" الإجراءات التي أتخذها ليست إلا تدبيرا جذريا للإسراع في تفجير الحقيقة والوصول للعدالة".ولكن لدي شغف واحد: تنوير الذين تم حجبهم في الظلام، وباسم الإنسانية معاونة هؤلاء الذي عانوا الكثير ولهم حق التمتع بالسعادة.رسالتي رسالة احتجاج نارية وما هي الا مجرد صرخة روحي.دعوهم يتجرؤن ويجلبونني أمام محكمة قانونية، وليتم التحقيق معي في وضح النهار! " إميل زولا ،"إنى أتهم! "(1898)

الأحد، مايو 23، 2010

تعويضات مشروع الجزيرة .. رياح الانتخابات

تعويضات مشروع الجزيرة .. رياح الانتخابات


ظلت قضية تعويضات ملاك الأراضى بمشروع الجزيرة منذ العام 1968م لا تبارح مكانها فى دواوين الحكومات الوطنية المتعاقبة ، كما ظل الملاك منذ ذلك التاريخ يلهثون فى تلك الدواوين لعلهم يحظو بالتعويضات، فكونوا لذلك من اللجان التى وصلت اليوم الى العشرات لمتابعة التعويضات سواء كانت فى رئاسة الجمهورية او وزارة المالية والاقتصاد الوطنى، إلا أنهم كانوا دائماً ما يصطدمون بعقبات المماطلة وأحياناً الرفض الذى تخصصت فيه كل الحكومات الوطنية التى سبقت الإنقاذ.
--------
ويبدو أن من جانبه اعتبر محمد يوسف وزير الدولة ومرشح الحركة الشعبية لوالى الجزيرة الحديث عن إيجاد حلول جذرية لقضية ملاك الأراضى بالمشروع بالمكرر الذى لايخدم القضية، وحمل الانقاذ مسؤولية ما آل إليه المشروع من تدهور بقوله إن المشروع فى عهدها شهد عملية (تكسير) ممنهجة، واضاف فى حديثه لـ «الرأى العام» انها -أي الانقاذ - قامت (بتصفية) المشروع وليس خصخصته كما تزعم وانها باعت ممتلكات المشروع بأبخس الأسعار بطريقة غير قانونية على حد قوله، واعتبر قانون المشروع للعام 2005م بانه لا يلبى طموحات المزارعين وغير ملائم وسيؤدى الى التدمير الشامل للمشروع ، وطالب بالتعويضات العادلة للملاك منذ العام 1986م خاصة دفع قيمة الإيجارات للأراضى، كما طالب بأيلولة إدارة المشروع لأشخاص من ولاية الجزيرة بدلاً عن اإتيان من خارج الولاية وقال إن هذا مخالف للدستور، كما تعهد انه فى حالة فوز حزبه بالإنتخابات سيعمل على حل قضية الملاك نهائياً بدفع مستحقاتهم كاملة للسنوات الماضية والإتيان بإدارة للمشروع من الولاية.
وفى السياق تفاءل جمال دفع الله الناطق الرسمى باسم المشروع بوعود نائب رئيس الجمهورية حول تعويضات الملاك، وقال فى حديثه لـ «الرأى العام» إن اللجنة التى كونت لحصر أعداد الملاك ومساحات أراضيهم الزراعية فرغت من أعمالها وتمكنت من تحديد الملاك المستحقين للتعويضات منذ (40) عاماً، مؤكداً أن تعويض الفرد فى قيمة الإيجارات للفدان الواحد سيكون (100) جنيه بحسب نص وزارة العدل.
وبالرجوع للقضية فى عهد الانجليز نجد أنه فى العام 1927م أصدر الحاكم العام البريطاني قانون مشروع الجزيرة وأودعه في صحيفة الغازيتة والذى نصت فقراته من المادتين ( 5-9) على ضرورة أن يتم تأجير فدان أرض الملاك بواقع (10) قروش للفدان في السنة ولمدة (40) سنة أي من المفترض أن ينتهي الإتفاق في 1967م مع أن الملاك كانوا يملكون (42%) من مساحة المشروع، وتوالت السنوات وبدأت معها التظلمات للملاك و بدات معها مطالبهم بتعديل فئة الإيجار لتواكب الاسعار المرتفعة، وبلغت المطالبات أشدها في العام 1949م مما دفع الحكومة الانجليزية الى تكوين لجنة برئاسة مولانا محمد صالح الشنقيطي رئيس الجمعية التشريعية آنذاك والتى دفعت بتقرير للحكومة يدعو إلى ضرورة زيادة فئة الإيجار بأجرة مناسبة وعادلة إلا أن الحكومة لم تعمل بمقترح اللجنة الأمر الذى دفع الملاك الى المطالبة بالتعويضات فردياً وجماعياً، واستمرت المطالبات إلى أن أصدر مجلس الوزراء في العام 1965م قراراً قضى بضرورة استبدال الأرض الملك الحر داخل المشروع بأرض خارجه بالاتفاق مع الملاك إلا أن القرار ذهب أدراج الرياح ولم يتم أى شئ على أرض الواقع، وفي العام 1988م اقترح المستشار القانوني لمشروع الجزيرة في تقرير له بعد ان كثرت المطالبات ضرورة تكوين لجنة من ذوي الاختصاص بتقدير أجرة عادلة للفدان، كما كون وزير الزراعة فى العام 1990م لجنة برئاسة عز الدين عمر المكي مدير المشروع وعضوية آخرين لمراجعة فئة الايجارواقترحت اللجنة تعديل الفئة الى (240) جنيهاً للفدان الواحد فيما اقترح بقية الاعضاء (25.000) جنيه للفدان الا أنه فى نهاية الامر لم يتم العمل بالمقترحين، وتوالت المطالبات الى أن اقترحت لجنة البروفيسور حسن عثمان عبد النورفى العام 9991م بزيادة اجرة الفدان ل (60) الف جنيه ولم يعمل بالمقترح، كما أصدر وزير العدل السابق مولانا محمد عثمان يسن فى العام 2002م قراراً وجهه للسيد رئيس الادارة القانونية لمشروع الجزيرة طالبه فيه بضرورة تجديد العقد مع الملاك بأجرة مناسبة أو إرجاع الأرض إلى أصحابها إلا أن رئيس الإدارة لم يفعل أى شئ يذكر.
عموماً استمرت قضية الملاك بالمشروع تبارح مكانها ولم يحظ الملاك بالتعويضات العادلة إلى أن صدر مشروع قانون الجزيرة فى العام 2005م الذي نص على ضرورة تعويض الملاك بالمشروع، وقد استبشر الملاك بهذا القانون وقاموا بتكوين لجنة لمتابعة التنفيذ شاركت فيها وزارات العدل والمالية والزراعة ومسجل الأراضى واتحاد مزارعى الجزيرة والمناقل وعضوين من الملاك وتمكنت اللجنة بعد عقد اجتماعات مكثفة من صياغة تقرير ورفعه لوزير العدل من اهم بنوده تسوية متأخرات الإيجار عن الفدان الواحد بمبلغ قدره (1786,4) جنيهاً عن الفترة من 1986م حتى العام 2005م، حددت قيمة الفدان فى حالة النزع لصالح الدولة بـ (3840) جنيهاً وتم تحويل تلك المقترحات التى وردت فى التقرير لوزارة المالية إلا أن الأخيرة لم تفعل أى شئ يذكر حيال ذلك، ، على كل تطور الامور دفع الرئيس عمر البشير إلى إصدار توجيه فى العام قبل الماضى قضى بضرورة دفع تعويضات ملاك الاراضى بالمشروع، كما صدر خطاب فى العام الماضى من رئيس المجلس الوطنى إلى وزير المالية طالبه فيه بضرورة الإيفاء بسداد مستحقات الملاك إلا أن الخطاب ظل قابعاً فى أدراج الوزارة إلى اليوم، ولم يقف الامر عند هذا الحد بل تم فى نوفمبر من العام الماضى ادخال بعض الملاك المطالبين بحقوقهم العادلة الحراسات.

ليست هناك تعليقات: