المحاصيل ... وهنا تتجلي عجله سكة حديد الجزيرة .. فهم أهل لهذه المهمة ... لنقل الأقطان لمحالج المشروع... بمارنجان والحصاحيصا والباقير لتعود محملة بالسماد لمخازن المشروع بالغيط ... تستقبل محالج المشروع تلك الشحنات من الأقطان بأهازيج من الفرح والسرور ... لتقدمها في طبق معطر بعرق كل العاملين بالمشروع لمؤسسة الأقطان وهي بدورها تتفاخر وتتباهي بجودة أقطان السودان... نعم السودان ... فمشروع الجزيرة هو السودان فهو يحتضن كل أطياف السودان .
والسؤال الذي يطرح نفسه ... ما هو الهدف من ان يكون العاملون من ضمن مكونات مشروع الجزيرة « حكومة - مزارعين - عاملين» وهم الأكثر غِيره والأكثر حباً والأكثر انتماءً وارتباطاً بهذا المشروع العظيم من غيرهم من كل أهل السودان. فاعتمادهم مكوناً أساسياً لهذا المشروع ... لا يملكهم شبراً من أراضيه .. ولا يملكهم مسماراً من أصوله الثابتة ... إنما يملكهم حقهم في اتخاذ القرارات القوية علي إبقائه والمحافظة عليه والنهوض به لينعم به أهل السودان .
ختــامــاً ...
إلا يحق لهؤلاء العاملين ان يكونوا ضلعاً أساسياً من مكونات هذا المشروع مع إخوانهم المزارعين .. لتكون أضلاعه الثلاثة «حكومة - مزارعين - عاملين» ليعود الحق لأهله .. فالإنقاذ لا تتراجع لكنها تراجع .. فواجب عليها ان تراجع ما أصاب العاملين بمشروع الجزيرة من إحباط. ليعيدوا الطمأنينة التي انتزعت من نفوسهم لينعموا بالاستقرار هم وأسرهم .
وجزاكم الله خيراً
> أمين عام الهيئة النقابية لعمال الهندسة الزراعية بمشروع الجزيرة

ليست هناك تعليقات: