" الإجراءات التي أتخذها ليست إلا تدبيرا جذريا للإسراع في تفجير الحقيقة والوصول للعدالة".ولكن لدي شغف واحد: تنوير الذين تم حجبهم في الظلام، وباسم الإنسانية معاونة هؤلاء الذي عانوا الكثير ولهم حق التمتع بالسعادة.رسالتي رسالة احتجاج نارية وما هي الا مجرد صرخة روحي.دعوهم يتجرؤن ويجلبونني أمام محكمة قانونية، وليتم التحقيق معي في وضح النهار! " إميل زولا ،"إنى أتهم! "(1898)

الأربعاء، مايو 26، 2010

الركوع قصة لم تنشر للطيب صالح
=================================


ابراهيم عامر كان جاري في الفصل وظلننا متلازمين حتي المدرسه الوسطي، حيث ماسأة ابراهيم الشهيره لا ادري اي سنه بالتحديد الارجح في السنه الاولي ، كان الاستاذ (الحوت) لا صبر له ، سوطه العنج قضي علي الكثيرين ، الجلد ليس ممنوعاً ولكنه بتلك الطريقه التي ينتهجها ( الحوت) ممنوع ،مع ان الجلد ( الحوتي ) زاع صيته داخل اسوار المدرسه، وتجاوزها لشوارع مدينتنا الصغيره، الا ان اولياء الامور تقوقعوا في ذواتهم ،الشيخعامر ( ابو ابراهيم) مروف بتدينه بين الناس جل وقته يقضيه في تلاوة القراءن، بيد تلاوته كانت من مصحف بعينه يتلو منه بعض الايات ، سواء كانت موجوده او غير موجوده ، والغريب في الامر ان ( شيخ عامر) كان مشهوراً بتفقهه في مدينتنا ، والمفارقه الكبري ان زوجة الاستاذ ( الحوت) لاذت اليه ذات يوم تنشد الجني، فقال لها( عليكي بالكمثري ) انا الوحيد الذي يعلم مدي ماسأة ابراهيم ، صادفته في اكثر من موقف، قال احد المتفيقهين في سيكولجيه الاستاذ ( الحوت)( حوت) كالاسد . والاسد بعد اقتناص فريسته يلتهم الكبد ويقذف بقية الجسد عنه فتتلقفه الذئاب الجائعه،. كان الفتي في ايام ماسأته الاولي ، يتضور الماً تجده ورأسه مائل الي الوراء مثقل بالهموم يجرجر اقدامه في كسل ، لعله افتقد الرغبه في الحياه، وكان لشده مأساته يستشعر (الحمي) وينام نهاراً ربما لتعويض السهر ليلاً اذ الكوابيس المرعبه، غيما مضي كان ابراهيم في معمعان الصبوه تجسد فيه الرشاقه والحيويه ،قط لم يتردد لحظه في ان لا يخبر اباه بما يعتمل داخل نفسه الشفافه ، حسب ما يعلم ان ذلك في حد ذاته جريمه، فيما بعد علمت ان تلك هي الثغره التي يتوكأ عليها(حوت) ذات يوم قال لي( يقولون ان البيت الذي يقرأ فيه القرأن يصونه ) قلت (هذا صحيح )قال ( ولكنني لا اري ذلك ) . كان ابراهيم في ايامه الاولي يتأبي ولما كان الذئاب يدركون سيكولجية البدايه والنهاية فقد ابتدعوا قولتهم المأثوره( كنت رتينا ابيت تدينا بقيت فانوس وجيتنا تكوس ) سمعت ذات يوم بعض التلاميذ يتهامسون في فسحة الفطور قال احدهم ( قالوا ابراهيم عامر ده راسه قوي خلاص) اضاف الثاني( قالوا استاذ ( الحوت)احتار معاه ) وقال الاخير (ايوه عشان كده عمل درس الليل ). ذات يوم وعلي ضو القمر رايتهم يسوقونه قسراً حين اقترابهم قاوم ابراهيم للحظات ثم تواروا من خلفه بين الانقاض ،حين رجوعه في ذلك اليوم وجد كل شيوخ المدينه امام منزلهم كما تعود ابوه ان يستضيفهم في كل ليلة خميس ، وجدهم يقرأون القرأءن من الواح محفوظه ، نظر اليهم ثم هم بالدخول ، ولكن احدهم صاح فيه قائلاً( تعال يا المبروك) جلس معهم في البساط يقلب فيهم النظر ،بعينين زائغتين تركوه وحده وهو صغير غض الاراده علي شفا هوة لا قرار لها يقاوم عبث الرياح الغادره وكان لابد من موجة عاتيه تضع المسأله في نصابها الطبيعي ، وهكذا تردي في اسفل سافلين، ذات يوم حينما تأملت مأ ساة ابراهيم بكيت بدموع كالمطر، . لما كانت مدينتنا الصغيره ليس بها سوي مدرسه متوسطه واحده فقد الف حسن وهو ولد خفيف الظل قصيده مطلعها (حوت ياحوت احنا منك وين تفوت ) وشجع ذلك عبد المعروف وهو تلميذ نجيب ليكتب مقالاًحول الزحف (الحوتي) فجر المقال مشكلات عديده اذ وضح انعكاساته علي الاقتصاد وتأثيره علي الاجنه واشياء كثيره منها انعدام الصفاء الروحي نهائياً كما توصل المقال الي ان الجميع موهلون للاستجابه ، واذكران يد احدهم طارت ولا ادري كان ذلك عن قصد او غيره وضربت علي راسي وركاي ، فتنمل جسدي ووقف شعر راسي وتبلدت تماماً. وقرأت في عيني استبساله في خدمه ابيه وامتثاله لا وامره لدرجة الاضطراب هذه العباره(اني اقاوم قهر هذا المجتمع ونظراته المذله بالخنوع الجميل والتفاني وكانت مكتوبه بالخط العريض). في احدي المرات جلسنا ونحن سته تلاميذ نتحادث ابان فسحه المذاكره الليليه جاءتني فكره جهنميه في ان اجري تحقيقاً سريعاً قلت للذي يليني( لماذا لم تخترك الاستاذ ( الحوت)الي جواره ، قال لاني اسود اللون ومفلفل الشعر وقال الثاني ( لاني نحيف ) وقال الثالث (عمري اكثر من عشرين ) وقال الرابع (لان مظهري مبهدل ) ولاذ الخامس في صمت تمزقت له نياط قلوبناجميعاً ولكن هل من فرق بينهم جميعا؟ مزاج ( الحوت)هو الذيرفضهم وليس شيئاً اخر اما انا فلا يوجد سبب وجيه يجعل الاستاذ (الحوت)يلوي عنقه عني ولكنه شيئاً اشبه بالمعجزات.ظلت مدرسه بلدتنا في كل عام تستقبل ما لا يقل عن مأئتي يافع غض الاراده والاستاذ (حوت)قابع لجبل . استيقظت مدينتنا ذات يوم مذعوره يقولون ابراهيم عامر عاد وكان قد اختفي منذامد ليس بالقصير، كنت قد تعينت استاذ بنفس المرسه التي فيها (حوت) وقد صار مديراً ولم افكر في الثورة عليه يوماً قط . جئت الي مكيبه في ذاك اليوم لا ادري لماذا ولكن بعد دخولي بقليل ارتط الباب وحينما التفتنا لم نر ابراهيم الا وهو في منتصف المكتب ، وقفنا في لحظة واحده وابراهيم امامنا عيناه غائرتان ووجهه شاحب وملابسه غايه في القذاره قلت لنفسي لابد انه جاء ليثأرـ لم يجرؤ احدنا علي ان ينبس بكلمه كان الاستاذ ينتفض من اخمص قدميه الي شعر راسه( الذعر في عينيه بدأ كما تطل شمعه منيره علي ظلام مدلهم ). بعد صمت تراءئ كالسنين انفرجت شفتاه في صوت مسموع ليقول وهو ينظر ناحيه الاستاذ(حوت)(اركع ) كان وجهه كالبركان وعيناه تنذر بشرر مستطير غمغم الاستاذ بكلمات لم اتبينها لعله اراد بها ان يستوضح المسأله ولكن ابراهيم لم يزد عن قولة (اركع) وفي كل مره كان صوته يرتفع درجه انفاسه متلاحقه صوته متهدج ومن عينيه يتطاير الشرر، قال ( حوت) في تودد غير معهود( لماذا ياولدي)فقال ابراهيم عامر ( اركع ) حينما تمادي الاستاذ في اليلكؤ استل ابراهيم عامر من تحت قميصه سلاحاً غريباً لعله( الكلاكنشوف) وفي منتهي السرعه والعصبيه صوبه وهو يصرخ في صوت مخنوق من بين اسنانه ناحية الاستاذ (حوت) اركع وكانت كل يده ترتعش بما فيها الاصبع الذي يضغط علي الزناد، ركع الاستاذ وحينما دنا منه ابراهيم استقام ولكن ابراهيم صرخ فيه بنفاذ صبر مخيف، وان ارغب كل شئ تصبب العرق من جسمس بارداً وتبللت ملابسي لتلتصق بجسدي الضطرب ، قلت لنفسي هل يمكن مواصلة الحياه من بعد هذا المشهد و و وركع الاستاذ(الحوت) وركعت انا وركعتم انتم..

ليست هناك تعليقات: